ملف العدد: الهمجيّة والحضارة
100
2016 )9(
العدد
، لذلك بات يُنصح بالاستعجال بإعلان الإمارات الإسلامية
44
الجهاديين على التمرّس في فنون الإدارة والسياسة والمناورة مع الأعداء
النووية، من أجل اكتساب مهارات القيادة والمناورة، وحتى لا تبقى الدولة مجرد حلم طوباوي ومثالي في مخيال حامليها. تتجلى صورة
وتنصيب أبي بكر
2014
حزيران/ يونيو
29
التمكين على أرض الواقع لدى الفرع العراقي للقاعدة الذي أعلن قيام دولة الخلافة في
البغدادي خليفة للمسلمين، بعد سيطرة التنظيم على مساحات شاسعة غرب العراق وشرق سورية. لقد ساهم غياب بن لادن بتفكك
القيادة المركزية والتخطيط العملياتي المعولم وبروز نج جديد للقاعدة يناهض الغرب والولايات المتحدة بطرائق عديدة، إذ أعادت
تمركزها في المنطقة العربية وطوّرت استراتيجية تعتمد على دمج البعدين العالمي والمحلي.
«كشفت التطورات الأخيرة في العالم العربي عن طبيعة اندماج الأبعاد القاعدية وتمددها، فالفروع الجهادية الإقليمية للقاعدة، التي
تطورت تاريخياً من حركاتجهادية محلية أصبحت أكثر تحرراً من اشتراطات المركزية واللامركزية، وظهرتشبكات وجماعاتجديدة
تشارك القاعدة في انتمائها الأيديولوجي السلفي الجهادي وأهدافها البعيدة بإقامة الخلافة الإسلامية، ورفع الهيمنة الغربية ومواجهة
.
45
إسرائيل، وباتت الجهادية العالمية أشد قوة وأكثر جاذبية وأوسع انتشاراً»
- الأسلمة: تحقق مدينة الله على الأرض
لا شكّ أنّ الطريق النضالي الطويل الذي حدده منظّرو الإسلام بمختلف مشاربهم إنّما هو تحقيق مثال دولة الخلافة المتلاشي بوصفها
الإطار المكاني والسياسيوالقيمي الذي تتجسد فيه قيم الأسلمة. تمثل استراتيجية الأسلمة بالنسبة إلى الحركات الأصولية «إحياء للقيم
والمثل الأخلاقية الضائعة، وبرهاناً متجدداً على اتساق هذا الإحياء مع حاجات المجتمع وحقائق التاريخ البشري، وتحقق الوعد الإلهي
.
46
معاً بالظهور والتمكن»
الأسلمة هي بالتعريفتحقق الوعد الإلهي بوراثة المؤمنين الأرضومن عليها، وهذا هو البعد الماورائي الثاويخلف المشوار الجهادي الطويل.
أمّا عن أبعادها السياسية فهي التمرد والانسلاخ نائياً عن كلّ منتجات الحداثة الغربية الموغلة في عبادة العقل البشري وتأليه الملذات الحسيّة.
إنّا إذن البديل عن الحداثة المادية المسؤولة عن ضياع القيم الروحانية للإسلام، وعن كلّ ما ترتب عن ذلك من كوارثحلت بالإنسانية كافة.
تهدف الأسلمة إلى التبشير بنموذج جديد لإدارة المجتمعات يقوم على تجسيد مدينة الله، حيث يتمكن المؤمنون من العيش في أرض
الإسلام «النقية» من مظاهر الجاهلية ورواسبها، متحدين ومتراصين كالبنيان المرصوص. إنّ«هدف «الدولة الإسلامية» هو قبل كلّ
شيء أن تتيح للمسلم أن يكون مسلماً بالكامل، بل أن تجبره على ذلك، على الأقل، لأنّه لا يوجد حيز «غير ديني» أو حيز لا يضبطه
. وحتى يتحقق النموذج المثالي للمدينة الإلهية فإنّه
47
الديني، وبهذا تجبر الإنسان على أن يحقق نفسه ككائن متوجه نحو الله بالكامل»
يتعين إلغاء التعددية بكلّ أطيافها (الدينية والسياسية والعرقية والثقافية)، وتكريس منوال عضوي متجانس للمجتمع، إذا اشتكى منه
عضو، تداعت له بقية الأعضاء بالسهر والحمّى.
في مدينة الله المنشودة، لا يمكن أن يعيش الملحد أو الكتابي أو الوثني، وإنّما المؤمن فقط، الذي اصطفاه الله بهذه الكرامة. ويعتبر
الاختلاف بين المؤمنين دليل خلل بنيوي، وتهديداً للوحدة الجماعية والإيمانية، لذلك يتعين اجتثاث أسبابه وتجفيف ينابيعه.
11. .
ناجي، ص
44
2015/03/20
في
http://altagreer.com:
ـ حسن أبو هنية، «الجهادية العالمية والعولمة: من النكاية إلى التمكين». استخرج من
45
.220
ـ غليون، ص
46
.67
ـ روا، ص
47
مصطفى بن تمسك




