في تفكيك بُنى "نظام الخلافة" ومقوّماته


فئة :  أبحاث محكمة

في تفكيك بُنى "نظام الخلافة" ومقوّماته

الملخّص:

تَطرح مسألة طبيعة النظام السياسي الذي ينبغي أن تحيا في ظلّه الإنسانية العديد من الإشكالات والمجادلات، كما تخترقها مجموعة من التوجّهات والتصورات. فمنذ عشرات القرون والفكر السياسي والفلسفي يتجادل حول أفضل أنواع الأنظمة السياسية التي من شأنها تحقيق السعادة للبشرية، والحفاظ على أمن المواطنين وعيشهم، إذ دافع بعض الفلاسفة على الأنظمة الملكية، بينما فضّل بعضهم الآخر النظام الأرستقراطي، وتبنّت فئة من المفكّرين والفلاسفة النظام الديمقراطي. أما التجربة الإسلامية فلقد رامت تكريسَ نظام سياسي قيل إنّه فريد من نوعه، وإنّه مغايِرٌ ومتمايزٌ عن جميع الأنظمة السابقة له. غير أن هذا الشكل لم يكن ليلقى الإجماع عليه، فضلاً عن أنّ الممارسة التاريخية لنظام الخلافة لم تكن من طبيعة واحدة، بل تعدّدت التجارب وتنوّعت. لكن الإشكالية المتربطة بـ "نظام الخلافة" لا تتّصل بالممارسة التاريخية فحسب، بل ترتبط بكون هذا النّظام على الرغم من المدّة القصيرة التي استغرقها، إلا أنّه لا يزال أنموذجًا يُراد له أن يُعاد من قِبل زُمرة من المسلمين، في الوقت الذي استطاعت أشكالٌ من الأنظمة السياسية التاريخية أن تتطوّر بُغية مواكبة مستجدات كل مرحلة من مراحل التاريخ، وهذا شأن النظام الديمقراطي الذي عرف عدة منعطفات جعلت نسخته الأصلية في بلاد اليونان منذ أكثر من خمسة وعشرين قرنًا مُفارقِةً لما أصبح عليه اليوم، من شبه إجماعٍ دون أن يُجزم أحدٌ بأنّ ما وصل إليه النظام الديمقراطي اليوم هو أقصى ما يمكن بلوغه، وإنما هناك دائمًا حاجة لتثْويره وصقْله بناءً على تغيُّر الفكر والممارسة.

بينما كان هذا دَيْدن بعض الأنظمة السياسية، فإنّ نظام الخلافة ظلّ بأنموذجه الأوّلي ثلاثين سنة بعد وفاة الرسول، صلى الله عليه وسلم، قدوةً بكل حذافيره وتفاصيله، إذ "يناضل" بعضهم من أجل إحيائه وإعادة بعثه ضمن اللحظة السياسية الآنية، بينما يسعى بعضهم الآخر إلى البرهنة على تاريخانية "الخلافة" وعدم قدرتها على مواكبة العصر، في الوقت الذي انبرى فيه تيّار ثالث لمحاولة المزج بين المُثل العليا لفكر الخلافة وبين إجرائيات النظام الديمقراطي، فظهرت بعض التعبيرات المركّبة من قبيل: الشورقراطية، والثيوديمقراطية...الخ

غير أنّ ما يهمّنا في هذه الدّراسة هو تسليط الضوء على بعض الجوانب التي لم تحظَ بكثير من البحث والتدقيق، وهي الجوانب المتعلّقة بمدى أصالة فكرة "الخلافة"، وطبيعة ممارسة المبادئ المرتبطة بها وكيفيتها من مثل الشورى والبيعة وغيرها، وسبُل أجرأة "مؤسّساتها"؛ أهل الحل والعقد أنموذجًا، ومساءلة مدى إمكانية بعث "نظام الخلافة" والتحدّيات المطروحة في هذا السياق. هذه إذن، هي إشكالية هذا البحث، أما المحاور المُزمع بحثها فهي: أولاً: إعطاء نبذة تعريفية لمسألة الخلافة، وثانيًا: مناقشات الأسس الفكرية والدينية لنظام الخلافة؛ أصالته، ودينيته. وثالثًا: قراءة تفكيكية لأهم مرتكزات "الخلافة" ومقوّماتها مثل الشورى، وأهل الحل والعقد، والبيعة. ثم نخلص إلى نتائج الدراسة والتحقُّق من مدى صحة فرضياتها. ولئن كان التاريخ عنصرًا أساسيًا في بحث الموضوع، فإنّ الانفتاح على مقاربات أخرى أمر ملحّ، فمن الممكن أن تساعدنا الفلسفة السياسية في الإحاطة ببعض التفاصيل، كما يُمكن لمقاربة علم السياسة أن تُحدث قنطرة من شأنها ربط الماضي بالحاضر.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا