مَا تَعْنِيه الاِسْتعاراتُ


فئة :  ترجمات

مَا تَعْنِيه الاِسْتعاراتُ

مَا تَعْنِيه الاِسْتعاراتُ

الاستعارةُ عملٌ من أعمالِ أحلام اللُّغة، وباعتبارها كسائر أعمال الأحلام، فإنَّ تأويلَها ينعكسُ بشكل أكبر على الشَّخص المؤوِّل مثلما ينعكس على صاحبها. إنَّ تأويلَ الأحلام يقتضي الجمعَ بين الشَّخص الحالم والشَّخص المُستيقظ، حتَّى لو كانا نفسَ الشَّخص، وحتَّى لو كان فعلُ التَّأويل هو نفسه عملُ التَّخيِّيل. لذلك، فإنَّ فهمَ الاستعارةِ هو مُحاولةٌ إبداعيَّةٌ بقدر ما هو إنشاءٌ استعارةٌ، واسترشادٌ بقليلٍ من القواعدِ.

إنَّ هذه الملاحظات لا تميِّزُ الاستعارة عن الإجراءات اللُّغوية المُملة إلاَّ في الدَّرجة: إذ يقتضي كلُّ تواصلٍ بالكلام تفاعلَ بناءٍ ومَبنى إبداعيين. إنَّ ما تُضيفه الاستعارة إلى المألوف هو إنجازٌ لا يَستعمل أيَّ مخزوناتٍ دلاليةٍ تتجاوز المخزونات الَّتي يَعتمدُ عليها المألوف. لا توجد تعليماتٌ لابتكارِ الاستعارات، ولا يوجدُ دليلٌ لتحديد "ما تعنيه" أو "ما تقوله" الاستعارة، ولا يوجدُ اختبارٌ لاستعارة لا تدعو إلى الذَّوق.[1] إنَّ الاستعارة تتضمن نوعاً ودرجةً من النَّجاح الفني، ولا توجدُ استعارات فاشلةٌ، مثلما لا توجدُ نِكاتٌ غير مُريحة. هناك استعاراتٌ لا طعم لها، ولكنَّ هذه هي المُنعطفات الَّتي مع ذلك جلبتْ شيئا ما، حتَّى لو لم يكن الأمرُ يستحقُ الاستغناء عنها أو كانَ من المُمكن استحضارُها بشكل أفضلٍ.

تهتَم هذه المقالة بمَا تعْنيه الاستعاراتُ، وأطروحتُنا هي أنَّها تعني ما تَعنيه الكلماتُ في تأويلها الحرفيِّ جدا، إنها تعني، ولا شيء أكثر من ذلك. فبما أنَّ هذه الأطروحة تتعارضُ مع وِجهات النَّظر المُعاصرة الَّتي هي مألوفة بالنِّسبة إلي، فإنَّ الكثيرَ ممَّا يجبُ أنْ أقولَه يُعتبر نقدياً، لكنَّني أعتقد أنَّ صورةَ الاستعارة الَّتي تظهر لمَّا يُزال الخطأ والارتباك، تجعلُها ظاهرةً أكثر، وليس أقل، إثارة للاهتمامِ.

إنَّ الخطأ المِحوريِّ الَّذي سوف أستنكرُه وأقفُ ضِدَّه هو الفكرة الَّتي تقول إنَّ الاستعارة بالإضافة إلى فهمها أو معناها الحرفي، لها فهمٌ ومعنى آخر. هذه الفكرة شائعةٌ لدى العديد ممنْ كتبوا حول الاستعارة: فهي توجدُ في أعمال نقاد الأدبِ أمثال ريتشاردز، وإمبسون، ووينترز؛ وتوجدُ عند الفلاسفة من أرسطو حتَّى ماكس بلاك؛ وتوجدُ عند علماء النَّفس من فرويد وما قبله حتَّى سكينر وما بعده؛ وتوجدُ عند اللُّغويين من أفلاطون حتَّى أوريل فينريش وجورج لكوف. تتخذُ الفكرة عدة صور، من الصُّورة البسيطة نسبياً مع أرسطو إلى الصُّورة المُركبة نسبياً مع ماكس بلاك. تبدو هذه الفِكرة جلية في الكتابات الَّتي تُؤكد أنَّه يُمكن إنتاج إعادة صياغة حرفية للاستعارة، غير أنَّه يتم مُشاركتها من قِبلِ أولئك الَّذين يعتقدون أنَّه لا يُمكن الحصولُ على إعادة صياغة حرفية. يُشدِّد بعضُهم على أنَّ استعارة التَّبصُر الخاص بإمكانها أنْ تُلهم وتَجعل الكثير من الحقيقة الَّتي تقول إنَّ اللُّغة العادية في وظيفتها المُعتادة، لا تُسفر عن مثلِ هذا التَّبصر. ومع ذلك، يرى هذا الرَّأيُ أيضا الاستعارة باعتبارها شكلاً من أشكالِ التَّواصل جنبا إلى جنب مع التَّواصل العادي، أنَّها تنقُل الحقائقَ أو الأكاذيبَ حو العالم مثلما تفعلُ اللُّغة البسيطةُ، وبالرَّغم من أنَّ الرِّسالة يُمكن اعتبارُها أكثر غرابةً وعمقاً، أو مُزيَّفة بمَكرٍ.

إنَّ مفهومَ الاستعارةِ في الأصل بمثابة وسيلة لتبليغِ الأفكار، حتَّى ولو كانت أفكاراً نادرةً، يبدُو لي أنَّها خاطئة كالفكرة الأصل الَّتي تقول إنَّ الاستعارة لها معنى خاص. قد أتفقُ مع وجهة النَّظر القائلة إنَّ الاستعارات لا يُمكن إعادة صياغتُها، لكنَّني أظن هذا، ليس لأنَّ الاستعارات تقول شيئا جديدا جدا في التَّعبير الحرفي، ولكنْ لأنَّه لا يوجد هناك شيئا لإعادة صياغته. فإعادة الصياغة، سواء كانت ممكنة أم لا، فإنَّها تتناسب مع ما يُقال: إنَّنا نسعى في إعادة الصِّياغة لقولها بطريقة أخرى. لكنَّني إذا كنتُ محقا، فإنَّ الاستعارة لا تقول أي شيء يتجاوز معناها الحرفي (ولا يقول صانعها أي شيء في استعماله الاستعارة يتجاوز المعنى الحرفي). ولا يعني هذا بالطَّبع إنكار أنَّ الاستعارة لها مغزى، ولا أنَّ هذا المغزى يُمكن إبرازه باستعمال مزيد من الكلماتِ.

أولئك الذين أنكرُوا في الماضي أنَّ للاستعارة مضموناً معرفياً بالإضافة إلى المضمون الحرفي، فهم غالبا ما يُظهرون أنَّ الاستعارة مُربكة، ومجرد عاطفة غير مُناسبة للخطاب الجاد، العلمي أو الفلسفي. إنَّ وجهة نظري يجبُ أنْ لا ترتبط بهذا التَّقليد. فالاستعارة أداةٌ شرعيَّةٌ ليس فقط في الأدب، ولكنْ في العلم والفلسفة والقانون؛ إنَّها فعالة في المدح والذم، وفي الصَّلاة والتَّرقي، وفي الوصف والادعاء. إنَّني لا أختلفُ في كثير من الأمور مع ماكس بلاك، وباول هينلي، ونيلسن غودمان، ومونرو بيركلي، والباقين، في تصوُرهم حول ما تُحققه الاستعارة باستثناء أنَّني أعتقد أنَّها تحقق المزيد وأنَّ ما هو إضافي مُختلف فيه من حيث الطبيعة.

إنَّ خلافي يكونُ مع تفسير كيف تعملُ الاستعارةُ عجائبَها، فلتتوقع: أنَّني أعتمدُ على التَّمييز بين ما تعنيه الكلمات وما اعتادت القيامَ به. أظنُ أنَّ الاستعارة تنتمي بشكلٍ حصريٍّ إلى مجال الاستعمال. إنَّها شيءٌ ناتج عن الاستعمال الخيالي للكلماتِ والجُمل، وتعتمدُ كلياً على المعاني العادية لتلك الكلمات، وبالتَّالي تعتمدُ على المعاني العادية للجُمل الَّتي تتكونُ منها.

لا جدوى في تفسير كيف تعملُ الكلماتُ في الاستعارة لفرض معانٍ مجازيةٍ أو استعاريةٍ، أو أنواع خاصة من الحقيقة الشِّعرية أو الاستعارية. إنَّ هذه الأفكار لا تُفسر الاستعارة، والاستعارة تُفسرها. فبمجرد أنْ نفهمَ الاستعارة نستطيعُ أنْ نُطلق على ما نفهمُه "حقيقة استعارية"، ونقول (إلى حد ما) ما هو "المعنى الاستعاري". لكنْ مُجرد إدخال هذا المعنى في الاستعارة مثله كمثل تفسير لِمَ تجعلُك الحبةُ تنام بالقولِ إنَّها قوة مُنومة. يُمكن تخصيصُ المعنى الحرفي وشروط الحقيقة الحرفية للكلمات والجمُل بغض النَّظر عن سياقات الاستعمال الخاصة. إنَّ هذا هو السَّبب في أنَّ الإشارة إليها لها قوة تفسيرية حقيقية.

سأحاولُ إثبات وجهات نظري السَّلبية حول ما تعنيه الاستعارات، وسأقدمُ ادعاءاتي الإيجابية المحدودة من خلال فحصِ بعض النَّظريات الخاطئة حول طبيعة الاستعارة.

إنَّ الاستعارة تجعلنا نتعاملُ مع بعض التَّشابه، وغالبا ما يكون تشابهاً مُستجدا أو مفاجئا بين شيئين أو أكثر. تُؤدي هذه الملاحظة المُبتذلة والصادقة، ويبدو أنَّها تؤدي إلى استنتاج مُتعلق بمعنى الاستعارات. ضعْ في اعتبارك المُماثلة أو التشابه العاديين: وردتان مُتشابهتان، لأنَّهما يشتركان في خاصية كونها ورد، وصبيان مُتشابهان بحكم الصِّبى. أو يمكن القول ببساطة، الوردتان متشابهتان لأنَّ كلَّ واحدة منهُما وردة، والصبيان مُتشابهان لأنَّ كلَّ واحد منهُما صبي.

هَبْ أنَّ أحدَهم قال: "كان تولستوي في يوم ما صبياً". كيف يكون تولستوي الصَّبي كالصِّبيان الآخرين؟ الجواب يأتي جاهزا: بحكم ظهور خاصيَّة الصِّبى، يعني، ترك بعض الكلام الفارغ، والقول بحكم كونه صبياً. إذا سئمنا من عبارة "بحكم"، على ما يبدو، يُمكننا أن نكون أكثر وضوحاً بالقول إنَّ الصبي تولستوي يشترك مع الصبيان الآخرين، هذا المحمول "هو صبي" المنطبق عليه، بالنَّظر إلى كلمة "صبي"، فلا مُشكلة لنا في أنْ نقول بالضبط كيف يُشبه الصَّبي تولستوي الصبيان الآخرين. قد يُمكننا أنْ نفعل ذلك بدون كلمة "صبي"، فكلُّ ما نحتاجه هو كلمات أخرى تعني نفس الشَّيء. تكون النتيجة النهائية هي نفسها. تعتمد المُماثلة العادية على ارتباطات مثبتة بمعان عادية للكلمات. هذه المُماثلة طبيعية وغير مُفاجئة لدرجة أنَّ الطرق المألوفة لارتباط الأشياء مُرتبطة بمعان مُعتادة لكلمات مُعتادة.

قال أحدُ النقاد المشهورين إنَّ تولستوي كان "صبياً عظيمَ الأخلاق" فمن الجلي أنَّ تولستوي المُشار إليه هنا ليس هو تولستوي الصَّبي، ولكنَّه تولستوي الكاتب الرَّاشد: إنَّ هذه استعارة. الآن بأي معنى يُشبه تولستوي الكاتبُ الصِّبيَّ؟ ماذا يتعيَّن علينا القيام به، ربما، هو التَّفكير في فئة الأشياء الَّتي تطالُ كلَّ الأطفال العاديين، وبالإضافة إلى ذلك، ثم لنسأل أنفسَنا ماهي الخاصية المُفاجئة والاستثنائية الَّتي تشترك فيها الفئة مع تولستوي الرَّاشد. إنَّ الفكرة الجذابة هي أنَّه بتحلينا بالصَّبر، يُمكننا الاقتراب قدر الإمكان من تحديد الخاصية المُناسبة. ومهما يكن، يُمكننا القيام بالمُهمة على أكمل وجه إذا عثرنا على كلمات تعني بالضَّبط ما تعنيه كلمة "صبي" الاستعارية. من وجهة نظري، المسألة المُهمة ليست في ما إذا كان بإمكاننا العتور على الكلمات الأخرى التَّامة، ولكن الافتراض بأنَّ هناك شيئا ما يجب مُحاولة الحصول عليه، ومعنى استعاريا يجبُ مُطابقته. فحتَّى الآن لم أفعل أكثر من رسم جافٍ عن الكيفية الَّتي يُمكن أنْ يتسلل بها مفهوم المعنى إلى تحليل الاستعارة، والإجابة المُقترحة لدي هي نظرا لأنَّ ما يُعتقد أنَّه مُماثلة مُتنوعة للحديقة يتماشى مع ما نظن أنَّه معنى مُتنوع للحديقة، إنَّه لمن الطَّبيعي أنْ نفترض معان غير مُعتادة أو استعارية للمُساعدة في تفسير المُماثلات الَّتي تَعِدُ بها الاستعارة.

الفكرة إذا، هي أنَّه في الاستعارة تأخذُ كلماتٌ معينة كلماتً جديدة، أو ما يُطلق عليه في الغالب المعاني "المُوسعة". لمَّا نقرأ على سبيل المثال أنَّ "روح الله مُتحركة على وجه المياه"، فإنَّنا نعتبرُ كلمة "وجه" لها معنى مُتسع (أتغاضى عن المزيد من الاستعارة في المقطع). يُحمل التَّوسع، كما يقع، على ما يُسميه الفلاسفة توسُع الكلمة، يعني، فئة الموجودات الَّتي تُشير إليها. إنَّ كلمة "وجه" هنا تُحمَل على الوُجوه العادية، وتُحمَل كذلك المياه على المياه العادية بالإضافة إلى ذلك.

لا يُمكن أنْ يكون هذا التَّصورُ مُكتملاً على أي حال من الأحوال؛ لأنَّه إذا كانت الكلمتان "وجه" و"صبي" في هذين السِّياقين تُحمَلان بشكل صحيح على المياه وعلى تولستوي الرَّاشد، فعندئذ تكون للمياه وُجوه، ويكون تولستوي صبيا حرفيا، ويتبخر كلُّ معنى الاستعارة. إذا كنَّا نظنُ الكلمات في الاستعارات على أنَّها تتعامل مُباشرة مع أعمالها بحَمْلها على ما تنطبقُ عليه بشكل صحيح، فإنَّه لا يوجد فرقٌ بين الاستعارة وإدخال مُصطلح جديد في قاموسنا: فأنْ تصنع استعارة هو أنْ تقتلَها.

إنَّ ما تم استبعادُه هو أيُّ دعوة إلى المعنى الأصلي للكلمة. وسواءٌ كانت الاستعارةُ تعتمد على معانٍ جديدة أو مُتسعة، فإنَّها بالتأكيد تعتمد بطريقة ما على المعاني الأصلية؛ ويجبُ أن يسمحَ التَّصور المُناسب للاستعارة أنْ تظل المعاني الأساسية أو الأصلية للكلمات فعاَّلة في وضعها الاستعاري.

إذن، رُبما يُمكننا تفسير الاستعارة على أنَّها نوعٌ من الغُموض: ففي سياق الاستعارة، يكونُ لبعض الكلمات معنى جديداً أو أصلياً، وتعتمد قوة الاستعارة على عدم يقيننا لمَّا نترددُ بين معنيين. وعليه، لمَّا كتبَ ميلفيل أنَّ "المسيح كان كرونومترا"، فإنَّ تأثير الاستعارة يتم إنتاجُه من خلال أخذنا كلمة "الكرونومتر" أولا في معناه العادي، ثم بمعنى غير عادي أو استعاري.

إنَّه لمن الصَّعب أنْ نرى كيف يُمكن أنْ تكون هذه النَّظريةُ دقيقةً؛ لأنَّ الغُموض في الكلمة، إنْ وقع، فإنَّه يرجع إلى حقيقة أنَّها في السِّياقات العادية تعني شيئاً واحداً، وفي السِّياق الاستعاري تعني شيئا آخر، لكنْ في السِّياق الاستعاري لا نترددُ بالضَّرورة في معناها. ولمَّا نترددُ، ففي الغالب ما نقرِّرُ أيَّ عدد من التأويلات الاستعارية سنقبلُ، ونادراً ما نشكُ في أنَّ ما لدينا هو استعارة، وعلى أيِّ حال، فإنَّ فعالية الاستعارة تصمدُ بيُسر إلى ما بعد نهاية الشَّكِ فيما يتعلق بتأويل المقطع الاستعاري. لذلك، لا يُمكن أنْ يكونَ تأثيرُ الاستعارةِ مديناً بغموضٍ لهذا النَّوع.[2]

قد يبدو أنَّ هناك صنفاً آخر من الغُموض لتقديم اقتراح أفضلٍ. أحياناً تَحمِل الكلمةُ في سياق واحد معنيين، حيثُ من المُفترض أن نتذكرُهما ونستعملُهما معا. أو، إذا ظننا الصِّيغة تُحْمَلُ على تشابه المعنى، فإنَّه يُمكننا أنْ نَصف الوضع بأنَّه وضعٌ يكون فيه ما يظهر ككلمة واحدة هو في الواقع اثنان. لمَّا تم التَّرحيب بجُرأة كريسيدا[3] للمسرحي شكسبير في المُعسكر اليوناني، قال نيستور: "جنرالنا يُحيِّيكِ بقُبلة". هنا تحملُ كلمة "جنرال" معنيين اثنين، أحدُها أنَّها تُحمَل على أغاممنون، الَّذي هو الجنرال، والأخرى، بما أنَّ كريسيدا تُقبِّلُ الجميع، فهي لا تُحْمَلُ على أحد بذاته، وإنَّما تُحْمَلُ على الجميع بشكل عام. إنَّه لدينا على وجه الحقيقة اقتران لجُملتين اثنتين: جنرالنا أغاممنون يحييكِ بقُبلة؛ وكلُّ واحد على العموم يحييكِ بقُبلة.

إنَّها حيلة شرعية، وتلاعُبٌ لفظي، لكنَّها ليست الحيلة نفسها الَّتي للاستعارة؛ لأنَّه في الاستعارة، ليست هناك حاجة للتِّكرار، فمهما كانتِ المعاني الَّتي تُحددها الكلمات، فإنَّها تُحافظ من خلالها على كلِّ قراءة دقيقة للمقطع.

ينبغي أنْ يأخذ التَّعديل المعقول للاقتراح الأخير بعين الاعتبار الكلمة (أو الكلمات) المفتاح في الاستعارة على اعتبار أنَّ لها نوعين مُختلفين من المعنى في آن واحد، المعنى الحرفي والمعنى المجازي. تخيَّل أنَّ المعنى الحرفي مُضمر، ونحن مُطلعين عليه شيئا ما، فإنَّه يُمكن أنْ يؤثر فينا دون أنْ يؤثر في السِّياق، في حين يَحملُ المعنى المجازي العبء المُباشر. وأخيرا، يجبُ أن تكون هناك قاعدة تربط بين المعنيين، وإلاَّ فإنَّ التَّفسير ينتقل إلى شكلٍ من أشكال نظرية الغُموض. تقولُ القاعدة على الأقل بالنِّسبة إلى العديد من حالات الاستعارة النَّموذجية، إنَّ الكلمة في دورها الاستعاري تُحْمَل على كلِّ ما تُحْمَل عليه في دورها الحرفي، ثم في بعضه.[4]

قد تبدو هذه النَّظرية مُعقدة، لكنَّها تُشبه بشكل لافتٍ للنَّظر ما اقترحه فريجه في تصوُّره لسلوك الحدود المَرجعية في الجمل الجِهاتية والجُمل المُتعلقة بالصِّفات القضوية من قبيل الاعتقاد والرَّغبة. يحتوي كلُّ حدٍ مرجعيٍّ حسب فريجه على معنيين (أو أكثر)، أحدُهما يُحدد مرجعيته في السِّياقات العادية، والآخر يُحدد مرجعيته في السِّياقات الخاصة الَّتي أُنشأتْ بالعوامل الجهاتية أو بالأفعال النَّفسية. يُمكن وضعُ القاعدة الَّتي تربط بين المعنيين على النَّحو الآتي: معنى الكلمة في السِّياقات الخاصة يجعل الإشارة إلى تلك السِّياقات مُتطابقة مع المعنى في السِّياقات العادية.

هذه هي الصُّورة الكاملة، وبناء على تعزيز فريجه مع وجهة نظره للاستعارة: فإنَّه يجبُ أنْ نفكر في كلمة ما على أنَّ لها بالإضافة إلى مَجالها المُعتاد للحَمل أو المرجع، هناك مَجالين خاصين أو مُفرطين في الحَمْل، أحدُهما للاستعارة، والآخر للسِّياقات الجِهاتية وما شابه ذلك. يظلُ المعنى الأصلي في كلتا الحالتين يعْملُ عمله بمُوجب القاعدة الَّتي تتعلق بالمعاني المتعددة.

بعد أنْ شدَّدتُ على التَّمثيل المُمكن بين المعنى الاستعاري والمعنيين عند فريجه للسِّياقات غير المُباشرة، فإنَّني انتقل إلى صُعوبة كبيرة تتعلق بالحفاظ على التَّمثيل. هبْ أنك تُسلي زائراً من كوكب زُحل مُحاولا تعليمه كيف يستعمل كلمة "أرضية" [floor][5]، إنَّك تذهب مُراوغاً، مجيئاً وذهاباً كالمعتاد، وتقودُه من أرضية إلى أرضية، وتشيرُ وتُنهي وتكررُ الكلمة. إنَّك تحُتُه على إجراء تجارب، والنَّقر على الأشياء بتردُدٍ بأظفاره، حينئذ تكافئُ محاولاته الصحيحة والخاطئة. إنَّك تريد منه أنْ يخرج، وهو يعلم ليس فقط أنَّ هذه الأشياء أو الأسطح هي أرضيات بشكلٍ خاص، وإنَّما ليعلم كذلك كيفية معرفة الأرضية لمَّا يكون المرءُ في مرمى البَصر واللَّمس. إنَّ المسرحية الهزلية الَّتي تتقمص الدور فيها لا تُخبره بما يحتاجُ إلى معرفته، ولكنْ لحُسن الحظ تُساعدُه ليتعلمَها.

أَيجبُ أنْ نُسمي هذا الإجراء بأنَّه تعلُم شيءٍ ما عن العالم أمْ تعلُّم شيءٍ ما عن اللُّغة؟ إنَّه لسؤال غريب، لأنَّ ما تم تعلُّمه هو أنَّ القليلَ من اللُّغة يشيرُ إلى القليلِ من العالم. ومع ذلك، فمن السَّهل التَّمييز بين مسألة تعلُّم معنى الكلمة واستعمال الكلمة في المرة الَّتي يتم فيها تعلُم المعنى. فبمقارنة هذين النَّشاطين، من الطَّبيعي أنْ نقولَ إنَّ الأول يتعلقُ بتعلّم شيءٍ ما عن اللُّغة، بينما الثَّاني هو في العادة تعلُّم شيءٍ ما عن العالم. إذا تعلَّم الزائر من زحل كيفية استعمال كلمة "أرضية"، فعليك أنْ تُحاول إخبارَه بشيء جديدٍ أنَّ هنا هو الأرضية. إذا أتقنَ خُدعة الكلمة، فإنَّك قد أخبرتَّه بشيءٍ ما عنِ العالم.

الآن ينقلُك صديقك من زُحل عبر الفضاء إلى منزله السَّماوي، وتنظرُ للخلف بعيدا عن الأرض، وتومئُ برأسكَ إلى الأرض [earth]، وتقول له: "أرضية". إنَّه ربما سيعتقد أنَّ هذا لا يزالُ جزءًا من الدَّرس، ويفترضُ أنَّ كلمة "أرضية" تُحمَل بشكل صحيحٍ على الأرض، وعلى الأقل كما تبدو من كوكب زحل. لكنْ ماذا لو كنتَ تعتقدُ أنَّه يعرفُ بالفعل معنى كلمة "أرضية"، وكنتَ تتذكر كيف أنَّ دانتي من مكانٍ مُشابه من السَّماوات، فهل يرى الأرض غير المأهولة، وكأنَّها "أرضية مُستديرة وصغيرة تجعلُنا ذوي أهواء"؟ لقد كانَ مطلبُك استعارة، وليس حفراً في استعمال اللُّغة. فما الفرق الذي ستحدثه لصديقك بالطريقة الَّتي أخذها بها؟ فبوجود نظرية الاستعارة قيد الاعتبار، هناك اختلافٌ ضئيل؛ لأنَّه تبعا لتلك النَّظرية، يكون للكلمة معنى جديد في سياق استعاري، لذلك فإنَّ مقام الاستعارة سيكونُ مناسبة لتعلم المعنى الجديد. يجبُ أنْ نتفق على أنَّه من بعض النَّواحي لا يحدث فرقٌ كبيرٌ نسبياً سواء اعتقدنا أنَّ كلمة ما استُعملت على سبيل الاستعارة في سياق معين أو تكون غير معروفة من قبل، ولكنَّها على سبيل الحقيقة. إنَّ إمبسون يقتبسُ في كتابه "روايات رعوية" هذه السُّطور من الشَّاعر دون[6]: "كما يُولد الدَّم لنا/أرواح، كالنُّفوس قدر ما تستطيع.../لذلك يجبُ أنْ تنزل أرواحُ العاشقين الصَّافية..." إنَّ القارئ الحديث يكادُ أن يكونَ مقتنعاً، كما يُشير إمبسون، أنْ تُأخذ كلمة "أرواح" في هذا المقطع على سبيل الاستعارة، كما أنَّها تُحْمل فقط بالتَّوسع على شيء ما روحي. لكنْ بالنِّسبة لدون ليس هناك استعارة. إنَّه يكتبُ في عظاته "الأرواحُ...هي الجزء الرَّقيق والفعَّال في الدَّم، وهي نوع من الطَّبيعة الوسطى بين النفس والبدن". إنَّك تعلم أنَّ هذا لا يهم كثيرا. لقد كان إمبسون على حق لمَّا قال: "فمن الغريب كيف أنَّ التغيير في الكلمة [أي، فيما نعتقد أنه يعني] يتركُ الشِّعر غير متأثر".[7]

قد يكون التَّغيير في بعض الحالات على الأقل من الصَّعب تقديرُه، لكن ما لم يكُن هناك تغيير، فإنَّ جل ما يعتقد أنَّه مثير للاهتمام حول الاستعارة يكون ضائعاً. لقد قُمت بتوضيح هذه النقطة من خلال إبراز التَّعارض بين تعلُّم استعمال جديد لكلمة قديمة باستعمال كلمة مفهومة بالفعل؛ لقد قلت في إحدى الحالات إنه يتجه انتباهنا إلى اللغة، وفي الأخرى إلى ما هي اللغة. إنَّ الاستعارة، كما اقترحتُ، تنتمي إلى الفئة الثَّانية. يمكن ملاحظة ذلك أيضا من خلال التفكير في الاستعارات الميتة. إنه في يوم من الأيام، أفترض أنَّ الأنهار والزُّجاجات لم يكنْ لها أفواه كما هو الحال الآن عند التَّفكير في الاستعمال الحالي، فلا يهمُ ما إذا كنا نتعامل مع كلمة "فم" على أنَّها غامضة، لأنَّها تُحْمَل على مداخل الأنهار وعلى فتَحات الزُّجاجات، وكذلك فتحَات الحيوانات أو نعتقدُ أنَّ هناك مجالا واحدا متسعاً للحمْل الَّذي يحتضنهُما معا. إنَّ ما يهُم أنَّه لمَّا يتم حمْل "الفم" بشكلٍ استعاريٍّ فقط على الزُّجاجات، فإنَّ الحمْل يجعلُ المُستمع يُلاحظ وجودَ تشابُه بين فتحاتِ الحيوانات والزُّجاجات. (اعتبرْ إشارة هوميروس إلى الجروح على أنَّها أفواه). إنَّه بمُجرد أنْ يحصُل المرءُ على الاستعمال الحالي للكلمة، مع الحَمْل الحرفي على الزُّجاجات، فإنَّه لم يتبقَ شيءٌ ليلاحظه. إنَّه لا مُشابهة تقضي البحث عنَّها، لأنَّها تتألف ببساطة من الإشارة إلى نفسِ الكلمة.

إنَّ الجِدة ليست هي المسألة. فالكلمة المحمُولة مرة واحدة على الاستعارة في سياقها تظلُ استعارة في الاستماع الَّذي يبلغُ حد المائة. بينما يمكنُ ببساطة تقديرُ الكلمة في دورٍ حرفيٍّ جديدٍ في أولِ لقاء بها. إنَّ ما نُسمِّيه عنصرَ الجِدة أو المُفاجأة في الاستعارة هو ميزة جمالية مُبناة، ويمكن تجربتُها مرارا وتكراراً مثل المُفاجأة في سمفونية هيادن[8] الَرَّقم أربعة وتسعون، أو إيقاع خادع مألوف.

إذا طالَتِ الاستعارة معنى ثانٍ، كما هو الحال في الغُموض، فقد نتوقع أنْ نكونَ قادرين على تحديد المعنى الخاص للكلمة في وضع استعاريٍّ بالانتظار حتَّى تموتَ الاستعارة. إنَّه يجب تخليدُ المعنى المجازي للاستعارة الحية بالمعنى الحرفي للاستعارة الميتة. لكنَّ على الرَّغم من أنَّ بعض الفلاسفة قد اقترحوا هذه الفكرة، إلاَّ أنَّها تبدو خاطئة بشكل جليٍّ، فعبارة "كان مُحترقاً" غامضةٌ حقاً (لأنَّها تكون صادقة من جهة وكاذبة من جهة أخرى)، ولكنْ على الرَّغم من أنَّ اللَّهجة العامية هي بلا شك جُثة الاستعارة، فإنَّ عبارة "كان مُحترقَا" لا تشيرُ الآن إلى أكثر من كونِه كان غاضباً جداً. لمَّا كانتِ الاستعارةُ فعالةً، كنا نتخيَّلُ ناراً في العينين أو دخاناً يتصاعدُ من الأدنينِ.

إنَّه ليُمكننا أنْ نتعلَّم الكثير عمَّا تَعنيه الاستعاراتُ من خلال مُقارنتها بالتَّشبيهات؛ لأنَّ التَّشبيهَ يُخبرنا على نحو جزئيِّ عمَّا الَّذي تدفعنا الاستعارة إلى الإشارة إليه. افترضْ أنَّ كونريل قال وهو يُفكر في لير "مثل الحمقى القُدامى كمثل الأطفال الجُدد"، ثم استعملت الكلماتِ لتُؤكد التَّشابه بين الحمقى والأطفال الصِّغار. إنَّ ما قالتْه بالطَّبع هو "الحمقى القدامى هم الأطفال الجُدد"، وهكذا استعملتْ الكلماتِ لتُصرح بما أعلنَه التَّشبيه. إنَّ التَّفكير ملياًّ في هذه السُّطور يُحدث نظرية أخرى للمعنى المجازي أو المعنى الخاص للاستعارات: المعنى المجازي للاستعارة هو المعنى الحرفي للتَّشبيه المُتوافق. وعليه، فالمعنى المجازي ل"كان المسيحُ كرونومترا" هو المُرادف لـ "كان المسيح مثل الكرونومتر"، وأنَّ المعنى الاستعاري الَّذي كان ثاويا في عبارة "كان مُحترقا" صادر عن عبارة "كان مثله كمثل الشَّخص الَّذي كان مُحترقا" (أو ربما "كان مثل المُحترق").

إنَّه لمن المُؤكد أنَّ هناك صُعوبةً في تحديد التَّشبيه الَّذي يتوافق مع استعارة معينة. قالت فيرجينيا وولف إنَّ الشَّخص الرَّفيع المُستوى هو "رجل أو امرأة يتمتع بذكاء أصيل والَّذي يَمتطي عقله في سباق عبر البلاد سعياً وراء فكرة" ماذا يوافق التَّشبيه؟ شيء من هذا القبيل، رُبما "الشَّخص الرَّفيع المُستوى هو رجل أو امرأة ذكاؤهما مثل الحصان الأصيل، والَّذي يُصِّر على التَّفكير حول فكرة مثل الرَّاكب يركضُ عبر البلاد بحثاً عن...شيء ما مرغوبٌ فيه".

لا ينبغي الخلطُ بين الرَّأي الَّذي يقول إنَّ المعنى الخاص للاستعارة مُتطابق مع المعنى الحرفي للتشبيه المتوافق (بالرغم من توضيح "التوافق") مع النَّظرية الشائعة التي تقول بأنَّ الاستعارة تشبيه مُوجز.[9] لا تضعُ هذه النظرية تمييزاً في المعنى بين الاستعارة وبعض التشبيهات ولا تُقدم أيَّ أساس للحديث عن المعاني المجازية والاستعارية والخاصة. إنَّها النظرية الَّتي تفوزُ فيما يتعلق بالبساطة، لكنَّها تبدو أيضا بسيطة جدا للعمل؛ لأنَّنا لو جعلنا المعنى الحرفي للاستعارة هو المعنى الحرفي للتشبيه المُتوافق، فإنَّنا نُنْكر الوصول إلى ما اعتبرناه في الأصل هو المعنى الحرفي للاستعارة، ولاتفقنا من البداية على وجه التقريب على أنَّ هذا المعنى جوهريٌّ لعملِ الاستعارة، وأيُّ شيء آخر يجبُ أنْ يُقدم بطريقة المعنى غير الحرفي.

تشترك كلُّ من نظرية التشبيه المُوجز للاستعارة ومُتغيِّرُها الأكثر تكلفاً، والَّذي يُساوي المعنى المجازي للاستعارة مع المعنى الحرفي للتشبيه، ويشتركان في عيبٍ فادحٍ. إنهما يجْعلان المعنى الخفي للاستعارة واضحا للغاية، ويمكنُ الوصول إليه. يمكنُ العثور في كلِّ حالة على المعنى الخفي ببساطة من خلال النَّظر إلى المعنى الحرفي لمَا هو في العادة تشبيه مُبتذل بشكل مزعجٍ. إنَّ هذا مثل تولستوي الصَّبي، والأرض مثلَ الأرضية. إنَّه مُبتذل لأنَّ كلَّ شيءٍ يُشبه كلَّ شيءٍ وطرقٌ لا نهاية لها. يصعُب تأويلُ الاستعارات في الغالب، وكما يُقال من المستحيل إعادة صياغتها. لكنْ مع هذه النظرية، فإنَّ التأويل وإعادة الصياغة يكونان في العادة جاهزيْن في مُتناول اليد الأكثر قسوة.

لقد وجدتُ نظريات التشبيه المقبولة هذه على حسب ما أظنُ فقط؛ لأنَّه تم الخلط بينها وبين نظرية مُختلفة معها تماما. اعتبرْ ملاحظة ماكس بلاك هذه:

لمَّا أطلق شوبنهاور على البرهان الهندسي مِصيدة فئران، كان وفقا لهذا الرأي يقول (وإن لم يكن صريحا) "الدَّليل الهندسي كمصيدة الفئران؛ لأنَّ كلاَّ منهما يقدم مكافئة وهمية، ويُغري ضحاياه بالتدريج، ويؤدي إلى مُفاجئة بغيضة، إلخ" هذا هو رأي الاستعارة على أنَّها تشبيه مُكثف أو مُوجز."[10]

إنني هنا أميز بين نوعين من الخلط، أولاً، إذا كانت الاستعارات عبارة عن تشبيهات موجزة، فإنَّها تقول بشكل صريح ما تقوله التشبيهات؛ لأنَّ الحذف شكل من أشكال الإيجاز، وليس إعادة صياغة أو التعدي. لكنْ هذا هو الأمر الأكثر أهمية، أنَّ عبارة ماكس بلاك حول ما تقوله الاستعارة يتجاوز أي شيء قدمه التشبيه المُتوافق. يقول التشبيه ببساطة إنَّ الدليل الهندسي يُشبه مِصيدة الفئران. إنَّه لم يُخبرنا عما هي التشابهات الَّتي يجبُ علينا أنْ نُدركها أكثر ممَّا تقوم به الاستعارة. يذكر بلاك ثلاثة تشابهات، وبالطبع يُمكننا الاستمرار في الإضافة إلى القائمة أبدا. لكنْ في هذه القائمة، عند مُراجعتها واستكمالها بالطريقة الصَّحيحة، فهل من المفترض أنْ تُعطي المعنى الحرفي للتشبيه؟ كلاَّ، لأنَّ التشبيه لم يُعلن أكثر من المُشابهة. إذا كان من المُفترض أنْ تُقدم القائمة المعنى المجازي للتشبيه، فلنْ نتعلم إذنْ شيئا من الاستعارة من خلال مُقارنتها بالتشبيه- سوى كونَهما يمتلكان نفس المعنى المجازي فقط. يدَّعي نيلسون غودمان حقا أنَّ "الفرق بين التشبيه والاستعارة لا يكاد يُذكر"، ويستأنف "سواء كانت أداة التشبيه "ك" أو الرَّابط الوجودي 'هو'، فإنَّ الشكل يُشبِّه الصُّورةَ بالشَّخص من خلال انتقاء سِمة مُشتركة مُعينة..."[11] يعتبرُ غودمان الفرق بين قول الصُّورة حزينة والقول إنَّها كالشخص الحزين. إنَّه لمن الواضح جدا أنَّ كلا القولين يشبِّهان صورة بشخص، لكن يبدو أنَّه من الخطأ الادعاء بأنَّ أي طريقة في الحديث "يختار" سِمة مشتركة. يقول التشبيه أنَّ هناك تشابهاً ويترك لنا اختيار سِمة أو سِمات مشتركة، والاستعارة لا تُؤكد صراحة على وجود تشابه، لكنْ لو قبلناها كاستعارة، فإنَّنا مضطرون مرة أخرى إلى البحث عن سِمات مُشتركة (ليس بالضرورة السِّمات الَّتي يقترحها التشبيه المُرتبط، ولكن هذه مسألة أخرى).

بما أنَّ التشبيه يرتدي إعلانا عن المُشابهة على كُمِّه، فإنَّه على ما أعتقد أقل معقولية ممَّا هو عليه في حال الاستعارة للتأكيد على وجود معنى ثان خفي. ففي حال التشبيه، نُلاحظ ما تقوله حرفيا، إنَّ شيئين يُشبهان بعضهما بعضا، ثم ننظر إلى الأشياء وننظر في السِّياق، يكون من صميم الموضوع. وإذا تقررهذا، فإنه قد يمكننا القول إنَّ مُؤلف التشبيه قصدنا-أي يعني لنا- أنْ نُدرك هذا التشابه، بيد أنَّه بعد أنْ أدركنا الفرق بين ما تعنيه الكلمات وما أنجزه المُؤلف باستعمال هذه الكلمات، فإنَّه يجب أنْ نشعر بإغراء قليل لتفسير ما حدث من خلال إعطاء الكلمات نفسها معنى ثانٍ أو معنى مجازي. إنَّ الهدف من المفهوم اللغوي خو تفسير ما يُمكن فعله بالكلمات. لكن المعنى المجازي المُفترض في التشبيه لا يُفسر شيئا، إنَّه ليس سِمة للكلمة التي لها كلمة سابقة ومُستقلة عن سياق الاستعمال، ولا تستند إلى عادات لغوية باستثناء تلك التي تحْكُم المعنى العادي.

إنَّ ما تفعله الكلمات بمعناها الحرفي في التشبيه يجبُ أنْ يكون مُمكنا بالنسبة لها في الاستعارة. فالاستعارة تلفتُ الانتباه إلى نفس أنواع التشابه، إنْ لم تكن نفس التشابهات كالتشبيه المُتوافق. لكن بعد ذلك التمثيلات والمتوازيات المُفاجئة أو البارعة الَّتي هي من عمل الاستعارة لتُعزز الحاجة، لا تعتمد في هذا تعزيزها على أكثر من المعني الحرفية للكلمات.

الاستعارةُ والتشبيه هما مجرد أداتين من الأدوات الَّتي لا حصر لها، والَّتي تعمل على تنبيهنا إلى جوانب من العالم من خلال دعوتنا لعقد مُقارنات. إنِّي أقتبس أبيات قليلة من قصيدة "فرس النهر" للشَّاعر ت.س. إليوت:

فرسُ النَّهر واسعُ الظهر

يجثمُ على بطنه في الوحلِ

وإنْ كان يبدو حازماً

فإنَّه مجرد لحم ودم

اللَّحم والدَّم ضعيفان وهزيلان

إنَّه عرضة للصدمات العصبية

بينما الكنيسة الحقة لن تفشل أبدا

لأنَّها قائمة على صخرة

قد تزل خطوات فرس النَّهر الضعيفة

في نهايات البوصلة

بينما الكنيسة الحقة لا تحتاج إلى إثارة

لتجمعَ سُهومنا

لن يقدر فرس النَّهر أنْ يدرك

ثمرة المانجو على شجرة المانجو

غير أن ثمار الرُّمان والخوخ

تُنعش الكنيسة من أعلى البحر

هنا لا يُقال لنا إنَّ الكنيسة تُشبه فرس النَّهر (كما هو الحال في التَّشبيه)، ولا تُخويفنا لجعل هذه المقارنة (كما هو الحال في الاستعارة)، ولا يُمكن أنْ يكون هناك شكٌ في أنَّ الكلمات تُستعمل لتوجيه انتباهنا إلى التشابهات بين الاثنين. ولا يجب أنْ يكون هناك نُزوعٌ كبيرٌ في هذه الحالة لفرض المعاني المجازية؛ لأنَّه في أيِّ كلماتٍ أو جملٍ سنضعُها؟ يجثو فرس النهر حقيقة على بطنه في الوحل، تقول القصيدة حرفيا إنَّ الكنيسة الحقة لا يُمكن لن تفشل أبدا. إنَّ القصيدة بالطبع أكثر حميمية ما يجعلها تتجاوز المعاني الحرفية للكلمات، لكنَّ الحميمية ليست معنى.

حتَّى الآن قادت الحجة إلى استنتاج مفادُه أن قدراً كبيراً من الاستعارة يمكن تمييزه من جهة المعنى، وأنَّه حقا يجب أنْ تُفسَّر بالاستناد إلى المعاني الحرفية للكلمات. والحاصل أنَّ الجُمل الَّتي تقع فيها استعارات تكون صادقة أو كاذبة من جهة حرفية عادية؛ لأنَّه إذا لم يكن للكلمات فيها معان خاصة، فإنَّه ليس للجُمل حقيقة خاصة. إنَّ هذا لا يعني إنكار وجود شيء من قبيل الحقيقة الاستعارية، إنَّه إنكارٌ لها فقط من جهة الجُمل. إنَّ الاستعارة تقودُنا إلى ملاحظة ما لا يُمكن ملاحظته بخلاف ذلك، ولا يُوجد هناك سبب. إنَّني أفترض، ألاَّ أقول إنَّ هذه الرؤى والأفكار والمشاعر المُستوحاة من الاستعارة تكون صادقة أو كاذبة.

إذا كانتِ الجملة المستعملة على سبيل الاستعارة صادقة أو كاذبة في المعنى العادي، فإنَّه من الواضح إذن إنَّها خاطئةٌ على حسب العادة. يتجلى الاختلاف الدلالي الأكثر وضوحا بين التشبيه والاستعارة في أنَّ كل التشبيهات صادقة وأنَّ مُعظم الاستعارات خاطئة. فالأرض كالأرضية، والآشوريون نزلوا كالذئب في حظيرة؛ لأنَّ كلَّ شيء مثل كلِّ شيء. لكن حَوِّل هذه الجمل إلى استعارات، وحوِّلها كاذبة؛ الأرض كالأرضية، لكنَّها ليست أرضية؛ تولستوي، البالغ، كان كالصبي، لكنه لم يكنْ صبياً. على حسب العادة نستعمل التشبيه فقط لمَّا نعلم أنَّ الاستعارة المُتوافقة ستكون خاطئة. إنَّنا نقول إن السيد س كالخنزير؛ لأنَّنا نعلم أنَّه ليس بخنزير. إذا استعملنا استعارة وقلنا إنَّه خنزير، فإنَّه لن يكون هذا بسبب أنَّنا غيَّرنا فكرنا بشأن الحقائق، ولكنْ لأنَّنا اخترنا تحصيل الفكرة عبر طريقة مُختلفة.

إنَّ ما يهُم ليس الكذب الواقعي، بل إنَّ الجملة المأخوذة تكون كاذبة. لاحظ ما يقع لمَّا يتم اعتبار الجملة الَّتي نستعملها كاستعارة، ونعتقد أنَّها كاذبة، تأتي لتكون فكرة صادقة بسبب التَّغيير فيما يعتقد حول العالم. لمَّا تم الإبلاغ عن طائرة همنغواي، أنَّها شُوهدت وحُطمت في إفريقيا، نشرت صحيفة مرآة نيويورك عنواناً يقول "همنغواي ضائع في إفريقيا"، فكلمة "ضائع" تُستعمل للإشارة إلى أنَّه مات. ولمَّا اتضح أنَّه على قيد الحياة، تركتْ صحيفة مرآة نيويورك نفس العنوان ليتم أخذه على حرفيته، أو فكِّرْ في هذه الحالة: ترى المرأةُ نفسها في المنام مُرتدية توبا جميلا، وتقول "يا له من فُستان جميل"، ثم تستيقظ بعد ذلك. إنَّ الغرضَ من هذه الاستعارة هو أنَّ الفستان يُشبه الفستان في الحلم وبالتَّالي فهو ليس فستان الحلم. يقدم هينلي مثالاً جيدا من كتاب أنتوني وكيلوبترا (2.2):

البارجةُ التي جلستْ فيها كالعرش اللاَّمع

احترقتْ على الماء

يتقابل التَّشبيه والاستعارة هنا بشكل غريب، لكنَّ الاستعارة تختفي إذا أُخذت بالمعنى الحرفي، وتم تخيُّل حريق هائل. بنفس الطريقة على الغالب، يُمكن تدمير التأثير المعتاد للتَّشبيه من خلال أخذ المقارنة بجدية كبيرة. يكتب ألين وودي "كانت المُحاكمة الَّتي جرت خلال الأسابيع التَّالية مثل السِّرك، بالرَّغم من وجود صُعوبة في جلب الأفيال إلى قاعة المَحكمة".[12]

على العموم، إنَّنا لا نقبل الجملة كاستعارة إلاَّ لمَّا يتم اعتبارها خاطئة، ونبدأ في الرَّكض وراء المضمون الخفي. لهذا السبب فمن المُحتمل أنَّ مُعظم الجمل الاستعارية كاذبة بشكل صريح، تماما كما أنَّ جميع التشبيهات صادقة على نحو مُبتذل. إنَّ العبثية أو التناقض في الجملة الاستعارية يضمنان لنا عدم تصديقها، ويدعواننا في ظل الظُّروف المُناسبة إلى أخذ الجملة على سبيل الاستعارة.

إنَّ الزَّيف الصَّريح هو الحال المعتاد مع الاستعارة، ولكنْ أحيانا يفعل الصِّدق الصَّريح ذلك أيضا. "العملُ هو العملُ" استعارة واضحة جدا في معناها الحرفي بحيث لا يُمكن اعتبارها قد تم النُّطق بها لنقل المعلومات، لذلك، فنحن نبحث عن استعمال آخر. يذكُرنا تيد كوهين في نفس السِّياق، إنَّه لا يوجد إنسان هو جزيرة.[13] إنَّ المسألة هي نفسها. إنَّ المعنى العادي في سياق الاستعمال غريبٌ بما يكفي لحثنا على تجاهل مسألة الصِّدق الحرفي.

اسمحوا لي الآن أنْ أطرح مسألة أفلاطونية إلى حد ما بمُقارنة إنشاء استعارة وقول كذبة. إنَّ المُقارنة مُناسبة؛ لأنَّ الكذب مثل إنشاء استعارة، لا تهتم بمعنى الكلمات، بل تهتم باستعمالها. يُقال أحيانا إنَّ الكذب يستلزم قول الباطل، لكنَّ هذا خاطئ. لا يتطلب قول الكذب أنْ يكون ما تقوله كاذبا وإنَّما أن تظن أنَّه كاذب. بما أنَّنا عادة ما نُؤمن بالجمل الصَّادقة ونجحدُ الجمل الكاذبة، فإنَّ بعض الأكاذيب أباطيل؛ لكنَّ في أيِّ حال مُعينة يحدث هذا. لقد تمَّ التَّأكيد على التَّوازي بين الاستعارة وقول كذبة من خلال حقيقة أنَّه يُمكن استعمال نفس الجملة مع تغيير المعنى لأيِّ غرض. لذلك، فإنَّ المرأة تؤمن بالسَّحرة لكنَّها لا تعتقد أنَّ جارتها ساحرة، وقد تقول "إنَّها ساحرة" بمعنى استعاري، ونفس المرأة الَّتي لا تزال تؤمن بنفس الشَّيء عن السَّاحرات وعن جارتها ولكنَّها تقصد الخداع، يُمكن استعمال نفس الكلمات لتأثير مُختلف تماما. بما أنَّ الجُملة والمعنى هما نفسهما في كلتا الحالتين، فمن الصَّعب أحيانا إثبات القصد الكافي والكامن وراء قولها، ولهذا، فإنَّ الشَّخص الَّذي يقول "لاتيمور شُيوعي"[14] ويعني الكذب، يُمكنه دائما أنْ يحاول التَّوسل باستعارة.

إنَّ ما يجعل الاختلاف بين الكذب والاستعارة ليس اختلافاً في الكلمات المُستعملة أو في ما تعنيه (في أي معنى دقيق)، ولكنَّ الاختلاف يكمُن في كيفية استعمال الكلمات. إنَّ استعمال جملة لقول الكذبة واستعمالها على سبيل الاستعارة هما بالطبع استعمالان مُختلفان تماما بحيث لا يتداخلان مع بعضهما، كما هو الحال في التمثيل[15] والكذب. في الكذب، على المرءِ أنْ يؤكد على أنه يُقدم نفسه بأنَّه يُؤمن بما لا يُؤمن به، وفي التمثيل، يتم استبعاد التَّأكيد. إنَّ الاستعارة غير مُبالية بالاختلاف. إنَّها يُمكن أنْ تكون إهانة، وبالتَّالي تكون تأكيدا، فأنْ تقول لرجل "أنت خنزيرٌ" ولكنْ لم يتم استعمال أي استعارة (لنفترض) لمَّا خاطب أوديسيوس[16] بنفس الكلمات رفاقه في قصر سيرس، إنَّ القصة، حقا بلا تأكيد، ولكنَّ الكلمة استعملت حرفيا للنَّاس لأول مرة.

لا يُمكن لأيِّ نظرية في المعنى الاستعاري أو في الحقيقة الاستعارية أنْ تُساعد في تفسير كيفية عمل الاستعارة. إنَّ الاستعارة تعمل على نفس المسارات اللُّغوية المألوفة الَّتي تعمل بها أبسط الجُمل، وهذا رأيناه من خلال التَّشبيه. إنَّ ما يُميِّز الاستعارة ليس هو المعنى، وإنَّما الاستعمال- من قبيل التَّأكيد أو التوبيخ أو الكذب أو الوعد أو الانتقاد. وإنَّ الاستعمال الخاص الذي نضع من خلاله اللغة في الاستعارة لا- ولايمكن- ل"يقول شيئا" ولو كان غير مباشر. إنَّ الاستعارة تقول فقط ما يظهر على وجهها- فعادة ما يكون زيفاً جلياً أو حقيقة سخيفة. وهذه الحقيقة أو الزيف الواضح لا يحتاج إلى إعادة الصياغة- فهو مُعطى في المعنى الحرفي للكلمات.

ما الذي يجب علينا أنْ نفعله إذن من الطاقة اللامتناهية التي تم وسيتم انفاقها على المناهج والوسائل لاستخلاص محتوى الاستعارة؟ إنَّ عالما النفس روبرت فيربروغ ونانسي ماكاريل أخبرانا أن:

العديد من الاستعارات تلفت الانتباه إلى الأنظمة المشتركة للعلاقات أو التحولات المشتركة، حيث تكون هوية المشاركين ثانوية. فعلى سبيل المثال، نعتبر الجمل الآتية: السَّيارة مثل الحيوان، وجذوع الأشجار هي قش للأوراق والأغصان العطشى. الجملة الأولى توجه الانتباه إلى أنظمة العلاقات بين استهلاك الطاقة، والتنفس، والحركة الذاتية، والأنظمة الحسية، وربما القزم. أما في الجملة الثانية، فالتماثل هو نوع أكثر تعقيد من التحويل: شفط السائل من خلال مساحة أسطوانية موجه رأسيا من مصدر سائل إلى الوجهة.[17]

لا يعتقد كلٌّ من فيربورغ وماكاريل أنَّ هناك أي خط حاد يفصل بين الاستعمالات الحرفية والاستعارية للكلمات. إنَّهما يعتقدان أنَّ العديد من الكلمات لها معنى "غامض" يتم تثبيته إذا تم إثباته على الإطلاق من خلال السياق. لكنْ من المُؤكد أنَّ هذا الغموض مهما تم توضيحه وتفسيره، لا يُمكن أنْ يمحو الخط الفاصل بين ما نعنيه بالجملة حرفيا (بالنظر إلى سياقها) وما "يلفت انتباهنا إليه" (بالنظر إلى معناها الحرفي كما هو محدد في السِّياق). إنَّ المقطع الذي اقتبسته لا يستعمل مثل هذا التمييز: إنَّ ما تقوله الجمل البسيطة يُوجِّه انتباهنا إلى وقائع لا يتم التعبير عنها من خلال إعادة صياغة الجمل. إنَّ كل من فيربورغ وماكاريل يريدان ببساطة الإصرار على أنَّ إعادة الصياغة الصَّحيحة للاستعارة تؤكد "أنظمة العلاقات" بدلا من التشابهات بين الموضوعات.

وفقاً لنظرية التفاعل لماكس بلاك، فإنَّ الاستعارة تجعلنا نحْمِلُ "نسق القواسم المشتركة" المرتبط بالكلمة الاستعارية على موضوع الاستعارة: ففي عبارة "الإنسان ذئب" نحْمِل سمات شائعة (قوالب نمطية) للذئب على الإنسان. لذلك يقول بلاك إن الاستعارة "تختار وتؤكد وتقمع وتنظم سمات الموضوع الرئيس من خلال تضمين عبارات فيها محمُولة عادة على الموضوع الثانوي".[18] إذا فشلت إعادة الصِّياغة حسب بلاك، فإنَّها ليست بسبب أنَّ الاستعارة ليس لها مضمون معرفي خاص، ولكن لأنَّ إعادة الصياغة "لن تكون لها نفس القوة للإخبار والبيان كالأصل...فإحدى النقاط التي أرغبُ في التأكيد عليها هي أنَّ الخسارة في مثل هذه الحالات هي خسارة في المُحتوى المعرفي، ونقطة الضعف المتعلقة بها تتجلى في إعادة الصياغة الحرفية ليست أنَّها قد تكون مطولة بشكل مُرهق أو صريحة بشكل مُمِلّ. إنَّها فشلتْ في أنْ تكون ترجمةً؛ لأنَّها فشلتْ في إعادة التَّبصر الَّذي قدمته الاستعارة".[19]

كيف يمكنُ أنْ يكون هذا على وجه الصَّواب؟ إذا كان للاستعارة مُحتوى معرفيٌّ خاص، فلِمَ يكون من الصَّعب أو من المُستحيل تحديدها؟ إذا كانت الاستعارة كما يدعي أوين بارفيلد، "تقول شيئا ما وتعني شيئا آخر"، فلماذا يجب أنْ يكون ذلك لمَّا نحاول شرح ما تعنيه، ويكون التأثير أضعف بكثير- "ضع الأمر على هذا النحو". يقول بارفيلد، "وعلى وجه التقريب يضيع معها كلُّ البريق ونصف الشعر".[20] لم يعتقدْ ماكس بلاك أنَّ إعادة الصياغة الحرفية "تقول حتما أكثر من اللازم-وبتأكيد خاطئ"؟ لماذا حتما؟ ألا يُمكننا إذا كنا أذكياء بما فيه الكفاية أنْ نقترب كما يحلو لنا؟

في هذا الصدد، كيف يتم ذلك التشبيه دون معنى وسيط خاص؟ وعلى العموم، فالنقاد لا يُشيرون إلى أنَّ التشبيه يقول شيئا ويعني شيئا آخر- فهم لا يفترضون أنَّه يعني أي شيء سوى ما يطفو على سطح الكلمات. إنَّه قد يجعلنا نفكر تفكيرا عميقا على غرار ما تقوم به الاستعارة.، فكيف إذن لا يلتمس أحد "المحتوى المعرفي الخاص" بالتشبيه؟ وتذكرْ فرس النهر الذي تحدث عنه إليوت، فلم يكن هناك تشبيه ولا استعارة، ولكن ما بدا أنه تم إنجازه كان تماما مثل ما يقع من خلال التشبيهات والاستعارات. فهل يشير أحد إلى أنَّ كلمات قصيدة إليوت لها معان خاصة؟

وأخيراً، إذا كانت الكلماتُ في الاستعارة تحملُ معنى مُشفرا، فكيف يُمكن أنْ يختلف هذا المعنى عن المعنى الذي تحْمله هذه الكلمات نفسها في حال موت الاستعارة- يعني لمَّا يتعلق الأمر بأنْ تكون جزء من اللغة؟ لماذا لا تعني عبارة "كان محترقا" كما هي مستعملة الآن وتعني ما تعنيه الاستعارة الجديدة؟ ومع ذلك، فإنَّ كلَّ ما تعنيه الاستعارة الميتة هو أنَّه كان غاصبا جدا- وهي فكرة ليس من الصُّعوبة بمكان شرحُها.

هناك توتر أذن في النظرة المعتادة للاستعارة، من جهة، هي تريد التمسك بأنَّ الاستعارة تقوم بشيء لا يُمكن أنْ يقوم به نثر عادي، ومن جهة أخرى، فهي تُريد شرح ما تفعله الاستعارة من خلال مُناشدة المحتوى المعرفي- نوع النثر البسيط مُصمم للتعبير فقط. إنَّه طالما نحن في هذا الإطار من العقل، فإنَّه يجب أن يكون لدينا الشك في أنَّها يمكن أن تقوم به، على الأقل إلى حد معين.

إنَّ هناك طريقة بسيطة للخُروج من المأزق. يجبُ علينا أنْ نتخلى عن فكرة أنَّ الاستعارةَ تحملُ رسالة، وأنَّ لها مُحتوى معرفي أو أنَّ لها معنى (باستثناء معناها الحرفي بالطَّبع). إنَّ النَّظريات الَّتي اعتبرناها على خطأ كانت على خطأ في هدفِها. إنَّها لمَّا تعتقدُ أنَّها تقدم طريقة لفك لغزِ المُحتوى المُشفَّر، فإنَّها يُخبرنا (أو تُحاول أخبارنا) بشيء عن تأثيرات الاستعارات علينا. وإنَّ الخطأ الشَّائعَ يتجلى في ربط مَضامين الأفكار باستعارة، ثم قراءة هذه المضامين في هذه الاستعارة نفسِها. فلا شك أنَّ الاستعارات في الغالب ما تجعلنا نُلاحظ جوانبَ من الأشياء لمْ نُلاحظها من قبلُ، وممَّا لا شك فيه أنَّها تجلب اهتمامنا إلى تمثيلات وتشابهات مُدهشة. إنَّها تُوفر نوعاً من العدسة أو الشبكة كما قال ماكس بلاك، والَّتي من خلالها نرى الظَّواهر المُرتبطة بها. إنَّ المسألة لا تكمُن هنا وإنَّما في السُّؤال عن كيفية ارتباط الاستعارة بما يجعلنا نراها.

يُمكن أنْ يُلاحظ بالقسط أنَّ الادعاء بأنَّ الاستعارة تُثير أو تدعُو إلى وجهة نظر مُعينة لموضوعها بدلاً من قولها بشكل مباشر هو أمرٌ مألوفٌ، ولهذا هي كذلك. على غرار ذلك يقولُ أرسطو إنَّ الاستعارةَ تؤدي إلى "إدراك التَّماثلات". يقولُ ماكس بلاك متبعاً ريتشاردز إنَّ الاستعارة "تثير" استجابة مُعينة، "سينقادُ المُستمعُ المناسبُ لبناء...نسق".[21] هذا الرَّأيُ سيُتخلص بدقة ممَّا قاله هيراقليط لكاهنِ معبدِ دلفي: "إنَّها لا تُصرِّحُ ولا تُخفي، إنَّها تُوحي".[22]

إنَّني لا يُوجد لدي صراعٌ مع هذه الأوصاف المُتعلقة بتأثيرات الاستعارة، إلاَّ مع وجهات النَّظر المُرتبطة بكيفية استعمال الاستعارة لإنتاجها. إنَّ ما أنْكرُه هو أنَّ الاستعارة تقوم بعملها من خلال وجود معنى خاص، ومُحتوى معرفي محدد. إنَّني لا أعتقد كما فعل ريتشاردز في أنَّ الاستعارة تُنتج حصيلتها بتوفُرِها على معنى ناتج عن تفاعُل فكرتيْن. وإنَّه من الخطأ، حسب وجهة نظري القول مع أوين بارفيلد إنَّ الاستعارة "تقولُ شيئاً وتعني شيئاً آخر"، أو مع ماكس بلاك في أنَّ الاستعارة تُؤكد أو تُشير إلى أشياء معينة بفضل معنى خاص، وبالتَّالي تنجزُ مهمتها في إعطاء "التَّبصر". إنَّ الاستعارة تقومُ بعملها من خلال وسائط أخرى- لنفترضْ أنَّها يُمكن أنْ تكون فعالة فقط من خلال نقل رسالة مُشفَّرة مثل التَّفكير في نكتةٍ أو حلمٍ وتجعلُ العبارات الَّتي يُمكن لمؤوِّل ماهرٍ إعادة صياغتِها في أسلوبٍ نثريٍّ بسيطٍ. إنَّ النُّكتةَ أو الحُلمَ أو الاستعارةَ كالصُّورة أو كالصَّدمة على الرَّأس، يُمكن أنْ تجعلنا نُقدِّر بعض الحقائق- لكن ليس من خلال الدِّفاع عن الحقيقة أو من خلال التَّعبير عنها.

إذا كانَ هذا صحيحا، فإنَّ ما نُحاوله في "إعادة صياغة" الاستعارة لا يُمكن أنْ يُعطيها معناها؛ لأنَّ ذلك يكمُن في السَّطح، وأحرى من مُحاولتنا استحضار ما يُلفت انتباهنا في الاستعارة. إنَّني أستطيعُ تخيُّل شخصٍ يمنحُ هذا الأمر، ويتجاهلُه على أنَّه ليس أكثر من إصرارٍ على ضبطِ النَّفس في استعمال كلمة "معنى". إنَّ هذا خطأ. إنَّ الخطأ المِحوري حول الاستعارة يتم مهاجمتُه بسهولة لمَّا يأخذ صورة نظرية في المعنى الاستعاري، لكنْ خلف تلك النَّظرية المستقرة بشكل مُستقل، هي الأطروحة القائلة بأنَّ ما يرتبطُ بالاستعارة هو مُحتوى معرفي يريد مؤلفُها نقله وأنَّ المؤوِّل يجبُ أنْ يفهمَه إذا هو حصَّل الرسالة. إنَّ هذه النَّظرية خاطئة، سواء أطلقنا على المحتوى المعرفي المزعوم معنى أم لم نُطلق عليه معنى.

إنَّه يجبُ علينا الشَّك في النَّظرية القائلة بأنَّه من الصَّعب للغاية تحديدُها، وحتَّى في حال أبسط الاستعارات، فإنَّ المُحتوى هو ما يُفترض أنْ يكون بالضبط. أظنُ أنَّ السَّبب في صُعوبة اتخاذ القرار هو أنَّنا نتخيَّلُ أنَّ هُناك مُحتوى يجب اقتناصُه لمَّا نُركز طول الوقت على ما تجعلُنا الاستعارة نُدركه. لو كان ما تجعلنا الاستعارة نُدركه محدودَ النِّطاق والإخبار من حيث الطَّبيعة، فإنَّ هذا في حد ذاته لنْ يُسبب اضطرابا، وإنَّنا سنقومُ ببساطة بإسقاط المُحتوى الَّذي تجلبُه استعارة إلى الذهن على الاستعارة. لكنْ في الواقع لا يُوجد هناك حدٌ لمَا تُلفته إلى انتباهنا، والكثيرُ ممَّا يتسببُ في ما نُدركه ليس خبرياً في طبيعته. لمَّا نُحاول أنْ نقول ما "تعنيه" الاستعارة، فإنَّه سرعان ما نُدرك أنَّه لا نهاية لمَا نُريد أنْ نهتم به.[23] إذا رسمَ شخصٌ ما أُصبعَه على طول خطٍ ساحليٍّ على خريطة، أو ذكرَ جمال ومهارة خطٍ في نقش بيكاسو، فكم عددُ الأشياء الَّتي تُلفت انتباهك؟ قد تسردُ الكثير، لكنْ لا يُمكنك الانتهاء، لأنَّ فكرة الإنهاء لنْ يكون لها تطبيقٌ واضحٌ. كم عددُ الوقائع والعبارات الَّتي تنقلُها الصُّورة بواسطة الفوتوغراف؟ أهي لا شيء، أم لانهاية لها، أم واقعة واحدة غير ثابتة؟ إنَّه سؤال زائف. إنَّ الصُّورة لا تُساوي ألف كلمةٍ، أو أيَّ رقمٍ آخر، فالكلماتُ هي العُملة الزَّائفة الَّتي يتم استبدالُها بصُورة.

إنَّه لا يقتصر الأمر على عدم قُدرتنا على تقديم قائمة شاملة لمَا تم حُضوره لمَّا يقودنا شيء إلى ضوء جديد، فالصُّعوبة أكثر جوهرية. إنَّ ما نُلاحظه أو نراه على العموم ليس خبريا في طبيعته. بالطَّبع، قد يكون كذلك، ولمَّا يكون كذلك، يُمكن أنْ يُذكر على حسب العادة بكلمات واضحة إلى حد ما. لكنَّ إذا أريتك البطة-الأرنب لفيتغنشتاين، وقلتُ "إنَّها بطة"، فإنَّ من حُسن حظك تراها كالبطة؛ وإذا قلتُ "إنَّها أرنب"، فأنتَ تراها كأرنب. لكنْ لا تُوجد قضية تُعبِّر عمَّا قادني لرُؤيته. ربما أدركتَ أنَّ الرسم يُمكن اعتباره كالبطة أو كالأرنب. لكنْ يُمكن للمرء أنْ يتعرف على هذا دون أنْ يرى الرَّسم على أنَّه كالبطة أو كالأرنب. فأنْ ترى مثل ما لا ترى ذلك. إنَّ الاستعارة تجعلنا نرى شيئاً على أنَّه شيء آخر من خلال تقديم بعض العبارات الحرفية الَّتي تُلهم أو تُحفز البصيرة. فنظرا لأنَّها في مُعظم الحالات ما تثيره أو تُلهمه الاستعارة ليس كلياً، أو حتى على الإطلاق اعترافا ببعض الحقيقة أو الواقعة، فإنَّ مُحاولة إعطاء التَّعبير الحرفي لمضمون الاستعارة هي مُحاولة مُضللة بكل بساطة.

إن المُنظِّر الذي يُحاول تفسير استعارة من خلال مُناشدة رسالة مَخفية، مثلُه كمثل الناَّقد الَّذي يُحاول إيصال رسالة، ويُصبح مرتبكا بشكل أساسي. لا يُمكن تقديم مثل هذا التَّفسير أو العبارة؛ لأنَّه لا تُوجد مثل هذه الرِّسالة.

إنَّه بالطَّبع، ليس هذا التَّأويل والتَّوضيح للاستعارة غير صحيح. إنَّه يحتاج إلى الكثير إلى المساعدة منا إذا أردنا أن نرى ما يُريد مُؤلف الاستعارة أنْ نراه وما يفهمه القارئ الأكثر حساسية أو الأكثر تعلما. إنَّ الوظيفة الشَّرعية لما يُسمى بإعادة الصياغة هي جعل القارئ الكسول أو الجاهل لديه رُؤية مثل رؤية النَّاقد الماهر. إنَّ النَّاقد إذا جاز التَّعبير هو في منافسة لطيفة مع صانع الاستعارة. فالنَّاقد يُحاول أنْ يجعل فنَّه أسهل أو أكثر شفافية في بعض النَّواحي من الفن الأصلي، لكنَّه في نفس الوقت يُحاول إنتاج بعض التَّأثيرات الأصلية عليه. عند القيام بذلك، فإنَّ النَّاقد أيضا، وربما بأفضل طريقة تحت أمره، يُلفت الانتباه إلى جمال أو ملائمة القوة الخفية للاستعارة في حد ذاتها.

 

فهرس الشواهد المعرفية الواردة في المقالة (المترجم)

 

- Black, Max, Models and Metaphors, Ithaca, New York, 1962

- Goodman, Nelson, Languages of Art, Indianapolis, Ind.,1968

- Henle, Paul, “Metaphor”, in Language, Thought, and Culture, ed., Paul Henle, Ann Arbor, Mich., 1958

- Empson, William, Some Versions of Pastoral, London, 1935

- Murray, Middleton J, Countries of Mind, 2nd ser., Oxford, 1931

- Bain, Alexander, English Composition and Rhetoric, enl. Ed. London, 1887

- Woody, Allen, New Yorker, 21 November, 1977

- Cohen, Ted, “Figurative Speech and Figurative Acts”, Journal of Philosophy 72, 1975

- Verbrugge, Robert R & Nancy S. McCarrel, “Metaphoric Comprehension: Studies in Reminding and Resembling”, Cognitive Psychology 9, 1977

- Brafield, Owen, “Poetic Diction and Legal Fiction”, in The Importance of Language, ed. Max Black, Englewood Cliffs, N.J., 1962

- Cavell, Stanley, Must We Mean What We Say, New York, 1969

[1] - أظن أنَّ ماكس بلاك مخطئ لما قال: «تحددُ قواعد لغتنا أنَّ بعض التعبيرات يجب اعتبارها استعارات.»، ومع ذلك، فهو يسمح بأنَّ ما تعنيه الاستعارة يعتمد على أكثر من ذلك بكثير: يعتمد على قصد المتحدث، وعلى نبرة الصوت، وعلى الاستعداد اللفظي إلخ انظر مقال "الاستعارة" ضمن كتابه نماذج واستعارات (إتاكا، نيويورك، 1962)، ص.29

[2] - يقول نيلسون غودمان إن الاستعارة والغموض يختلفان في الغالب "من حيث إن الاستعمالات العديدة للمصطلح الغامض هي استعمالات مشتركة ومستقلة"، بينما في الاستعارة يتم حمل المصطلح بتوسع محدد بالعادة في مكان آخر تحت تأثير العادة"، ويقترح أنه مع تلاشي إحساسنا بتاريخ "الاستعمالين" في الاستعارة، تصبح الكلمة الاستعارية غامضة بشكل مجرد. (كتاب "لغات الفن" إنديانابوليس، إند، 1968، ص. 71.). في الواقع، إنه في العديد من حالات الغموض ينبثق أحد الاستعمالين عن الآخر (كما يقول غودمان)، وبالتالي، فإنه لا يمكن أن يكون متزامنا معه. لكن الخطأ الأساس الذي يشترك فيه غودمان مع الآخرين يتجلى في الفكرة التي تقول إن هناك "استعمالين" متضمنين في الاستعارة في أي شيء كالطريقة التي هم فيها من الغموض.

[3] - شخصية يونانية من طروادة، وهي ابنة العراف اليوناني كالكاس Calchas، اشتهرت بحبها لترويلوس Troilus أصغر أبناء الملك بريام Priam. وهي عنوان لمسرحية كتبها شكسبير سنة 1602. (المترجم)

[4] - النظرية الموصوفة هي في جوهرها نظرية باول هنلي. وردت في مقالته "الاستعارة"، من الكتاب الجماعي الذي كان هو منسقه "اللغة، والفكر، والثقافة" (أن. أربر، ميك، 1958).

[5] - هذه إضافة مني، وهي ضرورية لفهم النَّص من خلال التمييز بين الأرضية بمعنى floor والأرض بمعنى earth. (المترجم)

[6] - جون دون John Donne (1572-1631) شاعر مدرسي إنجليزي، (المترجم)

[7] - وليام إمبسون، روايات رعوية، (لندن، 1955)، ص.133

[8] - فرانز جوزيف هايدن Franz Joseph Haydn (1732-1809)، مؤلف موسيقي نمساوي من أصول ألمانية، يعتبر الأب الروحي للسمفونية الكلاسيكية في أوروبا. (المترجم)

[9] - يقول ج. ميدلتون موراي إن الاستعارة "تشبيه مكثف"، ورد ذلك في كتابه أوطان العقل، السلسلة الثانية (أكسفورد، 1931)، ص.3. يعزو ماكس بلاك وجهة نظر المماثلة إلى ألكسندر باين، انظر العمل الجماعي: الشعر الإنجلزي والبلاغة، (لندن، 1887).

[10] - ماكس بلاك، ص.35

[11] - نيلسون غودمان، ص ص.77-78

 

[12] - ألان وودي، نيويوركر، 21 شتنبر، 1977، ص.59

[13] - تيد كوهين، "الكلام المجازي والأفعال المجازية"، مجلة يومية الفلسفة، العدد 72، (1975), ص. 671. بما أن نفي الاستعارة يبدو دائما يكون استعارة من باب الإمكان، فإنه من الممكن أن تكون تفاهات ضمن الاستعارات الإمكانية بمثل وجود العبث ضمن الاستعارات الواقعية.

[14] - يقصد هنا أوين لاتيمور Owen Lattimore (1900-1989) المستشرق والكاتب الأمريكي الذي تأثر بالفكر الماركسي. (المترجم).

[15] - المقصود هنا لعب دور مسرحي أو سينمائي، بمعنى acting.

[16] - أوديسيوس Odysseus بطل في الأساطير اليونانية، وشخصية رئيسة في ملحمة الأوديسة لهوميروس.

[17] - روبرت ر. فيربروغ ونانسي س. ماكاريلة "الفهم الاستعاري: دراسات في التذكر والتشبيه" مجلة علم النفس المعرفي، العدد 9، (1977)، ص. 499

[18] - ماكس بلاك، الصفحتان.44-45

[19] - نفس المرجع، ص. 46

[20] - أوين بارفيلد، "الإلقاء الشعري والخيال الشرعي" العمل المشترك أهمية اللغة، تنسيق: ماكس بلاك (إنجلوود كليفتز، ن. ج.، 1962)، ص. 55

[21] - ماكس بلاك، ص.41

[22] - أستعمل ترجمة أنا أرنت الجذابة للفظ اليوناني (سيميني) shmainei: إنها لا يجب أن تشير بوضوح إلى لفظ "يعني" mean الإنجليزي في السِّياق.

[23] - يذكر ستانلي كافيل حقيقة أن جل محاولات إعادة الصياغة تنتهي ب"وما إلى ذلك"، ويشير إلى ملاحظة إمبسون بأن الاستعارة "حبلى" انظر كتاب: يجب أن نعني ما نقول، نيويورك، 1969، ص. 79. لكن كافيل لا يفسر لا نهاية إعادة الصياغة كما فعلت، كما يمكن أن نتعلم من حقيقة أنه يعتقد في تمييز الاستعارة عن بعض الخطاب الحرفي ("ولكن ليس كله"). إنني أحمل خاصية اللانهاية لما نسميه إعادة صياغة الاستعارة من حقيقة أنها تحاول توضيح ما يجعلنا ندركه، وليس هناك نهاية واضحة لهذا الأمر. أود أن أقول نفس الشيء عن أي استعمال للغة.