ملف العدد: الهمجيّة والحضارة
126
2016 )9(
العدد
ومن أهم ما يجمع بين تلك المقاربات والاختصاصات اعتمادها المقارنة أسلوباً وطريقة في تبّ ماهية الظواهر المدروسة، وفي ما يتصل
. وفي المقابل بّ ميتشال
14
أنّ المقارنة تظل «أداة لأشكلة الموضوع»
Serge Paugam
م- ...)
1960
بهذه المسألة لاحظ سيرخ بوغام (
دينكن أنّ المقارنة لا تعدو أنْ تكون طريقة «لا تستطيع بناء أو تكوين نظرية أو فرضية، لكنّها تستطيع الإشارة إلى بعضالحقائق النظرية،
.
15
[.. أو] الحصول على المعلومات والحقائق الموضوعية»
وهو ما يعني أنّ اعتماد المقارنة طريقة في البحث لا ينتهي بالباحث إلى بلوغ الموضوعية، ولا يحول دون وقوعه في أخطاء على النحو
عندما حدّثنا عن حدود المنهج
Franz Boas
م)
1942
م-
1858
الذي بيّنه مؤسس المدرسة الأنثربولوجية الأمريكية فرانز بواس (
. فاعتماد المقارنة أسلوباً في البحث الأنثربولوجي لا يساعد على تبّ ماهية الظواهر التي يدرسها
16
المقارن في الأنثربولوجيا التطورية
وسير جيمس فريزر
E. Tylor
الأنثربولوجيّ، وإنّما يؤدّي إلى إسقاط رؤانا على الموضوع، فالتطوريون آمنوا -لا سيما مع إدوارد تايلور
-. بوجود
Lewis Henry Morgan
م)
1881
م-
1818
ولويس هنري مورغان (
Sir James Georges Frazer
م)
1941
م -
1851
(
مراحل يقطعها العقل البشري (السحر، الدين، العلم) نحو الارتقاء الذي يُعدّ حتمية تاريخية مؤكدين أنّ المسألة تقوم على التطور
. وبتأثير من الداروينية ذهب التطوريون إلى القول بضرورة تجاوز الإنسان وضع البدائية إلى وضع الحضارة، وذلك بارتقاء
17
السببي
درجاتسلّم التطور الذي يعني بالأساس التحول من وضع البهيمية إلى وضع التمدّن والتح ّ.
وفي ما يتصلبهذه المسألة نشير إلى أنّ مفهوم الثقافة عند الأنثربولوجيينمفهوم شاسع، ومأتى ذلكعدم تمييز الدّراسات الأنثربولوجية
م)
1871
، وخير مثال على ذلك كتاب «الثقافة البدائية» (
Civilisation
والحضارة
Culture
خلال القرن التاسع عشر بين الثقافة
الذي أكّد أنّ الاختلاف في أساليب العيش وتنوّع المعتقدات هي الظّاهرة التي يجب أنْ يهتم بها
18
م)
1917
م-
1832
لإدوارد تايلور (
الأنثربولوجي، وهو ما جعل من الثقافة الاسم الجامع الذي تتفرّع عنه بقية المظاهر (المعتقدات، ...).
وقد تجّ ذلك التصوّر في تعريف إدوارد تايلور للثقافة، بأنّا «ذلك الكل المعقّد الذي يشمل المعرفة والعقيدة والفن والأخلاق
.
19
والقانون والعرف وكّل القدرات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان من حيث هو عضو في المجتمع»
من هذا المنظور، فإنّ البحث الأنثربولوجي موصول بجوانب مختلفة من حياة الإنسان، فالكلّ وفق تعريف تايلور موصول بالتاريخ
والجغرافيا، وبكلّ ما يتجلى في العلاقات الإنسانية ماديّاً وذهنيّاً. ذلك أنّ تعريف تايلور للثّقافة ينطوي على إقرار واضح بأنّ المبحث
.61
، ص
2012 ،
، بيروت لبنان
1
ـ بوغام (سيرخ): ممارسة علم الاجتماع، ترجمة منير السعيداني، المنظمة العربية للترجمة، ط
14
.54
، ص
1980 ،
: معجم علم الاجتماع، ترجمة إحسان محمّد الحسن، دار الرشيد، بغداد العراق
Geoffrey Duncan Mitchell)
ـ ميشيل (دينكن
15
. كتاب
The Limitations of the Comparative Method of Anthropolog »
ـ انظر في شأن موقف فرانز بواس من «حدود المنهج المقارن في الأنثربولوجيا
16
Strauss (Claude Lévi): Anthropologie structurale, édition Plon, Paris, 1974, P 10
.66
، ص
1997 ،)
، بيروت (لبنان)، الدار البيضاء (المغرب
1
ـ راجع لومبار (جاك): مدخل إلى الأثنولوجيا، ترجمة حسين قبيسي، المركز الثقافي العربي، ط
17
م أستاذاً للأنثروبولوجيا في جامعة أكسفورد (المملكة المتحدة)، وظلّ في هذا المنصب إلى أنْ تقاعد سنة
1896
ـ إدوارد برنت تايلور أنثروبولوجي بريطاني عُّ سنة
18
م) الذي قدّم فيه تايلور تعريفاً أنثربولوجياً
1871( »
م. ويُعدّ إدوارد تايلور أبا الاتجاه التطوري في الدراسات الأنثربولوجية، ومن أهمّ أعماله «المجتمع البدائي
1913
دقيقاً للثقافة، ظلّ سائداً إلى زمن غير بعيد، وفيه بّ أنّ تعدد الآلهة والاعتقاد في وجود الأرواح والكائنات هو أصل الدين البدائي.
19. Tylor (Edward): Primitive culture, John Murray, Albemarle Sreet , 2 nd, London ,1873 « is that complex whole which includes
knowledge, belief, art, morals, law, custom, and any other capabilities and habits acquired by man as a member of society», P 1.
محمّد يوسف إدريس




