Next Page  328 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 328 / 362 Previous Page
Page Background

328

2016 )9(

العدد

لذا «فإنّ ثقافة الصورة اليوم تقوم بما أنا نص ملحمي جديد

يتحدى كلّ قوانين اللعبة النصوصية القديمة، ويتطلب منها

.

6

خطاباً نقدياً يتوافق معه»

إذا كان عالمنا اليوم هو عالم الصور فإنه يفترض فعلاً إقرائياً

محدداً، بمعنى كيف نقرأ الصورة، الصورة كنص لكن في المقابل

يستطيع الجميع أن يقوم بذلك دون تمييز، كأنّ الثورة المعلوماتية أو

بلغة أخرى كأنّ انفجار الصورة أبعد النخب المفكرة وهمّش المثقف،

هذا الأخيرلا يستطيع قراءة النصإلا عبر فهمه وتفسيره ثم تأويله،

بمعنى أنه يحتاج لوقت طويل ولتراكم معرفي معين لقراءة نص من

النصوصالأدبية أو الفلسفية أو غيرها...، وهذا غير معطى للعامة،

حتى أضحى العالم بهذا الشكل موزعاً بين النخبة/القيادة والعامة/

القاعدة. لكنّ هذا التصور التقليدي لم يعد ممكناً اليوم. حسب النقد

الثقافي لم يعد ممكناً لأنّ هيمنة وسيادة الصورة فتح عيون الجميع

لقراءتها وتأويلها حسب وضعية المتفرج/ القارئ.

فصورة أمريكا في المتخيل العربي تنمّ عن ترسيخ سلطاتها في

وعي ولا وعي متلقيها، «إنّ ما يحبه الناسفي أمريكا هو بالضبط

ما يحبونه في أنفسهم، مثل المتعة والمنافسة، ومعاني الجنسوالعنف

. إنّ هذه الصورة

7

والمال، ومعاني الحرية وانتصار الإرادة البشرية»

باعتبارها نسقاً ثقافياً ينمّ عّ يؤسس به «الغدامي» أفقه النقدي،

أي في البحث عن الفحولة المضمرة وراء الخطاب، وكأنّ المال

والجنس والعنف الذي تقدمه الصورة (سينما - تلفزيون) يحمل

بعداً إحيائياً لنظام تقليدي يتمثل في الفحولة، بما هي سلطة،

تتسلل بين الخطاباتوتتمظهر عبر مظاهر مختلفة وتلبسلبوسات

متعددة، وهذا ما يعيدنا لإعادة النظر فيصورنا المشتتة والمعروضة

في الطرقات، ليس لتفسيرها وفهمها وتأويلها بقدر ما تدفعنا

للمساءلة، مساءلة الذات بما هي صورة الغير ومساءلة الصورة

لخلخلة الأصل والنسخة معاً، وهنا قد نحيل إلى ما قاله «روجيس

دوبري» حيث ربط الصورة بالتحليل النفسي معتبراً أنّ التشكيل

هو مرآة التحليل النفسيفي القرن التاسع عشر، بينما تشكل السينما

موضوعته في القرن العشرين.

، المركز الثقافي العربي

75

  ـ عبد الله الغدامي، «الثقافة التلفزيونية»، صفحة

6

، بيروت ـ الدار البيضاء.

2004

.67

  ـ المرجع نفسه ص

7

ونحن لا نستطيع الانتهاء من موضوعة تبتعد عنك كلما

اقتربت منها وتوزعكعبر أطيافها وظلالها، مثلما تشير إلى البحث

في الأرشيف والذاكرة، في التراث والحاضر، في المكتبة والشبكة

العنكبوتية إلى حد عياء الحواس وعطالتها، لذا أتوقف عند هذا

القدر، وكأنني أنسلّ من النوافذ التي فتحتها، وكأني لا أود

إغلاقها، بل أستطيع في لحظة من اللحظات أن أطلّ منها إلى عالم

الصورة، إلى سحر الصورة بعينين مغمضتين.

حسن إغلان

علوم وثقافة