السلطة الرّوحيّة


فئة :  أبحاث محكمة

السلطة الرّوحيّة

السلطة الرّوحيّة*


الملخّص:

يقول نادر الحمّامي، في الصفحة الحادية والأربعين من كتابه: «كان بحثنا، في فصوله كلّها، منطلقاً ممّا تطرحه قضيّة معيّنة من إشكاليّات غير مقبولة في الضمير الإسلاميّ، لننتقل، بعد ذلك، إلى محاولة بيان كيفيّة رسم صورة صحابيّ معيّن لدى المسلمين، حيث يتمّ درء كلّ ما من شأنه أن يخلّ بما ينسب إلى الصحابة من فضائل ومناقب، أو يخلّ بعدالة واحد منهم».

يمثّل هذا التمشّي التطبيقيّ توظيفاً لنظريّة التمثّل الاجتماعي في دراسة دور المتخيّل في إضفاء المعنى على التاريخ الجماعي الإسلامي، من خلال رسم صورة أبطاله الرّمزيّين، وهم صحابة الرّسول، خلفاؤه الرّاشدون.

في هذا السياق، كان اهتمام الباحث، في هذا الفصل، بشخصيّة عليّ، بوصفها واحدةً من أبرز إشكاليّات الضمير الإسلامي، لكشف مظاهر إشكاليّة هذه الشخصيّة، والدوافع التي أنتجتها، والطموحات التي علقت بها في الضمير السنيّ، والآليّات التي اعتمدها محدّثو السنّة، وإخباريّوهم، ورواتهم، لتحقيق الرّهانات الأربعة التي تعلّقت بها.

هذه الرّهانات يذكرها الباحث في الصفحة الثامنة عشرة بعد المئتين من كتابه، فيقول:

«شخصيّة عليّ مشكلة في الفكر الإسلاميّ، وكان من الضروريّ أن توجّه فضائله ومواقفه نحو عدّة أهداف نوجزها في:

- تبرئته من دم عثمان.

- تعديله، وتعديل خصومه من الصحابة المطالبين بدم عثمان، في الآن نفسه.

- بيان أحقيّته بالخلافة وفق ما وقع في التاريخ؛ أي دون أن يكون هو الأولى بالخلافة على حساب أبي بكر، وعمر، وعثمان، وفي هذا ردّ على الفرق المخالفة لأهل السنّة.

- الردّ على خصومه من الخوارج».

في اتّجاه هذه الأهداف المتعارضة، في الغالب، تصرّف الضمير الإسلاميّ السنيّ مع هذا الشخصيّة الإشكاليّة، ومن تعلّق بها من الصحابة، في الحادثة الكبرى لهذا الضمير، وهي حادثة الفتنة، وجرّه ذلك إلى تناقضات كثيرة كشفها الباحث.

بداية الباحث كانت من شخصيّة عائشة، فهي الشخصيّة المحوريّة الأولى في تلك الفتنة، وكان على الضمير الإسلاميّ السنيّ أن يبرّئها من دم عليّ، فأخفى نفرتها منه، ولاسيّما بعد حادثة الإفك، وبيعة والدها بالخلافة، وحمّل مسؤوليّة تحريضها على قتال عليّ طلحة والزبير، وأهدافهما السياسيّة. ثمّ انتقل الباحث إلى طلحة والزبير، فقد كان على هذا الضمير، من ناحية أخرى، أن ينقذ هاتين الشخصيّتين، خوفاً على نموذجيّة الصحابة، فروى عنهما روايات تبغي تعديلهما، منها بيعتهما لعليّ، وهما يحاربانه حتّى أثناء موت أحدهما. ثمّ كان الاهتمام بشخصيّة عليّ، فكشف الباحث مساعي الرواة إلى أمثلة صوّرته، كان عليهم في هذه الأمثلة أن يوفّقوا بين مختلف شروط صراعهم مع معارضيهم فيه؛ الشيعة والخوارج، فعوّلوا على ممكنات التأويل، وفسّروا ما رووه عنه من مناقب، في اتجاه يمنعها من أن تمسّ بأحقيّة الصحابة الثلاثة الأوائل بالخلافة. بهذا الهدف أوّلوا مناقبه، وتعاملوا مع حديث غدير خمّ، ومع فضل قرابته من النبيّ.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا


* يمثّل هذا العمل الفصل الثالث من الباب الأوّل من كتاب (صورة الصحابيّ في كتب الحديث)، تأليف نادر الحمّامي، منشورات مؤسّسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث والمركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2014م.