324
2016 )9(
العدد
*
حسن إغلان
لا أحد اليوم يستطيع نفي الصورة من مجاله الخاصوالعام، بل
الأكثر من ذلك إنّ تكنولوجيا الصورة حوّلت العالم إلى راحة يد
نستطيع من خلالها رؤية كلّ شيء.
لقد أضحت الصورة اليوم موضع اهتمام ثقافي تتداخل فيه
مجموعة من المباحث العلمية والفلسفية، وكأنّ الفلسفة أعادت
الاعتبار إليها بعد أن كانت معزولة ومتروكة ومنبوذة في التقليد
الفلسفي من أفلاطون إلى سارتر، لكون هذا التقليد يخرج من
نظرته كلّ ما يتعلق بالخيال والمتخيل والصورة.
ربما نحن أيضاً - وإلىحد قريب- لم نكننتم بالصورة بالشكل
نفسه الذي تهتم به الصورة بنا، وهذا مشكل ثقافي وتاريخي،
بمعنى أنّ الانتقال من الكتابة إلى الصورة شكّل ثورة معرفية تمّ
بمقتضاها تغيير رؤيتنا إلى العالم. ليس فقط في الطرائق المحدثة في
بلاغة الصورة
البيداغوجية التعليمية، وليس في خلق الشرائط المفبركة، وليس
في خلق صورة لوجه يضم وجوهاً متعددة عبر محاولة القياس مع
وجه واقعي، وليسفي هندسة السيارات والصواريخ والطائرات
وغيرها...، إنّ الصورة بهذا المعنى أدخلتنا إلى عالمها الافتراضي،
ولأنا كذلك فإننا نستطيع متابعتها من خلال التشكيل والرسم
والصورة الفوتوغرافية والتلفزيون وكلّ أشكال الوسائط
المتعددة.
لا يهمنا من هذه المتابعة البحث في استعارتها والعلائق التي
تجمعها والترابط الذي يربطها بالمتلقي والتكنولوجيا والمستقبل،
بل في قلب الاستعارات التي تدمرها، وهذا في نظرنا هو الأهم.
لأفترض أنه قبل عشرين سنة التقينا سوية في مقهى من مقاهي
المدينة، ساعتها كنت تحدثني عّ قرأت وأحدثك عن آخر الكتب
الفلسفية المنشورة في باريس، وبعد مضي المدة الزمنية تلك
سنلتقي بالمقهى نفسه، لكننا سنتحدث عن آخر الأخبار التي
بثتها قناة الجزيرة أو قناة أخرى، وستحدثني عن النقاش الدائر في
«الفيسبوك»، وسأحدثكعن نجوم الكرة والفضائح. هذه ليست
علوم وثقافة
كاتب من المغرب.
*




