Next Page  322 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 322 / 362 Previous Page
Page Background

322

2016 )9(

العدد

نوكس، أو ليل المحيط» المستوحاة من صورة فوقية لقارب

مكدّس بالمهاجرين السّيين من النساء والرجال والأطفال،

والآيل للغرق بعرض البحر الأبيض المتوسط بسبب تجاوزه

الحمولة العادية، فهنا يمتزج لون البحر الأزرق بألوان النار

والحجر البحري والصفرة الدالة على الشحوب والخطر، لكنّ

هذه الأجساد لا تفقد جاذبيتها الإيروتيكية المشبعة بالإيحاءات

السعيدة والحزينة في الآن نفسه.

بعد أن اشتغلت في إحدى تجاربها على حركة الجسد أو الجسد

المتحرك، تستلهم التشكيلية سعاد بياض الأسطورة وتاريخ الفن

لتحديد معالم بحثها الفني، فهي تعود إلى اللوحة الشهيرة للفنان

Théodore Géricault

الرومانسي الفرنسي تيودور جيريكو

، التي تحمل عنواناً ملتبساً وإيحائياً يشير إلى «طوافة

1824

-

1791

قنديل البحر» أو «طوافة الميدوزا»، لكي توقع بشكل إبداعي

مُرَكّبٍ المأساة الإنسانية التي تحصل أمام أعين الجميع بفعل

الحروب، وكأنّ علبةَ أشرار «ميدوزا» مفتوحة باستمرار، والأذى

يتوالد ويتناسل كلما تعقدت

العلاقات من حولنا، وفقد

الإنسان إنسانيته بفعل الجشع

وحبّ التملك والسيطرة، ممّا

يضاعف رؤية الناس الدونية

والتحقيرية للدول الغنية

التي تراكم الثروات من تجارة

السلاح والتحكم في بؤر

الموارد الطبيعية الحيوية، ولو

كان ذلك على حساب قتل

الناس ودفعهم نحو الهجرة

القسية، والارتماء في أحضان

المجهول.

تسعى لوحات الفنانة

إلى الاشتغال على التباسات

الحركة في شتى أشكالها

الممكنة، فتارة تحرك الفرشاة

أو المواد، وتارة تحرك الجسد أو

الأعضاء المُشَكّلَة له، قاصدة

تحريك الأحاسيس والضمائر والدفع بها نحو التحرك الإيجابي.

فإذا كان المجتمع قامعاً لحركة الجسد في شقها الاحتجاجي، أو

كلّ ما من شأنه أن يقع خارج نطاق الأخلاق ذات البعد الواحد،

فإنّ الفنان يسعى دائماً لتحرير الجسد من كلّ الأصفاد، وفي ذلك

تكمنُ حرية الحركة ذاتها. قد تفيد الحركة تنقيل جسم ضمن

علاقات مضبوطة، وترحيل تقنيات فنية لتخدم أخرى، لهذا

نجد في لوحات سعاد بياض حركة شبيهة بتلك التي تلتقطها

الفوتوغرافيا والسينما ضمن متواليات من الوضعيات الكاشفة

لعلاقة الفنان بالحياة.

لا تكشف سعاد بياض عن وجوه نساء لوحاتها، فتتركها

مغمورة وسط اللون، أو تسدل الشّعر عليها، وإن أظهرت الوجه

فإنّا سرعان ما تطمر الملامح بلطخات لونية تكون بمثابة القناع

الحاجب لتفاصيل المُحيّا، ولكنه مؤشررمزي مشحون بالدلالات

التي تولد المعاني المرتبطة بالإخفاء؛ إذ يشكل وجه المرأة محط

نقاش واسع في المجتمعات المحافظة التي تجعله يتوارى خلف

محمد اشويكة

أدب وفنون: تشكيل