مسلمة المجريطي وإسهاماته العلمية


فئة :  مقالات

مسلمة المجريطي وإسهاماته العلمية

مسلمة المجريطي وإسهاماته العلمية

محمد عنبري

كانت بدايات الحضارة الإسلامية في الأندلس مقرونة ومتأثرةً بالحالة العلمية، وقد انتقلت العقلية الأندلسية نحو النزوع الفكري والتجريب العلمي في سبيل إدراك الحقائق، بعدما كانت رهينة الطور الماورائي، وقد برزت هذه النقلة في العلوم البحتة كالفلك والحساب والعمران، وقد أخذ علم الفلك القائم على الحساب والمشاهدة والتجربة الدقيقة واقترانه بالأرقام يبتعد عن أفكار التنجيم القائم على التزييف والتوهّم، فبرع في مجال الفلك عدد لا يحصى من العلماء على رأسهم مسلمة المجريطي. وتعد المدرسة المجريطية من أهم المدارس التي عرفتها الأندلس في القرن الرابع الهجري، وقد أنجب المجريطي عددًا من التلاميذ الذين نهجوا مساره العلمي، وبرعوا في مجالات علمية كالفلك والحساب والطب والكيمياء والتنجيم...، فنبغ منهم أبو السمح الغرناطي، وابن الصفار، والكرماني، والخوارزمي، وفاطمة المجريطية، والزهراوي... وغيرهم، والكثير من الأسماء التي حلقت في سماء العلوم عاليا، وبفضلهم حققت الأندلس نهضتها العلمية، فأصبحت منارة ومركزا حضاريا مشعّا مازالت المخطوطات والكتب التي تتناول تلك الفترة مادة دسمة للباحثين والمؤرخين المهتمين بتاريخ العلوم في شبه الجزيرة الإيبيرية.

السياق العام

كان القرن العاشر الميلادي الرابع الهجري منطلق النهضة العلمية العربية في الأندلس، وقبل هذا التاريخ عرف الأندلسيون الحساب الذي تم حصره فقط في المعاملات والعمليات المتعلقة بالإرث، وكانت بعض العلوم الرياضية والفلسفية تلقى المنع والتحريم من طرف الفقهاء، وكل من عُرِف اشتغاله بهذه العلوم إلا وعرّض حريته وحياته للخطر، يقول ريبيرا[1] في هذا الصدد: (... فأساليب المنع والتحريم التي كانت تصل إلى الاضطهاد والقسوة وقد عبرت بهذا العلم –الفلك- في الأندلس فترات لم يكن يسمح للناس خلالها بأن يعرفوا منه إلا ما لابد منه لتحديد اتجاه القبلة وتعيين مواقيت الليل والنهار على مدار العام، لتعرف أوقات الصلوات... فإذا تجاوز الإنسان هذه المطالب من هذا العلم، فقد غرر بنفسه... وأما الفلك، فقد كان محرما مع أنه أقرب إلى العلم والعقل)[2]. لهذا السبب كان من النادر أن نجد من يهتم بالفلسفة والرياضيات والفلك في الفترات الأولى لتأسيس العلوم على أرض الأندلس، والسبب ليس دينيا محضا، بل سياسي أيضا، ودليلنا أن الفلسفة في عهد الدولة الأموية في الأندلس كان الاقبال عليها ضعيفًا من طرف طلبة العلم؛ لأن الفقهاء كانوا يرمون من يشتغل بها بالزندقة. وقد دفع الخليفة عبد الرحمن الناصر لدين الله (277-350هـ/891-961م) لملاحقة أتباع ابن مسرة للقضاء على مذهبه، لكن مع الخليفةَ الحكم المستنصر -الَحَكَم الثاني- (350-366هـ/961-976م) تغير الحال، على اعتبار أنه كان شغوفا باقتناء الكتب الفلسفية، يقول صاعد الأندلسي: (لما مضى صدر من المئة الرابعة انتدب الأمير الحكم المستنصر بالله إلى العناية بالعلوم واستجلب من بغداد ومصر وغيرهما من ديار المشرق عيون التواليف الجليلة والمصنفات الغريبة في العلوم القديمة والحديثة وجمع منها ما كان يضاهي ما جمعته ملوك بني العباس في الأزمان الطويلة...)[3]. وبعد وفاة المستنصر بالله تولى ابنه هشام المؤيد بالله الحُكم، وسيفرض عليه الحاجب المنصور نوعا من الوصاية لصغر سنه، ليستخرج تلك الكتب ويحرقها ويتلف البعض الآخر بغية كسب تقدير الفقهاء والعامة من المتدينين، وستكون هذه المحنة فرصة لهجرة الكثير من العلماء بسبب هذا التضييق. أما البعض الآخر، فسيكتم ما يعرفه من هذه العلوم مخافة الزج به في السجن أو نفيه أو حتى قتله، هكذا إذن كانت الصورة بشكل عام، وهكذا كان حظ الفلسفة وبعض العلوم من التعرض لبعض المحن، وهي سمة واكبت الفلاسفة والعلماء على مر التاريخ.

دام حكم المستنصر بالله زهاء ست عشرة سنة، ومن نتائج حكمه أن برزت سياسة التسامح ورعاية الثقافة، فظهرت المدارس واجتمع المشتغلون بكل علم من العلوم، وكان الحَكم شغوفا بذلك، بل جمع في القصر مكتبة عظيمة، فأباح لأهل الرياضيات والفلك تعاطي فنونهم بحرية وتدريسها لجمهور الناس، لتظهر إلى الوجود أعظم مدرسة في ذلك الزمان للرياضي الفلكي أبو القاسم مسلمة بن أحمد المجريطي[4]، وتكون هذه الفترة النواة الأولى للنهضة العلمية والإشعاعية للأندلس.

المجريطي المختلف عليه

يعدّ أبو القاسم مسلمة بن أحمد بن قاسم بن عبد الله المجريطي (339-398هـ/950-1007م) المولود بمجريط - مدريد حاليا- أبرز شخصية إسلامية علمية عرفتها الأندلس خلال القرن الرابع الهجري. عاش المجريطي إبان حكم الحَكم الثاني أو بما يعرف بالمستنصر بالله[5]، أتقن العلوم النقلية، ورحل إلى الشرق ليدرس العلوم كالرياضيات والكيمياء...، فعاد إلى الأندلس، ليؤسس مدرسته ويصبح أعلم أهل زمانه في علم الفلك وعلوم الرياضيات[6].

وقد ورد اسم المجريطي بأشكال مختلفة في المصادر والمراجع، فأحيانا يذكره المصدر أو المرجع الواحد بأكثر من شكل في الكتاب ذاته، كما فعل حاجي خليفة في كتابه "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون"، ومن تسمياته المجريطي أو المحريطي، وقد ميز المؤرخ التركي (فؤاد سزكين) بين المجريطي الرياضي والفلكي؛ أي أبو القاسم مسلمة بن أحمد المجريطي، وبين المجريطي الكيميائي والمنجم أبو مسلمة محمد بن إبراهيم بن عبد الدائم المجريطي الذي لم تشر إليه كتب التراجم، ولا نعرف عنه شيئا على الإطلاق[7].

وقد اختلف المؤرخون حول تاريخ وفاة مسلمة بن أحمد، وأشاروا إلى ثلاثة تواريخ هي: - التاريخ الأول: سنة (353هـ/ 964م)، وهذا التاريخ لا يمكن القبول به؛ لأن المجريطي رصد النجم "قلب الأسد" عام 979 م، وغيرها من الشواهد التي تؤكد بأنه كان حيا بعد سنة 964 م.[8]

- التاريخ الثاني: سنة (395 هـ/ 1004 - 1005 م). وقد تكرر عند الكثيرين منهم: ابن بشكوال في "الصلة"، وحاجي خليفة في "كشف الظنون"، وتبعه البغدادي في "هدية العارفين"، وقد رجح بروكلمان في "تاريخ الأدب العربي" أن تاريخ وفاته بين السنتين (395-398هـ). ونلاحظ أنه لا يمكن القبول بهذا التاريخ أيضا؛ لأن معظم المصادر تشير إلى وفاة مسلمة قبيل فتنة الأندلس[9] التي حدثت في عام (399هـ).

- التاريخ الثالث: سنة (398هـ/1007م)، حيث أشارت إليه معظم المصادر والمراجع اعتمادا على أمهات الكتب، ومن ثم نستنتج أن مسلمة بن أحمد ولد في سنة (338هـ/ 950م) وتوفي سنة (398 هـ/1007) م.[10]

الرحلة إلى المشرق

كان لرحلة المجريطي إلى الشرق أثرها الإيجابي في بعث مجموعة من العلوم وتطويرها، وقد أكسبته هذه الرحلة أيضا قدرا لابأس به من العلوم والمعارف من علماء المشرق، وتذكر بعض المصادر أن المجريطي تتلمذ على يد أبي أيوب عبد الغفار بن محمد[11] هذا الرجل كان ماهرا بعلم الهندسة، وله تأليف حسن في الفرائض، ثم أبي بكر بن عيسى، وكان له هو الآخر اهتمام بعلوم العدد والهندسة والنجوم[12].

ويعد اتصال المجريطي بعلماء المشرق العرب والمسلمين فرصة للتداول معهم فيما توصَّل إليه من أبحاثه في الرياضيات وعلم الفلك، لكن من المهم أن نسجل بشكل دقيق أننا لا نعرف تاريخ رحلته إلى المشرق ولا تفاصيل المعرفة التي حصلها قبل رحلته ولا وجهته بشكل دقيق في المشرق ولا أي نوع من الشيوخ صادف والتقى ودرس عليهم الفلسفة والفلك والرياضيات والكمياء.[13]

إسهاماته العلمية

عاش المجريطي في عصر اتسم بالتنوع الكمي والنوعي للعلوم، فظهر إلى جانبه مجموعة من العلماء في شتى التخصصات مثل: ابن أميل التميمي الذي برع هو الآخر في الكيمياء، ثم أبو الأعلى الزهر الاشبيلي صاحب كتاب "التذكرة"، والطبيب الجراح الزهراوي الأندلسي، وابن جلجل صاحب كتاب "الطبقات"، كما سادت حركة الترجمة والنقل عموم المناطق الأندلسية، وهي بلا شك عامل مساعد في تعميم وتطوير وبعث للعلوم في شتى التخصصات.

احتاج الأندلسيون الرياضيات والفلك، فالرياضيات يتضمن الحساب والهندسة، وتكمن أهمية الحساب في ميدان الفرائض والضرائب والمعاملات بصفة عامة. أما الهندسة، فلا غنى عنها في ميادين البناء والري، ويكون الفلك أحد العلوم المرتبطة بالرياضيات فكان نافذة لكل من أراد معرفة مواقيت الصلاة والفصول ...، وبالتالي نحن أمام علمين لا يقل أحدهما أهمية عن الآخر.

تحكي بعض المصادر أن من بين الأوائل الذين برزوا في علمي الفلك والرياضيات في الأندلس أبو أيوب عبد الغافر بن محمد، وأبو غالب حباب بن عبادة الفرائضي، وعبد الله بن محمد المعروف بالسري، وأبو بكر بن أبي عيسى، وعبد الرحمان ابن إسماعيل المعروف بالإقليدي، ثم أبو القاسم مسلمة بن أحمد المجريطي...[14]، ولا جرم أن نجد بعضا من هؤلاء العلماء فلكيون ورياضيون في الوقت نفسه.

لقد برع المجريطي في علوم الرياضيات والفلك والطب والكيمياء...، ويشير ابن خلدون صاحب المقدمة إلى أن المجريطي كان بارعا في علوم السحر، بل وصفه بالإمام الذي لم يكتب أحد بعده في هذا الفن[15]، كما تشير بعض المصادر إلى أنه أدخل رسائل إخوان الصفا إلى الأندلس[16].

لكن بالقليل من التأمل، نجد أن المصادر التراثية لم تقدم عن المجريطي سوى إشارات عابرة ذكرها مثلا: ابن بشكوال في كتابه "الصلة"، ونعلم أن أبا القاسم أسس مدرسة فكرية عريقة في الأندلس، وأنجبت تلك المدرسة مجموعة من العلماء المشهورين، وتركت مؤلفاتهم تأثيرا واضحا على علوم عصرهم.

كان المجريطي إمام الرياضيين في الأندلس في وقته، وأعلم بمن كان قبله بعلم الأفلاك على حد تعبير صاعد الأندلسي، وكانت له عناية بأرصاد الكواكب وشغف بتفهم كتاب بطليموس المعروف "بالمجسطي"، وقد نشرت ترجمته اللاتينية في بازل (سويسرا) سنة 1536م بعنوان: "سرعة أفلاك السماء ونجومها وطبيعتها وحركتها"[17]. وله كتاب حسن "في تمام علم العدد" المعروف عندنا بالمعاملات، وكتاب اختصر فيه تعديل الكواكب من زيج البتاني، وعني بزيج محمد بن موسى الخوارزمي[18]، وقد صرف تاريخه الفارسي إلى التاريخ العربي، ووضع أوساط الكواكب فيه لأول تاريخ الهجرة وزاد فيه جداول حسنة[19].

ويعّد كتاب "تحرير زيج الخوارزمي" لمسلمة أول كتاب نقل إلى الغرب اللاتيني بكامله، وهو من المصادر الرئيسة في تلقين المعرفة للفلكيين اللاتينيين. ويعزو المؤرخون السبب الرئيس للمكانة العلمية المتميزة للمجريطي إلى تعديله لجداول الخوارزمي، يقول المؤرخان الغربيان فيرنيه (Vernet) وسامسو (Samso): (ومكانة المجريطي العلمية المميزة تعود بشكل خاص إلى تعديله لجداول الخوارزمي وتكييفها، حيث أصبح يشار إليها غالبا بزيج الخوارزمي- مسلمة، وإننا نعرف هذا التكييف بفضل الترجمة اللاتينية التي قام بها أدلار دوباثde Bath))[20].

وتعرّف الغرب الإسلامي على مذهب السند هند في الفلك من خلال اختصار مسلمة لزيج الخوارزمي الذي ترجم عام 1126م إلى اللغة اللاتينية على يد أدلار دوباث، وأعدّ الرياضي الدانماركي ألكس بيورنبو (Bjornbo) المتوفى سنة 1911م، تحقيقا للترجمة اللاتينية التي قام بها أدلار دوباث، ثم جاء المؤرخ سوتر (Suter) المتوفى سنة 1922م، وأعاد النظر في النص اللاتيني الذي حققه بيورنبو، وأضاف إليه شرحاً مفصلا ومعجما للمصطلحات العربية وفهارس.

ومن بين مأثور كتبه "رسالة الاسطرلاب"[21]، هذا العمل المبني على أساس الإسقاط التصويري المجسم، وقد سبق أن حدد بطلميوس خصائص وميزات هذا الإسقاط في مؤلفه "تسطيح الكرة"، ثم كتاب "قبة الفلك" لبطليموس[22]، وينسب إليه أيضا كتاب "غاية الحكيم وأحق النتيجتين بالتقديم" وهو مختص بعلم التنجيم والسحر[23]، كما أنه الأصل الذي بنى عليه الملك ألفونسو العاشر ترجمته اللاتينية المشهورة بعنوان (Picatrix)[24]، ثم كتاب "رتبة الحكيم"[25] الذي تضمن صيغاً كيميائية وتعليمات لتنقية المعادن، كما أن لأول مرة ستظهر إشارة إلى قانون بقاء المادة في هذا الكتاب.

قال ابن بشكوال في كتاب "الصلة": (كان المجريطي عالما بالفرائض مشهورا بمعرفتها...ولم يكن في الأندلس مثله في علمه)[26]. فالمجريطي جمع لأول مرة في الأندلس بين فرعين من الرياضيات وهما علم الفرائض ويشمل تقسيم المواريث على أساس ديني ثم العلوم الفلسفية القائمة على الرياضيات وتشمل علم الفلك. كما أن اهتمام المجريطي بهذين الفرعين من الرياضيات يعكس اهتمام أستاذيه المشهورين: عبد الغافر بن محمد الفرضي الذي كتب أطروحة عن الفرائض، وعلي بن محمد بن عيسى الأنصاري الذي ورد أنه كان يعرف علم الفلك.

ويبقى العمل الأكبر للمجريطي هو تنقيح كتاب "زيج السند هند" للخوارزمي بالاشتراك مع تلميذه ابن الصفار. فقد كان هذا الكتيب الفلكي من القرن التاسع مكوناً من الجداول والنصوص التفسيرية، وقد اعتمد المجريطي بشكل أساسي على المذهب الهندي الذي كان يختلف عن المادة الفلكية الإسلامية اللاحقة التي اعتمدت على نماذج الكواكب الموجودة في كتاب "المجسطي".

وعلى الرغم من فقدان النص الأصلي لكتاب الخوارزمي، فقد بقيت النسخة اللاتينية التي ترجمها أديلار الباتي في القرن الثاني عشر لتنقيح المجريطي موجودة.

هذا النص المشار إليه باسم "زيج الخوارزمي ومسلمة" يشمل جداول مستمدة من الزيج الأصلي للخوارزمي الذي يحتوي على مواد معتمدة على المذاهب الفارسية والبطلمية والمذاهب الهندية، بالإضافة إلى المواد والجداول التي تم تنقيحها أو إضافتها أو استبدالها بواسطة المجريطي وابن الصفار.

كان هدف علماء الفلك الأندلسيين أن يجعلا الجداول الأصلية متوافقة مع الزمان والمكان الذي يعيشان فيه، وقد استُبدِلت جداول التقويم الشمسي الفارسي الموجودة في جداول الخوارزمي بالتقويم القمري الإسلامي (التقويم الهجري)، كما تم تعديل بعض الجداول التي كانت مخصصة لكل مرصد لتتوافق مع الإحداثيات الجغرافية لقرطبة، ومن النتائج الملحوظة أيضا استخدام خطوط الطول الخاصة بقرطبة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل قام المجريطي بحساب حجم البحر الأبيض المتوسط من خلال هذه التقنية، وقد بقي هذا محفوظاً في معظم الجداول الجغرافية الأندلسية من بعده.

المجريطي والمنسوب إليه من المؤلفات.

تشكك بعض المصادر أن تكون بعض المؤلفات تعود للمجريطي، كما يذهب البعض الآخر إلى اعتبار المجريطي مجرد شخصية وهمية[27]، هذا القول فيه نزوع متشدد لا يستند إلى أي دليل، لكن إذا تمعنا قول بعض المؤرخين أو آراء الذين عدلوا أو ترجموا قضايا ومشكلات الفلك أو الرياضيات أو الكيمياء إلا وعرجوا على ذكر مسلمة بن أحمد المجريطي، ودليلنا في هذا هرمان الرطاطي (Herman Alemaus) (568هـ/1172م) الذي ألف كتبا عدة أبرزها كتاب سماه: "إصلاح المجريطي" سنة 1143م والذي تم نشر نصه اللاتيني في (هايبرك) ضمن كتاب "الهيئة الصغرى"، كما نجد هرمان الرطاطي أيضا ترجم عددا من كتب الفلك والتنجيم، وقد سمى أحد هذه الكتب بــ "شرح مسلمة المجريطي على كتاب النظام الرياضي البطليموسي"، وهناك رأي مفاده أن هذا الكتاب ترجمه أحد تلامذته ويدعى (رودولف اوف برجيس)، وقد أشار (ألدوميلي) أن كتاب "في الإسطرلاب" قد تم ترجمته من قبل رودولف[28].

ويبقى أهم ما ألفه المجريطي كتابان غاية في الأهمية أشرنا إليهما سابقا هما: "غاية الحكيم" و"رتبة الحكيم"، ولا جرم أيضا أن نجد من يشكك في نسبتهما أيضا للمجريطي[29]، لكن الدلائل التي يقدمها هؤلاء المشككين تبقى ضعيفة جدا مقارنة بالكم الهائل من الوثائق التاريخية والشواهد التي تثبت نسبتهما لمسلمة المجريطي[30]. ويمكن أن نستعرض بعضا من المؤرخين الذين حدثونا عن المجريطي أو أشارو إليه كالقاضي صاعد الأندلسي وابن أبي أصيبعة والقفطي وابن بشكوال والمقري وابن خلدون وغيرهم..[31].

المجريطي بين الرتبة والغاية

يحتوي كتاب "رتبة الحكيم ومدخل التعليم في الكيمياء" على مقدمة وأربع مقالات، ويلفت المجريطي منذ البداية النظر إلى أهمية دراسة ما كتبه الأقدمون من علوم الأعداد والحساب، كما يفرق المجريطي بين علم الكيمياء وعلم السيمياء (علم السحر)، ويرى أن المتخصص في فرع من فروع العلوم التطبيقية كالكمياء مثلا يلزمه الإلمام التام بالرياضيات؛ لأن الرياضيات بطبيعتها تعتمد على التفكير المنطقي والاستنتاجات الدقيقة، وقد ساهم المجريطي في تحرير علم الكيمياء من الخرافات والسحر والطلسمات التي كانت مسيطرة آنذاك، فكانت له الريادة في هذا الباب[32].

يقول المجريطي: (كان تأليفي لهذا الكتاب -أي "غاية الحكيم"- بدأ عام ثلاثة وأربعين وثلاثمائة عند فراغي من تنقيح كتاب "رتبة الحكيم"، وأتممته في آخر عام ثمانية وأربعين وثلاثمائة)[33]. وقد سمى المجريطي كتابه في السحر والطلسمات "غاية الحكيم"[34]، وكتابه في الكيمياء "رتبة الحكيم" إشارة منه إلى عموم موضوع الغاية وخصوص موضوع الرتبة، لأن الغاية أعلى من الرتبة.[35] يقول المجريطي: (...فالمحرك لي لتأليفه ما رأيت أكثر أهل زماننا يبحثون عنه من أمر الطلسمات وفنون أنواع السحر وهم لا يعلمون ما يطلبون ولا لأي سبيل يقصدون قد فنيت أعمارهم في مطلوب قد حيل بينهم وبينه لستر الحكماء إياه وأعراضهم عن كشفه لما فيه من خراب العالم ودثوره والله يأبى ذلك مصلحة لعالمه فلذلك شيدوا أبنية البرابي، ووضعوا فيها نقوشات الصور تنبيها وتذكية للعقل وخلدوا ما خلدوا في الكتب بالرموز والتعميات لئلا يفهمها إلا الحكيم مثلهم وأفادوا فما بين ذلك، وبينوا الأسرار لمن عقل عنهم، فرأيت أن أبث للقوم وأشرح لهم الطريق المعمى في هذه النتيجة المسماة سيميا وأبين ما أخفوه الحكماء من أمر هذه النتيجة السحرية كما فعلنا في النتيجة الصنعوية، وأقسم هذا الكتاب على أربع مقالات كما فعلنا في (الرتبة) كل مقالة منها مقيدة بعدة فصول، المقالة الأولى من النسب، المقالة الثانية من الصور الفلكية وأفعالها، المقالة الثالثة في حظوظ الكواكب، والمقالة الرابعة في سحر الأكراد والنبط والحبشة)[36].

أوصى المجريطي في كتابه "رتبة الحكيم" بمعرفة المعادن وكيفية تكوّنها في الأرض، وقد عرض كل ما يتعلق بعلم الكيمياء من حيث صنعة المعادن، والأدوات البسيطة المستخدمة، وأركان قيام هذه الصناعة، وتعني هذه الصنعة عند المجريطي تحويل المعادن إلى صورة أخرى، وعدم استعادتها صورتَها الأولى، وشرح التفاعل بين عناصر الطبيعة والحجر مثل الأملاح أو المعادن، ثم شرح أيضا عمليات الفصل الكيميائي بين نواتج التفاعلات وما يترسب من مواد، كما كان له السبق في الإشارة إلى الطاقة الخارجة من التفاعل، وقسّم صناعات الأصباغ وأرجع مصادرها إلى: نباتية أو عشبية (عضوية) وأخرى معدنية، كما شرح مراحل تفاعلات معدن الرصاص، ويركز على تفاعلاته مع الكبريت والزئبق خاصة، ويختتم بتقديم نصائح لطالب علم الكيمياء؛ بأن يحرص على الدراسة والقراءة، وأن يتتلمذ على أستاذ وأن لا يَمَل الاستمرار في التعليم وأن يكون صبورا عليه، لكي يصبح أستاذا.

المدرسة المجريطية

ظهرت المدرسة المجريطية في قرطبة بزعامة مسلمة بن أحمد المجريطي، وكان لها دور فعّال في النشاط العلمي الذي شهدته الأندلس إبان الحكم الأموي، وكانت الرياضيات والفلك من أهم العلوم التي عرفت تطورا لم يسبق له مثيل حتى قال المقري عن ذلك: (سمعت من أثق بعقله ودينه من أهل العلم ممن اتفق على رسوخه فيه يقول أنه لم يؤلف في الأزياج مثل زيج مسلمة وزيج ابن السمح، وهما من أهل بلدنا)[37] وقد أشار ابن خلدون أيضا إلى ذلك بقوله: (ولأهل الصناعة الحسابية من أهل الأندلس تأليف فيها متعددة من أشهرها معاملات الزهراوي وابن السمح وأبي مسلم بن خلدون من تلاميذ مسلمة المجريطي)[38] مما يؤكد براعة المجريطي في هذا الباب وعلو كعبه.

تكمن أهمية المدرسة المجريطية في سياق العلوم الأندلسية، يقول صاعد: (وقد أنجب المجريطي تلاميذ لم ينجب عالم بالأندلس مثلهم)[39]. كابن السمح[40]، وابن الصفار[41]، والزهراوي[42]، والكرماني[43]، وابن خلدون[44]، وأبي بكر بن بشرون[45]، وأبي بكر يحيى بن أحمد المعروف بابن الخياط[46]، وعنه أخذ أيضا أبو عثمان سعيد بن محمد البغونش[47]، وأبو عبد الله محمد بن الحسين المعروف بابن الكتاني[48].

وتعد فاطمة المجريطية ابنة مسلمة المجريطي من الشخصيات البارزة في علم الفلك بحيث تعد كإحدى الفلكيَّات العالميات اللواتي قدَّمن إسهامات مهمَّة وكبيرة في علم الفلك في تلك الحقبة الزمنيَّة. تتلمذت فاطمة المجريطية على يدي والدها وعاصرته في دراساته وأبحاثه سواء في علوم الرياضيَّات أو في علم الفلك، ولها إسهامات علمية مهمة ويعد كتاب "تصحيحات فاطمة" من أبرز ما كتبت، وقد وصفتها الباحثة الإسبانية مانويلا مارين نينو[49] بـ (الواحة الثقافية داخل صحراء علمية شاسعة... وقد اهتمت بمراجعة بعض المعارف الموجودة في زمانها منها تصحيح الأخطاء وتحديث المعرفة الفلكية)[50]، ومن مؤلَّفاتها -أيضًا- "رسالة حول الاسطرلاب"، حيث تشرح فيه كيفيَّة استخدام هذه الأداة الفلكيَّة في الحساب والرصد الفلكي، وهذا الكتاب محفوظ حتى اليوم في مكتبة الإسكوريال الشهيرة في إسبانيا.

لقد كانت فاطمة المجريطية شخصية استثنائية في زمانها، كونها خرقت تقليدا علميا كان حكرا على الرجال ونجاحها لم يكن أيضا مألوفا في العالم الإسلامي)[51]، وقد عملت أيضا برفقة والدها على تدقيق وتصحيح جداول الخوارزمي الفلكيَّة، حيث قاما بضبطها، وهي تتناسب مع خطِّ الزوال الذي يعبر فوق مدينة قرطبة بالذات، والتي كانت تُعتبر مركز العالم ومنبع المعرفة والعلم في تلك الحقبة، حيث تُصبح قرطبة هي النقطة المرجعيَّة لإجراء الحسابات، تمامًا كما هو حال مدينة "غرينتش" كمرجعٍ للتوقيت في هذا العصر.

لقد ساهم المجريطي في النهضة العلمية بالأندلس، كما كان لمدرسته الفضل والأثر الكبير في انتشار العلوم التجريبية والعقلية في عصره، وقد بقي هذا التأثير واضحا لينعكس في ما بعد على النهضة الأوروبية، يقول غوستاف لوبون: (ولا يمكن إدراك أهمية شأن المسلمين في الغرب إلا بتصور حالة أوروبا حينما أدخلوا الحضارة إليها إذا رجعنا إلى القرن التاسع من الميلاد وما بعده، حيث كانت الحضارة الإسلامية في إسبانيا ساطعة جداً ... ودامت همجية أوروبا حتى القرن الحادي عشر حين ظهر فيها أناس رأوا أن يرفعوا أكفان الجهل عنهم فولوا وجوههم شطر العرب الذين كانوا أئمة وحدهم)[52].

 

المراجع:

ü  María José Casado Ruiz de Lóizaga, Las damas del laboratorio: mujeres científicas en la historia. Barcelona, 2006.

ü   ابن بشكوال أبي القاسم، الصلة في تاريخ أئمة الاندلس وعلمائها، المجلد الثاني، حققه وضبط نصه وعلق عليه، بشار عواد مغروفـ، دار الغرب الاسلامي، طبعة أولى، تونس، 2010

ü      ابن خلدون عبد الرحمن، المقدمة، نسخة محققة لونان باخراج جديد، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 2016، بيروت.

ü      ابن خلدون، المقدمة، اعتنى به سامح دياب، فضاء الفن والثقافة، ب ت ـ المغرب.

ü      أحمد بن صاعد الأندلسي، طبقات الأمم، نشره وذيله بالحواشي الأب لويس شيخو اليسوعي، المطبعو الكاثوليكية، بيروت، 1912

ü      أحمد تيمور، أعلام المهندسين في الإسلام، طبعة أولى، لجنة نشر المؤلفات التيمورية، مطابع دار الكتاب، 1957، مصر.

ü      انخل بالنثيا، تاريخ الفكر الأندلسي، ترجمة حسين مؤنس، مكتبة الثقافة الدينية، ب ت، مصر.

ü      حكيم أحمد مام بكر، حركة الترجمة في الأندلس، مجلة كركوك للدراسات الإنسانية، المجلد 13، عدد 1، جامعة صلاح الدين، 2018، العراق.

ü      الزركلي، الأعلام، ج5، دار العلم للملايين، 2002، بيروت.

ü      المجريطي، الرسالة الجامعة، الجزء الاول، عني بنشره وتحقيقه جميل صليبا، المجمع العلمي العربي، مطبعة الترقي، 1949، دمشق.

ü      المجلة العربية العلمية، عدد 27، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 2017

ü   محمد البوغالي، الفلسفة والتقليد السحري بالأندلس: المجريطي ومدرسته، مجلة ضفاف، العدد الثالث، جامعة القاضي عياض كلية الأداب والعلوم والإنسانية، 2019، المغرب.

ü   محمد ألوزاد، نشأة الفكر الفلسفي بالأندلس، تمهيد لدراسة العقلية الاسلامية في المغرب، رسالة نيل دبلوم الدراسات العليا، إشراف علي سامي النشار، مرقونة جامعة محمد الخامس، الرباط، 1979، 1980

ü      مريم المير، الأندلس بين ضفتين، تقديم رشيد العفاقي، كتوبيا للنشر والتوزيع، 2019

ü      مسلمة بن أحمد المجريطي، غاية الحكيم، تحقيق ريتر هلموت، حرره ستيفن آش، الناشر: Leipzig B.G. Teubner، 1933

ü      مظهر إسماعيل تاريخ الفكر العربي، مؤسسة هنداوي، ب ت.

ü      المقري، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، ج3، تحقيق احسان عباس، دار صادر، 1968، بيروت.

ü      موريس شربل، موسوعة علماء الكيمياء حياتهم وآثارهم، دار الكتب العلمية، 1991، بيروت.

[1] خوليان ريبيرا (1274 - 1354ه‍ / 1858 - 1935 م) مستشرق إسباني وعضو في الأكاديمية الإسبانية والأكاديمية الملكية للتاريخ، تتلمذ عليه جمع من المستشرقين الإسبان على رأسهم أسين بلاثيوس، وغونثالث بالنثيا وجرثيا جومث.

[2] انخل بالنثيا، تاريخ الفكر الأندلسي، ترجمة حسين مؤنس، مكتبة الثقافة الدينية، ب ت، مصر، ص447

[3] أحمد بن صاعد الأندلسي، طبقات الأمم، نشره وذيله بالحواشي الأب لويس شيخو اليسوعي، المطبعو الكاثوليكية، بيروت، 1912، ص ص 65-66

[4] انخل بالنثيا، تاريخ الفكر الأندلسي، ترجمة حسين مؤنس، مكتبة الثقافة الدينية، ب ت، مصر، ص448

[5] ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، شرح وتحقيق نزار رضا، منشورات دار مكتبة الحياة، ب ت، بيروت، ص 482

[6] محمد البوغالي، الفلسفة والتقليد السحري بالأندلس: المجريطي ومدرسته، مجلة ضفاف، العدد الثالث، جامعة القاضي عياض كلية الأداب والعلوم الإنسانية، 2019، المغرب.

[7] المجلة العربية العلمية، عدد 27، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 2017

[8] المجلة العربية العلمية، عدد 27، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 2017

[9] تشير الفتنة هنا إلى الخلاف الذي وقع بين فئتين من المسلمين: البربر من جهة والأندلسيين حول منصب الخلافة، وقد أدى ذلك إلى قيام صراع دام بين الطرفين استمر طيلة الفترة الممتدة بين حكم محمد بن هشام بن عبد الجبار الأموي وتاريخ إعلان إنهاء الخلافة الأموية بالأندلس. ينظر: عبدالقادر بوباية، البربر في الأندلس، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 2011

[10] المجلة العربية العلمية، عدد 27، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 2017

[11] أحمد بن صاعد الأندلسي، طبقات الأمم، نشره وذيله بالحواشي الأب لويس شيخو اليسوعي، المطبعو الكاثوليكية، بيروت، 1912، ص67

[12] أحمد بن صاعد الأندلسي، طبقات الأمم، نشره وذيله بالحواشي الأب لويس شيخو اليسوعي، المطبعو الكاثوليكية، بيروت، 1912، ص 68

[13] محمد البوغالي، الفلسفة والتقليد السحري بالأندلس: المجريطي ومدرسته، مجلة ضفاف، العدد الثالث، جامعة القاضي عياض كلية الأداب والعلوم الإنسانية، 2019، المغرب.

[14] صاعد الأندلسي، المرجع نفسه، ص ص 68-69

[15] عبد الرحمان ابن خلدون، المقدمة، اعتنى به سامح دياب أحمد، فضاء الفن والثقافة، ب ت، المغرب، ص563

[16] تتضارب الآراء حول إدخال رسائل إخوان الصفا إلى الأندلس، فابن سبعين يسمي المجريطي صاحب رسائل إخوان الصفا ومن المحتمل أيضا أن يكون تلميذه الكرماني أول من أدخلها وفي كلتا الحالتين تبقى مدرسة المجريطي هي المسؤولة عن إدخال تلك الرسائل إلى الأندلس على اعتبار أن الكرماني أحد تلاميذته. ينظر: محمد البوغالي، مجلة ضفاف مرجع سابق، ص 163./ ينظر: أنخل بالنثيا، تاريخ الفكر الأندلسي، مرجع سابق، ص 11

[17] انخل بالنثيا، تاريخ الفكر الأندلسي، ترجمة حسين مؤنس، مكتبة الثقافة الدينية، ب ت، مصر، ص 449

[18] أحد منجمي المأمون اعتمد في مؤلفاته الحسابية على الهندوس والفرس وعلى تعليم مدرسة جنديسابور نقلت مؤلفاته إلى اللغة اللاتينية. ينظر أبي اصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، شرح وتحقيق نزار رضا، منشورات دار مكتبة الحياة، ب ت، بيروت، ص 483

[19] أحمد بن صاعد الأندلسي، طبقات الأمم، نشره وذيله بالحواشي الأب لويس شيخو اليسوعي، المطبعو الكاثوليكية، بيروت، 1912، ص 69

[20] المجلة العربية العلمية، عدد 27، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 2017

[21] ترجمها إلى اللاتينية (جون هيسبالينسي، ويوحنا الإشبيلي)

[22] قام Rodolf of Burges بترجمة شروحه على كتاب بطليموس إلى اللغة اللاتينية، وهو كتاب (قبة الفلك)، الذي تم نقله إلى اللاتينية سنة 1536، في مدينة بازل بسويسرا.

[23] يقول ابن خلدون: (وكتاب الغاية لمسلمة بن أحمد المجريطي هو مدونة هذه الصناعة – الطلسمات والسحر- وفيه استيفاؤها وكمال مسائلها). ينظر: عبد الرحمان ابن خلدون، المقدمة، اعتنى به سامح دياب أحمد، فضاء الفن والثقافة، ب ت، المغرب، ص566

[24] ألدومييلي، العلم عند العرب، نقله إلى العربية عبد الحليم النجار ومحمد يوسف موسى، مراجعة حسين فوزي، دار القلم، طبعة أولى، 1962، مصر، ص 351

[25] انخل بالنثيا، تاريخ الفكر الأندلسي، ترجمة حسين مؤنس، مكتبة الثقافة الدينية، ب ت، مصر، ص449

[26] ابن بشكوال أبي القاسم، الصلة في تاريخ أئمة الاندلس وعلمائها، المجلد الثاني، حققه وضبط نصه وعلق عليه، بشار عواد مغروفـ، دار الغرب الاسلامي، طبعة أولى، تونس، 2010، ص264

[27] مظهر إسماعيل تاريخ الفكر العربي، مؤسسة هنداوي، ب ت، ص60

[28] حكيم أحمد مام بكر، حركة الترجمة في الأندلس، مجلة كركوك للدراسات الإنسانية، المجلد 13، عدد 1، جامعة صلاح الدين، 2018، العراق، ص 9.

[29] زعم هوليمار أن هذين الكتابين منحولان ودليله على ذلك أنهما ألفا بعد الفتنة في حين أن المجريطي مات قبلها. ينظر: المجريطي، الرسالة الجامعة، الجزء الأول، تحقيق ونشر جميل صليبا، مطبعة الترقي، الجمع العلمي العربي، دمشق، 1949. ص5. ينظر: محمد ألوزاد، نشأة الفكر الفلسفي بالأندلس، تمهيد لدراسة العقلية الاسلامية في المغرب، رسالة نيل دبلوم الدراسات العليا، إشراف علي سامي النشار، مرقونة جامعة محمد الخامس، الرباط، 1979، 1980. ص200-201. ينظر أيضا: محمد البوغالي، الفلسفة والتقليد السحري بالأندلس: المجريطي ومدرسته، مجلة ضفاف، العدد الثالث، جامعة القاضي عياض كلية الآداب والعلوم والإنسانية، 2019، المغرب، ص ص 154-155

[30] ينظر: ابن خلدون، المقدمة، اعتنى به سامح دياب، فضاء الفن والثقافة، ب ت ـ المغرب، ص563.

[31] المجريطي، الرسالة الجامعة، الجزء الاول، عني بنشره وتحقيقه جميل صليبا، المجمع العلمي العربي، مطبعة الترقي، 1949، دمشق، ص 9

[32] موريس شربل، موسوعة علماء الكيمياء حياتهم وآثارهم، دار الكتب العلمية، 1991، بيروت، ص 304

[33] المجريطي، الرسالة الجامعة، الجزء الاول، عني بنشره وتحقيقه جميل صليبا، المجمع العلمي العربي، مطبعة الترقي، 1949، دمشق، ص 4

[34] يشتمل مخطوط "رتبة الحكيم ومدخل التعليم في الكيمياء" على مقدمة وأربع مقالات. ويلفت المجريطي منذ البداية النظر إلى أهمية دراسة ما كتبه الأقدمون من علوم الأعداد والحساب، والرياضيات التي هي أم العلوم بصفة عامة، ويوصي الكاتب بمعرفة المعادن وكيفية تكوّنها في الأرض. ويعرض كل ما يتعلق بعلم الكيمياء من حيث صنعة المعادن، والأدوات البسيطة المستخدمة، وأركان قيام هذه الصناعة. وتعني هذه الصنعة عند المجريطي تحويل المعادن إلى صورة أخرى، وعدم استعادتِها صورتَها الأولى. ويشرح التفاعل بين عناصر الطبيعة، ثم يشرح عمليات الفصل الكيميائي بين نواتج التفاعلات وما يترسب من مواد. كما كان له السبق في الإشارة إلى الطاقة الخارجة من التفاعل.

[35] المجريطي، الرسالة الجامعة، الجزء الأول، عني بنشره وتحقيقه جميل صليبا، المجمع العلمي العربي، مطبعة الترقي، 1949، دمشق، ص 5

[36] مسلمة بن أحمد المجريطي، غاية الحكيم، تحقيق ريتر هلموت، حرره ستيفن آش، الناشر:       Leipzig: B.G. Teubner، 1933، ص1-3.

[37] المقري، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، ج3، تحقيق احسان عباس، دار صادر، بيروت، 1968، ص176

[38] ابن خلدون عبد الرحمن، المقدمة، نسخة محققة لونان باخراج جديد، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 2016، بيروت، ص 481

[39] أحمد بن صاعد الأندلسي، طبقات الأمم، نشره وذيله بالحواشي الأب لويس شيخو اليسوعي، المطبعو الكاثوليكية، بيروت، 1912، ص 69

[40] عرف في زمانه بالمهندس، عاش بالأندلس في زمن الحكم، وكان محققًا لعلم الهندسة والعدد وعلم الهيئة، وكانت له عناية بالطب، تلروي المصادر أنه فسر كتاب إقليدس ويعد شخصية بارزة ومن مفاخر الأندلس، وقد ذكره صاعد في طبقات الأمم ولسان الدين في الإحاطة وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء وصاحب كشف الظنون. ينظر: أحمد تيمور، أعلام المهندسين في الإسلام، طبعة أولى، لجنة نشر المؤلفات التيمورية، مطابع دار الكتاب، 1957، مصر، ص ص30-31

[41] كان متحققا بعلم العدد والهندسة والنجوم والفلك، وله زيج مختصر وكتاب العمل في الاسطرلاب توفي سنة 426هـ حسب ما ذكر صاعد وابن أبي أصيبعة وابن بشكوال.

[42] يعرف في الغرب باسم Abulcasis، هو طبيب عربي مسلم عاش في الأندلس. يعد أعظم الجراحين الذين ظهروا في العالم الإسلامي، ويعد كتاب "التصريف لمن عجز عن التأليف" أعظم مساهماته في الطب.

[43] هو جراح، عالم بالطب والهندسة والعدد، (368 - 458 هـ / 978 - 1066 م) من أهل قرطبة، تشير بعض المصادر إلى أنه أول من أدخل رسائل اخوان الصفا إلى الأندلس. ينظر/ الزركلي، الأعلام، ج5، دار العلم للملايين، 2002، بيروت، ص80

[44] من أعلام أهل اشبيلية اشتهر بعلم الهندسة والنجوم والطب توفي سنة 449

[45] هو متلاميذ مسلمة المجريطي الذين اشتهروا بعلوم الطبيعة على العموم وبعلم الكمياء على الخصوص، له رسالة في صناعة الكمياء حررها لأبي السمح الغرناطي افتتحها بمقدمة في معرفة تكوين المعادن وتخليق الأحجار والجواهر وملخص الرسالة مدرج في مقدمة ابن خلدون. ينظر: روحي الخالدي، الكيمياء عند العرب، مؤسسة هنداوس للتعليم والثقافة، 2014، مصر، ص ص 65-66

[46] عرف عنه علم العدد والهندسة، ولكنه مال بعد ذلك إلى علم النجوم واشتهر به، وتوفي بطليطلة سنة 447 هـ، وقد حقق الرجل العديد من الإسهامات والإنجازات التي كان لها دوراً كبيراً في تقدّم وازدهار الأندلس في زمانه.

[47] هو سعيد بن محمد الطليطلي ويكنى بأبي عثمان بن البُغُونش اهتم بدراسة علم الهندسة والعدد والطب، ينظر: أحمد تيمور، أعلام المهندسين في الإسلام، طبعة أولى، لجنة نشر المؤلفات التيمورية، مطابع دار الكتاب، 1957، مصر

[48] من أهل قرطبة عرف في مجال الطب والمنطق أخذ عن المجريطي علوم الفلسفة والنجوم

[49] باحثة وعضوًا في المجلس الأعلى للأبحاث العلمية، ترأست مجلة “القنطرة” من سنة 1987 إلى 1999م. خبيرة ومتخصصة في التاريخ الأندلسي.

[50] María José Casado Ruiz de Lóizaga, Las damas del laboratorio: mujeres científicas en la historia (Barcelona, 2006);pp74.

[51] Ibid; P75

[52] مريم المير، الأندلس بين ضفتين، تقديم رشيد العفاقي، كتوبيا للنشر والتوزيع، 2019، ص34