Next Page  99 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 99 / 362 Previous Page
Page Background

ملف العدد: الهمجيّة والحضارة

99

2016 )9(

العدد

ويعتبر ناجي أنّ شرعية العنف الجهادي القائم على الغلظة

، لا تتماهى مع ممارسات السلف الصالح

41

والتشريد والإثخان

فحسب، بل ما تزال ناجعة في عصرنا. والغريب أنّه لا يجد حرجاً

منهجيّاً أو تاريخيّاً في مقارنته لعصرنا بعصر الردّة الذي أعقب وفاة

الرسول، حتى أنّه يُشرّع الجهاد القتالي الغليظ، بالطريقة نفسها

التي مارسها أبو بكر وعمر وعلي والعباسيون ضد خصومهم

السياسيين. يقول ناجي: «إننا الآن في أوضاع شبيهة بالأوضاع

بعد وفاة الرسول، وحدوث الردّة، فنحتاج للإثخان، ونحتاج

.

42

لأعمال مثلما تمّ القيام به مع بني قريظة»

وبهذا يتحوّل العنف الجهادي إلى عقيدة، تجد مبرراتها في

مأثورات السلف الصالح من الخلفاء والتابعين، فإتيانه يعني الوفاء لتقاليد هذا السلف الذي كان بدوره وفياً لتعاليم الرسول المُلهم،

وبالتالي يندرج هذا العنفضمنسياسةشرعية، استخلفها السلفعن الخلف(الرسول)، وبوصفها كذلك فهي ترتقي إلى منزلة العقيدة

الواجب اتباعها والمحافظة عليها. فلماذا نستغربونستعجبونُشيْطن ما تقوم به داعشمن فنون التقتيل، وهي تفعل ذلكمن منطلقات

سنيّة وإيمانية، تجد لها في السّنّة وفي التاريخ الإسلامي ما يبررها، وفي الحاضرما يعيد إنتاجها و ُيشها؟

-التمكين

بعد مرور ثلاثة عشرعاماً على أحداث سبتمبر، وأكثر من أربعة أعوام على «الربيع العربي»، وبعد أن خلنا قرب زوال تنظيم القاعدة،

، وبعد حالة

2011

أيار/ مايو

2

، والذي تزامن مع مقتل زعيم التنظيم أسامة بن لادن في

2011

مع بدء الانتفاضات العربية السلمية بداية

الضعف التي وصل إليها تنظيم القاعدة عموماً والفرع العراقي خصوصاً، وافتقاده إلى الجاذبية الأيديولوجية الضرورية للحشد والتعبئة

والتجنيد، وإلى الموارد البشرية والمالية اللازمة للصمود، وإلى الحاضنة الاجتماعية الأساسية للازدهار والنمو، وإلى العمق الجغرافي

الاستراتيجي لإسناد حروب الاستنزاف، نباغت اليوم باستعادة التنظيم لعافيته وتمدّده شرقاً وغرباً.

لقد تمكن هذا التنظيم بالفعل من تطوير استراتيجياتجديدة للتمدد والانتشار، وإعادة التموضع في العالمين العربي والإسلامي تقوم

على دعامتين أساسيتين؛ الأولى: بناء شبكات شعبوية محلية تحت مُسمّى «أنصار الشريعة»، تمهّد لبناء منظومة إقليمية متحدة تتبنى آلية

سلمية محلية وتناهض الهيمنة الغربية، وتشكل خزاناً لجلب أعضاء جدد لتنظيم القاعدة. والثانية: المزاوجة بين قتال «العدو القريب»،

و«العدو البعيد» من خلال «دمج البعد القاعدي» العالمي والمحلي.

. ويفيد التمكين هنا قيام دولة الخلافة

43

وهكذا تحولت الأجندات الجهادية من مرحلة النكاية والتنكيل، إلى مرحلة السيطرة والتمكين

المنشودة في بقعة ما محرّرة من العالم، في انتظار «التحرير الشامل» للعالم. يبدأ مشروع التمكين محلياً وجزئياً، ويتوسع شيئاً فشيئاً الى أن

تتشكل إمارات إسلامية، تؤلف من وحدتها وتشابكها الخلافة المترامية الأطراف. يعتبر التمكين المحلي والجزئي تمريناً مفيداً للقادة

.31.

ـ ناجي، ص

41

. انظر أيضاً الفصل

14-13-12

. يعرض أبو بكر ناجي نماذج عديدة من إدارة التوحش في التاريخ العربي-الإسلامي القديم والجديد. انظر، ناجي، ص

32

ـ ناجي، ص

42

.54 .

العاشر المعنون: «إتقان التربية والتعلم أثناء الحركة كما كان العصر الأول» ص

.15.

ـ ناجي، ص

43

تقوم استراتيجية التوحش على التسويق

الإعلامي الواسع لمشاهد القتل المروع للأعداء،

في سياق الحرب النفسية المعروفة في الحروب

غير المتوازنة... ولهذا تبتكر هذه الجماعات

أساليب من الترهيب والترويع على غرار قطع

الرؤوس، والذبح والسحل وتقطيع الأوصال،

وإخراجها سينمائياً باعتماد تكنولوجيا عالية

التقانة

سياسات «العنف الجهـادي» ورهاناته