ورشة تكوينية بعنوان " هل قصرت مناهج القدماء والمحدثين في التعامل مع القرآن؟"

فئة: أنشطة سابقة

ورشة تكوينية بعنوان " هل قصرت مناهج القدماء والمحدثين في التعامل مع القرآن؟"

استضاف مركز "دال" للأبحاث والإنتاج الإعلامي بمقر الأبحاث بجاردن سيتي، يوم الخميس الموافق 10 سبتمبر 2015م فاعليات ورشة تكونية بعنوان " هل قصرت مناهج القدماء والمحدثين في التعامل مع القرآن؟" بالتعاون مع مركز أبو زيد للدراسات القرآنية وبمشاركة عدد من الباحثين، وذلك في محاولة لتغطية إشكالات البحث في الدراسات القرآنية.

ألقى المحاضرة الرئيسة الباحث والكاتب المصري المقيم في الولايات المتحدة جمال عمر جامع تراث نصر أبو زيد، ومؤلف كتاب: "أنا نصر أبو زيد"، قبل أن يدور نقاش موسع على مدار ساعات اللقاء.

في البداية، أكد الباحث في مركز دال عبد الله أحمد - الذي أدار تفاصيل اللقاء- أن القرآن ظل على مدى قرون يشغل حيزًا كبيرًا وفاعلية محورية باعتباره النص المؤسس، ووفقًا لما تم تداوله منذ لحظة التأسيس الأولى، فقد رسخ في الأذهان أن القرآن هو ذلك النص المفارق والمتعالي مطلق الكلية والقداسة، وهو ما جعل تطبيق المنهجيات الحديثة على النص القرآني، باعتباره نصًا تاريخيًا، أمرا يصطدم بطبيعته المطلقة والمفارقة التي اصطلح عليها قديمًا.مؤكدا أن كل هذا يجعلنا أمام إشكاليات عدة تواجه الباحث في مجال الدراسات القرآنية، وأن ورشة اليوم تمثل محاولة للاقتراب أكثر من هذه الدائرة بسؤال إشكالي هو: هل قصُرت مناهج القدماء والمحدثين في التعامل مع القرآن؟

من جانبه قال جمال عمر: إن الثقافة العربية والإسلامية ظلت أسيرة للفكر والرؤية السياسية منذ قرون، مشيراً إلى أن العرب لم يعرفوا مفهوم الدولة قبل الإسلام، وبالتالي فالدين ارتبط بالسياسة منذ اللحظة الأولى؛ فالإسلام هو من صنع الدولة وليس العكس.

وأشار عمر إلى أن رؤيتنا للقرآن تأثرت كثيراً بالمنطق السياسي الذي سطير على تفكيرنا، وهذه الأزمة ليست مقتصره على القدماء فقط ولكن المحدثين من العلماء والمفكرين وقعوا أيضاً في هذا الفخ، مؤكدا أن تجاوز هذه الأزمة يتطلب تحرير النص القرآني من كل ما حُمل به، والتعامل معه بمنطق مغاير، وفلسفة تؤمن بالعقل وبتاريخية النص وتتطوره، فتنتج لنا أفكارا متعددة وليست أحادية.

وأكمل عمر؛ عند خروج العرب من الجزيرة العربية للشام والعراق ومصر، وتفاعلهم مع الديانات القديمة كالمسيحية  واليهودية التي لها لاهوت ممتد منذ قرون، تتطلب هذا التفاعل والحوار أن يسعى الملسون إلى إنتاج لاهوت خاص بهم، وكان القرآن هو المرجعية، فتحول القرآن من نص منفتح ومتجدد إلى سلطة محكمة ومقيدة، وازداد الأمر تعقيداً مع تحول السنة النبوية إلى وحي مواز، ومن أبرز الشخصيات التي أسست لهذا المفهوم كان الإمام الشافعي، مما جعلنا أمام أزمة كبيرة، وهو أنه أحيانا يروج لأحاديث تنسخ آيات قرآنية وتتعارض معها، ومن هنا يتم تهميش القرآن وتحويل الحديث النبوي إلى مرجعية وسلطة أخرى قيدت من تطور المجتمعات الإسلامية، وحولتها إلى أداة سياسة في يد الحكام.

وعن كيفية تجديد رؤيتنا للتعامل مع القرآن، دارت المناقشات والمداخلات التي خلصت إلى أن الخطوة الأولى تكمن ضرورة إدراكنا أن كل الأصول الفقهية ماهي إلا اجتهادات من الفقهاء والمفكرين، لرفع ما أسماه جمال عمر بالتوتر في النص، ومن هنا يمكن تحرير – أي النص القرآني-  والتعامل معه بما يستحقه من اعتناء واجتهاد.

 كما أكدت المناقشات على أن اللغة هى لسان القرآن، لذلك فمعرقتنا باللغة وتكوينها وتطورها خطوة أخرى مهمة في طريقنا لفهم القرآن، والخطوة الثالثة أن ندرك أن هناك دورا للمتلقى في فهم أي نص، وبالتالي ينطبق هذا أيضًا على القرآن، وهذا ما نهمله، فنحن نهتم بالبحث عما يريد المرسل قوله، وننسى دور المتلقى في فهم النص والتفاعل معه.

وتطرق النقاش إلى مسألة العقوبات الجسدية، باعتبارها واحدة من النقاط الخلافية الكبيرة، فهذه العقوبات كانت موجودة قبل نزول القرآن، كالرجم وقطع اليد وغيرها، لكن الجديد هو قول النبي محمد "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يديها"، إذن القضية هنا ليست في الحدود الجسدية، ولكن في قضية العدل، وهذا نموذج بسيط يمكن تكراره والعمل بذات المنهجية، لتقديم قراءة مغايرة للرؤية الأصولية.

ومن جانبها، تساءلت الباحثة بيسان عدوان عن دور السلطة السياسة في التعامل مع القرآن بوصفه أداة لسيطرتها على الشعوب، ولدعم منظومة الحكم، وأشارت بيسان إلى أن القرآن صار في العقل الجمعي العربي هو المنجز الحضاري الأهم، بل والوحيد للحضارة العربية، وبالتالي أصبح لدى العامة حساسية مفرطة من الحديث عن القرآن أو الاقتراب منه.

شارك في أعمال الورشة الباحثون: منى علي الدين، وحسام الحداد، وأحمد إبراهيم، ودميانة يونان، وهبة طنطاوي وأحمد الجمل وأحمد عبد الله والباحثة الأمريكية باترشيا كوبالا، بالإضافة إلى عدد من المهتمين والإعلاميين.

 

البحث في الوسم
مناهج القدماء