"مدرسة شيكاغو ونشأة سوسيولوجيا التحضر والهجرة"


فئة :  قراءات في كتب

"مدرسة شيكاغو ونشأة سوسيولوجيا التحضر والهجرة"

قراءة في كتاب "مدرسة شيكاغو ونشأة سوسيولوجيا التحضر والهجرة"([1])


يتميز هذا الكتاب بأهمية خاصة، بالنظر إلى مساهمته القيمة في الانتقال الجاري في السوسيولوجيا المغربية من براديغم السوسيولوجيا القروية إلى براديغم سوسيولوجيا التحضر والهجرة. والواقع أن هذا الانتقال يعبر عن حاجة، سبق لبول باسكون، رائد السوسيولوجيا القروية نفسه، أن عبر عنها، عندما أكد أن من أبرز السوسيولوجيات التي ينبغي النهوض بها، إلى جانب السوسيولوجيا القروية، "السوسيولوجيا الحضرية"[2]، كما أن هذا الانتقال وثيق الارتباط بالتحولات التي يشهدها المجتمع المغربي خلال العقود الأخيرة:

أولا، لأن المغرب بعد أن ظل لزمن طويل بلدا قرويّا، أضحت المدن فيه اليوم مجال عيش غالبية الساكنة، والإطار الترابي لاستقرارها والمكان الذي يحتضن غالبية الأنشطة والثروات والإنتاج الوطني. حيث انتقلت نسبة التمدن من حوالي 8% في بداية القرن العشرين، إلى 60, 3% سنة 2014، ومن المتوقع أن تصل إلى 70% في أفق 2025[3].

وثانيا، لأن المجتمع المغربي الذي شكل تاريخيا بيئة مصدرة للهجرة أكثر منها مستقبلة لها، تحول خلال السنوات الأخيرة إلى أرض للجوء والاستقرار الدائم للمهاجرين، خاصة من إفريقيا جنوب الصحراء. بل إن حجم الساكنة المهاجرة ما يفتأ يتزايد، بفعل العولمة التي تسرع الدخول إلى عصر الهجرات، كما يؤكد مانويل كاستلس، مع ما يترتب عن ذلك من تحديات اجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية...إلخ. من هنا الحاجة إلى مثل هذا الإصدار، بما يمثله من طموح مشروع إلى استعادة أو لنقل تملك الخطاب العلمي حول الهجرة الذي اعتبر باستمرار خطاب مجتمعات الاستقرار، الأوروبية والغربية عموما. فإنتاج خطاب علمي، سوسيولوجي حول ظاهرة الهجرة يمثل اليوم مطلبا بالنسبة إلى الباحثين والمجتمع عموما، من أجل فهم الظاهرة وبنائها كموضوع سوسيولوجي، ثم بغاية التدخل l’intervention ثانيا.

تعود أهمية هذا الكتاب أيضا إلى أنه يتتبع نشأة وتطور مدرسة شيكاغو وأهم المقاربات والنظريات التي انبثقت عنها، والتعريف بأبرز روادها وإسهاماتهم. فكما هو معلوم، تأسست" السوسيولوجيا الحضرية" كفرع من فروع علم الاجتماع في أوائل القرن العشرين، على يد رواد هذه المدرسة التي ظل إرثها وتأثيرها حاضرين في السوسيولوجيا منذ ذلك الحين وإلى اليوم، سواء على مستوى منهجية البحث أو على مستوى المفاهيم المستعملة[4]. لكن، إضافة إلى إسهامها التأسيسي في "السوسيولوجيا الحضرية"، أفردت مدرسة شيكاغو عددا من أعمالها لمشكل سياسي واجتماعي مركزي، كان يهم آنذاك كل المدن الكبرى الأمريكية ويتجاوز مجال سوسيولوجيا المدينة: إنه مشكل الهجرة واندماج ملايين المهاجرين في المجتمع الأمريكي[5].

ومعلوم أن مدرسة شيكاغو نشأت في خضم ظروف فكرية واجتماعية خاصة جدّا، تمثلت بالأساس في احتضان مدينة شيكاغو، في نهاية القرن التاسع عشر، لجامعة رائدة في كل مجالات العلم والمعرفة، وفي حقل علم الاجتماع والأنثروبولوجيا بشكل خاص، وفي توجه رواد هذه المدرسة منذ البداية إلى البحث الميداني لرصد ودراسة مختلف التحولات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية التي تعرفها مدينة استطاعت في ظرف خمسين عاما استقطاب أزيد من ثلاثة ملايين من المهاجرين القادمين من مختلف مناطق أمريكا ومن الخارج بالخصوص. وهذا الأمر ينطبق على الجيل الأول للمدرسة (طوماس وبارك وبيرجيس ووورث وماكنزي...)، كما ينسحب على الجيل الجديد ابتداء من منتصف الخمسينيات (بيكر، كرنفينكل، وكوفمان، أ. ستراوس)[6].

كان لرواد مدرسة شيكاغو إذن شرف الانتقال بعلم الاجتماع من الهواية إلى الاحتراف، ومن حالة النظر الانطباعي للظواهر والوقائع الاجتماعية إلى حالة النظر العلمي الاستكشافي، من خلال تأسيسهم لتقليد "البحث الميداني" في هذا العلم، وتمكنهم من ابتكار وتطبيق أهم التقنيات المنهجية التي ما زلنا نستعملها إلى اليوم، وبالخصوص تلك التي تنعت بالكيفية، ولعل هذا ما جعل رواد هذه المدرسة وأتباعها يفضلون اعتبارها "تيارا ميتودولوجيا" و"مدرسة للاشتغال والعمل" أكثر مما هي "تيارا نظريا" أو "مدرسة فكرية"[7]...، حتى وإن تواطأ مؤرخو علم الاجتماع على تسميتها ب"مدرسة شيكاغو"، ورغم اشتهار رواد المدرسة بتدشين البحث النظري في مجالي التحضر والهجرة.

وإذا كانت العديد من التيارات السوسيولوجية الرائدة اليوم ما تزال تمتح من معين التراث التليد الذي خلفته مدرسة شيكاغو، مثل الاثنوميتودولوجيا، والتفاعلية الرمزية، وسوسيولوجيا الحياة اليومية، وغيرها، فإن هذا التراث السوسيولوجي الحي والفاعل، والقابل للاستثمار، يبقى غير متملك بعد بالنسبة إلينا، من هنا أهمية عمل عبد الرحمن المالكي.

دين الفكر السوسيولوجي الحضري الأوروبي

يكشف الباحث بأن "مدرسة شيكاغو"، رغم أصالتها وانبثاقها في أحضان المؤسسة الجامعية الأمريكية الفتية، فهي لم تنشأ من فراغ، لأن أعمال روادها تحيل على الفكر السوسيولوجي الحضري الأوروبي، كما تعتبر امتدادا وتجديدا له في نفس الوقت. فالمدينة كما نعرفها اليوم عرفت إقلاعها في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، في الوقت نفسه الذي تم فيه اكتشاف "الاجتماعي"، على يد أولئك العلماء، الذين هم في الآن نفسه رواد السوسيولوجيا ورواد التفكير السوسيولوجي في المدينة، حتى وإن لم يجعلوا منها بعدا محوريا في أعمالهم[8]. من هنا نفهم إقدام المالكي على تخصيص القسم الأول من مؤلفه لما اعتبره "الممهدون لمدرسة شيكاغو"، والذين حصرهم في كل من إميل دوركهايم وماكس فيبر، وجورج زيمل.

ويؤكد المالكي على أهمية تناول ظاهرة التحضر، انطلاقا من العلاقة بين البادية والمدينة، خاصة لدى هؤلاء العلماء الرواد، الذين ينطلقون غالبا، وهم يتحدثون عن المدينة أو الظاهرة الحضرية، من مقارنتها مع البادية أو الظاهرة القروية. خصوصا وأن دراسة العلاقة بين القرية والمدينة، تبرر الحديث من جهة عن الهجرة القروية، كانتقال بشري من البادية إلى المدينة بقصد الإقامة والعمل، ومن جهة أخرى عن التحضر، كعملية انخراط تدريجي في الثقافة الحضرية، وما يستدعيه هذا الانخراط من تحولات وتغيرات تطرأ على "البدوي"، وهو في طريقه ليتحول إلى "حضري"[9]..... ولعل هذا ما كان يشير إليه ابن خلدون أحيانا بتعبير التحضر وأخرى بتعبير التمدن.

ولا شك أن كارل ماركس، بما تركه من نصوص مهمة حول العلاقات التاريخية بين المدينة والقرية، مثل بداية التفكير السوسيولوجي في ظاهرة التحضر، حتى وإن لم تشكل المدينة موضوع بحث قائم الذات في أعماله. وكما أكد هنري لوفيفر، فماركس ليس عالم اجتماع حضري، وإن نشأت سوسيولوجيا حضرية رائدة من صلب الماركسية[10]، خاصة في السياق الفرنسي، مع كل من هنري لوفيفر ومانويل كاستلس، وجان لوجكين jean lojkine...إلخ. أهم ما يميز هذه السوسيولوجيا هو أنها، وبخلاف مدرسة شيكاغو التي تعتبر المدينة بمثابة "إيكولوجيا أو منظومة طبيعية"، تنظر إلى المدينة ك"نظام سياسي"، ومجال لإسقاط سياسات الدولة والرأسمال، وتسعى إلى الكشف عن الرهانات السياسية للمسألة الحضرية question urbaine.

ومثل ماركس، لم يخصص إميل دوركهايم كتابا للمدينة، حتى وإن استرعت انتباهه، عبر لحظات مختلفة من أعماله، في كتابه "تقسيم العمل الاجتماعي" أساسا، لكن أيضا في كتبه الأخرى، "الانتحار"، الأشكال الأولية للحياة الدينية"، بل وحتى في كتابه ذي الطبيعة المنهجية والابستمولوجية "قواعد المنهج في علم الاجتماع"[11]. لكن المؤكد أن تأثير اتجاهه الوضعي امتد، في نظر المالكي، ليشمل كل فروع علم الاجتماع، بما فيها علم الاجتماع الحضري[12].

وفي ضوء سعيه لتفسير عملية الانتقال من مجتمعات التضامن الآلي البسيطة إلى مجتمعات التضامن العضوي المعقدة، تعرض دوركهايم، في أطروحته" تقسيم العمل الاجتماعي"، لكيفية احتلال الإنسان للمجال، وأبرز كيف تتكدس أعداد كبيرة من الناس في المدينة، وتتحقق بالتالي كثافة مادية أكبر، كفيلة بخلق كثافة روحية مرتفعة، الشيء الذي يجعل المدينة تمثل التنظيم الاجتماعي الأرقى والأفضل والأكثر تعقيدا، بالنظر إلى ما تتيحه من تقسيم للعمل[13].

ويشير دوركهايم إلى أن هذه الكثافة الروحية، لا يمكن أن تنتج تأثيرها إلا إذا كانت المسافة الواقعية بين الأفراد نفسها مقلصة بفعل عدد وسرعة طرق المواصلات والاتصال؛ أي دون كثافة مادية. ولا يمكن للكثافة الروحية أن تزيد دون أن تزيد الكثافة المادية في نفس الوقت، ويمكن لهذه الأخيرة أن تصلح كمقياس لها. ولو أنه، من غير المهم البحث عن أيهما تحدد الأخرى، يكفي ملاحظة أنهما غير قابلين للانفصال، بل إنه من الخطأ، في نظر دروكهايم، الاعتقاد بأن التركز الروحي لمجتمع ما يتمخض بالضرورة عن التركز المادي عبر كثافة الطرق والسكك الحديدية، الخ. فهذه الأخيرة يمكن أن تخدم حركة الأعمال (العلاقات الاقتصادية المؤسسة على المصلحة الخاصة والنزعة الأنانية) أكثر منها الاندماج الروحي للساكنة[14].

وبالنسبة إلى دوركهايم، تأخذ المدينة الحديثة، باعتبارها مرآة كاشفة ومحلال analyseur للوقائع الاجتماعية[15]، وضعا مفارقا: فهي بقدر ما تبدو كتمظهر ملموس لنمط من التضامن العضوي ولطريقة من العيش المشترك، بقدر ما تمثل في الوقت نفسه، ميدانا للفردانية، حيث يتحرر الفرد من جماعات انتمائه ومرجعياته الأصلية، ويشرع في بناء علاقات جديدة مع الآخر، تعاقدية، مختارة ومفكر فيها، ومجردة من طابعها الإشراطي..

وتجدر الإشارة إلى أن تأثير دوركهايم سيكون مباشرا على تلامذته وبالخصوص على موريس هالفاكس Maurice Halbwachs، الذي غالبا ما يعتبر مؤسس البحث الحضري في السوسيولوجيا الفرنسية، بل ويعتبر إلى جانب جورج زيمل الأقرب إلى روح السوسيولوجيا الحضرية كما ستتبلور مع مدرسة شيكاغو، حيث طبق على موضوع "المدينة" التحليل المورفولوجي الدوركهايمي، الذي يقوم على الاهتمام بالطريقة التي يشغل بها الناس المجال، وبالحركات والتنقلات داخل المدينة وبشكل تجمعات الناس والمباني[16].

على عكس ماركس ودوركهايم، خصص ماكس فيبر كتابا للمدينة، يندرج ضمن إرادة طموحة لبناء نموذج مثالي للمدينة الغربية، على شاكلة النماذج المثالية الأخرى التي اشتغلت عليها (الرأسمالية، البيروقراطية...إلخ). وتناول فيبر في هذا المؤلف المدينة الغربية كجماعة communauté وكيان سياسي حديث.

وتضع السوسيولوجيا الحضرية أحيانا كتاب "المدينة " لفيبر على نفس المستوى مع البيان المؤسس لمدرسة شيكاغو، على يد روبير إزرا بارك ودراسته "المدينة، مقترحات بحث حول السلوك البشري في الوسط الحضري"، يظهر هذا الربط وهذا التشريف لفيبر، من خلال قولة لويس ويرث التي تتصدر الترجمة الامريكية لكتاب فيبر "المدينة"[17]...

والواقع أن المدينة الوسيطية في أوروبا الشمالية، التي شكلت محور تحليل فيبر، عرفت أكثر من أية مدينة أخرى، استقلالية سياسية وحرية حضرية[18]، بالنظر إلى أنها احتضنت جمعيات مواطنين نشيطين، حيث يلاحظ أن السمة الغائبة أكثر في المدن غير الأوروبية والشرقية بالخصوص هي انعدام مشاركة المواطنين في تسيير أمور مدينتهم من خلال ممثليهم المنتخبين. وتلك هي الميزة الأساسية التي تتفوق بها المدينة الغربية على باقي مدن العالم في نظر فيبر.

وتؤدي هذه الحرية الحضرية إلى استقلالية حقول جديدة من النشاط البشري، والنشاط الاقتصادي بشكل خاص. هذا الحقل، اخذ يتميز أكثر فأكثر عن الحقلين السياسي والديني.، ويتجسد ذلك في صعود قوي للبورجوازية، وفي نشأة الرأسمالية. فمهما كانت الأهمية التي يمنحها فيبر للأخلاق البروتستانية في ظهور الرأسمالية الغربية الحديثة، يبقى أن هذه الأخلاق العقلانية لا تكون لها التأثيرات التي يقرنها بها، سوى في شروط مؤسساتية محددة، تقنية واقتصادية وقانونية وسياسية، تضافرت بشكل محدد في إطار المدينة الوسيطية الغربية، وفي هذه المدينة فقط[19]..

ويبرز المالكي أنه مع جورج سيمل George Simmel، ستنتقل السوسيولوجيا من محاولة تعريف المدينة إلى تحليلها، ومن دراسة مدينة الماضي إلى دراسة مدينة الحاضر، وخاصة المدينة الكبرى مثل برلين أو باريس أو لندن...إلخ

والمفارقة الغريبة التي يكشف عنها المالكي، بالنسبة إلى سيمل، هي أنه بقدر ما انتقدته وتجاهلته الأوساط الأكاديمية السوسيولوجية التقليدية لفترة طويلة، ربما تحت تأثير انتقادات دوركهايم، بقدر ما يحتفي به الأكاديميون الجدد. والعودة إليه تزامنت مع العودة إلى مدرسة شيكاغو، وإلى نوع خاص من السوسيولوجيا كان هو نفسه من بين أهم الممهدين لها، والذي يمكن أن نطلق عليها: السوسيولوجيا الفلسفية.

يرى العديد من الكتاب أن مقالة سيمل الشهيرة "المتربول والحياة الذهنية"، باعتبارها من أهم ما كتبه في هذا الصدد، أسست لبدء الاهتمام السوسيولوجي الفعلي بالمدينة، ومارست تأثيرا واضحا في نشأة علم الاجتماع الحضري، ولا أدل على ذلك من تصدير "جوزيف إسحاق" و"ايف جريفمايير" لكتابهما الرائد في السوسيولوجيا الحضرية: "مدرسة شيكاغو"، بمقالتي سيمل "المتربول والذهنيات" و"استطرادات عن الغريب". رغم أن سيمل لا علاقة له بهذه المدرسة لا من حيث الزمان ولا من حيث المكان، فقد اعتبره المؤلفان عن جدارة أحد روادها بلا منازع[20].

شروط نشأة مدرسة شيكاغو

إن علم الاجتماع الحضري قد استطاع تحويل "المدينة" إلى موضوع سوسيولوجي مع مدرسة شيكاغو، بل إن اسم هذه المدرسة ارتبط في علم الاجتماع بالمدينة، وعرف روادها الأوائل بكتاباتهم الحضرية والمنهجية أكثر مما عرفوا بأي شيء آخر.

وبخصوص مسألة التسمية التي أثارت نقاشا مستفيضا، وصل إلى حد التشكيك في وجود المدرسة نفسه أو في المضمون الذي تأخذه.. يشير تعبير "مدرسة شيكاغو"[21] عادة إلى مجموعة من الأعمال والأبحاث السوسيولوجية المنجزة ما بين 1915 و1940، من طرف أساتذة وطلبة جامعة شيكاغو.. ولا يتعلق الأمر دائما بتيار فكري متجانس، يعتمد مقاربة نظرية مشتركة، لكن مع ذلك تتميز مدرسة شيكاغو بمجموعة من المميزات تمنحها نوعا من الوحدة ومكانة خاصة ومميزة في حقل السوسيولوجيا الأمريكية. ولو أنه بالنسبة إلى مارتان بالمر Martin Bulmer في مؤلفه حول "مدرسة شيكاغو السوسيولوجية "[22]، مدرسة شيكاغو، بوصفها تنظيما صوريا ومدرسة فكرية متجانسة، لم توجد أبدا...ويمكن القول إن مدرسة شيكاغو قد ترسخت بهذا الاسم حتى عند المجادلين في حقيقة وجودها أو في حقيقة توفر الوحدة والانسجام بين الأعمال والأسماء الممثلة لها[23]...

وكما يؤكد هاورد بيكر، أحد أبرز من يشكل الامتداد المنهجي لهذه المدرسة من علماء الاجتماع المعاصرين..."فإن مدرسة شيكاغو لم تكن أبدا مدرسة فكرية" موحدة، وإنما بالأحرى مجالا لتقاسم الأفكار بين باحثين من مختلف الأجيال... ولويس وورث نفسه الذي يعد أحد ممثلي هذه المدرسة، لا ينفي في نظر بيكر، الاختلافات الكبرى في طرائق البحث القائمة بين أساتذة قسم علم الاجتماع بجامعة شيكاغو[24].

ومدرسة شيكاغو هي سوسيولوجيا حضرية، أنجزت سلسلة من الدراسات حول المشاكل التي كانت تواجهها مدينة شيكاغو. لكنها كرست على الخصوص عددا من أعمالها لمشكل سياسي واجتماعي مركزي، كان يهم آنئذ كل المدن الكبرى الامريكية ويتجاوز مجال سوسيولوجيا المدينة: إنه مشكل الهجرة واندماج ملايين المهاجرين في المجتمع الامريكي. فمدينة شيكاغو عرفت خلال بداية القرن العشرين، تغيرات كمية وكيفية مهمة، أضحت موضوعا للتحليل، فشكلت بالتالي "مختبرا اجتماعيا" لعلماء اجتماع المدرسة.

فقد شهدت المدينة هجرة قوية، أفضت إلى اختلاط سكاني، سيؤثر بقوة في نمط الحياة. وقد تشكلت ساكنة المدينة من مجموعات إثنية متنوعة (بولونيون، تشيك، ايطاليون) ومتمايزة جدا على مستوى العادات واللغة عن الايرلنديين والألمان والإسكندنافيين الذين وصلوا للمدينة في القرن 19.وتحولت أحياء المدينة التي احتضنت تلك الفسيفساء الإثنية إلى غيتوهات غير قابلة للولوج نسبيا، تعطي الانطباع باختلال اجتماعي كبير وتفترض مبادرات تخليقية..

وعلى العموم، تناول علماء الاجتماع الستة الأساسيين في مدرسة شيكاغو، من خلال مدينة شيكاغو، مسألة التوافق consensus في أمريكا القرن 20، سواء اتخذ شكل نظام أخلاقي عند سمول Small، (مؤسس المدرسة إلى جانب هاربر Harper) أو تفكيك وإعادة تنظيم عند W. I. Thomas, أو ضبط اجتماعي عند باركPark (أحد أبرز ممثلي الجيل الثاني من المدرسة) أو توافق عند ويرد L. Wirth)) أو تكيف مع التغير عند أغبورن W. Ogburn أو مسؤولية جماعية عند جانوفيتز M. Janowitz (الذي ظل يدرس بجامعة شيكاغو، على الأقل إلى نهاية الثمانينيات)[25].

وساعدت عدة عوامل على نشأة مدرسة شيكاغو. فعلاوة على العامل الإبستيمولوجي -المعرفي المتمثل في لأسس والمنطلقات الفكرية والفلسفية والمنهجية التي قام عليها هذا التقليد السوسيولوجي.. (ص65)، بفضل استثمار التراث السوسيولوجي الأوروبي (الفرنسي والألماني والإنجليزي) والفكر الفلسفي السائد في أمريكا كالفلسفة البراغماتية (جون ديوي ووليام جيمس) وتيار التفاعلية الرمزية مع جورج هربرت ميد، إضافة إلى التحقيقات الاجتماعية التي ستلعب دورا رئيسيا في التمهيد للبحث السوسيولوجي الميداني هناك العامل المؤسساتي، المرتبط بتوفر الشروط الأكاديمية لإنتاج ونقل المعرفة العلمية في حقل السوسيولوجيا الحضرية الناشئ، خصوصا تأسيس شعبة علم الاجتماع والأنثروبولوجيا بجامعة شيكاغو وقسم للدراسات العليا، وتأسيس مجلة متخصصة...إلخ، وهناك أخيرا العامل السوسيو-اقتصادي، الذي يحيل على الطلب الاجتماعي، النابع مع واقع المجتمع الأمريكي وواقع حواضره بالخصوص وما عرفته من تحولات اجتماعية هائلة في بداية القرن العشرين.

وبحكم أن مدرسة شيكاغو تتميز إلى جانب تخصصها الحضري باختيار منهجي خاص، ينتصر للبحث الإمبريقي الكيفي، أفرد المالكي جانبا من القسم الثاني لاهتمام رواد هذه المدرسة بالمسألة المنهجية، التي تبلورت وتطورت في خضم الممارسة البحثية والانشغال بدراسة مختلف الظواهر والتحولات الاجتماعية التي عرفتها مدينة شيكاغو، وخاصة ظاهرتا الهجرة والتحضر [26]. وتتميز المنهجية المعتمدة من طرف رواد مدرسة شيكاغو وتلامذتهم، بالانطلاق من وجهة نظر الفاعل الاجتماعي، ومن دراسة أفعال وممارسات الأفراد، ودراسة علاقاتهم بالواقع المحيط بهم، ومحاولة فهم المعنى أو المعاني التي يعطونها لهذا الواقع. ومن أجل ترجمة هذا التصور على أرض الواقع، تمت الاستعانة بتقنيات خاصة، تندرج ضمن ما سيجمعه الدارسون تحت تسمية "المنهج السوسيولوجي الكيفي" التي ستصبح متداولة فيما بعد. ويتضمن هذا المنهج تقنيات: "استغلال الوثائق الشخصية" و"السير الذاتية" و"المراسلات الخاصة" و"مذكرات وحكايا الحياة"، وهناك من جهة أخرى، تقنيات "راسة الحالة" التي تعتمد "الملاحظة المشاركة" و"الملاحظة المباشرة" و"المقابلة" و"الشهادة" Témoignage[27].

وينبهنا المالكي إلى أن رواد مدرسة شيكاغو لم يهملوا المناهج الكمية في أبحاثهم، ولم يعتبروها غير صالحة، بل لقد أعطوها كل ما تستحق من عناية...بل يمكن القول إنهم إضافة إلى كونهم ابتكروا واستعملوا المناهج الكيفية، أكدوا بشكل رائد على عدم وجود أي تناقض بينها وبين المناهج الكمية، بل على أن الجمع بين المناهج الكيفية والكمية يمكن أن يكون أكثر غنى ومردودية[28].

في التأسيس لسوسيولوجيا التحضر والهجرة

وبفعل صعوبة التطرق لكل رواد وآراء واتجاهات وامتدادات مدرسة شيكاغو، اقتصر المالكي، في القسم الثالث من الكتاب، على إسهامات ثلاثة من روادها الكبار، وهم: وليام طوماس، وروبرت بارك، ثم لويس وورث، كان لآرائهم واجتهاداتهم دور كبير في ظهور وتطور الحقل العلمي الذي تدخل في إطاره هذه الدراسة والموسوم ب "سوسيولوجيا التحضر والهجرة". من هنا العنوان الفرعي للكتاب: نشأة سوسيولوجيا التحضر والهجرة، الذي يندرج بدوره ضمن سياق دراسة في سوسيولوجيا التحضر والهجرة في المغرب حاول من خلالها الباحث تتبع ظاهرة التحضر أو لقل "التضخم الحضري" التي يعرفه المغرب المعاصر وإبراز دور الهجرة القروية فيه[29].

وحرص المالكي على استعراض مضامين مفاهيم وليام طوماس وزنانيكي، خصوصا في عملهما المرجعي "الفلاح البولوني..."، ومرتكزاتها النظرية والوشائج القائمة بينها وتداعياتها المنهجية وامتداداتها لدى الباحثين اللاحقين في مدرسة شيكاغو، ولدى باقي علماء الاجتماع عموما، خاصة مفاهيم "المواقف الفردية" و"القيم الاجتماعية" و"تعريف الوضعية" و"إعادة التنظيم" "سوء التنظيم الاجتماعي"..

وأكد الباحث من خلال هذا التناول على أهمية مساهمة وليام طوماس وزنانيكي في تأسيس البحث السوسيولوجي الميداني، من وجهة نظر تفاعلية رمزية، وخلال هذا التأسيس إرساء مرتكزات "سوسيولوجيا الهجرة والتحضر"، وإبداع أهم المفاهيم المساعدة على دراستها[30]..

كما استعرض المالكي مضمون مقاربة بارك الايكولوجية لظاهرة التحضر في علاقتها بالهجرة، وكشف عن تفاصيل البرنامج الفكري الذي اقترحه في هذا الشأن، والذي فتح آفاق جديدة وواعدة أمام للبحث السوسيولوجي. وأبرز المالكي العدة المفاهيمية، التي أبدعها بارك في خضم دراسته لظاهرة التحضر والهجرة الإنسانية، والتي تندرج ضمن إطار النموذج الإيكولوجي المستوحى من العلوم الطبيعية، ومن الإيكولوجيا النباتية تحديدا، ومن التصور السوسيولوجي والفلسفي لأستاذه جورج زيمل[31].

وانطلاقا من العدة النظرية الايكولوجية، التي تشمل مفاهيم "الاستخلاف succession" و"التوازن" و"التنافس"، و"الصراع"، و"التأقلم"، و"الاستيعاب"....إلخ، اعتبر بارك أن بنية المدينة تمتد بجذورها في الطبيعة الإنسانية، حيث إنها، تتكون وتنمو بشكل لم يخطط له ولا يمكن السيطرة عليه. ولاشك أن هذا التصور يلتقي، في نظر المالكي، مع "النظرة الاجتماعية" ذات النزعة الطبيعية، والتي تفترض وجود قوى اجتماعية تشتغل بمعزل عن الإرادات الفردية[32].

ولعل أهم ما يميز سوسيولوجيا الهجرات في مشروع بارك، وفي مدرسة شيكاغو عموما، هو أنها تنظر للهجرة والمهاجر من منظورين اثنين: منظور يعتبر المهاجر الفرد الأكثر نشاطا وإنتاجية وأداة لنقل الثقافة وتقدم الحضارات. ومنظور مضاد يعتبر المهاجر نفسه أداة مساعدة على ظهور وانتشار سوء التنظيم الاجتماعي، كما يتمظهر في الفقر والإجرام والفساد الأخلاقي[33]..

ويشير المالكي إلى أن مساهمة لويس وورث "التحضر كنمط عيش"، تعتبر بشهادة ألمع السوسيولوجيين الحضريين، أهم مجهود نظري وأنجح عمل تركيبي أنجز في ميدان السوسيولوجيا الحضرية. فهو يبرز بالملموس طبيعة العلاقة القائمة بين إسهامات أقطاب مدرسة شيكاغو. والأهم أنه، بقدر ما يمثل استمرارية للعمل التأسيسي للرواد الأوائل، خاصة عمل بارك، بقدر ما ينزاح عنه، ويؤكد رغبته في التميز عنه، سواء من خلال عدم الإحالة على الأيكولوجيا الحيوانية أو النباتية أو من خلال الأهمية المحدودة التي يوليها للمظاهر الإيكالوجية للمدينة....مقابل تأكيده أكثر على المقاربة الثقافية للظاهرة الحضرية[34]..

ويستكمل المالكي عرضه لأهم الإسهامات العلمية لرواد مدرسة شيكاغو في سوسيولوجيا التحضر والهجرة في القسم الرابع والأخير من الكتاب، من خلال ترجمة وتقديم عينة مختارة من نصوص رواد المدرسة الذين اقتصر عليهم، في القسم السابق.

نصوص من التراث السوسيولوجي لمدرسة شيكاغو

إن الاشتغال على النصوص الأساسية في التراث السوسيولوجي، تفسيرا وفهما وتأويلا، كما يؤكد ريمون بودون، أداة ضرورية لتكوين علماء الاجتماع[35]. من هنا نفهم حرص الباحث عبد الرحمن المالكي، على ترجمة ثلاثة نصوص من التراث السوسيولوجي لمدرسة شيكاغو، هي كما ألمح إيف غرافماير، تتناول الظواهر الحضرية من منظور مختلف[36]. يتعلق الأمر بنص وليام إسحاق طوماس (تعريف الوضعية)، ونص روبرت ازرا بارك (المدينة كمختبر اجتماعي) ونص لويس وورث (التحضر كنمط عيش).

وتعود أهمية ترجمة نص "تعريف الوضعية" définition de situation، لوليم إسحاق طوماس إلى أنه مساهمة إبستمولوجية لحل إحدى القضايا المنهجية التي كانت تثار بين علماء الاجتماع آنذاك، والتي كانت تتعلق بالتساؤل حول مدى "علمية" الاعتماد على التصريحات الشخصية التي يتم تجميعها في مقابلات الأبحاث الميدانية. فمن خلال هذه المساهمة أثبت طوماس مشروعية وعلمية الاعتماد على الوثائق الذاتية للمبحوثين في السوسيولوجيا (رسائل شخصية، مذكرات حميمية، سير ذاتية...)، من منطلق أن "تعريف الوضعية" هو الذي يوجه الفاعلين الاجتماعيين في ممارساتهم وأفعالهم، وذلك بغض النظر عن صحته أو خطئه[37]..

وترجع أهمية نص "المدينة كمختبر اجتماعي" لروبير إزرا بارك، في السوسيولوجيا الحضرية، إلى أنه غالبا ما يأخذ إلى جانب نص "المدينة، مقترحات بحث حول السلوك البشري في الوسط الحضري"، والذي يعتبر بمثابة البيان المؤسس لمدرسة شيكاغو، قيمة مماثلة كتاب "المدينة" لفيبر، يظهر هذا الربط وهذا التشريف لروبرت بارك، في معرض تحليل لويس ويرث لظاهرة "التحضر كنمط عيش"، وفي ثنايا قولة وورث ذاتها، التي تتصدر الترجمة الامريكية لكتاب فيبر "المدينة"[38]...

وبالمثل، تعود أهمية مقال "التحضر كنمط عيش" للويس ويرث إلى أنه يمثل، كما يقول فرنسوا أباليا F. Aballéa، "تركيبا أو بالخصوص عملية نسقية تختزل كل المجهود الذي قامت به مدرسة شيكاغو" على مستوى رسم معالم الحقل العلمي "للسوسيولوجيا الحضرية". فهذا النص يعد أحد أشهر المقالات التي كتبت في العلوم الاجتماعية، إذ يحظى بأهمية قصوى في تاريخ سوسيولوجيا الحضرية، منذ نشره سنة 1938، حيث لا نعثر على أي تحليل سوسيولوجي للظاهرة الحضرية لا يرجع له[39]..

من شيكاغو إلى فاس

إن أهمية هذا الكتاب الذي يعرض لدراسات وأبحاث رواد مدرسة شيكاغو، لا تعود فقط إلى مساهمة هذه المدرسة الوازنة في إرساء سوسيولوجيا التحضر والهجرة، بفضل ما أنتجته من تراث نظري ومن تقنيات وأدوات منهجية، بل تعود كذلك إلى مساهمتها ضمنيا في التأسيس لعدد من فروع السوسيولوجيا الحديثة (سوسيولوجيات العائلة والجريمة والمشاكل الاجتماعية والتغير الاجتماعي، السياسة...إلخ)[40].

وتظل الإشكاليتان المركزيتان اللتان شغلتا رواد هذه المدرسة، كما يوضح المالكي، هما الهجرة والاندماج من جهة، ثم العلاقة بين الثقافة والمجال الحضري من جهة أخرى. وهما الإشكاليتان اللتان حاول الباحث اختصارهما في هذه الدراسة في مفهوم "التحضر"، على اعتبار أن هذا المفهوم يتضمن بعدين أساسيين: بعد ديموغرافي/مجالي (انتقال الأفراد من البادية إلى المدينة)، ثم بعد سوسيولوجي/ثقافي (مسألة الاندماج، واكتساب الثقافة الحضرية). وذلك ما لا يمكن اختباره، في نظر المالكي، إلا بالانتقال من مجال البحث السوسيولوجي النظري إلى مجال البحث الميداني التجريبي لتتبع واختبار إشكالية "التحضر والهجرة" وسيرورة "التنشئة الحضرية" في زمان ومكان مغايرين[41]. ولعل ذلك ما حاول الباحث أن يخصص له عملا مستقلا، اتخذ فيه مدينة فاس مختبره الاجتماعي الخاص من أجل معالجة إشكاليته والتحقق من فرضياته[42]...

[1] عبد الرحمن المالكي، مدرسة شيكاغو ونشأة سوسيولوجيا التحضر والهجرة، افريقيا الشرق، الدار البيضاء 2016

[2] Paul Pascon, Entretien avec Tahar Benjelloun, in BESM, N 155-156 (30 Ans de sociologie du Maroc), 1986, p51

[3] كما تضاعفت ساكنة المغرب الحضرية بـ 40 مرة في ظرف قرن من الزمن، منتقلة من حوالي 440 ألف نسمة سنة 1900، موزعة على 30 مدينة، إلى أكثر من 18 مليون نسمة سنة 2010، موزعة على أكثر من 350 مدينة ومركز حضري... للمزيد انظر:

Publication du Ministère de l’habitat de l’Urbanisme et de la politique de la ville, Projet de référentiel national de la politique de la ville, juin 2012

[4] عبد الرحمن المالكي، مدرسة شيكاغو ..، نفس المرجع. ص 6

[5] Alain coulon, L’école de chicago, éd Puf, (Que sais –je ?), 2e édition, 1994. p, 3

[6] عبد الرحمن المالكي، مدرسة شيكاغو ..، نفس المرجع.. ص 9

[7] نفس المرجع.. ص 6

[8] Jean –Marc Stébé et Hervé Marchal, sociologie urbaine, éd Armand Colin, Paris, 2010. p11

[9] عبد الرحمن المالكي، مدرسة شيكاغو ..، نفس المرجع.. ص 14

[10] Jean –Marc Stébé et Hervé Marchal, sociologie urbaine, éd Armand Colin, Paris, 2010. p13

[11] Jean –Marc Stébé et Hervé Marchal, sociologie urbaine, éd Armand Colin, Paris, 2010

[12] عبد الرحمن المالكي، مدرسة شيكاغو ..، نفس المرجع.. ص 15

[13] نفس المرجع.. ص 16

[14] Jean –Marc Stébé et Hervé Marchal, sociologie urbaine, éd Armand Colin, Paris, 2010. p32

[15] Jean –Marc Stébé et Hervé Marchal, sociologie urbaine, éd Armand Colin, Paris, 2010

[16] Vincent Kaufman et autres, Théories, Ouvrage collectif, Traité sur la ville, sous la direction de Jean-Marc Stébé et Hervé Marchal, éd Puf, 2009. p625

[17] Hinnerk Bruhns, Ville et campagne, quel lien avec le projet sociologique de Max Weber, In Sociétés Contemporaines, N 49-50, 2003, p13-37

[18] Jean –Marc Stébé et Hervé Marchal, sociologie urbaine, éd Armand Colin, Paris, 2010.p32

[19] Catherine Colliot-Thélène, La sociologie de Max Weber, Paris, La Découverte, coll. «Repères Sociologie», 2014

[20] عبد الرحمن المالكي، مدرسة شيكاغو ..، نفس المرجع... ص ص 42-43

[21] Alain coulan, L’école de chicago, éd Puf, (Que sais –je ?), 2e édition, 1994. p, 3

[22] تعد هذه الدراسة من أكثر الأعمال توثيقا حول السياق المؤسساتي التي ظهرت فيه سوسيولوجيا شيكاغو، وهي تغطي الفترة ما بين 1915 و1935، وهي تستهدف مراجعة التأويلات السائدة حول مدرسة شيكاغو. انظر:

Breslau Daniel. L'Ecole de Chicago existe-t-elle?. In: Actes de la recherche en sciences sociales. Vol. 74, septembre 1988.Recherches sur la recherche. pp. 64-65

[23] عبد الرحمن المالكي، مدرسة شيكاغو ..، نفس المرجع.. ص 57

[24] نفس المرجع... ص ص 61-62

[25] Breslau Daniel. L'Ecole de Chicago existe-t-elle?. In: Actes de la recherche en sciences sociales. Vol. 74, septembre 1988.Recherches sur la recherche. pp. 64-65

[26] عبد الرحمن المالكي، مدرسة شيكاغو ..، نفس المرجع.. ص 93

[27] نفس المرجع.. ص ص 87-88

[28] نفس المرجع.. ص ص 88-89.

[29] عبد الرحمن المالكي، الثقافة والمجال، دراسة في سوسيولوجيا التحضر والهجرة في المغرب، منشورات مختبر سوسيولوجيا التنمية الاجتماعية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز، 2015. ص 6

[30] عبد الرحمن المالكي، مدرسة شيكاغو ..، نفس المرجع... ص ص 113-114

[31] نفس المرجع.. ص 140

[32] نفس المرجع. ص 144.

[33] نفس المرجع. ص ص 52-53

[34] نفس المرجع. ص ص 152-153

[35] Raymond Boudon, y-a-t-il encore une sociologie?, éd odile jacob, 2003, p233

[36] Ouvrage collectif, L’Ecole de Chicago: Naissance de l’écologie urbaine, éd du champ Urbain, 1979. p1

[37] نفس المرجع. ص ص 104-105

[38] Hinnerk Bruhns, Ville et campagne, quel lien avec le projet sociologique de Max Weber, In Sociétés Contemporaines, N 49-50, 2003, p13-37

[39] عبد الرحمن المالكي، مدرسة شيكاغو ..، نفس المرجع. ص 152

[40] نفس المرجع. ص 167

[41] نفس المرجع. ص 168

[42] عبد الرحمن المالكي، الثقافة والمجال....، نفس المرجع.