النيوليبرالية فلسفيًا


فئة :  ترجمات

النيوليبرالية فلسفيًا

النيوليبرالية فلسفيًا([1])

على الرغم من عدم اتفاق جميع الباحثين على معنى المصطلح، إلا أنه يُعتقد الآن وعمومًا أن (النيوليبرالية) (neoliberalism) تصف وجهة النظر الفلسفية القائلة بأن المؤسسات السياسية والاقتصادية للمجتمع يجب أن تكون ليبرالية ورأسمالية بقوة، ولكن تكملها ديمقراطية محدودة دستوريًا ودولة رفاه متواضعة، حيث تظهر الأعمال الأخيرة حول النيوليبرالية، بهذا المفهوم، بأنها فلسفة سياسية محكمة ومميزة.

يشرح هذا المدخل النيوليبرالية من خلال دراسة المفاهيم السياسية والمبادئ والسياسات التي يتقاسمها كلٌ من فريدريك فون هايك (F. A. Hayek)، وميلتون فريدمان (Milton Friedman)، وجيمس بوكنان (James Buchanan)، وجميعهم يلعبون أدوارًا رائدة في البحث التاريخي الحديث حول النيوليبرالية، وجميعهم كتبوا في الفلسفة السياسية وكذلك في الاقتصاد السياسي، حيث يوفر تحديد الموضوعات المشتركة في عملهم صورة مضيئة للنيوليبرالية كعقيدة سياسية محكمة.

بعد تحديد بعض التوصيفات غير الملائمة للنيوليبرالية، يناقش هذا المدخل بشكل نقدي المواقف النيوليبرالية تجاه الليبرالية (liberalism)، والرأسمالية (capitalism)، والديمقراطية (democracy)، ودولة الرفاه (welfare state)، وينتهي بمناقشة الانتقادات الشائعة.

1. تفسير مصطلح صعب:

لسنوات عديدة، ظل مصطلح (النيوليبرالية) يبحث عن مرجع هل النيوليبرالية هي أيديولوجية (فتشية) لتقديس السوق؟ أم إنها برنامج سياسي يهدف إلى ترسيخ حكم الطبقة الرأسمالية؟ هل النيوليبرالية عدو الدولة؟ أم إنها تحابي الحكومة للحفاظ على ظروف الأسواق التنافسية؟

حيث يجادل راجيش فينوغوبالRajesh Venugopal)) بأن النيوليبرالية: (أصبحت الآن معترفًا بها على نطاق واسع في الأدبيات، باعتبارها مصطلحا مثيرا للجدل، ومتفككا ومليئا بالأزمات، حتى من قبل العديد من أكثر ناشريها تأثيراً) (راجع، Venugopal. 2015:166).

وعلى غرار ميشيل فوكو (Michel Foucault) (راجع، Michel Foucault. 2004[2010]). يمكن القول إن تقييم فينوغوبال كان مناسبًا قبل عشر سنوات فقط.

لكن العديد من المعالجات الحديثة للنيوليبرالية (راجع، Burgin 2012؛ Biebricher 2018؛ Slobodian 2018؛ Whyte 2019) ساعدت في إعطاء شكل لمفهوم سياسي غير مكتمل. كما يزعم كوين سلوبوديان (Quinn Slobodian):

(في العقد الماضي، بُذلت جهود استثنائية لإضفاء الطابع التاريخي على النيوليبرالية ومواصفاتها للحوكمة العالمية، وتحويل (الشتائم السياسية) أو (الشعار المناهض لليبرالية) إلى مادة لبحث أرشيفي دقيق). (راجع، Slobodian. 2018:3).

على نفس المنوال، يرى توماس بيبريشر (Thomas Biebricher) بأن النيوليبرالية لم تعد تواجه عقبات تحليلية أكبر من المواقف السياسية الأخرى مثل النزعة المحافظة (conservatism) أو الاشتراكية (socialism)، (راجع، 2018:9-8 .Biebricher).

ففي ضوء هذا العمل التاريخي الحديث، نحن الآن في وضع يسمح لنا بفهم النيوليبرالية كنظرية سياسية مميزة، حيث ترى النيوليبرالية أن المؤسسات السياسية والاقتصادية للمجتمع يجب أن تكون ليبرالية ورأسمالية بقوة، ولكن أيضًا يجب أن تكملها ديمقراطية محدودة دستوريًا ودولة رفاه متواضعة.

يؤيد النيوليبراليون الحقوق الليبرالية واقتصاد السوق الحر لحماية الحرية وتعزيز الرخاء الاقتصادي، حيث النيوليبراليون هم ديمقراطيون على نطاق واسع، لكنهم يشددون على قيود الديمقراطية بقدر ما يشددون على ضرورتها.

وبينما يعتقد النيوليبراليون عادةً أن الحكومة يجب أن توفر التأمين الاجتماعي والسلع العامة، فإنهم يشككون في الدولة التنظيمية، والإنفاق الحكومي الواسع، والسياسة التي تقودها الحكومة لمواجهة التقلبات الدورية. وبالتالي، فإن النيوليبرالية ليست مجرد عقيدة اقتصادية وفقًا لنيوليبرالية بيبريشر: (تتناول بشكل صريح الشروط المسبقة غير الاقتصادية للأسواق العاملة والتأثيرات التفاعلية بين الأسواق ومحيطها) (راجع، 27 :2018 .Biebricher).

والنيوليبراليين يتشاركون في: (مشكلة كيفية تحديد العوامل التي لا غنى عنها للحفاظ على الأسواق العاملة وصيانتها). (راجع، 26 :2018 .Biebricher).

في حين يزعم سلوبوديان بأن جميع النيوليبراليين: (يرون المشروع الفكري على أنه إيجاد (الدولة) والموقف الصحيح والقانون المناسب لخدمة نظام السوق). (راجع، 2018:87Slobodian.)

وهكذا يقدم النيوليبراليون وصفات مؤسسية فريدة على أسس مميزة. فالأهم من ذلك، إذن، أن النيوليبرالية كعقيدة فلسفية ليست محاولة لإخضاع المؤسسات بفكرة أن الفاعلين البشريين (الوكلاء للفاعلية الانسانية) هم الإنسان الاقتصادي (homo economicus) ([2]) (راجع، Brown 2019).

بدلاً من ذلك، باتباع جيسيكا وايت (Jessica Whyte) فإن النيوليبرالية، لها بُعد معياري يتجاوز البعد الاقتصادي، منذ ان اعتقد النيوليبراليون: (أن وجود سوق تنافسية فعالة يتطلب أساساً أخلاقياً وقانونياً كافياً) (راجع، Whyte. 2019: 8)، حيث تضمنت الحجج الخاصة بالمؤسسات النيوليبرالية مناشدة للمبادئ المعيارية (راجع، 233 ;2019:14 whyte.).

يمكننا تفسير النيوليبرالية بشكل مفيد من خلال دراسة المفاهيم السياسية والمبادئ والسياسات التي يتقاسمها ثلاثة اقتصاديين سياسيين في القرن العشرين: فريدريك فون هايك، وميلتون فريدمان، وجيمس بوكنان. وبينما تم تدريبهم كاقتصاديين، كتب الثلاثة في النظرية السياسية، وقام هايك وبوكنان بذلك على نطاق واسع، حيث يوفر تحديد الموضوعات المشتركة في عملهم صورة دقيقة ومضيئة للنيوليبرالية كمذهب فلسفي.

تم اختيار هذه الشخصيات للإجابة على البحث التاريخي المذكور أعلاه حول النيوليبرالية، حيث يحدد بيبريشر جميع هذه الشخصيات الثلاث على أنهم نيوليبراليون، على الرغم من أنه يعتبر أيضًا (الليبراليون المنظمون) (الأوردوليبرالون) (ordoliberals) الذين يركزون على أوروبا، وتحديداً والتر أوكن (Walter Eucken)، وفيلهلم روبك (Wilhelm Röpke) وأليكساندر روستو (Alexander Rustow)، على أنهم نيوليبراليون (راجع، 2018:2 Biebricher.).

بينما يحدد سلوبوديان، (فريدمان وهايك وبوكنان) على أنهم نيوليبراليون، على الرغم من أنه يضم أيضًا الليبرتاري لودفيج فون ميزس (Ludwig von Mises)، ([3]) وسلسلة طويلة من الأوردوليبرالون؛ كما أنه يركز تحليله على ما يسميه (النيوليبرالية لمدرسة جنيف)، حيث تركز على قدر كبير من الفكر النيوليبرالي المتعلق بالمؤسسات العالمية ([4]) (راجع، 2018:268 Slobodian.).

في حين تركز وايت على هايك وفريدمان أكثر من بوكنان، لكنها تضمنهما في مجموعة أكبر من الشخصيات (راجع, Whyte. 2019:31).

لذلك، في حين أن هايك وفريدمان وبوكنان ليسوا النيوليبراليين الوحيدين، إلا أنهم محوريون في التحليل التاريخي الحديث. ومن خلال التركيز على أفكارهم، فإننا لا نخفف عبء التحليل فحسب، بل نوفر مساحة للتركيز على الأفكار النيوليبرالية كما صاغها مؤيدوها الأكثر تأملًا وبصيرة.

علاوة على ذلك، قال النيوليبراليون الآخرون أقل بكثير عن التزاماتهم الفلسفية، لذلك لدينا مواد أقل للعمل ضمنها.

ربما يجعل الصمت النسبي للنيوليبراليين الآخرين من الصعب تبرير استخدام هايك وفريدمان وبوكنان لتمثيلهم، لكن تحالفاتهم السياسية المشتركة وسياساتهم تظهر تداخلًا كبيرًا ([5]).

يختلف نهج هذا المدخل في تعريف النيوليبرالية عن نهج بيبريشر، وسلوبوديان، ووايت، وويندي براون (راجع، 2019 .Brown) بنفس الطريقة التي يختلف بها المنظرون السياسيون والفلاسفة عن المؤرخين، وبالتأكيد ككيفية اختلاف الفلاسفة عن المنظرين السياسيين. حيث يمكن فهم النيوليبرالية على أنها عقيدة ثابتة إلى حد ما لتوفير أساس للتقييم، ويمكن أن يخدم ذلك لاحقًا في تفسير الاختلافات في وجهة النظر. وربما يكون من الطبيعي التعامل مع النيوليبرالية كنظام ديناميكي للأفكار، كما يفعل المؤرخون، وحتى بعض المنظرين السياسيين. ورغم ذلك، فإن مراجعة هايك وفريدمان وبوكنان تكشف عن عقيدة ثابتة بما يكفي لاعتبارها نوعًا من الفلسفة السياسية.

استخدام مصطلح (النيوليبرالية) في هذا المدخل لا يناسب جميع استخدامات المصطلح. وبالتالي، فإن الهدف ليس شرح ما تعنيه (النيوليبرالية) حقًا في جميع استخداماتها، بل تقديم معنى يستند إلى ثلاثة معايير.

أولاً، يجب استخدام مصطلح (النيوليبرالية) للإشارة إلى مجموعة متماسكة من الوظائف.

ثانيًا، يجب استخدامه لاستخلاص وجهات نظر تلك الشخصيات التي غالبًا ما ترتبط بالوظائف.

أخيرًا، يجب أن نركز على استخلاص أكثر الاستخدامات جدية وانصافًا للمصطلح، مثل المؤرخين الأكاديميين، بدلاً من الاستخدامات الأكثر شيوعًا والازدراء لـ (النيوليبرالية).

يلبي تفسير هذا المقال لمعنى المصطلح المعايير الثلاثة جميعها. إنه يحدد عقيدة متماسكة مفهومة في ضوء آراء مؤيديها، ويتداخل استخدامه للمصطلح مع الاستخدامات الأكثر دقة للمصطلح من قبل المؤرخين الأكاديميين المعاصرين. حيث نسعى لتحقيق الأهداف الثلاثة من خلال تحديد الالتزامات المشتركة في فكر هايك وفريدمان وبوكنان.

2. توصيفات غير كافية:

إذا أردنا أن نفهم النيوليبرالية من منظور أفكار أولئك المرتبطين بها عمومًا، والاستخدامات التي اقترحها المؤرخون، فيجب أن نفهم النيوليبرالية كعقيدة حول كيفية تنظيم السياسة والاقتصاد. إنها ليست نظرية عدل أو شرعية. وبدلاً من ذلك، يلجأ النيوليبراليون إلى تعددية الاعتبارات الأخلاقية لتبرير تأليفاتهم المفضلة.

ويجب علينا أيضًا تجنب تعريف النيوليبرالية على أنها مناسبة لأي من الفئات الأربع التالية. لذا لا ينبغي تحديد النيوليبرالية على أنها: (§1.2) الإيثوس (ethos) ([6]) أو مفهوم للحياة الكريمة، (§2.2) مدرسة فكرية ضمن النفعية (utilitarianism)، (§3.2) نسخة من الليبرتارية (libertarianism)، أو (§4.2) نظرية مثالية (ideal theory).

1.2. النيوليبرالية كإيثوس (ethos):

يعتقد الكثيرون أن المجتمعات النيوليبرالية تضع الربح قبل القيم المركزية الأخرى. فعلى سبيل المثال، ديفيد هارفي (David Harvey)، يجادل بأن: (تقدر النيوليبرالية تبادل السوق على أنه "أخلاقي في حد ذاته، قادر على العمل كدليل لجميع الأعمال والأفعال البشرية، واستبدال جميع المعتقدات الأخلاقية التي كانت موجودة سابقًا") (راجع، 2005: 3 .Harvey).

بينما يصر جورج مونبيوت (George Monbiot) على أن النيوليبرالية: (تعتبر المنافسة السمة المميزة للعلاقات الإنسانية. إنها تعيد تعريف المواطنين كمستهلكين). (راجع، 2016. Monbiot).

وتوافق ويندي براون (WendyBrown) على ذلك (راجع، 2019 Brown.). حيث يقول البعض إن النيوليبرالية هي أيديولوجية، حيث من المفترض أن يركز الجميع على الرخاء الاقتصادي أو النمو الاقتصادي. بينما يقول آخرون إن النيوليبرالية هي إيثوس المؤسسة والتي ترفض المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، وبدلاً من ذلك توصي المؤسسات والشركات بالتركيز فقط على أرباحها النهائية (راجع، . 2010: 13 Steger & Roy).

لكن النيوليبراليين بدلاً من ذلك يقدمون وجهة نظر حول تصميم المؤسسات الاجتماعية، وليس إيثوس معين للحياة الاجتماعية. ففي الواقع، ليس لديهم الكثير ليقولوه حول كيفية عيش الحياة الكريمة. في المقابل، يجادل النيوليبراليون بأن دفاعهم عن الرأسمالية لا يستلزم السعي وراء الربح كأسلوب حياة، وأن الأسواق لا تنتج أشخاصًا يتمتعون بهذا الإيثوس. صحيح أنهم يعتقدون أن بعض المواقف والقيم، مثل التركيز المفرط على العدالة الاجتماعية، والمساواة في النتائج، والعداء لكل مسعى وراء الربح، يمكن أن يقوض أسس المجتمع الحر. لكن هذا لا يعني أنهم يتبنون الإيثوس الاستهلاكية.

للتوضيح، ضع في اعتبارك فريدمان، حيث يعتقد فريدمان أن جزءًا من قضية الحرية هو أننا لا نعرف ما يجب على الأشخاص تقديره؛ لأنه لا أحد يعرف حقًا ما تتكون منه الحياة الكريمة؛ يعد المجتمع الحر أمرًا جيدًا لأنه يسمح للناس بتجربة أشكال مختلفة من الحياة للإجابة عن هذه الأسئلة بأنفسهم (راجع، Friedman. 1987 [2017: 185]).

وبينما أعلن فريدمان أن الواجب الأول للشركات هو تعظيم الأرباح لمساهميها، وأن السياسة العامة يجب أن تضمن أن تعظيم الأرباح يعمل لصالح الجميع، حتى إنه لا يدافع عن حساب معين لما يجب على الأشخاص تقديره (راجع، 1962 a [2002: 133] Friedman).

إن هايك وبوكنان أكثر وضوحًا في إنكار أن الحياة الكريمة تتكون من غايات اقتصادية مثل تعظيم الثروة، حيث يؤكد بوكنان (راجع، 343:1991Buchanan ) على المسؤولية الأخلاقية الشخصية، والالتزام بالمعايير الاجتماعية التي تمنع الديون (راجع، 1987: 456، 461 Buchanan)، واتباع "القواعد الأخلاقية والمعنوية أو مبادئ السلوك" (راجع، 1999: 451Buchanan ).

بينما يعتقد هايك أن الحياة الاجتماعية في مجتمع حر تتطلب أن يتبع الناس مجموعة من القوانين والمعايير التي لا علاقة لها بالسعي وراء الربح، ولطالما كانت العديد من هذه القواعد والقوانين أقل من تفكيرنا الواعي (راجع، Hayek 1973).

ومن المثير للدهشة أن كلا من هايك وجيوفري برينان (G. Brennan) وبوكنان يعتقدون أن المجتمعات الحرة تحتاج إلى أشخاص مستعدين للتصرف على أساس دوافع دينية بشكل جوهري. (راجع، 1988: 135–142Hayek) (راجع، 1985: 150Brennan ).

من المسلم به أن فريدمان وبوكنان يستخدمان (الإنسان الاقتصادي) لفهم الكثير من السلوك البشري. لكن بوكنان يفهم الإنسان الاقتصادي على نطاق واسع، حيث يمكن أن "يُنظر إليه على أنه يعظم أي شيء تقريبًا على الإطلاق"، وبالتالي لا يوجد لديه التزام متأصل، مثلاً، لتعظيم الثروة.

(راجع، Brennan and Buchanan. 1981: 81).

2.2. النيوليبرالية كمدرسة فكرية ضمن النفعية:

يدعي بعض المنظرين أن (الليبرالية الكلاسيكية) (classical liberalism)([7])، مصطلح يستخدم غالبًا للإشارة إلى النيوليبراليين الثلاثة لدينا، هو في الأساس نفعي في فهمه لأساس النظام الاجتماعي (راجع، Freeman 2011: 25)([8]).

ومع ذلك، فإن بوكنان متعاقد معلن ويرفض النفعية لأنها تتطلب تجميع القيم الشخصية بطرق يعتقد بوكنان أنها مستحيلة أو غير مقبولة. (راجع، 1975 Buchanan)([9]). بينما يصف الكثيرون فريدمان بأنه منفعي، إلا أنه) يقول "أنا عن نفسي لم أقبل النفعية مطلقًا" (راجع, [Friedman 1974a [2017: 72). لم يكن المقصود من دفاع فريدمان عن السوق الحرة على أنها تعظيم المنفعة أن يشير ضمنيًا إلى أن الناس يفتقرون إلى الحقوق الأساسية التي قد تمنع تعظيم المنفعة في بعض الحالات. يركز فريدمان على الاعتبارات القائمة على المنفعة؛ لأنه يعتقد أن لها قبول عالمي. بينما هايك لا يرفض فقط النفعية، بل يرفض الطبقة الأوسع من النظريات العواقبية للنظام الاجتماعي: إنه يرفض أي طلب للتبرير حيث ترتكز الأخلاق على إنتاجها لهدف معين، مثل السعادة. (راجع، 1988: 69 Hayek). ومن الأفضل وصف هايك بأنه متعاقد (راجع، 1978: 132Hayek).

3.2. النيوليبرالية كليبرتارية:

النيوليبراليون أكثر ودًا مع الدولة القومية من الليبرتاريين. إضافة إلى، غالبًا ما يناقش الليبرتاريون البنى المؤسساتية مباشرة من النظرية الأخلاقية ونظرية العدالة، وهو نهج اتخذه روبرت نوزيك (Robert Nozick) (راجع، 1974 Nozick).

في المقابل، نادرًا ما يلجأ النيوليبراليون إلى تجسيد نظريات العدالة، مثل نظرية الحقوق الطبيعية، حتى لو كانوا يلجؤون إلى لغة العدالة في نقطة مختلفة. للتركيز على قضية نظريات الحقوق الطبيعية للعدالة، لا يؤمن بوكنان بها، حيث بدأ أطروحته حول الفلسفة السياسية، (حدود الحرية)، بإصرار على أنه لا توجد أخلاق تتجاوز ما نتفق عليه (راجع، Buchanan. 1975: 1).

بينما بالكاد يعلق هايك على الحقوق الطبيعية، ويناقشها فريدمان بشكل خطابي بالدرجة الأولى. هذا لا يعني أن النيوليبراليين يرفضون القيود الواجبة على استخدام سلطة الدولة.

تمنع الانتماءات التعاقدية لهايك وبوكنان السعي وراء الحرية والرخاء بطرائق لا يمكن للجميع الموافقة عليها.

وبدلاً من ذلك، يركز النيوليبراليون على الحجج القائمة على العواقب من أجل الليبرالية دون تبني العواقبية. إنهم ببساطة يبررون الليبرالية جزئيًا بناءً على الادعاء بأن الليبرالية لها عواقب حميدة، حيث يجادل أحدهم بطريقة أفضل بأن النيوليبرالية هي إحياء وتجديد القرن العشرين للأفكار الليبرالية الكلاسيكية رداً على بعض التحديات الخاصة بالقرن العشرين. نشأت النيوليبرالية في أواخر الأربعينيات كرد فعل لثلاثة أيديولوجيات في القرن العشرين التي دعت إليها الدول الكبرى: الشيوعية (communism) (كأبرز أشكال الاشتراكية)، والفاشية (fascism)، والديمقراطية الاجتماعية (social democracy). سعى النيوليبراليون إلى حصر سلطة الدولة في مجموعة من الوظائف المحدودة للغاية أكثر من تلك التي تقوم بها دول واسعة ضمن هذه الأنواع الثلاثة، حيث كان عمل هايك حول نظم المعلومات استجابة للتخطيط المركزي الشيوعي. وكانت نظرية فريدمان النقدية استجابة لسياسة الاقتصاد الكلي الكينزية (Keynesian macroeconomic)([10]). وكان برنامج بوكنان البحثي للاختيار العام بمثابة استجابة لاقتصاديات التوازن العام (economics of general equilibrium)([11]) واقتصاديات الإخفاق السوقيةmarket failure economics))([12]).

4.2. النيوليبرالية كنظرية مثالية:

لقد توصل الفلاسفة إلى فهم النظرية المثالية بعدة طرائق، ولكن يمكننا اتباع فهم جون رولز (John Rawls) للنظرية المثالية على أنها تصف أفضل نظام اجتماعي وسياسي في ضوء بعض التفسيرات السامية للطاقات البشرية والسلوك والظروف الطبيعية، ولا سيما الاستعداد للامتثال للمؤسسات التي تجسد المفهوم الصحيح للعدالة (راجع، Rawls 1971 [1999: 7–8, 215–6, 308–9]).

تقدم النظريات المثالية للعدالة روايات عن (اليوتوبيا الواقعية) (realistic utopia) التي يجب على المواطنين أن يناضلوا من أجلها، وهي مجتمع يعمل فيه كل فرد كما تتطلب العدالة من خلال الامتثال الكامل للقواعد والقوانين المؤسسية العادلة (راجع، 13، Rawls. 2001: 4).

يرفض النيوليبراليون كلا عنصري التنظير السياسي. أولاً، يميلون إلى رفض التنظير حول المثالية. هذا لأن النيوليبراليين غالبًا ما يشككون في قدرتنا على اكتساب المعرفة الأخلاقية؛ حيث هناك حاجز معرفي فعلاً أمام معرفة ما هو الحق وما هو الخير. ومجددًا، يقول فريدمان مرارًا وتكرارًا أن قضية المجتمع الحر هي أننا لا نعرف "ما هي الخطيئة" ويجادل هايك أنه، نظرًا لمحدودية معرفتنا: (من المشكوك فيه على الأقل في هذه المرحلة ما إذا كان المخطط التفصيلي للنظام الداخلي للمجتمع مرغوب فيه وسيكون ذا فائدة كبيرة - أو ما إذا كان أي شخص مؤهلًا لتقديمه) (راجع، 1944 [2007: 237]. Hayek).

لا يعتقد هايك أن الفلاسفة السياسيين يبتكرون المجتمعات. بالأحرى، لا يعتقد النيوليبراليون أنهم في وضع يسمح لهم بوصف كيفية عمل المجتمع المثالي.

حيث بات، من المهم أن بوكنان أناركي فلسفيًا: "المجتمع المثالي هو الأناركي، حيث لا يقوم شخص أو مجموعة من الناس بإكراه شخص آخر" (راجع، 1975: 91–106Buchanan). وبينما يعتقد فريدمان أنه: "من المستحسن أن يكون لديك رؤية للمثالية" ويبدو أنه يتبنى الليبرتارية على أنها تلك المثالية. (راجع، 1974 a [2017: 87] (Friedman. علاوة على ذلك، قد يعتقد أن العديد من سياسات دولة الرفاه المفضلة لديه لن تكون جزءًا من نظام اجتماعي مثالي. على كل حال، يعتقد كل من فريدمان وبوكنان أن محاولات الوصول إلى النموذج المثالي يمكن أن تأتي بنتائج عكسية، وبالتالي يجب على الاقتصاد السياسي التركيز على إجراء تحسينات هامشية على المؤسسات.

وبهذه الطريقة، يكون للنيوليبراليين أحيانًا مُثُل سياسية، لكنها ليست مركزية في عقيدتهم السياسية والاقتصادية؛ أي فيما يدعون إليه بالفعل.

ثانيًا، هايك (راجع، 1944 [2007: 157–170] Hayek) وفريدمان (راجع، 1962 [2017: 23] Friedman) وبوكنان (راجع، Buchanan and Tullock 1962) ينكرون جميعًا أننا يجب أن نميل إلى الامتثال لما تتطلبه العدالة والقانون. حيث يخطئ الناس، خاصة عندما يكون لديهم الكثير من السلطة. وكما يقول فريدمان، "يتصور الليبراليون الناس على أنهم كائنات قاصرة" ويفترض أن تنظيم المجتمع يتعلق "بمنع الأشخاص (السيئين) من إلحاق الأذى" بقدر ما يتعلق بمساعدة الآخرين على فعل الخير (راجع، 1962b [2017: 23] Friedman). بينما مشروع بوكنان هو تنظير السياسة (بدون مبالغة ومغالاة) وإنكار جدوى الاتفاق التعاقدي على مبادئ العدالة.

وإذا كان هناك أي شيء، فإن الامتثال هو متغير داخلي في نماذج النظام الاجتماعي الخاصة بهم، حيث ستنتج مجموعات مختلفة من القواعد والقوانين الاجتماعية، مستويات مختلفة من الامتثال ويجب اختيارها جزئيًا على هذا الأساس. باختصار، لا يعتبر الامتثال أبدًا أمرًا مفروغًا منه.

ترتبط نظريتهم غير المثالية أيضًا بمعارضتهم للاشتراكية من جميع الأنواع: حيث الاشتراكية هي نظرية مثالية غير مسؤولة تعتمد جدواها المزعومة بالكامل على الافتراض غير المشروع بأن الطبيعة البشرية يمكن تعديلها لجعل الأشخاص أكثر عقلانية وإيثارًا. لن يعمل المجتمع كما يتوقع الاشتراكيون.

3. الليبرالية (Liberalism):

يعتبر هايك وفريدمان وبوكنان أنفسهم أولاً وقبل كل شيء مدافعين عن الحرية الفردية وحرية الجماعات الصغيرة مثل الأسرة. عادة ما يتم تفسير الحرية بشكل سلبي، كما هو الحال عندما يقول هايك إن الحرية تكون عندما "يتم تقليل إكراه البعض من قبل الآخرين قدر الإمكان في المجتمع" (راجع، 1960 [2011: 11] Hayek). يحدث الإكراه: (عندما يتم اتخاذ تصرفات أحدهم لخدمة إرادة شخص آخر، ليس لمصلحته بل لغرض الآخر) (راجع، 1960 [2011: 133] Hayek).

(نحن نبقي السلطة القسرية تحت السيطرة من خلال تحديد المجال الخاص للنشاط الفردي والحد من سلطة الدولة) (راجع، Caldwell. 2004: 289). يعتقد فريدمان بالمثل. حيث تُفهم ليبراليته على أنها احتضان: (حكومة تقتصر في المقام الأول على الحفاظ على الهيكل القانوني الذي يسمح للناس بالتعاون الطوعي في السوق، وتكون سلطتها موزعة) (راجع، Butler. 1985: 22). وبالنسبة إلى فريدمان، الليبراليون: (اتخذوا حرية الفرد، أو ربما الأسرة، كهدف نهائي لنا في الحكم على الترتيبات الاجتماعية) (راجع، Friedman. 1962b [2017: 22]).

وبشكل أكثر مباشرة: "أعرّف الحرية على أنها عدم إكراه شخص على شخص آخر" (راجع، 1987 [2017: 185] Friedman).

لا يتبنى النيوليبراليون دائمًا المفاهيم السلبية عن الحرية وحدها. ويمكن تفسير مفهوم هايك للحرية على أنه جمهوري، كوجهة نظر مفادها أن المرء يتحرر عندما يكون في مأمن من التدخل التعسفي؛ لأن هايك كان قلقًا مرارًا وتكرارًا من انخراط الحكومة في الضوابط التعسفية التي تمنع الناس من تطوير خطط طويلة الأمد (راجع، 1960 [2011: 11] Hayek). وهذا يفسر إلى حد ما سبب إصراره على أن المجتمع لا يمكن أن يكون حراً إلا عندما يكون محكوماً بسيادة القانون؛ لأنه عادة عندما يتدخل القانون قسراً، فإنه يتدخل بطريقة غير تعسفية ويمكن التنبؤ بها (راجع، 1960 [2011: 21، 153] (Hayek. في حين أن بوكنان لا يشارك هايك تعاطفه الجمهوري، فإنه يوافق أيضًا على أن القواعد العامة تجعل الحرية ممكنة.

وبشكل حاسم، لا يتبنى أي من هؤلاء المفكرين الثلاثة مفهومًا أخلاقيًا للحرية حيث الحرية هي حالة الشخص الذي تُحترم حقوقه، على عكس الليبرتاريين مثل نوزيك (راجع، 1974Nozick).

أحد الاهتمامات القوية الملحوظة بين النيوليبراليين، وخاصة هايك، هو أهمية سيادة القانون، حيث يحق لجميع الأشخاص أن يعاملوا على قدم المساواة من قبل المؤسسات القانونية والإدارية والسياسية في مجتمعهم. ولا ينبغي تفضيل أي شخص وفقًا لدرجة تأثيره الاجتماعي أو سلطته الاجتماعية أو وضعه الموروث. فعندما لا يكون الناس محميين بموجب حكم القانون، يتم تقييد حرياتهم بشكل لا يطاق؛ لأنه يمكن التدخل فيها بشكل تعسفي ولا يمكن التنبؤ بكيفية أدائهم في المستقبل. هذا يعني أنهم لا يستطيعون الاستفادة من الحريات التي يمتلكونها حاليًا دون عوائق.

يمارس النيوليبراليون حكم القانون ضد أولئك الذين يفضلون دولًا أكثر اتساعًا، بما في ذلك كل من ليبراليين الديمقراطية الاجتماعية والاشتراكيين، على أساس أن الدول الإدارية الواسعة يجب أن تنتهك سيادة القانون للانخراط في أنشطتها الخاصة، بينما يزعم هايك بأن الاستبداد للحكم المطلق ينشأ من "آلية إدارية مركزية قوية وذات نفوذ" تصبح طبقتها الإدارية المهنية "الحكام الرئيسيين للشعب" (راجع، 1960 [2011: 193] Hayek).

تتدخل البيروقراطيات الكبيرة دائمًا وبطريقة تعسفية، حيث كان هذا المنطق الخطير للبيروقراطية سمة أساسية لبرنامج بوكنان البحثي، وسيادة القانون هو حله أيضًا. لهذه الأسباب، يعتقد النيوليبراليون أن المساواة في المعاملة أمام القانون هي حرية إجرائية مركزية يمتلكها الأشخاص ليس فقط في المحكمة ولكن عندما يتعرضون لتسلط الدولة وقسريتها.

يتبنى النيوليبراليون الحكومة المحدودة (مقيدة الصلاحيات) (limited government)([13]) جزئياً؛ لأنهم يعتقدون أن المعاملة المتساوية أمام القانون لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال تقييد الحكومة واعتناق الحريات الاقتصادية الرأسمالية مثل حرية التعاقد، لأن كلا الممارسات المؤسسية تسمح للآخرين باتباع القواعد العامة وتجنب السعي للحصول على موافقة من سلطة تعسفية (راجع، 1960 [2011: 205، 230] Hayek).

المبرر (الأساس المنطقي) الأكثر شيوعًا للحرية لدى هايك وفريدمان هو "الجهل - لا يمكننا التأكد من أننا على صواب" (راجع، Friedman. 1987 [2017: 185]). فكما رأينا، بينما يقول فريدمان إنه يفضل "مجتمعًا حرًا لأن قيمتي الأساسية هي الحرية نفسها"، فإنه يتساءل رغم ذلك، "كيف يمكنني تبرير هذا التفضيل؟ ... إذا كنت أعرف ما هي الخطيئة حقًا، فلن أتمكن من تبريرها" (راجع، Friedman. 1987 [2017: 185]).

وبالمثل، يقول هايك أن قضية الحرية الفردية: (بشكل أساسي، تقع على عاتق الاعتراف بالجهل الحتمي من جانبنا جميعًا، عدد كبير من العوامل التي يُعتمد عليها لتحقيق غاياتنا ورفاهيتنا) (راجع، 1960 [2011: 29]; Caldwell, Hayek. 2004: 347).

وحتى: (إذا عرفنا كيف ستُستخدم الحرية، فستختفي الحجة) (راجع، Hayek. 1960 [2011: 31]). فالغرض من الحرية الفردية هو تمكين كل شخص من: (الاستفادة القصوى من معرفته، وخاصة معرفته الملموسة والفريدة من نوعها في كثير من الأحيان للظروف الخاصة للزمان والمكان) (راجع، Hayek. 1960 [2011: 156–7]).

يركز فريدمان على الجهل بالحقائق الأخلاقية، بينما يركز هايك على الجهل الأخلاقي، وكذلك الجهل بكيفية تنظيم حياة الناس، ولكن في كلتا الحالتين، الجهل هو المبرر الرئيسي للحرية.

إن نوعًا معينًا من التواضع المعرفي، ولا سيما التواضع حول كيفية تنظيم المجتمع وعواقب سياساتنا المفضلة، أمر ضروري للفكر النيوليبرالي. ولكن، كما رأينا، يتبنى النيوليبراليون في بعض الأحيان شكوكية (skepticism)([14]) أوسع نطاقًا تلقي بظلال الشك على فهمنا للحقائق الأخلاقية. ويجب أن نرى التواضع المعرفي حول مجموعة واسعة من الحقائق الاجتماعية غير المعيارية كسمة أساسية للعقيدة النيوليبرالية، في حين أن التواضع بشأن الحقائق الأخلاقية أقل مركزية لفهم ماهية النيوليبرالية. وهكذا، يمكن صياغة النيوليبرالية بمعزل عن هذا الشكل الأوسع للشكوكية الأخلاقية (moral skepticism).

يؤكد النيوليبراليون أيضًا أن الحرية تسمح للأشخاص ذوي الغايات المختلفة بالتعاون وخلق السلام (راجع، 136Hayek. 1978: 111_). وهذا الموضوع مهم لبوكنان، بصفته متعاقدًا، يعتقد أن الهدف من الاتفاق على القواعد الدستورية هو إنهاء حالة الحرب الهوبزية (Hobbesian)([15]) وتأمين سلام كافٍ لتحقيق مكاسب مشتركة من التبادل. (راجع، Buchanan. 1975). وبالتالي، فإن المبرر الثاني للحريات السلبية (negative liberties)([16]) المستفيضة هو أنها مفيدة للتعاون والسلام.

من الواضح أن النيوليبراليين يتبنون حقوقًا قوية في الملكية الخاصة، وهي حقوق لا تنطبق فقط على السلع والخدمات للاستهلاك الشخصي، بل على رأس المال أيضًا (راجع، Hayek 1988: 35; 1973: 107).

فالأساس المنطقي لحقوق الملكية الخاصة مشابه للحالة العامة للحريات الليبرالية التي ناقشناها بالفعل. حيث هايك (راجع، Hayek.1988: 35; 1973: 107; 1960 [2011: 35]) وفريدمان (راجع، Friedman. 1962a [2002: 8–9]) على وجه الخصوص يجادلان بأنه لا يمكننا التمييز بشكل كامل بين الحريات الاقتصادية والحريات الأخرى حتى من الناحية المفاهيمية. وكلاهما يجادلان بشكل ذائع الصيت بأنه لا يمكن الفصل بين الحرية السياسية والاقتصادية عمليًا أيضًا. هذا جزء من وجهة نظر الرأسمالية والحرية ويمكن القول أنه النقطة المركزية في الطريق إلى القنانة (Serfdom)([17])، حيث يؤكد كل من بوكنان (راجع، Buchanan. 1993: 230) وهايك (راجع، Hayek. 1960 [2011: 141]) أيضًا على أن حقوق الملكية الخاصة تسمح للأشخاص بوضع الخطط، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن الملكية الخاصة تمكن الناس من ادخار المال وبالتالي يصبحون أقل اعتمادًا على أرباب العمل والبيروقراطيين. يُعتقد أيضًا أن الملكية الخاصة هي "شرط أساسي لمنع الإكراه" والتشتت والتقاسم الواسع للسلطة. (راجع، Hayek. 1960 [2011: 140])، حيث يتم احتضان حرية التعاقد لأسباب مماثلة. ولاحترام هذه الحقوق، يجب على المجتمع أن يتبنى الرأسمالية؛ لأن ممارسة هذه الحقوق تؤدي حتمًا إلى ترتيبات اقتصادية رأسمالية، حيث يمتلك رأس المال كل من مالكي رأس المال والعمال.

4. الرأسمالية (Capitalism):

يمكننا أن نفهم الرأسمالية كنظام اقتصادي، حيث يتم التنظيم والتحكم في نطاق السلع والخدمات المعروضة وفقًا لحق قوي في الملكية الخاصة ونظام يتم فيه تحديد الأسعار من قبل المنظمات الخاصة، حيث يتمتع الأشخاص بحرية تبادل السلع والخدمات بموجب أي شروط يتعاقدون عليها، مع قيود قليلة. يشترك النيوليبراليون في هذا الفهم، حتى لو لم يدافعوا دائمًا عن الرأسمالية بالاسم.

في الدفاع عن الرأسمالية، يركز النيوليبراليون على هزيمة خصمين: الاشتراكية (socialism) والكينزية (Keynesianism)، والتي يعتبرونهما عادة على أنهما تقدمان البدائل الأكثر تأثيرًا لمؤسساتهم المفضلة. فالاشتراكية، وعلى اقل تقدير شكل الاشتراكية التي يستهدفها النيوليبراليون، هي نظام اقتصادي، حيث يكون رأس المال مملوكًا اجتماعيًا، عادةً من قبل الحكومة، ويتم إنتاج رأس المال وتنظيمه وتوزيع نواتجه من قبل الحكومة المركزية، حيث يتم تخطيط الاقتصاد مركزيًا. يهاجم النيوليبراليون الاشتراكية الماركسية (Marxist socialism) بأقصى العبارات، لكن الماركسيين ليسوا أهدافهم الوحيدة.

حيث حرص هايك على دحض اشتراكي القرن العشرين أوسكار لانج (Oskar Lange)([18]) (راجع، Lange. 1936)، الذي تبنى بعض جوانب الاقتصاديات التقليدية المحدثة (neoclassical economics) ([19]). كما استهدف النيوليبراليون الاشتراكية الديمقراطية (democratic socialism). فعلى سبيل المثال، استهدف هايك الاشتراكيين الفابيين (Fabian)([20]) في كتابه الطريق الى القنانة (The Road to Serfdom) (راجع، Hayek. 1944 [2007: 163-4]).

تستند قضية النيوليبرالية ضد الاشتراكية إلى ثلاثة مخاوف: عدم الكفاءة، والصراع، والسلطة. الاشتراكية غير فعالة، وتولد الصراع الاجتماعي، وتحيط بالسلطة بطرائق خطيرة وخبيثة. لنبدأ بعدم الكفاءة، الحجة المألوفة القائلة بأن الاقتصادات الاشتراكية تُفقِر المجتمع بالمقارنة مع الرأسمالية([21]). كان ادعاء هايك المبكر بالشهرة هو دوره فيما يسمى بمناظرة الحساب الاشتراكي (socialist calculation debate)([22])، والتي تتعلق بكيفية تخطيط المخططين الاشتراكيين لإنتاج وتوزيع السلع الرأسمالية دون استخدام نظام الأسعار. جادل الاشتراكيون بأن المخططين يجب أن يكونوا قادرين على التخطيط من خلال جمع معلومات التفضيل والإنتاج من المواطنين.

بدأ لودفيج فون ميزس النقاش بالقول إنه من دون نظام أسعار، فإن المعلومات المطلوبة لتخطيط الاقتصاد لا وجود لها (راجع، Mises. 1922 [1936/1951]). من دون نظام أسعار، لا توجد معلومات للمخططين لجمعها وحسابها، ويجيب أوسكار لانج أن المديرين الاشتراكيين للشركات يمكنهم تقليد أسعار السوق (راجع، Lange.1936)، بينما هايك يختلف مع لانج؛ فحتى إذا كانت المعلومات المطلوبة لتخطيط الاقتصاد موجودة، فسيكون من الصعب جدًا جمعها ومن المستحيل حسابها قبل أن تكون المعلومات ذات الصلة قد تغيرت (راجع، Hayek. 1945). فالمشكلة هي أن المعلومات المطلوبة للتخطيط للاقتصاد لا تعطى لأي شخص.

بالنسبة إلى هايك، فإنه يمكننا التخطيط للاقتصاد: (إذا كان لدينا جميع المعلومات ذات الصلة، وإذا كان بإمكاننا البدء من نظام تفضيلات معين، وإذا كان حصلنا على معرفة كاملة بالوسائل المتاحة).

لكن هذه "بالتأكيد ليست المشكلة الاقتصادية التي يواجهها المجتمع" (راجع، Hayek. 1945: 519). بدلاً من ذلك: (فإن (البيانات) التي يبدأ منها الحساب الاقتصادي للمجتمع بأسره ليست أبدًا (مُعطاة) لعقل واحد يمكنه العمل على النتائج وتحديد التداعيات ولا يمكن إعطاؤها أبدًا).

في المقابل، يمكن لاقتصاد السوق الاستفادة من هذه المعلومات من خلال نظام الأسعار. ويمكن لنظام الأسعار أن يعتمد على المعرفة المحلية والضمنية لكل شخص في كثير من الأحيان لإنتاج السلع والخدمات بفعالية دون جمع تلك المعلومات في مكان واحد. (أعجوبة) السوق هي أنه عندما تكون بعض المواد الخام نادرة، (عشرات الآلاف من الأشخاص الذين لا يمكن التحقق من هويتهم خلال شهور من التحقيقات، يُجبرون على استخدام المواد أو منتجاتها بشكل مقتصد)، وهذا يحدث: (دون إصدار أمر، دون أن يعرف أكثر من حفنة من الناس السبب) (راجع، Hayek. 1945: 527).

ربما يكون تحليل هايك لكيفية معالجة العقول للمعلومات (راجع، Caldwell. 2004: 261-285) وكيف يتطور المجتمع التجاري وأنظمة القواعد الثقافية والأخلاقية، هو المحور الرئيس لعمله (راجع، Caldwell. 2004: 286–321). ويتفق فريدمان (راجع، Friedman. 2000 [2012: 234]) وبوكنان (راجع، Buchanan. 1969: 87-8) مع تحليل هايك([23]).

يلجأ النيوليبراليون إلى مجموعة من الاعتبارات لتبرير السوق إلى جانب الحجج المعلوماتية، مثل إبداع آلية السوق وقدرتها على رفع مستويات المعيشة.

حيث يشير إيمون باتلر (Eamonn Butler) إلى أن دعوى فريدمان للرأسمالية، كما تم تطويرها في كتابه الرأسمالية والحرية (Capitalism and Freedom)، تستند إلى: (التنوع والتكيف السريع والابتكار والتجريب الموجود في السوق) (راجع، Butler. 1985: 22).

في كتابه (حرية الاختيار) (Free to Choose)، يجادل فريدمان بأنه عندما تحاول الدولة التخطيط المركزي (centrally plan)([24])، فإن المواطنين العاديين "يتمتعون بمستوى معيشي منخفض" (راجع، Friedman & Friedman: 54–5). ومن ناحية أخرى، يتمتع السوق "بقوة ملحوظة لرفع المستويات المادية بشكل أسرع من أي نظام آخر"، مع الحفاظ على الحرية (راجع، Butler. 1985: 197).

يؤكد هايك أن الرأسمالية تحافظ على المنافسة، والتي لا يراها كوسيلة للوصول إلى سعر المقاصة للسوق، ولكن (إجراء اكتشاف) لتوليد أفكار وابتكارات جديدة (راجع، Hayek. 1978: 67)، بينما يميل بوكنان إلى التركيز على الحجة القائلة إن الأسواق توفر للناس حوافز أفضل من تلك التي يوجهها المسؤولون الحكوميون. لان: (يُنظر إلى السياسيين والبيروقراطيين على أنهم أشخاص عاديون مثلنا تمامًا) (راجع، Buchanan. 1979: B4 [1984: 20])، وإنهم يفتقرون إلى الدافع حتى لمحاولة تنفيذ خطة اشتراكية. وبدلاً من ذلك، سيستخدمون سلطتهم على الاقتصاد جزئيًا على الأقل لتحقيق غايات أنانية، الأمر الذي من شأنه أن يقوض فعالية الحكومة الاشتراكية، حتى لو أمكن حل جميع المشاكل المعلوماتية.

المجموعة التالية من الحجج ضد الاشتراكية هي أن الاشتراكية تخلق صراعًا لا داعي له. هايك يكتب تلك الاشتراكية: (تفترض اتفاقًا أكثر اكتمالًا في الأهمية النسبية للأهداف الاجتماعية المختلفة مما هو موجود بالفعل في الواقع).

ونتيجة لذلك: (يجب أن تفرض سلطة التخطيط على الناس مدونة القيم التفصيلية التي تفتقر إليها) (راجع، Hayek. 1997: 193; 1944 [2007: 109, 166]).

ويزعم فريدمان بالمثل في قوله:

(كلما اتسع نطاق الأنشطة التي يغطيها السوق، قل عدد القضايا التي تتطلب قرارات سياسية صريحة، وبالتالي من الضروري تحقيق اتفاق بشأنها) (راجع، Friedman. 1962a [2002: 24]).

تسمح الأسواق للأشخاص الذين يختلفون ويعارضون في الاستفادة من بعضهم البعض على الرغم من وجود قيم مختلفة. فالاشتراكية، بالمقابل، تتطلب التخطيط المركزي، وبالتالي يجب أن تفرض غايات خلافية وقيمًا متعصبة على الجميع. لحل هذه النزاعات وفرض التخطيط المركزي، يجب على الحكومات الاشتراكية حصر وتقييد السلطة السياسية.

تحصر الاشتراكية بشكل مفرط السلطة بطرائق أخرى أيضًا، حيث جادل الاشتراكيون في كثير من الأحيان بأن السلطة الاقتصادية الرأسمالية يمكن كبحها عن طريق نقل وسائل الإنتاج إلى المجتمع، لكن هايك يجيب بأن الاشتراكية لا "تبطل السلطة"، إنها تحصر السلطة في مكان واحد فقط (راجع، Hayek. 1944 [2007: 165]). ويوافق فريدمان، بحجة أن "السلطة السياسية بطبيعتها تميل إلى الحصر والتقييد" في حين أن القوة الاقتصادية "يمكن أن تكون غير مقيدة إلى حد كبير إذا تم تنظيمها عن طريق السوق غير الشخصية" (راجع، Friedman. 1955 [2017: 4])([25]). يكمن خطر تقييد السلطة في المؤسسات السياسية في أن "الحكومة أكثر عرضة لمجموعات المصالح المقيدة"، في حين أن الأسواق تتغير بفعل "الضغط المنتشر لملايين المستهلكين من الأفراد". وبالمثل، بينما تروج الحكومات للاحتكارات، "يقوم السوق بتفكيكها" (راجع: Butler. 1985 223). من مزايا الأسواق أنه يمكن للناس رفض الانخراط في التبادل (exchange)([26])، في حين أن الجميع في ظل الاشتراكية عالقون في صراع على السلطة. بالإضافة إلى ذلك، يزعم هايك بأنه في ظل الاشتراكية، تحدد السلطة السياسية الوضع الاجتماعي للأفراد والجماعات، وهي نتيجة ساخرة لعقيدة تهدف إلى نشر السلطة (راجع، Hayek. 1978: 99). يوافق بوكنان على ذلك (راجع، Buchanan. 1993: 246)، وإن كان لأسباب مختلفة نوعًا ما.

لا يدافع النيوليبراليون عن الرأسمالية على أساس أنها تمنح الناس ما يستحقونه. فريدمان وبوكنان لا يقدمان مثل هذه الحجج، وهايك يجادل ضد مثل هذه الادعاءات. حيث يقول هايك مرارًا وتكرارًا أنه لا توجد ميزة معينة في نتائج السوق، وبالتالي لا يمكن للمرء أن يقول إن دخل السوق عادل أو غير عادل (راجع، Hayek. 1978: 70). يفهم هايك وفريدمان وبوكنان أن نتائج السوق غالبًا ما تكون عشوائية من وجهة نظر أخلاقية. فالأسواق تجعل بعض الأشخاص غير المستحقين أغنياء وبعض الأشخاص المستحقين فقراء.

وكما أشرنا، فإن الكينزية هي العدو الأكبر الآخر للنيوليبرالية. دعونا نفهم الكينزية كسلسلة من مقترحات السياسة التي تهدف إلى تصحيح إخفاقات السوق المزعومة على مستوى الاقتصاد الكلي، وخاصة فيما يتعلق باستخدام الإنفاق لتمويل العجز لإدارة (الدورة الاقتصادية-التجارية) دورة الأعمال (business cycle)([27]) وتحفيز الاقتصاد. هذه السياسات مستوحاة من جون مينارد كينز (John Maynard Keynes) حتى لو لم يكن دائمًا يتبناها باستمرار (راجع، Keynes. 1935 [1965: 2011])([28]).

يبذل المفكرون الثلاثة جهدًا كبيرًا للرد على الحجج الكينزية لتدخل الحكومة. تتعلق مناقشات هايك بكيفية تأثير الإنفاق الحكومي وإجراءات السلطة النقدية على هيكل السلع الرأسمالية عبر الاقتصاد (راجع، Hayek. 1941 [2007]). على النقيض من كينز (راجع، Keynes. 1935 [1965: 37-45]) فالانفراجة مع المجاميع الإحصائية في النظرية العامة، ويؤكد هايك على أن الاعتماد على مجاميع اقتصادية بسيطة يحجب كيفية هيكلة رأس المال والاستثمار عبر الاقتصاد (راجع، Hayek. 1941 [2007]). يعتقد هايك أيضًا أن السبب الرئيس للركود هو السياسة التي تجعل الائتمان المصرفي سهلًا للغاية، مما يؤدي إلى الاستثمار السيئ الذي يجب تصفيته في حالة الركود.

الأهم من ذلك أن نقد هايك لكينز لم يكن مؤثرًا في النصف الأخير من القرن العشرين. كان لأفكار فريدمان وبوكنان، وخاصة أفكار فريدمان، وزناً أكبر.

يشعر فريدمان وبوكنان بالقلق إزاء الادعاءات الكينزية بأن حالات الركود ناتجة عن انخفاض الطلب الإجمالي ولا يمكن معالجتها إلا بمساعدة كبيرة من الحوافز المالية الممولة بالديون (على الرغم من أن كينز نفسه لم يكن دائمًا من محبي السياسة المعاكسة للدورات الاقتصادية الممولة من الديون). طور فريدمان نظرية التوجه النقدي (monetarism)([29]) التي تنص على أن التضخم هو دائمًا وفي كل مكان ظاهرة نقدية (راجع، Friedman. 1959)، حيث يمكن المراقبة والسيطرة على التضخم ودورة الأعمال من خلال السياسة النقدية، وبالتالي لا تتطلب استجابة مالية. ومع شريكته في التأليف، آنا شوارتز (Anna Schwartz)، يزعم فريدمان بأن الكساد الكبير (Great Depression) لم يكن بسبب انخفاض الطلب الإجمالي، بل كان بسبب نظام الاحتياطي الفيدرالي (Federal Reserve System)([30])، والذي تم إنشاؤه بشكل مثير للسخرية لإدارة حالات الركود، ولأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سمح للقاعدة النقدية بالانهيار (راجع، Schwartz & Friedman. 1963).

لو كفل بنك الاحتياطي الفيدرالي نمو العرض (المخزون) النقدي، لكان من الممكن تجنب الكساد الكبير. هذا أمر محوري بالنسبة إلى حالة السوق لأن الكساد الكبير ألقي باللوم على نطاق واسع على الرأسمالية. وإذا كان الكساد الاقتصادي فشلًا حكوميًا، نتيجة لسوء الإدارة النقدية، فإن الكساد لا يوفر أي أساس لرفض الرأسمالية - وقد يوفر حتى سببًا لتبنيها.

تتمثل استجابة السياسة المركزية، بالنسبة إلى فريدمان، في تحويل إدارة دورة الأعمال من الكونجرس إلى الاحتياطي الفيدرالي وإغلاق الاحتياطي الفيدرالي في قاعدة التوسع النقدي لمنعه من ارتكاب أخطاء كبيرة.

(راجع، Friedman. 1959)، صناع السياسة النقدية ببساطة ليسوا على دراية كافية باستخدام السياسة النقدية لإدارة دورة الأعمال. بدلاً من ذلك، يجب أن يلتزموا بقاعدة من شأنها أن تؤدي إلى تضخم لطيف، والذي من شأنه أن يتجنب التضخم المفرط ويمنع البطالة الدورية من خلال التخفيف من الاضطرابات التي تسببها الأجور الاسمية الثابتة، على عكس كينز (راجع، Keynes. 1935 [1965: 231-7]). إن التركيز حصريًا على تنمية القاعدة النقدية سيمنع أيضًا انهيار المعروض النقدي وبالتالي تجنب بعض أنواع الركود.

يختلف نقد بوكنان لكينز عن نقد فريدمان، على الرغم من أن انتقاداتهما تعزز بعضها البعض. يعتقد بوكنان، أنه حتى لو كان تشخيص كينز للركود صحيحًا، فإن علاجه لا يمكن أن يعمل بشكل جيد طالما أن الحكومات مزودة بأشخاص من واقع الحياة (راجع، Buchanan. 1987، 1999)، حيث يهتم العديد من السياسيين والمسؤولين الحكوميين بإفادة أنفسهم وجماعات المصالح الخاصة أكثر من اهتمامهم بتعزيز الصالح العام. لذلك، عندما تنخرط الحكومة في حافز اقتصادي ممول بالديون، فمن المرجح أن يتم توجيه الأموال إلى المجموعات المفضلة لدى السياسيين أكثر من توجيهها إلى الأماكن التي تشتد فيها الحاجة إلى أموال التحفيز. تتمثل إحدى الصعوبات المركزية للسياسة المالية الكينزية في المخاطر المنتشرة لفشل الحكومة الناجم عن تصرفات الفاعلين الاقتصاديين المهتمين بأنفسهم في كثير من الأحيان، وهو موضوع ثابت في كتابه حساب الموافقة (Calculus of Consent) (راجع، Tullock & Buchanan 1962). وبالمثل، بمجرد أن يطور الناس اتجاه التحويلات المباشرة، فإنهم سيجعلون من الصعب تقليص العجز عندما ينتهي الركود، مما يؤدي إلى ديون طويلة الأجل وانخفاض الازدهار الاقتصادي والنمو.

5. الديمقراطية (Democracy):

يعتنق النيوليبراليون الديمقراطية. وبشكل أكثر تحديدًا، يؤيدون الحقوق المتساوية في التصويت والمشاركة في الانتخابات، ويدعمون الديمقراطية البرلمانية كوسيلة لسن التشريعات. حيث يقول هايك: (إنني أؤمن إيمانًا راسخًا بالمبادئ الأساسية للديمقراطية بوصفها الطريقة الفعالة الوحيدة التي اكتشفناها حتى الآن لجعل التغيير السلمي ممكنًا)(راجع، Hayek. 1979: xiii).

ويزعم أنه قلق بشأن الإحباط من الديمقراطية (كأسلوب مرغوب فيه للحكومة). في نظر هايك، يجب أن يكون نظام السوق "جزءًا لا يتجزأ من مجموعة من المؤسسات الاجتماعية" إذا أريد له أن ينجح، وهذا يشمل "نظام حكم ديمقراطي يخضع لسيادة القانون" (راجع، Caldwell. 2004: 348). فالهدف من كتابه (الطريق إلى القنانة) هو القول إن الاشتراكية الديمقراطية الليبرالية غير مستقرة، وإن الاشتراكية يجب أن تتوقف عن كونها ديمقراطية أو أن تتوقف عن كونها اشتراكية. لذا فإن أي محاولة لتخطيط الاقتصاد لن تدمر الحقوق الليبرالية فحسب؛ بل سوف تقضي حتمًا على الديمقراطية.

تميل قضية هايك من أجل الديمقراطية إلى أن تكون ذرائعية (instrumentalist)([31])، كما يزعم بذلك: (القيمة الحقيقية للديمقراطية هي أن تكون بمثابة إجراء وقائي صحي يحمينا من إساءة استخدام السلطة. يمكننا من التخلص من حكومة ومحاولة استبدالها بحكومة أفضل) (راجع، Hayek. 1979: 137).

كما أنها (واحدة من أهم ضمانات الحرية) (راجع، Hayek. 1979: 5). ورغم ذلك، يعتقد هايك أن الاعتراف بأن الأشخاص متساوون لا يتطلب فقط المساواة أمام القانون ولكن "المطالبة بأن يكون لجميع الناس أيضًا نفس النصيب في سن القانون" وحتى لو كانت الديمقراطية "وسيلة وليست غاية" تحتاج إلى حدود (راجع، Hayek. 1960 [2011: 103، 107-8]). شارك في هذا الالتزام أعضاء جمعية مونت بيليرين (Mont Pelerin Society)([32])، التي نظمها هايك. حيث يجادل أنجس بورجين (Angus Burgin) في ذلك: (تغلغلت العلاقة المفترضة بين الأسواق الحرة والسياسات الديمقراطية في مناقشات المجتمع طوال العقد الأول من وجودها وقدمت فرضية أساسية للعديد من مساهمات الأعضاء في مناقشاتها) (راجع، Burgin. 2012: 117).

يدافع فريدمان باستمرار عن الأسواق الحرة على أساس أنها تسهم في الحرية السياسية والديمقراطية؛ كلا الحريتين (لا ينفصلان) (راجع، Butler. 1985: 207). فريدمان كثيرًا ما يقول إنه يعرف: (لا يوجد مثال في الزمان أو المكان لمجتمع اتسم بقدر كبير من الحرية السياسية، ولم يستخدم أيضًا شيئًا مماثلاً للسوق الحرة لتنظيم الجزء الأكبر من النشاط الاقتصادي) (راجع، Friedman. 1962a [2002: 9]).

لذلك، يبدو أنه يعتقد أن الديمقراطية هي خير عظيم، لكننا مدفوعون إلى تخمين الأسباب وراء ذلك. حيث يمكن للمرء أن يناقش بأن قضية فريدمان من أجل الديمقراطية، هي أنها إلى حد كبير تحمي الحرية، وتسمح باستبدال حكومة سيئة بشكل سلمي. لكن هناك القليل في كتابه الذي يتحدث عن هذا السؤال بطريقة أو بأخرى.

بوكنان هو الأكثر ديمقراطية من بين الثلاثة. يوافق على أن الديمقراطية ضرورية لتحقيق السلام الاجتماعي والرخاء، لكنه يؤكد أن المساواة السياسية تتطلب أن تكون الحكومة قائمة على موافقة الشعب. حيث الديمقراطية امتداد لفردانيته:

(يجب أن يكون النهج ديمقراطيًا، وهو بهذا المعنى مجرد نوع مختلف من المعيار التعريفي للفردانية (individualism)، حيث كل إنسان يحسب مقابل واحد، وهذا كل شيء) (راجع، Buchanan. 1975: 2)

ورغم ذلك يصرّ بوكنان على الموافقة بالإجماع على القواعد الدستورية (اللافت للنظر، إنه من بين الأشخاص غير المثاليين)، فإنه يعتقد أن الدساتير قد تسمح بقواعد صنع القرار أضعف من الإجماع (unanimity)، على غرار حكم الأغلبية (majority rule). وصحيح أن بوكنان يجادل بأن القواعد التشريعية يجب أن تكون ذات أغلبية عظمى (supermajoritarian) وليست أغلبية (majoritarian)، لكن هذا لا يزال اعتناقًا للديمقراطية، خاصة عندما تكون مدعومة بموافقة الشعب ككل (راجع، Buchanan and Tullock. 1962: 85–96).

لكن، على عكس العديد من المنظرين الديمقراطيين الكلاسيكيين والمعاصرين، لا يرى النيوليبراليون الديمقراطية على أنها تنطوي على إيثوس اجتماعي أو ثقافة وطنية، ولا يرون الديمقراطية على أنها تعبير عن الحرية في حد ذاتها. كما يشير هايك، "الديمقراطية في حد ذاتها ليست حرية" (راجع، Hayek. 1979: 5). بينما يصر فريدمان على أن الحرية يجب أن تُفهم بشكل سلبي، بحيث تُفهم العملية السياسية على أنها تقيد الحرية وربما تحميها، ولكن ليس على أنها تجسيد لها.

فيما ينتقد بوكنان أيضًا ما اعتبره وجهة نظر (خيالية) أساسًا للديمقراطية والتي بموجبها يتم التعبير عن إرادة الشعب في تصرفات حكومة ديمقراطية.

والجدير بالذكر أن النيوليبراليين يقضون وقتًا أطول بكثير في الجدال والدفاع عن القيود المفروضة على الديمقراطية أكثر من قضائهم في الدفاع عن الديمقراطية نفسها. ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنه منذ هزيمة الفاشية، أصبح صلاح الديمقراطية أمرًا مفروغًا منه من قبل كل من النيوليبراليين ومحاوريهم. وعوضًا عن ذلك، يركز هايك وفريدمان وبوكنان على انتقاد الديمقراطية (المطلقة وغير المحدودة). هايك قلق من أن الديمقراطية المطلقة يمكن أن تقوض سيادة القانون وتخلق الاستبداد (راجع، Hayek. 1944 [2007: 111–2]). ويجب أن تكون سلطات أي (أغلبية مؤقتة) محدودة، كما يقول (راجع، Hayek. 1960 [2011: 106]). فالسلطة المطلقة هي "العيب القاتل للشكل السائد للديمقراطية" وهي تقوم على فرضية خاطئة مفادها أن كل القوانين "تنبع من الهيئات التشريعية" (راجع، Hayek. 1979: 3-4).

هناك مشكلة أخرى للديمقراطية وهي أن المجالس الديمقراطية ستأخذ المزيد من السلطة التي يمكنها ممارستها بشكل فعال وبالتالي ستضطر إلى:

(تسليم [السلطة] إلى المسؤولين المكلفين بتحقيق أهداف معينة) (راجع، Hayek. 1960 [2011: 116]).

في الديمقراطية المطلقة:

(يُجبر أصحاب السلطات التقديرية على استخدامها، سواء رغبوا في ذلك أم لا، لصالح مجموعات معينة تعتمد سلطاتهم على التصويت المتأرجح (swing-vote)([33]) فيها) (راجع، Hayek. 1979: 139). يمكن القول إن الهدف من المجلد الثالث من كتابه (القانون والتشريع والحرية) (Law, Legislation, and Liberty) هو استعادة الثقة في الديمقراطية من خلال الدفاع عن القيود المفروضة عليها.

يردد فريدمان صدى العديد من هذه النقاط، مشدّدًا على أن الحرية السياسية هي مجرد "غياب إكراه الشخص من قبل رفاقه البشر" وأن التهديد الأساسي للحرية "هو القدرة على الإكراه" سواء كانت تلك السلطة في يد ديكتاتور أو (أغلبية مؤقتة) (راجع، Friedman.1962b [2017: 26]). كما يشعر فريدمان بالقلق من أن الديمقراطية سوف تميل إلى التشريع، وعدم الكفاءة، والسيطرة إذا كان لدينا (ديمقراطية بيروقراطية) (bureaucratic democracy) بدلاً من (ديمقراطية تشاركية) (participatory democracy)([34]).

إن مبرر بوكنان للقيود الدستورية على الديمقراطية أكثر ثراءً وإدراكًا من مبرر هايك أو فريدمان. (راجع، Buchanan. 1962: 131–146). تكرس نظريته في العقد للجدل بأن حكم الأغلبية البسيطة يمكن أن يؤدي إلى مجموعة متنوعة من المشاكل، وأهمها مخاطر تحويل تحالفات الناخبين أو المشرعين الذين يعيدون توزيع الثروة بعيدًا عن بعضهم البعض، مما يؤدي إلى نتائج باريتو متدنية (Pareto-inferior) للجميع.

مشكلة أخرى مع الديمقراطية المطلقة، وهي: (حتى في ظل أفضل الظروف، قد يؤدي سير العملية الديمقراطية إلى تجاوزات في الميزانية. قد تصبح الديمقراطية لوياثان (Leviathan) الخاص بها ما لم يتم فرض قيود دستورية وتنفيذها (راجع، Buchanan 1975: 204–5).

القيود على الديمقراطية مطلوبة أيضًا من خلال المساواة السياسية نفسها، نظرًا لأن "استبداد الأغلبية" يمثل تهديدًا لحقوق الأقلية المتساوية، ويمكن أن يكون خطيرًا بشكل خاص "لأنه يتغذى على الوهم المثالي بأن المشاركة هي كل ما يهم (راجع، Buchanan 1993 : 259). وبالتالي، فإن بوكنان (راجع، Buchanan 1999: 75–88) يؤيد آليات الخروج، مثل الاتفاقات الفيدرالية، التي تسمح للناس بالهروب من الديمقراطية المفرطة.

هناك أربعة تحفظات قبل انتهاء هذا القسم: أولاً، على الرغم من مخاوفهم بشأن الديمقراطية المطلقة، يريد النيوليبراليون حماية الحقوق الديمقراطية. وإحدى المشكلات التي يواجهونها مع الدول التوسعية هي أن الدول الكبرى تقلل من فعالية تصويت كل شخص؛ وذلك لأن الحكومات الكبرى لا تستطيع الموازنة بين مهامها العديدة ولا يمكنها تأمين اتفاق على الأولويات القصوى. والنتيجة، كما يزعم هايك، ستكون عدم الاستقرار الديمقراطي، مما يؤدي إلى الديكتاتورية (dictatorship). على عكس الليبراليين الأكثر مساواتية، لا يحاول النيوليبراليون هندسة العملية الديمقراطية من خلال التداول الديمقراطي. وبدلاً من ذلك، يأملون في حماية الحقوق الديمقراطية من خلال تبني قيود دستورية لاحقًا في العملية الديمقراطية، على سبيل المثال عن طريق تقييد سلطة التشريع.

ثانيًا، بينما يدعم النيوليبراليون القيود المفروضة على الديمقراطية، فإنهم يؤيدون بشدة اللامركزية في السلطة السياسية وضمان أن السلطة في أيدي الجميع، وهم ملتزمون بالحماية من النهب والهيمنة الحكومية والشركات. كما يلاحظ فريدمان:

(الشركات التجارية ليست دفاعًا عن المشاريع الحرة. على العكس من ذلك، فهي أحد المصادر الرئيسية للخطر والتهديد) (راجع، Burgin. 2012: 202).

إنهم ببساطة يختلفون مع الليبراليين المساواتيين حول كيفية ضمان ذلك مؤسسياً. وكما ذكر أعلاه، يؤكد النيوليبراليون تصميم المؤسسات بحيث لا يمكن للمؤسسات الفاسدة والمستبدة أن تتشكل، داخل الحكومة أو خارجها، مثل استخدام الأسواق، لكنهم أيضًا يلجؤون إلى الآليات الدستورية مثل حكم الأغلبية المطلقة (راجع، Tullock & Buchanan. 1962) والفيدرالية (federalism) للحد من الاضطهاد والفساد (راجع، Feld. 2014). وبالتالي، فإن النيوليبراليين قلقون للغاية من حماية الناس من السيطرة السياسية المفرطة، لكنهم لا يؤكدون أن المداولات العامة أمر أساسي لتأمين تلك الغايات. قد نقول إنهم يفضلون آليات (الخروج) على آليات (التعبير) لتقييد استخدام السلطة السياسية (راجع، Hirschman. 1970).

ثالثًا، النيوليبراليون ليسوا وحدهم في الدفاع عن القيود الدستورية على الديمقراطية، على الرغم من أن معظم المنظرين الديمقراطيين في اليسار يضعون قيودًا أقل على الديمقراطية مما يفعله النيوليبراليون.

أخيرًا، لفت مؤرخو الفكر السياسي الانتباه إلى حقيقة أن النيوليبراليين الذين تمت مناقشتهم هنا ارتبطوا أحيانًا بديكتاتورية أوغستو بينوشيه (Augusto Pinochet) في تشيلي. لكن بوكنان (راجع، Tarko & Farrant 2018) وفريدمان (راجع، Burgin. 2012: 205) لديهما في أحسن الأحوال علاقة ضئيلة بهذا النظام وكانا ينتقدانه.

لكن، هايك قصة أخرى، حيث كان لدى هايك نظرية جزئية عن الدكتاتورية الانتقاليةtransitional) dictatorship) سمحت للديكتاتور الليبرالي بتجنب النتائج الاشتراكية وتحويل المجتمع إلى ديمقراطية ليبرالية، وهذا يساعد في تفسير بعض الملاحظات الإيجابية التي أدلى بها نيابة عن نظام بينوشيه (راجع، Farrant, McPhail, & Berger 2012; Biebricher 2018: 142–7; Slobodian 2018: 277). إن دعم هايك للنظام لا يقوض الالتزامات الديمقراطية للنيوليبراليين، ولكن يمكن القول إن هايك كان متشككًا للغاية في الديمقراطية، حيث يمكننا أن نرى مخاطر الفصل الحاد بين الليبرالية والديمقراطية، الأمر الذي يغري المرء باختيار الديكتاتورية الليبرالية على الاشتراكية الديمقراطية.

6. دولة الرفاه (Welfare State):

يدعم النيوليبراليون فرض ضرائب متواضعة، وإعادة توزيع الثروة، وتوفير المنافع العامة، وتنفيذ التأمين الاجتماعي، واحتضان دولة أكثر توسعية إلى حد ما من دولة واحدة لتحمي فيها الحكومة الناس من القوى الأجنبية والمجرمين المحليين، وتنتج السلع العامة، وتوفر خدمات محدودة للفقراء. على سبيل المثال، يفضل هايك (راجع، Caldwell. 2004: 291) وفريدمان (راجع، Butler. 1985: 206) وبوكنان (راجع، Buchanan. 1975: 35–52) توفير الحكومة للسلع العامة؛ لأن الأسواق ستقلل من إنتاج السلع العامة، ولذا يجب على الحكومة التصرف حتى لو ستفشل أحيانًا (راجع، Butler. 1985: 206).

وبطبيعة الحال، يشكك النيوليبراليون في التنظيم الحكومي؛ لأنهم يعتقدون إلى حد كبير أن الهيئات التنظيمية تميل إلى التحول من غايات جيدة إلى غايات سيئة (راجع، Hayek. 2007: 93). وهذا موضوع ثابت لعمل فريدمان، خاصة في انتقاداته للترخيص المهني (راجع، Friedman. 1962a [2002: 137-160]). ويعد تحليل السعي وراء الريع (rent-seeking) وهو أحد أفكار بوكنان الرئيسة، التي شاركها مؤلفه المشارك منذ فترة طويلة غوردون تولوك (Gordon Tullock). تسلم البيروقراطيات الكبيرة الكثير من السلطة إلى المسؤولين، وهي سلطة تستدعي عمليًا إساءة استخدامها من قبل المصالح الخاصة (راجع، Butler. 1983: 209). وبالتأكيد، يعارض النيوليبراليون جميعًا السياسة المالية الكينزية، وخاصة الحوافز الممولة بالديون (راجع، Buchanan 1987: 456; Butler 1985: 186). لكن هذه المخاوف تتفق مع تبني دولة الرفاه.

هايك ودود للغاية مع التدخلات الحكومية المختلفة. ففي كتابه الطريق إلى القنانة، دافع هايك (راجع، Hayek. 1944 [2007]) عن السياسة النقدية المضادة للتقلبات الدورية، والبناء الحكومي للبنية التحتية للنقل، والتأمين الاجتماعي للكوارث الطبيعية، والتأمين الصحي الحكومي، والحد الأدنى الأساسي للدخل، واللوائح الصارمة فيما يتعلق بساعات العمل والصحة والسلامة في العمل، والسموم، وإزالة الغابات، والأساليب الزراعية الضارة، والضوضاء، والدخان، وأسعار السلع والخدمات التي تعتبر احتكارات طبيعية (راجع، Hayek. 1944 [2007: 22, 43–4, 133–5, 217]; Burgin. 2012: 90–1). وبالمثل، ينص دستور الحرية على أن الحكومة يجب أن تمنع الكساد وتوفر المعاشات التقاعدية والرعاية الطبية والأموال للتعليم في شكل قسائم (راجع، Hayek. 1960 [2011: 264، 276، 286، 294، 379])، حيث يؤكد هايك مرارًا وتكرارًا: (لا توفر لنا الصيغ القديمة لمبدأ دعه يعمل (laissez faire) أو عدم التدخل معيارًا مناسبًا للتمييز بين ما هو مقبول وما هو غير مقبول في النظام الحر) (راجع، Hayek. 1960 [2011: 231]؛ انظر أيضًا 1944 [2007: 71]؛ 1973: 62؛ 1979: 41).

حتى إن هايك يدعم الدخل الأساسي: (... يبدو أن ضمان حد أدنى معين من الدخل للجميع ... ليس فقط حماية مشروعة تمامًا ضد خطر مشترك بين الجميع، ولكنه جزء ضروري من المجتمع العظيم حيث لم يعد للفرد مطالبات محددة بشأن أعضاء المجموعات الصغيرة المعينة التي ولد فيها) (راجع، Hayek.1979: 55). في حين أن استخدام هايك لمصطلح (شرعي) (legitimate) غير دقيق وقد يتداخل إلى حد ما مع استخدام المصطلح في الفلسفة السياسية المعاصرة، إلا أنه يعتقد على ما يبدو أن الحكومات مطالبة أخلاقياً بالانخراط في تدابير دولة الرفاه. ويجب على الحكومات أن تسعى لتخفيف حدة الفقر ليس فقط لأنه مفيد، ولكن لأنه الشيء الصحيح الذي يجب القيام به. يشعر هايك بالقلق من أن شبكات الأمان الاجتماعي يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة، لكنه يدعمها على أي حال (راجع، Caldwell. 2004: 291).

في حين أن فريدمان هو الأكثر تحرّراً بين الثلاثة (راجع، Burgin. 2012: 213)، إلا أنه لم يدافع أبدًا عن إلغاء إعادة توزيع الثروة لبعض الأغراض، مدعيًا أن الحكومة يجب أن "تخفف البؤس والضيق الحاد" (راجع، 1951 [2012: 7] Friedman.). ينبغي للحكومة: (حماية أفراد المجتمع الذين لا يمكن اعتبارهم أفراد "مسؤولين"، ولا سيما الأطفال والمجانين) (راجع، Butler. 1985: 206).

ومرة أخرى: (تخفيف الحكومة للفقر، فأن الليبرالي سوف يدعم ويرحب، في المقام الأول على أرضية أبوية صريحة لرعاية غير المسؤول) (راجع، Friedman. 1974b [2012: 23]). أحد أشهر مقترحاته السياسية هو ضريبة الدخل السلبية (negative income tax)، حيث يتلقى الفقراء تحويلات نقدية إذا كانت دخولهم منخفضة بما يكفي، بتمويل من ضرائب الدخل الإيجابية على الطبقة الغنية والمتوسطة (راجع، Friedman. 1962a [2002: 191–4]). اعتقد فريدمان أن هذه السياسة مشروعة للحد من الفقر؛ لأن الأعمال الخيرية الخاصة الخالصة قد تدعو إلى الانتفاع المجاني. (راجع، Friedman. 1960 [2002: 191-2]). هو أيضًا مخترع سياسة القسيمة المدرسية (school-voucher) (راجع، Friedman. 1962 a [2002: 85-107])، وقد دعم (راجع، Friedman. 1974b [2012: 20]) التعليم الإلزامي طالما أن الحكومة لا تسيطر على المدارس([35]). كان فريدمان قلقًا من أن تكون دولة الرفاه بيروقراطية واستبدادية للغاية، ولهذا السبب فضل استبدال معظم برامج دولة الرفاه بالتحويلات النقدية.

نقطتان أخريان حول فريدمان حول تخفيف حدة الفقر. أولاً، يعتقد فريدمان أنه: (لا توجد هنا قواعد وتعريفات طبيعية للممتلكات. يوجد في النهاية عنصر تعسفي في الأساس إلى حيث نرسم الحد الفاصل) (راجع، Friedman. 1974a [2017: 86]). هذه نقطة عادة ما يؤكدها منتقدو الليبرتارية على أساس أن حقوق الملكية تقليدية وليست طبيعية، وبالتالي لا يمكن أن تحظر إعادة التوزيع أخلاقياً (راجع، Murphy & Nagel 2002). يشير هذا المقطع إلى أن فلسفة فريدمان السياسية لا تتضمن حقًا طبيعيًا للملكية الخاصة كعائق أمام إعادة التوزيع.

ثانيًا، يرى فريدمان أن دفاعه عن دولة الرفاه جزء من نظريته غير المثالية، وليست مثاله الأعلى، حيث يدعم القسائم وضريبة الدخل السلبية:

(ليس لأن هذه بالضرورة جزء من مجتمع اليوتوبيا المثالي الخاص بي، ولكن لأنها تبدو لي أكثر الخطوات فاعلية، بالنظر إلى ما نحن فيه، في التحرك نحو حيث نريد أن نذهب) (راجع، Burgin. 2012: 175). في الواقع، فريدمان يتعاطف مع الأناركية (anarchism)، على الرغم من أنه يعتقد أنها ليست "بنية اجتماعية مجدية" (راجع، Friedman. 1974a [2017: 79]). هذا متسق في وصف النيوليبرالية بأنها نظرية غير مثالية. بينما يعتبر فريدمان في النظرية المثالية ليبراليًا، أو على الأقل أكثر تحرراً من معظم النيوليبراليين الآخرين، فإن نظريته غير المثالية هي النيوليبرالية.

بوكنان هو الأصعب في تحديد دولة الرفاه والأكثر مساواة. ليس لديه عمليًا ما يقوله عن تخفيف حدة الفقر الذي تقوم به الحكومة. مع ذلك، تتبنى نظرية بوكنان التعاقدية بعض إعادة التوزيع، حيث يعتقد أن عقده الاجتماعي سيؤدي إلى اتفاق بالإجماع على وجود دولة "منتجة"، والتي توفر العديد من السلع الممولة من الضرائب، ويمكنها أيضًا توفير التأمين الاجتماعي (راجع، Buchanan. 1975: 124). يدافع بوكنان أيضًا عن مبدأ تكافؤ الفرص، والذي يعتقد أنه يتطلب ضريبة ميراث (inheritance tax) بنسبة 100% من شأنها أن تمنع تشكيل طبقة أرستقراطية. من المفترض أن هذا المبدأ يمكن أن يبرر أشكالًا أخرى من إعادة التوزيع.

يرفض النيوليبراليون بشدة أحد أكثر المبررات شيوعًا لدولة الرفاه، أي اتباع مفهوم المساواة للعدالة الاجتماعية. إن هايك أوضح في هذه النقطة، بالنظر إلى رفضه التام لفكرة العدالة الاجتماعية ذاتها، التي يفهمها، بشكل غريب نوعًا ما، على أنها مجموعة من المبادئ الأخلاقية التي تحكم تبرير توزيعات محددة للموارد الاقتصادية، وإن لم تكن المبادئ الأخلاقية التي تحكم أداء النظام الاقتصادي ككل، حيث يعتقد هايك أن فكرة العدالة الاجتماعية مشوشة من حيث إن العدالة لا يمكن تطبيقها على نتائج سوق محددة؛ لأنها ليست نتيجة خيارات مباشرة وواعية (راجع، Hayek. 1978: 78). فالعدالة الاجتماعية فكرة غير متماسكة، تشبه إلى حد كبير فكرة (الحجر الأخلاقي) (moral stone)([36]). يعتقد هايك أنه من الضروري عدم استخدام الدولة لتحقيق توزيع دقيق للدخل (راجع، Caldwell. 2004: 350): (يجب أن تؤدي أي سياسة تهدف بشكل مباشر إلى نموذج موضوعي للعدالة التوزيعية إلى تدمير سيادة القانون) (راجع، Hayek. 1944 [2007: 79]).

وعلى الرغم من ذلك، فإن لدى هايك فهمًا خاصًا للعدالة الاجتماعية، وهو يعتقد أن ذلك يتطلب فرض نتائج اقتصادية معينة، بدلاً من أن تعمل القواعد الأخلاقية والقانونية والسياسية للمجتمع لصالح الجميع. هايك يدعم المطلب الأخير، حيث يقول إن "النظام الأكثر رغبة في المجتمع" هو: (واحد نختاره إذا علمنا أن موقفنا الأولي فيه سيتقرر بالصدفة البحتة (مثل حقيقة أننا ولدنا في عائلة معينة)) (راجع، Hayek. 1978: 132).

إذا كان هايك يبدو مثل جون رولز، فهذا ليس من قبيل الصدفة. قراءة هايك لأوراق رولز السابقة (وليس نظرية العدل) قادته إلى الاعتقاد بأنه ليس لديه أي خلاف مع رولز، وبالنسبة إلى رولز: (يقر بوجوب التخلي عن مهمة اختيار نظم محددة لتوزيعات الأشياء المرغوبة) (راجع، Hayek. 1978: 100)([37]). وهكذا، يبدو أن هايك يشارك رولز مفهوم العدالة الاجتماعية، ولكن ليس مفهومه عنها. وهذا المفهوم للعدالة الاجتماعية يتوافق مع الحرية. إن السعي لتحقيق العدالة الاجتماعية يعني فقط تدمير سيادة القانون إذا كان مفهومنا للعدالة الاجتماعية يتطلب منا التلاعب بنتائج اقتصادية معينة (راجع، Hayek. 1960 [2011: 85]). وهذه النقاط أصبحت الآن مفهومة جيدًا من قبل المدافعين عن هايك (راجع، Tomasi. 2012: 142-150).

بوكنان وفريدمان أقل تركيزًا على رفض العدالة الاجتماعية، لكن مواقفهما تشبه مواقف هايك. تدفعه النزعة التعاقدية لبوكنان إلى الاعتقاد بأن توزيعات المجتمع عادلة إذا كانت نتاجًا لقواعد يتفق عليها الجميع، وبخلاف ذلك لا، لذلك إذا كان السعي وراء العدالة التوزيعية يعني كسر القواعد الدستورية التي اتفقنا عليها، فهذا يمثل إشكالية. لكن قد يكون للعقود الاجتماعية قواعد إعادة التوزيع. إذا وافق الناس على قواعد إعادة التوزيع، فإن إعادة التوزيع لها ما يبررها. وبهذه الطريقة، فإن بوكنان أقرب إلى رولز من هايك.

ليس لدى فريدمان الكثير ليقوله عن العدالة الاجتماعية. في الغالب يشدد على أن بعض أنواع المساواة فقط هي المرغوبة، حيث يقول فريدمان (راجع، Friedman. 1980 [2017: 144]) غالبًا، على سبيل المثال، أنه يجب علينا فقط السعي إلى تحقيق تكافؤ الفرص، وليس المساواة في النتائج (راجع، Butler. 1985: 218)، لكنه يشعر أيضًا بالحاجة إلى المجادلة بأن الأسواق ليس لديها ميل متأصل لتحقيق نتائج غير متكافئة للغاية، حيث يقول:

(إن طريقة الحد من اللامساواة ... ليس من خلال التسكين المضلل لتقاسم الثروة ولكن عن طريق تحسين طريقة عمل السوق، وتعزيز المنافسة، وتوسيع الفرص للأفراد لتحقيق أقصى استفادة من صفاتهم الخاصة (راجع، Friedman. 1955 [2017: 14]). الاختلافات في القوة الاقتصادية لا تدعو إلى دولة إعادة التوزيع ولكن لمزيد من الرأسمالية:

(تكمن فضيلة رأسمالية المشاريع الحرة في أنها تضع رجل أعمال ضد آخر، وبالتالي فهي الوسيلة الأكثر فعالية للسيطرة) (راجع، Friedman. 1974a [2017: 84]).

تقوض الأسواق الحرة القوة الاقتصادية الاحتكارية، بينما تولدها الحكومة (راجع، Butler. 1985: 210).

7. انتقادات للنيوليبرالية:

يغطي هذا القسم انتقادات للنيوليبرالية، لكنه يستبعد عددًا كبيرًا منها. والسبب في ذلك هو أن العديد من الانتقادات الأكثر شهرة للنيوليبرالية هي ببساطة انتقادات للرأسمالية في حد ذاتها. ووفقًا لذلك، يركز هذا القسم على الانتقادات الموجهة مباشرة إلى النيوليبرالية.

1.7. الانتقادات الإيثوسية:

ينتقد الكثيرون النيوليبرالية لهيكلة المجتمع حول السوق، وتسليع علاقات السوق، وبشكل عام التلاعب بالناس لخدمة غايات ما هو أفضل للتجارة أو الإنتاج الاقتصادي. بهذه الطريقة، تبني النيوليبرالية المجتمع حول رابطة نقدية.

ولكن على عكس الرأسمالية الكاملة، فإن النيوليبرالية تفعل ذلك بطريقة سرية تتطلب عملًا أكاديميًا جادًا لإثبات ذلك. ليست النيوليبرالية بحد ذاتها إيثوسًا، كما أشرنا أعلاه، ولكن قد يُنظر إلى النيوليبرالية على أنها تؤدي إلى علاقة معاملات رأسمالية / تبادلية مفرطة بين الأشخاص. وبينما ترفض هذا التوصيف للنيوليبرالية، تجادل جيسيكا وايت بأنها غالبًا ما تصفها باعتبارها: (أيديولوجية اقتصادية غير أخلاقية تُخضع جميع القيم لعقلانية اقتصادية) (راجع، Whyte. 2019: 19).

بمتابعة عدد من الآخرين، مثل ويندي براون (راجع، Brown. 2015). هنا يعتمد التحليل بشكل كبير على فوكو (راجع، Foucault. 2010)، حيث يقال إن النيوليبرالية تختزل العقلانية العملية للاعتبارات الاقتصادية، حيث: (لا فرق بين مخالفة قانون الطريق والقتل العمد) (راجع، Brown. 2015: 253-4).

في الواقع، يمكن للمرء أن يقدم الحجة الأكثر إثارة للقلق بأن النيوليبرالية لا تؤدي كثيرًا إلى المواقف الأنانية، ولكن نحو المواقف المتعصبة والتراتبية (الهرمية) والتقليدية (راجع، 37, Brown. 2019: 7).

2.7. اللامساواة (Inequality):

يتمثل أحد الشواغل المركزية بشأن النيوليبرالية في أنها، حتى لو عززت النمو الاقتصادي، فإنها تزيد أيضًا من التفاوت الاقتصادي (اللامساواة الاقتصادية)، والذي يمثل إشكالية من عدة جوانب. يتم تقديم نوعين من انتقادات اللامساواة بشكل عام. والأكثر شهرة هي الانتقادات التجريبية بأن الأنظمة النيوليبرالية تؤدي إلى تفاوتات خطيرة من البيانات والمعلومات فقط، مثل كتاب توما بيكيتي (Thomas Piketty)، رأس المال (راجع، Piketty. 2014)، الذي يرى أن اللامساواة الاقتصادية آخذت في الازدياد وتشكل تهديدًا للديمقراطية، ومثل عمل مارتن جيلنس (Martin Gilens) حول اللامساواة واستجابة صنع السياسات الديمقراطية لأغنى 10٪ (راجع، Gilens. 2014).

النوع الآخر من نقد اللامساواة في ظل النيوليبرالية مشتق من عمل رولز. وكما هو معروف، رفض رولز رأسمالية دولة الرفاه وشكلًا أكثر قوة من الرأسمالية والذي سماه نظام الحرية الطبيعية على أساس أنهما لا يرضيان مبدأي رولز للعدالة (راجع، Rawls 2001؛ O'Neill and Williamson 2014). يزعم رولز بأنه حتى رأسمالية دولة الرفاه، لا يمكنها حماية قيمة الحرية السياسية أو تحقيق أولويتها (راجع، Rawls. 1993 [2005])؛ لأنها تسمح بتراكم رأس المال في أيدي عدد قليل جدًا من الأيدي، مما يؤدي إلى الهيمنة الاقتصادية على السياسة، ويعزل الكثير من الناس عن امتلاك السلع وتشغيل بعض رأس المال الذي يحتاجون إليه على الأقل للتمتع بقيمة حرياتهم الدستورية.

هناك نوع آخر من اللامساواة تم طرحه كمصدر قلق للمجتمعات النيوليبرالية، وهو اختلال توازن السلطة السياسية داخل الشركة بين أرباب العمل والعمال. حيث زعمت إليزابيث أندرسون (Elizabeth Anderson)، على سبيل المثال، أن هذا شكل من أشكال (الحكومة الخاصة) الاستبدادية وأن المؤسسات التي يدافع عنها النيوليبراليون (على الرغم من أنها لا تستخدم هذا المصطلح) غير كافية للمساواة بين حريات الرأسماليين والعمال (راجع، Anderson. 2019).

3.7. تقويض الديمقراطية:

من الانتقادات الشائعة جدًا للنيوليبرالية أنها تقوض الديمقراطية. قد يكون السبب في ذلك هو أن اللامساواة الاقتصادية المرتفعة تقوض الديمقراطية، كما يزعم مارتن جيلنس (راجع، Gilens. 2014) في كتابه الثراء والنفوذ (Affluence and Influence) ودافع عنه لاري بارتلس (Larry Bartels) (راجع، Bartels. 2008 [2016]).

هناك طريقة أخرى يمكن للنيوليبرالية من خلالها تقويض الديمقراطية، وهي إعطاء الأولوية لحماية الحريات الاقتصادية الليبرالية الكلاسيكية، مثل الحق في الملكية الخاصة. يمكن أن يؤدي ذلك إلى قيود على قدرة المواطنين الديمقراطيين على اختيار إعادة توزيع الثروة. هذه المشكلة ملحّة بشكل خاص في ضوء نظرة هايك الإيجابية لنظام بينوشيه في تشيلي. كان هايك يأمل في أن تصبح تشيلي دولة ديمقراطية، لكنه كان يعتقد أن انقلاب بينوشيه قد سمح لشيلي بتفادي رصاصة الاشتراكية الديمقراطية كما دعا إليها سلفادور أليندي (Salvador Allende)، سلف بينوشيه. هناك توتر بين الليبرالية والالتزامات الديمقراطية داخل النيوليبرالية وهذا يميل في الممارسة إلى أن الديمقراطية تعاني.

4.7. اللاعقلانية الاقتصادية:

تعتمد الأنظمة النيوليبرالية بشكل كبير على آليات السوق، ويدعي النيوليبراليون أن الأسواق تتسم بالكفاءة أو على الأقل عالية الإنتاجية اقتصاديًا (يختلف النيوليبراليون كيفية توصيف وتفسير إنتاجية السوق وكفاءته). لكن الاقتصاديين السلوكيين حددوا تحيزات مختلفة في التفكير البشري تقوض نموذج الإنسان الاقتصادي الذي يقال إن النيوليبراليين يستخدمونه لنمذجة التنمية الاقتصادية والتنبؤ بها (على الرغم من أنه كما هو موضح أعلاه، فإن النيوليبراليين لديهم علاقة دقيقة مع الإنسان الاقتصادي) (راجع، Kahneman 2013؛ Ariely 2010)([38]).

5.7. التفنيدات الكنزية:

نشأت النيوليبرالية، كما لوحظ، جزئيًا استجابة لهيمنة سياسة الاقتصاد الكلي الكينزية. لكن الكينزيين، وعلى الأخص بول كروغمان (Paul Krugman) (راجع، Krugman. 2012)، ردوا بالقول إن الانتقادات النيوليبرالية للسياسة الكينزية تفشل. هذا صحيح بشكل خاص لأن النيوليبراليين غالبًا ما ادعوا أن السياسة المالية هي حافز غير فعال مقابل التحفيز النقدي. خلال فترة الركود الكبير، زعم كروغمان بأن الاحتياطي الفيدرالي قد خفض أسعار الفائدة كثيرًا لدرجة أن المزيد من الحوافز النقدية ستفشل، وبالتالي يجب أن تتدخل السياسة المالية.

تستند العديد من الانتقادات الموجهة للأنظمة النيوليبرالية المنخرطة في (التقشف) (austerity) خلال فترة الركود الكبير إلى نموذج كينزي أساسي، حيث استند منتقدو تخفيضات الإنفاق الحكومي خلال فترة الركود الكبير إلى فكرة أنها تضر بالآفاق الاقتصادية للفقراء، بينما وفقًا للنيوليبراليين، فإن تقلص الإنفاق الحكومي خلال فترة الركود لا يضر بالفقراء لأسباب متنوعة([39]).

6.7. الاقتصاد المتدرج للأسفل:

إحدى التهم الشائعة ضد النيوليبرالية هي وعدها الكاذب بفوائد (متدفقة وتدريجية) للنمو الاقتصادي للفقراء من الأغنياء (راجع، Quiggin 2012). وبالمعنى الدقيق للكلمة، فإن الاقتصاد المتدرج ليس مدرسة حقيقية للفكر الاقتصادي، ولن يقبل هايك أو فريدمان أو بوكنان هذا الوصف لآرائهم. لقد زعموا بأن الجميع سيستفيدون من الازدهار الذي يتحقق من خلال السوق الحرة، لكن هذا لم يكن بالضرورة لأن الأغنياء سيستفيدون أولاً، حيث زعم هايك أن هناك نوعًا من التأثير التدريجي لأسعار السلع والخدمات، حيث تصبح الكماليات للأثرياء قواسم مشتركة للفقراء لأن المصنِّعين يكتشفون كيفية خفض الأسعار لتوسيع اختراق السوق بمرور الوقت. (راجع، Hayek. 1960 [2011]). وبالفعل، من المعتاد في علم الاقتصاد السائد القول إنه مع تراكم الشركات لرأس المال، فإنها تستطيع دفع رواتب أكثر لعمالها، وبالتالي يمكنها تقديم عطاءات للعمال بعيدًا عن الشركات الأخرى. غالبًا ما تتضمن هذه العملية زيادة الأجور، لذا فإن المزيد من رأس المال في أيدي الأغنياء يمكن أن يؤدي إلى أجور أعلى للفقراء من خلال قنوات سببية معروفة إلى حد ما. وعلى الرغم من ذلك، وعد العديد من المسؤولين النيوليبراليين بمكاسب لم تتحقق في كثير من الأحيان.

7.7. الانتقادات الليبرتارية:

النيوليبرالية والليبرتارية (libertarianism) مستقلتان ومختلفتان، إذا كانت وجهات النظر مرتبطة بهما. وفي بعض النواحي، كان النيوليبراليون ليبرتاريين في ظل بعض الظروف. في الواقع، اعتقد بوكنان أن الأناركية هي أفضل نظام أخلاقيًا، حتى لو كان ذلك غير ممكن عمليًا. ولكن لا يزال من الشائع بالنسبة إلى الليبرتاريين أن ينتقدوا الليبرتاريين الأكثر اعتدالًا لسماحهم بأي إعادة توزيع للثروة، مثل موراي روثبورد (Murray Rothbard) (راجع، Rothbard. 1973، 1982 [2002])، روبرت نوزيك (Robert Nozick) (راجع، Nozick. 1974)، أو لإعطاء الأولوية للديمقراطية على الأشكال الإبستقراطية (epistocratic) أو ذات الميول النخبوية لصنع القرار السياسي، مثل جيسون برينان (Jason Brennan) (راجع، Brennan. 2016).

8.7. الانتقادات الكولونيالية:

من الشائع في بعض الأوساط القول إن الأنظمة النيوليبرالية ذات طابع كولونيالي، وإن كان ذلك بطريقة مباشرة بشكل غير عادي. الفكرة هي أن الأنظمة النيوليبرالية تبنتها الأنظمة في العالم الناطق بالإنجليزية وفي كثير من دول أوروبا الغربية، وأن هذا شكل إجماعًا دوليًا للنخبة حول كيفية إدارة الاقتصادات في جميع أنحاء العالم. وأدى ذلك إلى (إجماع واشنطن) (Washington Consensus) الذي تسبب في تدخلات سياسية تدخلت في الحكم الديمقراطي للدول النامية، وزادت من عدم المساواة، وجعلت الفقراء أسوأ حالًا. (لمناقشة شاملة، راجع، Whyte. 2019: 5chapters 3_).

9.7. الانتقادات الشعبوية/القومية:

من الشائع بشكل متزايد أن ينتقد الشعبويون اليمينيون السياسة النيوليبرالية على أساس أنها تؤكد على التجارة الحرة والهجرة الحرة، مما يؤدي إلى مجموعة من العواقب الوخيمة، من تقلص القاعدة الصناعية للدول الديمقراطية الغنية مثل الولايات المتحدة، مثل ذلك الذي قدمه باتريك دينين (Patrick Deneen) (راجع، Deneen. 2019). ومن النموذج الأقوى لهذا القلق أن السماح للمهاجرين من ثقافات مختلفة بالحصول على الجنسية داخل بلد ما سيضر أو يحط من ثقافة وسياسة ذلك البلد.

10.7. الانتقادات النسوية:

يشعر البعض، مثل نانسي فريزر (Nancy Fraser) (راجع، Fraser. 2017)، بالقلق من أن النيوليبرالية قد اختارت النسوية من خلال جعل المثالية النسوية في نموذج يخدم كنوع من الجدارة الزائفة القائمة على السوق، حيث يكون هدف النسوية، على سبيل المثال، تلك المرأة التي لديها مهنة جيدة الأجر، وفي أعلى مستوياتها، تكون في ريادة الأعمال النسائية وتصبح ضمن المديرات التنفيذية للشركة. وهذه النسوية اليسارية غير قادرة على تلبية احتياجات ومصالح النساء حيث أضرت النيوليبرالية بالعولمة([40]).

11.7. الانتقادات الأخرى:

تخضع النيوليبرالية لاعتراضات أخرى، لكن العديد منها يشبه مشاكل نظريات ديمقراطية ليبرالية أخرى، مثل الصراع بين الحقوق الليبرالية (مهما كانت مفهومة) والديمقراطية - الخلاف "الجوهري - الإجرائي" في أدبيات الديمقراطية التداولية (deliberative democracy)، وأيضًا كيف يمكن أن يأخذ أي نهج ليبرالي لحرية الجمعيات حرية المجموعات المهمشة على محمل الجد نظرًا لاحتمال الاضطهاد المحلي.

لدى النيوليبراليين مفاهيم متنوعة عن الحرية، رغم أنها سلبية عادةً، مع كل الانتقادات المعيارية التي تدعو إليها تلك الآراء.

وبعد ذلك، وبقدر ما تتبنى النيوليبرالية مثل هايك وبوكنان إطارًا تعاقديًا لتبرير المؤسسات، فإن دفاعاتها سترث جميع الصعوبات المتعلقة بالتعاقدية.

8. الخلاصة:

لا يُقصد بهذا المدخل تحديد المعنى الحقيقي الوحيد "للنيوليبرالية"، بل يهدف إلى إلقاء الضوء على النيوليبرالية كعقيدة فلسفية محكمة تتبناها شخصيات تسمى عمومًا بالنيوليبراليين. يعطي الإدخال أيضًا الأولوية للاستخدامات الأكثر عدالة والأقل ازدراءً للمصطلح في البحث التاريخي الحديث. وهذا لا يعني استبعاد المزيد من الفهم التاريخي والديناميكي للنيوليبرالية. إنها تحتوي على نظرة ثاقبة، لكن الهدف من هذا المدخل كان توصيف النيوليبرالية كموقف فلسفي. إذا فعلنا ذلك، يمكننا أن نفهم النيوليبرالية على أنها عقيدة سياسية-اقتصادية تتبنى رأسمالية ليبرالية قوية، وديمقراطية دستورية، ودولة رفاه متواضعة([41]).

 

قائمة المراجع:

  • Anderson, Elizabeth, 2019, Private Government: How Employers Rule Our Lives (and Why We Don’t Talk about It), Princeton, NJ: Princeton University Press.
  • Ariely, Daniel, 2010, Predictably Irrational: The Hidden Forces That Shape Our Decisions, New York: Harper Collins.
  • Bartels, Larry, 2008 [2016] Unequal Democracy: The Political Economy of the New Gilded Age, Princeton, NJ: Princeton University Press; second edition 2016.
  • Biebricher, Thomas, 2018, The Political Theory of Neoliberalism, Stanford, CA: Stanford University Press.
  • Brennan, Geoffrey and James Buchanan, 1981, “The Normative Purpose of Economic ‘Science’: Rediscovery of an Eighteenth Century Method”, International Review of Law and Economics, 1(2): 155–166. doi:10.1016/0144-8188(81)90013-2
  • –––, 1985, The Reason of Rules: Constitutional Political Economy, New York: Cambridge University Press. doi:10.1017/CBO9780511895937
  • Brennan, Jason, 2016, Against Democracy, Princeton, NJ: Princeton University Press.
  • Brown, Wendy, 2015, Undoing the Demos: Neoliberalism’s Stealth Revolution, New York: Zone Books.
  • –––, 2019, In the Ruins of Neoliberalism: The Rise of Antidemocratic Politics in the West, New York: Columbia University Press.
  • Buchanan, James, 1969, Cost and Choice: An Inquiry in Economic Theory, Chicago: University of Chicago Press.
  • –––, 1975, The Limits of Liberty: Between Anarchy and Leviathan, Chicago: University of Chicago Press.
  • –––, 1979 [1984], “Politics without Romance: A Sketch of Positive Public Choice Theory and Its Normative Implications”, IHS-Journal, 3: B1–11; reprinted in James Buchanan & Robert Tollison (eds.), 1984, The Theory of Public Choice–II, pp. 11–22, Ann Arbor: University of Michigan Press.
  • –––, 1987, “Budgetary Bias in Post-Keynesian Politics: The Erosion and Potential Replacement of Fiscal Norms”, in Deficits, James Buchanan, Charles Rowley and Robert Tollison (eds.), New York: Blackwell, 180–198.
  • –––, 1991, The Economics and Ethics of Constitutional Order, Ann Arbor, MI: University of Michigan Press.
  • –––, 1993, Property as a Guarantor of Liberty, Northampton: Edward Elgar Publishing.
  • –––, 1999, The Logical Foundations of Constitutional Liberty, Indianapolis, IN: Liberty Fund.
  • Buchanan, James and Gordon Tullock, 1962, The Calculus of Consent, Ann Arbor, MI: University of Michigan Press.
  • Burgin, Angus, 2012, The Great Persuasion: Reinventing Markets since the Depression, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Butler, Eamonn, 1985, Milton Friedman: A Guide to His Economic Thought, New York: Universe Books.

Caldwell, Bruce, 2004, Hayek’s Challenge, Chicago: University of Chicago Press.Deneen, Patrick, 2019, Why Liberalism Failed, New Haven, CT: Yale University Press.Farrant, Andrew, Edward McPhail, and Sebastian Berger, 2012, “Preventing the ‘Abuses’ of Democracy: Hayek, the ‘Military Usurper’ and Transitional Dictatorship in Chile?: Preventing the ‘Abuses’ of Democracy”, American Journal of Economics and Sociology, 71(3): 513–538. doi:10.1111/j.1536-7150.2012.00824.xFarrant, Andrew and Vlad Tarko, 2019, “James M. Buchanan’s 1981 Visit to Chile: Knightian Democrat or Defender of the ‘Devil’s Fix’?”, The Review of Austrian Economics, 32(1): 1–20. doi:10.1007/s11138-017-0410-3Feld, Lars P., 2014, “James Buchanan’s Theory of Federalism: From Fiscal Equity to the Ideal Political Order”, Constitutional Political Economy, 25(3): 231–252. doi:10.1007/s10602-014-9168-9Foucault, Michel, 2004 [2010], Naissance de la biopolitique: cours au Collège de France (1978–1979), Paris: Gallimard.Translated as The Birth of Biopolitics, Graham Burchell (trans.), New York: Picador, 2020Fraser, Nancy, 2017, “From Progressive Neoliberalism to Trump—and Beyond”, American Affairs, 1(4): 46–64.Freeman, Samuel, 2011, “Capitalism in the Classical and High Liberal Traditions”, Social Philosophy and Policy, 28(2): 19–55. doi:10.1017/S0265052510000208Friedman, Milton, 1951 [2012], “Neo-Liberalism and Its Prospects”, Farmand, February 17: 89–93; reprinted Friedman 2012: 3–10.–––, 1955 [2017], “Liberalism, Old Style”, in 1955 Collier’s Year Book, New York: P. F. Collier & Son, 360–363; reprinted in Friedman 2017: 1–16.–––, 1959, A Program for Monetary Stability, New York: Fordham University Press.–––, 1962a [2002], Capitalism and Freedom, Chicago: University of Chicago Press; reprinted 2002.–––, 1962b [2017], “The Relation between Economic Freedom and Political Freedom”, in Friedman 1962a: 7–21; reprinted in Friedman 2017: 17–34.–––, 1974a [2017], Interviewed by Tibor Machan, Joe Cobb, and Ralph Raico, Reason, December 1974, pp. 4–14; reprinted in Friedman 2017: 69–92.––– 1974b [2012], “Schools at Chicago”, University of Chicago Record, 3–7, Remarks at the 54th annual Board of Trustees dinner for faculty, University of Chicago, 9 January 1974; reprinted Friedman 2012: 11–24.–––, 1980, “Created Equal”, in M. Friedman and R. Friedman 1980: 128–149; reprinted in Friedman 2017: 139–164.–––, 1987 [2017], “Free Markets and Free Speech”, Harvard Journal of Law & Public Policy, 10(Winter): 1–9; reprinted in Friedman 2017: 177–188.–––, 2000 [2012], Commanding Heights Interview, 1 October 2000; reprinted Friedman 2012: 233–254.–––, 2012, The Indispensable Milton Friedman: Essays on Politics and Economics, Lanny Ebenstein (ed.), Washington: Regnery.–––, 2017, Milton Friedman on Freedom: Selections from the Collected Works of Milton Friedman, Robert Leeson and Charles Palm (eds.), Stanford, CA: Stanford University Press.Friedman, Milton and Rose Friedman, 1980, Free to Choose: A Personal Statement, New York: Harcourt.Friedman, Milton and Anna Schwartz, 1963, A Monetary History of the United States, Princeton, NJ: Princeton University Press.Gilens, Martin, 2014, Affluence and Influence: Economic Inequality and Political Power in America, Princeton, NJ: Princeton University Press.Harvey, David, 2005, A Brief History of Neoliberalism, New York: Oxford University Press.Hayek, Friedrich A., 1929 [1933/2012], Geldtheorie und Konjunkturtheorie, Wien und Leipzig. Translated from the German by Nicholas Kaldor and H.M. Croome as Monetary Theory and the Trade Cycle, London, Toronto: Jonathan Cape, 1933; reprinted Eastford, CT: Martino Fine Books, 2012.–––, 1941 [2007], The Pure Theory of Capital, Chicago: University of Chicago Press; reprinted, Lawrence H. White (ed.), as part of the Collected Works of F. A. Hayek, volume 12, Chicago: University of Chicago Press, 2007.–––, 1944 [2007], The Road to Serfdom, London: Routledge. A definitive edition, Bruce Caldwell (ed.), as part of the Collected Works of F. A. Hayek, volume 2, Chicago: University of Chicago Press, 2007.–––, 1945, “The Use of Knowledge in Society”, American Economic Review, 35(4): 519–530.–––, 1960 [2011], The Constitution of Liberty, Chicago: University of Chicago Press. A definitive edition, Ronald Hamowy (ed.), as part of the Collected Works of F. A. Hayek, volume 17, Chicago: University of Chicago Press, 2011.–––, 1973–79, Law Legislation and Liberty, Chicago: University of Chicago Press.1973, Volume 1: Rules and Order1978, Volume 2: The Mirage of Social Justice1979, Volume 3: The Political Order of a Free People–––, 1988, The Fatal Conceit: The Errors of Socialism, W. W. Bartley (ed.), part of the Collected Works of F. A. Hayek, volume 1, Chicago: University of Chicago Press.–––, 1997, Socialism and War: Essays, Documents, Reviews, Bruce Caldwell (ed.), part of the Collected Works of F. A. Hayek, volume 10, Chicago: University of Chicago Press.Kahneman, Daniel, 2013, Thinking, Fast and Slow, New York: Farrar, Straus, and Giroux.Keynes, John Maynard, 1935 [1965], The General Theory of Employment, Interest, and Money, New York: Harcourt, Brace. Harbinger edition, New York: Harcourt, Brace & World, 1965.Krugman, Paul, 2012, End This Depression Now, New York: Norton.Hirschman, Albert O., 1970, Exit, Vocity, and Loyalty: Responses to Decline in Firms, Organizations, and States, Cambridge, MA: Harvard University Press.Lange, Oskar, 1936, “On the Economic Theory of Socialism: Part One”, The Review of Economic Studies, 4(1): 53–71. doi:10.2307/2967660Monbiot, George, 2016, “Neoliberalism: the Ideology at the Root of All Our Problems”, The Guardian, 15 April 2016, URL= https://www.theguardian.com/books/2016/apr/15/neoliberalism-ideology-problem-george-monbiot Accessed 1 December 2019.Mises, Ludwig von, 1922 [1936/1951], Die Gemeinwirtschaft, Untersuchungen über den Sozialismus, Jena: Fischer; translated from the second edition, 1932, as Socialism: An Economic and Sociological Analysis, J. Kahane (trans.), London: J. Cape, 1936; reprinted New Haven, CT: Yale University Press, 1951.Murphy, Liam and Thomas Nagel, 2002, The Myth of Ownership: Taxes and Justice, New York: Oxford University Press.Nozick, Robert, 1974, Anarchy, State and Utopia, New York: Basic Books.O’Neill, Martin and Thad Williamson, 2014, Property-Owning Democracy: Rawls and Beyond, West Sussex: Wiley.Piketty, Thomas, 2014, Capital in the Twenty-First Century, Cambridge, MA: Harvard University Press.Quiggin, John, 2012, Zombie Economics: How Deal Ideas Still Walk among Us, Princeton, NJ: Princeton University Press.Rawls, John, 1971 [1999], A Theory of Justice, Cambridge, MA: Belknap Press. Revised edition, 1999.–––, 1993 [2005], Political Liberalism, New York: Columbia University Press; second edition, 2005.–––, 2001, Justice as Fairness: A Restatement, Erin Kelly (ed.), Cambridge, MA: Belknap Press.Rothbard, Murray N., 1973, For a New Liberty: The Libertarian Manifesto, London: MacMillan.–––, 1982 [2002], The Ethics of Liberty, Atlantic Highlands, NJ; Humanities Press; reprinted New York: New York University Press, 2002.Slobodian, Quinn, 2018, Globalists: The End of Empire and the Birth of Neoliberalism, Cambridge, MA: Harvard University Press.Steger, Manfred and Ravi Roy, 2010, Neoliberalism: A Very Short Introduction, New York: Oxford University Press. doi:10.1093/actrade/9780199560516.001.0001Tomasi, John, 2012, Free-Market Fairness, Princeton, NJ: Princeton University Press.Venugopal, Rajesh, 2015, “Neoliberalism as Concept”, Economy and Society, 44(2): 165–187. doi:10.1080/03085147.2015.1013356Whyte, Jessica, 2019, The Morals of the Market: Human Rights and the Rise of Neoliberalism, New York: Verso.

[1] المصدر الأصلي للترجمة:

Vallier, Kevin. (2021). Neoliberalism.

https://plato.stanford.edu/archives/fall2022/entries/neoliberalism/#CritNeol

[2] الإنسان الاقتصادي (homo economicus)/ إن مصطلح الإنسان الاقتصادي أو الرجل الاقتصادي هو مصطلح يصور البشر بأنهم وكلاء عقلانيون بشكل متواصل، ذوو اهتمام ذاتي ضيق، ويسعون إلى تحقيق أهدافهم المحددة على أساس المصلحة الذاتية بالصورة الأمثل. مصطلح الإنسان الاقتصادي تحوير لمصطلح الإنسان العاقل، ويُستخدم في بعض النظريات الاقتصادية وفي التربية. استُخدم المصطلح للمرة الأولى في أواخر القرن التاسع عشر من قبل نقاد أعمال جون ستيوارت مل في الاقتصاد السياسي. 

فالرجل الاقتصادي، أو الوكيل العقلاني المصور في النماذج الاقتصادية. لديه تفضيلات متسقة ومستقرة. إنه يتطلع تمامًا إلى الأمام، ولا يسعى إلا إلى مصلحته الشخصية. عندما يُعطى الخيارات، فإنه يختار البديل الذي يتمتع بأعلى فائدة متوقعة لنفسه.

[3] هذا المدخل يفهم ميزس على أنه تمهيد نيوليبرالي، حيث تبنى حدودًا أكثر حدة على الدولة من أي شخص يُصنف عادةً على أنه نيوليبرالي. لكن (راجع، Slobodian (2018), Whyte (2019: 31)) للحصول على مقاربة مختلفة. (المؤلف).

[4] يضع أنجس بورجين (هايك وفريدمان، وكذلك بوكنان)، بالقرب من مركز ما يسميه الآخرون النيوليبرالية. (راجع، Burgin 2012:118). (المؤلف).

[5] وبالمثل، لا ينبغي لنا تعريف النيوليبرالية من خلال كيفية استخدام الحكومات والأحزاب السياسية لها؛ لأنها غالبًا ما تستخدم المصطلح بازدراء لتحقيق مكاسب سياسية. (المؤلف).

[6] الإيثوس (ethos)/ كلمة يونانية تعني «سمة» تُستخدم لوصف المعتقدات أو الغاية الأخلاقية أو المثل التوجيهية التي تميز مجتمعًا أو أمة أو أيديولوجية، حيث جنح القدماء إلى افتراض إيثوس الفرد يتطابق مع أخلاقيات مجتمعه، جعلت النظرية الاجتماعية والسياسية اللاحقة (بدءًا من الرواقيين) الفروق الأخلاقية بين الفرد والمجتمع المحلي مشكلة مركزية.

[7] الليبرالية الكلاسيكية (classical liberalism)/ هي فلسفة سياسية مُتفرِّعة عن الليبرالية تؤيد الحريات المدنية بموجب حكم القانون مع التشديد على الحرية الاقتصادية، وهي متشابهةً بصورة كبيرة مع الليبرالية الاقتصادية، ظهرت الليبرالية الكلاسيكية في مطلع القرن التاسع عشر، مبنيةً على استجابةً إلى التمدن والثورة الصناعية في كل من أوروبا والولايات المتحدة. ومن الأشخاص البارزين الذين ساهموا في الليبرالية الكلاسيكية جون لوك، وجان بابتست ساي، وتوماس روبرت مالتوس، وديفيد ريكاردو. واُستمِدت على الأفكار الاقتصادية الكلاسيكية التي تبَّناها آدم سميث في كتابه الأول "ثروة الأمم"، وعلى إيمانٍ بالقانون الطبيعي، والمدرسة النَّفعيَّة، ومبدأ التقدم.

[8] النيوليبرالية ليست نفعية جزئيًا؛ لأن النفعية هي نظرية أخلاقية، في حين أن النيوليبرالية هي حساب وتفسير للاقتصاد السياسي. (المؤلف).

[9] تسمى (التعاقدية) لكلا من النظرية السياسية لشرعية السلطة السياسية والنظرية الأخلاقية حول الأصل أو المحتوى الشرعي للمعايير الأخلاقية، حيث تدعي النظرية السياسية للسلطة أن السلطة الشرعية للحكومة يجب أن تنبع من موافقة المحكومين، حيث ينبثق شكل ومضمون هذه الموافقة من فكرة العقد أو الاتفاق المتبادل. راجع، مدخل فلسفي حول التعاقدية في موسوعة ستانفورد للفلسفة: https://plato.stanford.edu/entries/contractarianism

[10] الاقتصاد الكلي الكينزي (Keynesian macroeconomic)/ هو نظرية الاقتصاد الكلي للإنفاق الكلي في الاقتصاد وتأثيراته على الإنتاج والتوظيف والتضخم. تم تطويره من قبل الاقتصادي البريطاني جون ماينارد كينز خلال الثلاثينيات في محاولة لفهم الكساد الكبير . الاعتقاد المركزي للاقتصاد الكينزي هو أن التدخل الحكومي يمكن أن يحقق الاستقرار في الاقتصاد. كانت نظرية كينز هي الأولى التي فصلت بحدة دراسة السلوك الاقتصادي والحوافز الفردية عن دراسة المتغيرات والتركيبات الإجمالية العامة. بناءً على نظريته، دعا كينز إلى زيادة الإنفاق الحكومي وخفض الضرائب لتحفيز الطلب وإخراج الاقتصاد العالمي من الكساد.

[11] اقتصاديات التوازن العام (economics of general equilibrium)/ تُقدم نَظرية التوازن العام مُحاولاتٍ اقتصاديةٍ عديدةٍ لِتوضيحِ سُلوكِ كُلٍ من العرضِ، والطلب، والسعر في الاقتصاد كَكُل، ويكون ذلك مع بعضِ أو أغلبِ الأسواق المُتفاعلةّ وَذلك من خلال السَعي لإثبات أَنَ مَجموعة مِنَ الأسعار الموجودة يُمكنُ أَن تُحددَ مستوى التوازن العام للأسعار. ومن الجدير بذكره أن نظرية التوازن العام مُناقضةَ لِـ نظرية التوازن الجزئي والتي تُحلل الأسعار لِسوق واحدٍ فقط. تَدرسُ نَظرية التَوازن العام كُلاً من نَموذج الاقتصاد المستخدم لقياس التوازن، بِالإضافةِ إِلى افتراض سِعر التَوازن المُحتمل. تعود هذه النظرية تاريخياً إلى عقد 1870، تحديداً عام 1874 عندما قام العالم الفرنسي ليون ويليرس بِابتكارِ العناصر الاقتصادية الأساسية.

[12] اقتصاديات الإخفاق السوقيةmarket failure economics))/ مفهوم من مفاهيم النظرية الاقتصادية، يصف الحالة التي لا يكون فيها تخصيص السلع والخدمات المقدمة في السوق الحرة ذو كفاءة اقتصادية. وهذا يعني، وجود نتائج أخرى يمكن تصورها، حيث قد يكون المشاركون في السوق أفضل حالاً دون أن يصبح حال مشاركين آخرين أسوأ. يعود أول استخدام معروف لمصطلح «إخفاق السوق» إلى عام 1958 لكن يمكن إرجاع هذا المصطلح للفيلسوف هنري سيدجويك من العصر الفكتوري. يمكن تصحيح إخفاقات السوق عبر أسواق متممة.

[13] الحكومة المحدودة (مقيدة الصلاحيات) (limited government)/ فكرة مفادها أن السلطة السياسية وممارسيها يجب تقييدهم دستوريًا، ويكون ذلك من خلال حكم القانون أو الدستورانية. صيغت مبادئ الحكومة المقيدة الصلاحيات بالتعارض مع الحكم المطلق، وكان ذلك على يد جون لوك وشارل لوي مونتسكيو.

[14] الشكوكية (skepticism)/ بشكل عام هي أي اتجاه شكّي أو ارتياب بخصوص شيء أو أكثر من المعتقدات أو المعارف المفترضة. تتجه الشكوكية غالبا نحو اختصاصات مثل ما وراء الطبيعة أو علم الأخلاق (الشكوكية الأخلاقية) أو الدين (الشكوكية حول وجود الله) أو المعرفة (الشكوكية حول إمكانية المعرفة أو اليقين). صوريًا، تأتي الشكوكية كموضوع في سياق الفلسفة –خاصة نظرية المعرفة- على الرغم من أنه يمكن تطبيقها على أي موضوع مثل السياسة أو الدين أو العلم الزائف. ظهر شكل جذري جديد من الشكوكية في النصف الأخير من القرن العشرين: ما بعد الحداثة . تساءل هذا الرأي عما إذا كان يمكن أن يكون هناك أي إطار منطقي وموضوعي لمناقشة المشاكل الفكرية، أو ما إذا كانت الأطر الفكرية التي يستخدمها الناس تحددها بطبيعتها مواقف حياتهم.

[15] الهوبزية نسبة إلى توماس هوبز، والتي أصبحت رمزًا للنظريات التي تعتمد على القوة وتصور الآخرين كأعداء.

[16] الحريات السلبية (negative liberties)/ هي التحرر من تدخل الآخرين. تُعنى الحرية السلبية بشكل أولي بالتحرر من القيود الخارجية وتعاكس الحرية الإيجابية (الاستحواذ على القوة والمصادر اللازمة لتحقيق إمكانات الفرد). قدم أشعيا برلين هذا التمييز في محاضرته بعنوان (مفهوما الحرية) عام 1958.

[17] القنانة (Serfdom)/ هو وضع اجتماعي اقتصادي لطبقة الفلاحين في ظل الإقطاع. كانت حالة من الرق أو العبودية المعدلة ظهرت أولاً في أوروبا خلال العصور الوسطى. وكان القن يجبر على العمل في حقول ملاك الأراضي، في مقابل الحماية والحق في العمل في الحقول المستأجرة.

[18] أوسكار لانج (Oskar Lange)/ (1904 -1965) اقتصادي ودبلوماسي بولندي. عُرف بتأييده لاستخدام أدوات تسعير السوق في النظم الاشتراكية وتقديم نموذج لاشتراكية السوق. استجاب لمشكلة الحساب الاقتصادي التي اقترحها لودفيج فون ميزس وهايك من خلال الادعاء بأن المديرين في الاقتصاد المخطط مركزيًا سيكونون قادرين على مراقبة العرض والطلب من خلال الزيادات والانخفاضات في مخزون السلع، ودعا إلى تأميم الصناعات الرئيسة.

[19] الاقتصاديات التقليدية المحدثة (neoclassical economics)/ هو مصطلح تم استخدامه بطرائق مختلفة في مناهج الاقتصاديات التي تركز على تحديد الأسعار والمخرجات وتوزيع الدخل في الأسواق من خلال العرض والطلب، وغالبًا ما يتم إدخاله من خلال تحقيق الحد الأقصى الافتراضي للمنفعة التي يحصل عليها الأفراد محدودي الدخل وللأرباح التي تحصل عليها الشركات أصحاب التكلفة المحدودة، باستخدام المعلومات المتوفرة وعناصر الإنتاج طبقًا لنظرية الاختيار العقلاني.

[20] الفابيين (Fabian)/ سميت نسبة إلى فابيوس كونكتاتورد (نحو 275 - 203 قبل الميلاد)، وهي جمعية إنجليزية أنشئت في عام 1884 وسعى أعضاؤها إلى نشر مبادئ الاشتراكية بالوسائل السلمية. أهم ثلاثة كبار الفابية هم: جورج برنارد شو وسيدني ويب وغراهام والاس.

[21] أنا لا أركز على تعريف أكثر صرامة للكفاءة، مثل كفاءة باريتو. (المؤلف).

[22] مناظرة الحساب الاشتراكي (socialist calculation debate)/ وتُعرف أحيانًا بمناظرة الحساب الاقتصادي، وهي حوار حول كيفية أداء الاقتصاد الاشتراكي للحساب الاقتصادي في ظل غياب قانون القيمة والمال والأسعار المالية للسلع الرأسمالية والملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. تتركز المناظرة بالتحديد حول تطبيق التخطيط الاقتصادي لخصخصة وسائل الإنتاج كبديل لأسواق رأس المال ومدى تفوق هذا الإجراء على الرأسمالية من حيث الكفاءة والإنتاجية.

[23] انتقد بوكنان أحيانًا هايك لاعتماده كثيرًا على قوى اللاواعي. (راجع، Buchanan. 183 :1975). (المؤلف).

[24] التخطيط المركزي (centrally plan)/ يشير إلى تنسيق الحكومة لعملية التطور الاقتصادي القومي، ويكون عادة بتحديد مستويات الإنتاج والاستثمار الرأسمالي والاستهلاك. يمكن تقسيم التخطيط المركزي إلى أشكال(مباشرة) من التحكم كما في معظم البلدان الشيوعية السابقة، وأشكال(مالية) كما في هنغاريا، وأشكال تعتمد (المؤشرات) كما في فرنسا. طبق التخطيط المركزي اول مرة على نطاق واسع في الاتحاد السوفياتي عبر سلسلة خطط اقتصادية قومية خمسية: بدأت اول خطة في عام 1928. الميزة الرئيسة للتخطيط المركزي مقارنة باقتصاد السوق المحظ هي انه يوجه النشاط الاقتصادي نحو أهداف سياسية واجتماعية نوعية مثل التصنيع أو أشكال الرفاه الاجتماعي أو العسكرة.

[25] يقول هايك (ان خضوع الإنسان لقوى السوق غير الشخصية، هو الذي كفل، في الماضي إمكانية تطوير حضارة).

[26] التبادل (exchange)/ نشاط بشري بالغ العمومية حتى يمكن القول إنه كلي، ولذلك فهو موضع اهتمام كبير لدى علماء الاجتماع. يعد الاقتصاد الكلاسيكي مصدر الفكرة القائلة ان التبادل يخضع للاختيارات العقلانية عند الأفراد الذين يتصرفون بما يعظم مكاسبهم في اي وضع معين. هذا هو الافتراض الهيكلي في الاقتصاد الحديث وكان له أثر كبير في نظريات السلوك الاجتماعي عمومًا. أما إشكال التبادل التي يسيطر عليها الطابع الاقتصادي خصوصًا في العلاقات التجارية الحديثة، فيصطلح عمومًا عليها بالتبادل السلعي. هنا، تكون العلاقة الشخصية بين المشاركين ضئيلة الأهمية نسبيًا.

[27] الدورة الاقتصادية-التجارية/ دورة الأعمال (business cycle)/ هي التوسع والتقلص المتناوبان للنشاط الاقتصادي والتجاري الإجمالي. وتتألف من طور نمو سريع يعقبه انخفاض في معدلات النمو (في بعض الأحيان يؤدي ذلك إلى نمو سلبي او انكماش اقتصادي). يتم تتبع هذه التغيرات بوساطة مقاييس اقتصادية كلية مثل الناتج القومي الإجمالي، والناتج الصناعي، والاستثمار، والاستهلاك، والتشغيل. يمكن أن تنشأ دورات اقتصادية سياسية عندما تسعى الأحزاب إلى ضمان إعادة انتخابها من خلال توقيت مقصود للانتعاش والركود.

[28] بينما كان كينز مدافعًا عن الرأسمالية إلى حد ما، فإن الأفكار الكينزية تستند إلى بعض إخفاقات السوق على نطاق واسع، وبالتالي فهي تعتبر انتقادات للرأسمالية. (المؤلف).

[29] التوجه النقدي (monetarism)/ مدرسة في الفكر الاقتصادي ترى أن كمية النقود في الاقتصاد لها تأثير رئيس في النشاط الاقتصادي ومستوى السعر. وينشأ ذلك، كما يقول أنصارها، من أن أفضل أداة للضبط الاقتصادي الكلي هي تحكم المصرف المركزي بعرض النقود. وغالبًا ما ارتبط التوجه النقدي بالاقتصادي ميلتون فريدمان ودراسته المهمة (النظرية الكمية في النقود، إعادة صوغ). حاجّ فريدمان أن السياسة النقدية تتفوق على الإجراءات المالية الكينزية من أجل استقرار الطلب الإجمالي.

[30] نظام الاحتياطي الفيدرالي (Federal Reserve System)/ جهاز حكومي فيدرالي، يعمل في الولايات المتحدة عمل البنوك المركزية في الدول الأخرى من العالم. أسس في عام 1913 بموجب قانون الاحتياط الفيدرالي بعد سلسلة من الأزمات المالية (وخصوصا تلك التي وقعت عام 1907) حيث برزت الحاجة إلى إخضاع النظام المالي لرقابة مركزية بهدف الحد من الآثار السلبية للأزمات الاقتصادية. على مدى الأعوام المائة منذ تأسيسه، توسعت صلاحيات ومهام الاحتياطي الفيدرالي نتيجة لأحداث مثل الكساد الكبير، والأزمة المالية العالمية.

[31] الذرائعية (instrumentalist)/ مذهب مثالي ذاتي للفيلسوف الأمريكي جون ديوي وأتباعه، وهو نوع من الذرائعية البراجماتية، وملخصه أن المعرفة أداة للعمل ووسيلة للتجربة. وعند ديوي المميزات هي بين الذات والموضوع، بين الأفكار والوقائع، بين النفسي والمادي. هي مجرد اختلافات في إطار «الخبرة»، أو هي جوانب «حدث» ما، أو هي عناصر «موقف». وقد اُستخدمت مثل هذه المصطلحات الغامضة، وكذلك الإشارات إلى الطبيعة الاجتماعية للخبرة، لإخفاء مثالية هذه الفلسفة.

[32] جمعية مونت بيليرين (Mont Pelerin Society)/ (MPS) هي منظمة دولية تتألف من الاقتصاديين والفلاسفة والمؤرخين والمفكرين وقادة الأعمال. يرى الأعضاء أن MPS محاولة لتفسير المبادئ الأساسية للمجتمع الاقتصادي بمصطلحات حديثة كما عبر عنها الاقتصاديون الغربيون الكلاسيكيون وعلماء السياسة والفلاسفة. وكان من بين مؤسسيها هايك وفرانك نايت وكارل بوبر ولودفيج فون ميزس وجورج ستيجلر وميلتون فريدمان. الجمعية تدافع عن حرية التعبير وحرية السوق والسياسات الاقتصادية والقيم السياسية للمجتمع المفتوح. علاوة على ذلك، تسعى الجمعية إلى اكتشاف السبل التي يمكن للقطاع الخاص من خلالها استبدال العديد من الوظائف التي تقدمها الجهات الحكومية حاليًا.

[33] التصويت المتأرجح (swing-vote)/ يوضح تحليل التأرجح مدى تغير تأييد الناخبين عادة من انتخابات إلى أخرى، ويتم التعبير عنه بنسبة مئوية سالبة أو موجبة. إن التأرجح المتعدد الأحزاب مؤشر على التغيير في تفضيل الناخبين بين اثنين أو أكثر من المرشحين أو الأحزاب (مثل السياسة المحافظة إلى الديمقراطية الاشتراكية). ويمكن حساب التأرجح للناخبين ككل، لمنطقة انتخابية معينة أو لإحصائيات سكانية معينة. إن التأرجح مفيد بشكل خاص لتحليل التغيير في تأييد الناخبين بمرور الوقت، أو كأداة للتنبؤ بنتائج الانتخابات في الأنظمة المعتمدة على الدوائر الانتخابية.

[34] راجع، Friedman, “Individuality and the New Society: The Market vs. the Bureaucrat ,” 16, March 1968, box 50, folder 2, Friedman papers. (المؤلف).

[35] أعجب هايك باقتراح فريدمان (راجع، Hayek.1979: 45). (المؤلف).

[36] شبه هايك العدالة الاجتماعية بـ «الحجر الأخلاقي» بحجة أن العدالة الاجتماعية لا معنى لها لدرجة أن المجتمع غير شخصي وعلى هذا النحو لا يمكن أن يكون عادلاً، فقط الأفراد الذين يشكلون هذا المجتمع يمكن أن يكونوا عادلين.

[37] هايك لا يتعامل مع نظرية العدالة (راجع، 179, Hayek. 1978: 166). (المؤلف).

[38] راجع، المدخل حول العقلانية المحدودة في موسوعة ستانفورد للفلسفة. https://plato.stanford.edu/archives/fall2022/entries/bounded-rationality

[39] راجع، المدخل حول فلسفة الاقتصاد في موسوعة ستانفورد للفلسفة. https://plato.stanford.edu/archives/fall2022/entries/economics

[40] راجع، مدخل وجهات النظر النسوية حول العولمة في موسوعة ستانفورد للفلسفة. https://plato.stanford.edu/archives/fall2022/entries/feminism-globalization

[41] يركز هذا المدخل على المواقف النيوليبرالية تجاه تنظيم الدول القومية، على الرغم من أن النيوليبراليين يستثمرون جهودًا هائلة في تطوير نظريات الاقتصاد العالمي والمؤسسات السياسية العالمية المناسبة، ولكن هذا يرجع إلى حد كبير إلى أن النيوليبراليين في نهاية المطاف اختلفوا كثيرًا حول الهيكل المناسب للاقتصاد العالمي، وعلى وجه الخصوص، في هيكل الاتحاد الأوروبي. وللحصول على سرد للتباين بين وجهات نظرهم، (راجع، Slobodian 2018: 180). يناقش سلوبوديان المشروع العالمي للنيوليبرالية، والاختلافات بين النيوليبراليين، بتفصيل كبير. ولكن منذ أن انتهى الأمر بالنيوليبراليين، في روايته، بمجموعة واسعة إلى حد ما من المواقف تجاه المؤسسات الدولية، فإن المواقف النيوليبرالية تجاه المؤسسات العالمية متغيرة للغاية بالنسبة للتحليل الفلسفي، على الرغم من أن سلوبوديان (راجع، Slobodian. 2018:15) يستعرض بعض نقاط الاتفاق على السياسة الخارجية. تتفق وايت مع سلوبوديان في فهم النيوليبرالية كمشروع عالمي (راجع، Whyte. 2019). وبشكل حاسم، من الواضح أن النيوليبراليين يدعمون التجارة الحرة والهجرة الحرة والسياسات النقدية، مثل أسعار الصرف العائم (راجع، Burgin 2012: 182–3, 221). (المؤلف).