ملف العدد: الهمجيّة والحضارة
130
2016 )9(
العدد
جهة، ومن جهة أخرى لا بدّ من الكشف عن الدور الذي ينهض به التنوّع الثقافي في إنتاج الاختلاف الذي يمثّل مقوّماً رئيساً في
تشكّل الحضارات.
إنّ الأفق المعرفي الجديد الذي بُنيت أعمدته على مراحل متباعدة أسهم في ظهور رؤى جديدة في الغرب -لا سيما مع مفكّري ما
أعادت طرح السؤال عن الدور الذي تنهض به التعابير الرمزية في بناء دلالات الوجود، من منظور مغاير لما ساد في
–
بعد الحداثة
التي تتأسس على رغبات إنسانية متنوّعة، ذلك أنّ
37
الفكر الغربي، فالإنسان بدائياً كان أم متحضراً لا يفكّر خارج دائرة الصور الرمزية
من جهة، ومن جهة أخرى استطاعت تلك
38
القيم والقوانين والأعراف والمعتقدات والعلاقات الاجتماعية...، لها أسّ رمزي يحرّكها
ّ أو متخلّف.
المقاربات والرؤى محو المركزية الفكرية التي اتخذت من قيمها ومفاهيمها مقاييسبها يصنّف المغاير دينياً وثقافياً إلى متح
ّ انطلاقاً من سؤال واضح: ما دلالات الواو التي تقع بين
عملنا في هذا البحث على تفكيك العلاقة القائمة بين الهمجيّ والمتح
المتوحش والمتح ّ؟
وقد اقتضت الإجابة عن هذا السؤال البحث في مختلف وجوه العلاقة القائمة بين الطرفين، وبان لنا في ثنايا البحث في تجلّيات تلك
العلاقة في الفكر الحديث والمعاصر أنّ للمسألة وجوهاً عديدة، فالواو بقدر ما توحي بوجود اختلافات تؤكد وجود جوامع تشدّ الثاني
ّ محتضراً يوشك
إلى الأوّل، وفي المقابل فإنّ قلب المواضع جعلنا نذهب إلى إقرار دلالاتجديدة للهمجيّة والحضارة، يكون فيها المتح
أنْ يموت، فالاعتداد بالنفسواتخاذ قيمها وتصوراتها المعيار الذي تصنّف به ثقافات الآخرين وحضاراتهم ومعتقداتهم يؤدي إلى انغلاق
أفق الحياة التي لا معنى لها في ظّل المطابقة، وفيضوء تلك القراءة ذهبنا إلى القول إنّ المتوحش ليسسوى الحوشي الذي نجهل ما تنطوي
عليه رؤاه للوجود من منطق مخصوص.
قائمة المراجع
،
1
. أوجيه (مارك) وكولاين (جان بول): الأنثربولوجيا، ترجمة جورج كتوره، سلسلة نصوص، دار الكتاب الجديد المتحدة، ط
1
2008
بيروت، لبنان،
، صفاقس، تونس،
1
بوحديبه (عبد الوهاب): القصد في الغيرية بحث حول التجارب العربية الإسلامية، الوسيطي للنشر، ط
.2
.
2001
،
2012
، بيروت لبنان،
1
. بوغام (سيرخ): ممارسة علم الاجتماع، ترجمة منير السعيداني، المنظمة العربية للترجمة، ط
3
. ديوان الصعاليك، شرح يوسفشكري فرحات، دار الجيل، بيروت، لبنان، (د ت)
4
. ستراوس(كلود ليفي): الإناسة البنيانية - الأنتربولوجيا البنيوية (القسم الثاني)، ترجمة حسن قبيسي، مركز الإنماء القومي، بيروت،
5
لبنان، (د ت).
،
206
. ستروك (جون) وآخرون: البنيوية وما بعدها من ليفي ستراوس إلى دريدا، ترجمة محمّد عصفور، سلسلة عالم المعرفة العدد
6
1996
المجلس الوطني للثقافة، الكويت،
.
1994
. عجينة (محمّد): موسوعة أساطير العرب عن الجاهلية ودلالاتها، دار الفارابي، بيروت، لبنان،
7
، المجلس الوطني للآداب
ـدد
98
عــ
. فهيم (حسين): قصّة الأنثروبولوجيا فصول في تاريخ علم الإنسان، سلسلة عالم المعرفة،
8
1986
والفنون، الكويت،
37. Cassirer (Ernst): Essai sur l’Homme, les éditions de Minuit ,Paris,1975, p 4243-
38. Castoriadis (Cornelius): L›Institution imaginaire de la société,Seuil,Paris,1975, p 109 -173.
محمّد يوسف إدريس




