Next Page  229 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 229 / 362 Previous Page
Page Background

229

2016 )9(

العدد

معرفية أو فنية تعمد إلى الإحاطة بهذا الصوت أو الفكر من خلال

الأبنية والمفاهيم أو من خلال الزّمنيّة والإيقاع بغاية إخضاعه

لفعل التركيب النحوي أو الموسيقي.

ثانياً: اعتبار هذا الصراخ القوة الحيوية الأصلية التي ترفض

الانغلاق داخل الحدود، والتي تدفع في الوقت ذاته إلى إزالة هذه

الحدود، لتجعل اللّغة منفتحة على الموسيقى، وتجعل النثر مفتوحاً

فنؤمّن بذلك

33

على الشعر، والفلسفة مفتوحة على الأدب،

استمرار التنوّع الحيوي داخل مجال الفكر.

ّاخ صوتاً أو معطى طبيعياً، أو ما هو

ثالثاً: اعتبار ال

«موسيقيّ» أصيل خارج دائرة التأطير الفنّي، يجسّد القدرة على

رفض الإرادة التي تسعى إلى كبت وتهميش صوت الحياة من

خلال الأعمال الفكرية أو الفنيّة التي تبلغ ذروتها في مستوى

المشروع الميتافزيقي.

ّاخ» إعلاناً عن الفراغ والصمت والتقطّع

رابعاً: اعتبار «ال

والمسافة والتنوّع والاختلاف الذي نسعى من خلال الأعمال

الفكرية والفنيّة إلى تجاوزه عبر إحداث تمفصلات وتراكيب

تتجسّد في مستوى البناء النسقي المنطقي أو الإيقاعي باختلاف

أشكاله ومظاهره.

ّاخ آخر ما يلجأ إليه الفكر عندما يستوفي

خامساً: اعتبار ال

الممكن ويستغرقه ويبلغ مرحلة النهاية، «ليقفز» في المجهول

ّاخ صوتاً

والفراغ وينفتح على المستحيل، فيكون بذلك ال

ّاخ من زاوية

«آخر» ينادي «آخر» بكيفيّة لا يتمثّل معها ال

الحضور بل من زاوية الغياب، لا بوصفه الوجه الآخر لهذا

الحضور، بل باعتباره هذا الذي يجب تغييبه حتى يستقيم هذا

الحضور ويكون حضوراً.

بهذا التحديد نتبّ كيف يكون «الموسيقيّ» هويّة تعلّل التعريف

الذي انتهى إليه نيتشه حين اعتبر نفسه «أذناً»، بل إنه يعمد إلى

. هذا التحديد النيتشوي

34

اختزال تلك الهويّة في هذا «العضو»

56-55

، المرجع المذكور سالفا ص

Levèsque : Dissonance :

ـ انظر

33

87

ص

Levèsque

ـ انظر ما أورده

34

لمعنى الصراخ باعتباره المعطى الأصيل قبل التشكل وقبل

الصياغة يتعّ كنداء يستوجب إصغاء أي تلبية لهذا النداء.

الفكر إصغاء واستجابة

لا شكّ أنّ مدلول الإصغاء فلسفياً لا يحيل إلى فعل الإنصات

الحسي، وإنما يحيل إلى هذا الفعل الفكري الذي بمقتضاه لا يكون

التفكير تعقلاً وتمثلاً، وإنما قراءة واستجابة لما يقوله الوجود والعالم

والإنسان والأشياء، الأمر الذي يستوجب استعارياً تحوّل الفكر

تميّزاً يجعلها مختلفة عن الأذن

36

والمرونة

35

إلى «أذن» تتميّز بالدقّة

التي تقتفي أثر الخفي واللامرئي

37

العاديّة، إنا «الأذن الثالثة»

لتدرك «الموسيقيّ» .

وعلى هذا الأساس يتعّ الإصغاء ضمن مستويات دلاليّة

مختلفة يمكن تحديدها على النحو الآتي:

أوّلاً: الدّلالة الفيلولوجيّة التي تقضي بأن يكون المفكر

فيلولوجياً من جهة امتلاكه لأذن «دقيقة» تجعل من قراءته إصغاء

للكلمات بغاية النفاذ إلى ما يختفي وراء تلك الكلماتمن «صوت»

و«رنين» لا مرئيين. إنّ الفيلولوجي يتعامل مع الكلمات ومع

النّصكجسد يتوفّر على إيقاع وموسيقى داخليّة، وذلك ما يجعل

منه موسيقياً يصغي إلى موسيقى الكلام وإلى تعدّد الأصوات التي

. بيد أنّ ما يميّز الفيلولوجي أنّه ينطلق من اعتبار يقضي

38

يحملها

بضرورة الانتباه إلى الكلماتفيحسيّتها وجسديتها بوصفها دوالاً

صلبة ومرنة في الوقت ذاته، فأمّا صلابتها فتتمثّل في كونا تثبت

وجود النّص وتضمن ديمومته ومقاومته، وأمّا المرونة فتتمثل

في قابليتها للتأويل على أنحاء مختلفة، وذلك لما تتوفّر عليه من

الأعمال الكاملة السفر السابع، طبعة غاليمار،

P.B.M:

  اـ انظر: نيتشه

35

29/28

ص

10§ 1977،

باريس

70

ص

54§

  ـ انظر: المعطيات السابقة نفسها

36

167/166

ص

246 §

  ـ انظر: المعطيات السابقة نفسها

37

ضمن سياق الحديث عن اختلاف ضروب «الأذن» الثلاثة في معنى غير الذي

20

, المرجع المذكور سالفاً ص

P.Plumerey

قصده نيتشه، نحيل القارئ إلى مقال

ـ انظر:

38

- Eric Blondel,  Nietzsche le corps et la culture, P.u.f, Paris ; 1986,

p.150 / 151

ّمقالات

الفلسفيّ والموسيقي