أعطـابُ الاسـتـقـبـال العـربي لكتاب "اللفياثان" واقتراحات لإعادة قراءته


فئة :  أبحاث عامة

أعطـابُ الاسـتـقـبـال العـربي لكتاب "اللفياثان" واقتراحات لإعادة قراءته

ملخص:

مما لا شك فيه؛ أن لقاءنا، في العالم العربي، بالفكر الفلسفي الغربي، يمر عبر ثلاث طرائق مختلفة؛ تمر الأولى عبر الاطّلاع على هذا المتن الفلسفي في مصادره، وباللغة الأصلية التي كُتِبَ بها، وهذه هي الطريقة التي يتبعها الدارسون والمتخصصون، الذين يمسكون باللغات الأجنبية. أما الطريقة الثانية؛ فتتم من خلال الاعتماد على الترجمات، التي يقوم بها الباحثون والمفكرون العرب، فينقلون هذه النصوص من لغاتها الأصلية إلى اللغة العربية، مما يتيح إمكانية الاطلاع على هذه النصوص لأكبر عدد ممكن من الطلبة والباحثين. وأخيرًا؛ تعتمد الطريقة الثالثة على الدراسات التي يقوم بها بعض الباحثين العرب للنصوص الفلسفية. وإذا كانت العودة إلى النص، في لغته الفلسفية، أو قراءته مترجمًا، تفرض على القارئ نوعًا من الحياد إزاء النص؛ فإن دراسة النص تسمح للباحث أن يقدم قراءته، وفهمه، وتأويله الخاص، لذلك النص، وهذا ما يفتح المجال أمام إقحام التصورات الجاهزة، والأحكام المسبقة، والمواقف الشائعة، التي، غالبًا، ما يكون صاحبها متأثرًا فيها ببيئته، وثقافته، وانتماءاته المختلفة، وينتج عن ذلك، أحيانًا، أنْ تُلْصَقَ ببعض النصوص والأعمال الفلسفية أحكامٌ جاهزةٌ، تُنَفّرُ المتلقي منها؛ بسبب إقحام بعض الدارسين لمواقفهم الشخصية، وأشكالِ فهمهم السطحية التي لا سند لها في تلك النصوص.

يُمَثِّلُ كتاب "اللفياثان" للفيلسوف الإنجليزي هوبز، نموذج عملٍ فلسفيٍّ مهمٍّ جدًا في تاريخ الفكر الفلسفي الحديث، وفي الوقت نفسه، هو: نموذج للعمل الفلسفي، الذي أُسيءَ فهمه عند المتلقي العربي؛ بسبب الأحكام التصنيفية، والمسبقات التي أُشيعت حول فلسفة هوبز، كتاب "اللفياثان" بشكل خاص، من قِبَلِ بعض الدارسين العرب، والتي تُبَيِّنُ العودة إلى فلسفة الرجل؛ أنها أحكام قيمةٍ لا يوجد ما يبررها حجاجيًّا. سنحاول، في هذا الموضوع، أن نرصُدَ أهم الأحكام المسبقة، والأفكار الشائعة في العالَم العربي عن كتاب اللفياثان، ونثبت، مستندين إلى كتاب اللفياثان نفسه، ابتعادها عن الموضوعية من جهة، وانفلات التفكير الفلسفي عامة من التصنيفات الجاهزة، من جهة أخرى.

ينقسم الموضوع إلى ثلاثة أبواب رئيسة؛ نناقش في الأول: المبررات التي يستند إليها التصنيف المدرسي، الذي يختزل إشكاليات الفلسفة الحديثة، في مشكلة المعرفة والحقيقة، ومعاييرها، وذلك من أجل إثبات محدودية هذا التصنيف المدرسي وسطحيته. وفي الباب الثاني: نركّز على مناقشة مدى مشروعية الحكم الشائع/ القائل: "إن هوبز؛ كان فيلسوفًا يناصر الاستبداد والحكم المطلق"، وهو موقف ورد في دراسة صادرة بالعربية عن هوبز؛ وذلك للوقوف على الأسباب، النظرية والنسقية، التي جعلت هوبز يدافع عن الحكم السياسي المطلق. وأخيرًا، في الباب الثالث: نتوقف عند الدعوى التي صدرت عن أحد المفكرين العرب، والتي يُشَكّكُ من خلالها هذا الباحث في مدى وجاهة ترجمة القسمين، الثالث والرابع، من كتاب اللفياثان إلى العربية؛ بسبب ما يتضمنانه من إحالات على الأناجيل من جهة، وبسبب افتراضه أن الاستقبال العربي ليس مستعدًّا لتلقي هذا العمل، من جهة أخرى. على أن نصل في النهاية إلى خلاصة أساسية، مؤداها: أن قراءة الأعمال الفلسفية بشكل سليم، تقتضي وضعها في سياقها التاريخي والإشكالي، وتجنب أحكام القيمة العامة والتصنيفات الجاهزة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمفكرين وباحثين، يمثلون سلطات معرفية، مما يجعل من مواقفهم الشخصية، عائقًا إبستمولوجيًّا، يحول بين المتلقي العربي، وبين العودة إلى هذه الأعمال الفلسفية بأنفسهم.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو  الضغط هنا