316
2016 )9(
العدد
أدب وفنون: تشكيل
أحمد لطف الله
العمق عن الإضافة النوعية لهذا النمط من التصوير، فجوهر
العمل الفني أن تكون له مرجعية ذاتية طاغية، دون انغلاق، أي
Pein�
إنّ الفن كيفما تجلت صوره الإبداعية: موسيقى أو تصوي
ر
أو نحت أو معمار أو سينما أو مسح أو شعر أو غير ذلك،
ture
يجب أن يمثل هويته الفنية الخاصة، ثم يمكنه أن يضمّ عناصرمن
غيره. يمكن للوحة الفنان التي تحمل بصمتها الأصلية والأصيلة
أن تحيل في ملمح من ملامحها إلى أية إحالة فنية خارجية.
من هنا، لم يكن الفنان نذير نبعة يرسم من مخيال خاص، بل
كان شأنه شأن العديد من فناني النهضة العربية يرسم من ذاكرة
بصرية غنية المشارب. الناقد السوري عبد الله أبو راشد صنّف
الفنان نذير ضمن الرعيل الأول من فناني سوريا، إلى جانب كلّ
من فاتح المدرس ومروان قصاب باشي وعبد الحميد أرناؤوط
وتوفيق طارق وناظم جلال وغيرهم. وتنطلق المرحلة الفنية
لهذا الجيل مع منتصف الستينيات من
القرن المنصرم. ويرى أبو راشد أنّ
هؤلاء وغيرهم قد راكموا خبرة بصرية
عالية المستوى، ومخزوناً مرئياً تشكله
أربعة مصادر أساسية هي: «الذاكرة
البصرية الأوروبية الأكاديمية (منتجات
عصر النهضة الإيطالية)، والذاكرة
البصرية الأوروبية الحديثة «الحداثة وما
بعدها» (نمط منتجات أوروبا الغربية
والشرقية)، والذاكرة البصرية المصرية
ذات المرجعيات الأوروبية الغربية
والشرقية، والذاكرة البصرية الاستلهامية من وحي التراث
المتحققة بحرفية الأرابيسك، أي التشكيل الحروفي والحرف المهنية
والأوابد التاريخية الحضارية للممالك السورية القديمة والمحملة
.
4
بمقولات أسطورية»
لقد غذت هذه الينابيع الجمالية جداول الوعي والروح لدى
نذير نبعة، الذي كان يبدو متأثراً في بعض مراحله بالتيارات
الفنية العالمية كالسوريالية، وخاصة عندما كان مقيماً لدراسة
). وعند دخولنا مرسمه، فإنّ أول
1975
-
1971
الفن بباريس (
ما يثيرنا في تلك الوجوه والأجساد الأنثوية الدمشقية يتلخص
في أننا نجده وفيّاً لألوان النمنمة: الذهبي والبرتقالي والأحمر، وفي
بعض الأحيان يضيف شذرات من الأرجواني تزيد من إشعاع
الصورة، ومن توهج موضوعها. كما تعلو وجوه النسوة غلالة من
الحزن، وتنطق ملامحهن بالصرامة والقوة، رغم أنّ العيون لا تخلو
من بريق دهشة طفولية لوليد يواجه العالم. وكلّ لوحة تمثل عالماً
خاصاً للمرأة، حيث نجد المرأة الفارس على صهوة جواد عربي
منسجم مع أصالتها، وصورة المرأة الأميرة والمرأة الملاك، وغيرها.
وتبدو جميع المرسومات منفّذة بحرفية غرافيكية عالية. وقد صور
نذير المرأة في منتهى عنفوانا وعزها، ولم يُدخلها بوتقة الحريم التي
توحي بدلالات اللذة الصرفة. كما أنّ العديد من تلك اللوحات
أخذت عناوينها من أسماء أو صفات لنساء من قبيل: ست الحسن
وهند وبدوية ومريم المجدلية وهلال والعروس...، وغيرهن.
ـ عبد الله أبو راشد، الحركة التشكيلية السورية المعاصرة، جريدة الفنون،
4
.26 :
، ص
2002
، أكتوبر
22
الكويت، عدد




