Next Page  96 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 96 / 362 Previous Page
Page Background

ملف العدد: الهمجيّة والحضارة

96

2016 )9(

العدد

يتخذ الجهاد في مرحلة النكاية والإناك صوراً عدّة تتراوح بين الترهيب المادي والرمزي، فالأول موجّه الى إثخان قوى العدو من

. والثاني موجّه الى ترويع الجماهير، واستمالة البعضمنهم إلى نج الجهاد.

30

خلال تشتيتجهوده واستنزاف قواه بعمليات نوعية مباغتة

تقوم خطة الإرهاب المادي على سياسة استنزاف طاقات العدو، وبث الخوف في أوصاله، وإخلاء المناطق البعيدة عن مركز السلطة

من كلّ مظاهر سيادة الدولة حتى يتسنى إقامة نواة الإمارة الإسلامية. وقد رسم أبو بكر ناجي معالم هذه الخطة قائلاً: « تنويع وتوسيع

ضربات النكاية في العدو الصليبي والصهيوني في كلّ بقاع العالم الإسلامي، بل وخارجه إن أمكن، بحيث يحدث تشتيت لجهود

حلف العدو، ومن ثمّة استنزافه بأكبر قدر ممكن. فمثلاً إذا ُب منتجع سياحي يرتاده الصليبيون في أندونيسيا فسوف يتم تأمين

جميع المنتجعات السياحية في جميع دول العالم، بما يشمل ذلك من شغل قوى إضافية وإضعاف الوضع المادي وزيادة كبيرة في الإنفاق،

وإذا ُب بنك ربوي للصليبيين في تركيا فسيتم تأمين جميع البنوك التابعة للصليبيين في جميع البلاد ويزداد الاستنزاف، وإذا ضربت

مصلحة بترولية بالقربمن ميناء عدن فسوف توجّه الحراسات المكثفة إلى كلّ شركات البترول وناقلاتها وخطوط أنابيبها لحمايتها وزيادة

الاستنزاف، وإذا تمّ تصفية اثنين من الكتّاب المرتدين في عملية متزامنة في بلدين مختلفين، فسيتوجب ذلك عليهم تأمين آلاف الكتّابفي

.

31

مختلف بلدان العالم الإسلامي...»

وبالتوازي مع برنامج النكاية والاستنزاف، تطمح خطة الإرهاب الرمزي إلى تحقيق الرهانات التالية:

نشر الخوف وبث الرعب وخلق أجواء هستيرية مخيفة في وسط الناس والعامّة. والغاية هي إثبات الوجود الجهادي وفرض

أولاً:

أجنداته السياسية «غيابياً» على عموم المجتمعات، وتبليغ صوت الرفض المطلق لمنوال الحياة المدنية والحداثية.

تدمير رموز السيادة المعادية وتصفيتها، من خلال استهداف المساجد والمباني والكنائس والمراكز السيادية الرمزية والمتاحف

ثانياً:

.

32

والآثار

العنف الجهادي لا يأخذ طابعاً حربياً بالمعنى الدقيق للكلمة، بل يتجلى في رمزية طهرية تضحوية تهدف إلى إضعاف الخصم

ثالثاً:

وتدميره على نحو رمزي، بحيث قد يرمز سقوطجندي أمريكيفي المخيال الجهادي إلى سقوط أمريكا برمّتها، حتى وإن سقط معه مئات

الأبرياء.

لا تكتسي العمليات التفجيرية والانتحارية أيّ أهمية عسكرية على الإطلاق، بقدر ما تكمن قيمتها في الجانب الرمزي والأخلاقي،

حيث يسعى العمل التدميري (الإرهابي) إلى إظهار التفوق الروحي بطابعه الرمزيضدّ الخصوم والأعداء.

ـ يحدد أبو بكر ناجي الأهداف الرئيسة لمرحلة شوكة النكاية والإنهاك كما يلي: أولاً: «إنهاك قوات العدو والأنظمة العميلة لها وتشتيت جهودها والعمل على جعلها

30

لا تستطيع التقاط أنفاسها (...) بعمليات وإن كانت صغيرة الحجم أو الأثر، ولو بضربة عصا على رأس صليبي- إلا أنّ انتشارها وتصاعديتها سيكون له تأثير على المدى

.17

الطويل. ثانياً: جذب شباب جدد للعمل الجهادي عن طريق القيام كلّ فترة زمنية مناسبة من حيث التوقيت والقدرة بعمليات نوعية تلفت أنظار الناس. ناجي، ص

.19

  ـ ناجي، ص

31

، واليوم تحرق داعش أكثر من ألفي مخطوطة يعود تاريخها إلى سبعة آلاف سنة من مكتبات الموصل، وتحطم

2001

  ـ حطّمت طالبان أصنام بوذا في أفغانستان سنة

32

). يندرج

2015

مارس

18

آثاراً تاريخية لا تقدر بثمن. كما تعمد إلى قتل الأبرياء والأجانب عندما يزورون المتاحف (إشارة هنا إلى مجزرة متحف باردو في تونس يوم

.33

«نهب الآثار ضمن اعتقاد جماعة «الدولة» بأنها «تطهر» البلاد من الآثار الوثنية». انظر: عطوان، ص

مصطفى بن تمسك