Next Page  315 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 315 / 362 Previous Page
Page Background

315

2016 )9(

العدد

شحن العمل الفني بالحرارة والشعور،

وهي رسوم تشابه الأصل التصويري

الذي مارسه الإنسان الأول في الكهوف،

حيث أنجزت العديد من الرسوم بدم

الغزلان والأبقار الوحشية. فمن حيث

الشكل المنجز، هناك في بعض الرسومات

حِراب وأدوات قتل ملقاة صوب

الحيوانات. لذلك حافظت اللوحات

المُمثّلة للثورة على بساطتها وقوة تعبيرها.

غير أنّ رهافة الحس الذي امتلكه نذير

نبعة جعلته يتحول جمالياً نحو موضوع

المرأة، دون التفريط في مُدرَكِه الثوري

وعاطفته المتمردة. هكذا يغدو الجمال

وسيطاً للتعبير عن مثل تلك الأحاسيس.

يؤكد الناقد الدكتور محمود شاهين

أنّ أعمال نذير نبعة «تمنح المتلقي حرية

التأويل والإحالة والاستنباط، ومن

ثمّ الذهاب بعيداً، في عذوبة الحلم

. إنا تجربة فنية ثرية تبيح

2

والخيال»

للرائي قراءتها وولوجها من مداخل

متعددة، ولعل باب المرأة أوثق هذه

المداخل وأوسعها. لكن ما الذي أراده الفنان من رسم المرأة؟

طبعاً لا يمكن الادعاء بأنّ الجواب سيحيل مباشرة على

مقصدية الفنان أو على الفلسفة المؤثثة لعالمه الفني، لأننا لا نحتكم

إلا للرؤية والملاحظة، وليسمن رأى كمنصنع. ومن دون ريب

أنّ الفنان نذير نبعة أحاط المرأة العربية بهالة راقية من الألق الفني،

وقدّمها لنا في صور ذات مرجعيات تخييلية مختلفة، ربما يريد أن

يلبي حاجة الرجل الدفينة والمستدامة للمرأة، التي هي أصله

(الأم)، وإليها يعود (الزوجة) وعبرها يمتد (البنت)، فما وجد

الفن كما يؤكد هيغل إلا لإشباع الحاجات الروحية السامية. وقد

تخطى هذا الاحتفاء بالمرأة عند نذير حدود الإبداع، ليتحقق على

  ـ د. محمود شاهين، «نذير نبعة.. يستعيد بواكير ألوانه»، مقال منشور بجريدة

2

البيان الإلكترونية، مؤسسة دبي للإعلام.

نبعٌ من الجُلنار ... قراءة في أعمال الفنان التشكيلي نذير نبعة

مستوى الحياة، فقد تزوج من فتاة ريفية مصرية تدعى «شلبية»،

وذلك عندما رحل للدراسة في القاهرة، فاكتشف نذير ميولاتها

الفطرية للفن، وعادت معه إلى دمشق، وصاحبته خلال رحلته

إلى فرنسا، وهناك شجعها على إقامة معرضها الأول. وكان نذير

يحرص على استمرار فطرية شلبية. لأنه، وبتعبير الناقد الكويتي

يحيى سويلم: «اقتنع بأنّ إبعاد شلبية عن الأكاديمية هو حماية لها

.

3

من التأثير والتقليد وقولبة فطرتها»

نساء دمشق

عندما نتأمل فكرة رسم سلسلة «الدمشقيات» وغيرها من

بورتريهات للمرأة بالتركيز على الوجه والجسد، فإننا نبحث في

ـ يحيى سويلم، «شلبية إبراهيم، نقاء الإحساس»، جريدة الفنون، المجلس

3 

.42 :

، ص

2005

ديسمبر

60

الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، عدد

أدب وفنون: تشكيل