الثورة و الحداثة والإسلام


فئة :  قراءات في كتب

الثورة و الحداثة والإسلام

الثورة و الحداثة والإسلام

حول الكتاب: عبارة عن حوار معرفي أجرته الإعلامية التونسية د.كلثوم السعفي ، أستاذة علم الاجتماع السياسي في جامعة السوربون، جاء الحوار بحثا عن تعميم الوعي بإسلام يحمل الحداثة في روحه، بعيدا عن الرؤى المتحجرة، والفكر الدوغمائي القائم على استدعاء أنماط جاهزة باتت من مخلفات التاريخ ، بعيدا عن مبادئ الإيمان التي تغذي الروح الإنسانية.

جاء الكتاب في مقدمة وثلاثة موضوعات رئيسة:

- الموضوع الأول بعنوان "الثورة التونسية".

- الموضوع الثاني بعنوان "الثورة والحداثة".

- الموضوع الثالث بعنوان "الثورة وإشكالية تحديث الفكر الديني".

الموضوع الأول : "الثورة التونسية"

من خلال إجاباته، تناول الشرفي الأبعاد الاجتماعية والسياسية للثورة التونسية ، واضعا في اعتباره الخصائص التي تميزت بها، في محاولة لتفهم ما تتميز به عن غيرها من الانتفاضات، مؤكدا أنها نتاج لتراكمات عوامل مستمدة من التاريخ مهدت السبيل للثورة؛ فإلى جوار الأسباب القريبة من فساد واستبداد، كانت هناك عوامل بعيدة لتعود لبدايات القرن التاسع عشر .

وأسهب الشرفي في تحليل أسباب الثورة ، وعلى رأسها بطالة المتعلمين؛ حيث أصبح حاملو الشهادات بعامل البطالة من جهة، وما حصلوه من تعليم عنصرا رئيسا من عناصر التمرد، وكيف أدى الخلل الذي حدث على مستوى البرامج والإطار التدريسي إلى تدهور المنظومة التعليمية ككل، مؤكدا على الدور الذي لعبه جيل الشباب في الأحداث .

واستعرض الشرفي التراكمات التاريخية للحركات الثورية التي قامت في تونس، ومهدت للثورة، مثل أحداث 1978 وأحداث الخبز عام 1984 ، والتي انطلقت من الولايات الداخلية قبل أن تصل إلى تونس العاصمة، وثمن دور الإعلام والقنوات المتلفزة التي لعبت دورا مهما، وما قام به الشباب على الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي ، من تعميم الشعارات وتنسيق مواعيد المظاهرات، وعن مزايا الثورة أكد أنها تبرز المكبوت، وتعلي من قيمة الحس الوطني الذي لا يمكن أبدا القضاء عليه .

الموضوع الثاني : الثورة و الحداثة

يذهب الشرفي من خلال إجاباته في هذا المحور إلى أن الحداثة عوضت الأيديولوجيات التي فشلت في تحقيق مبادئ الحرية والعدالة، وأن القيم الحداثية أصبحت "مدخلنة" –على حد تعبيره- لدى الشعوب العربية، مما يجعل التخلي عنها أمرا عسيرا، وكيف أن هناك نقلة نوعية حدثت في الضمير الجمعي العربي؛ حيث لا يمكن أن يقبل بغير قيم الحداثة الكونية من حرية وعدالة ومساواة، ويرى الشرفي أن الدين لا يحد بالضرورة من الصبغة الحداثية، فليس الدين –في رأيه- هو الذي ضد الحداثة أو معها، وإنما كيف يستغل الدين .

ويؤكد الشرفي أن ثورة تونس هي ثورة حداثية في عدد كبير من تجلياتها ، وإن كان غير متأكد من أنها ستكون وفية في المستقبل القريب لكل مظاهر الحداثة، والتي لا يمكن أن تنتشر في مجتمعات زراعية تقوم على نظام القبيلة.

وفي معرض حديثه، تطرق إلى دور بورقيبة في تجسيم مجتمع حداثي في تونس، وهو مشروع بدأ منذ القرن التاسع عشر، لكنه يرى أن مشروع بورقيبة لم يكن تحديثا كاملا؛ لأن التحديث الكامل يقتضي الثقة في الفرد وفي المواطن، وبورقيبة لم يكن يثق في نضج الشعب التونسي، ويرى في نفسه وصيا عليه .

كما يذهب الشرفي إلى القول إنه لا يمكن اعتبار أي مكتسب من مكتسبات الحداثة مكتسبا نهائيا ، وإن كل المكتسبات في حاجة إلى يقظة مستمرة للدفاع عنها وتطويرها؛ فالحداثة في رأيه مشروع لا ينتهي، هي مشروع وسيرورة، وهي إنجاز لا يكتمل، كما تناول قضية الهوية منتقدا وضعها في مواجهة الحداثة، وكيف إن الدفاع عن الهوية لا يعني الانخراط في تيار معاد للحداثة؛ لأن الهوية مثلها مثل الحداثة، ليست معطى جامدا، بل هي أيضا سيرورة.

الموضوع الثالث بعنوان "الثورة و إشكالية تحديث الفكر الديني"

وفيه تحدث عن القراءة المعاصرة للنص القرآني، وأهمية العودة إلى النزعة العقلية، أو الرجوع إلى عصر ما قبل التدوين وإلى النص القرآني مباشرة؛ أي اختراق الطبقات التأويلية المتوالية لهذا النص، وكيف أن التلقي للكلام الإلهي قد مر عبر شخصية الرسول، وعبر ثقافة الرسول، كما تناول قضية الوحي والتنزيل، ومسألة التدوين ، وتحدث عن الجهد الذي يتحتم القيام به في مجال التحديث، والابتعاد عن الدوغمائية النقلية التي جمدت عقول المسلمين طويلا، والانطلاق نحو فضاءات جديدة يتم بها إعلاء قيمة الإنسان، وتثمين عقله في مواجهة التحديات .