سؤال التغيّر ''الاجتماعي-الثقافي'' في عصر الوسائط الرقمية


فئة :  مقالات

سؤال التغيّر ''الاجتماعي-الثقافي'' في عصر الوسائط الرقمية

سؤال التغيّر ''الاجتماعي-الثقافي'' في عصر الوسائط الرقمية

فاخر بن عبد القادر[1]

مقدمة:

يطرح التفكير في ماهية التغير''الاجتماعي-الثقافي'' العديد من المفارقات والإشكالات المرتبطة بعصر الوسائط الرقمية؛ ذلك أن ''التغير'' من الظواهر الأساسية التي نالت اهتمام العديد من الباحثين المعاصرين لارتباط مفهوم التغير بعصر الوسائط الرقمية؛ نظرا لأن تطور التفكير في الظواهر المعاصرة المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة يخضع قضايا التحولات في الوجود البشري للسؤال؟ فسؤال التغير''الاجتماعي-الثقافي'' هو سؤال العلاقة مع عصر الوسائط الرقمية، باعتبار التغير هو نتيجة طبيعية للتطور الإنساني وحسن التواجد داخل العالم والانتقال من منظومة سوسيوثقافية إلى أخرى يحتاج إلى ديناميكية تتحرك بالمجتمع ضمن السيرورة الزمنية التي تقود الكائن البشري إلى التغير والتحول بشكل تصاعدي من الإنساني إلى الاجتماعي وصولا إلى الكوني كقيمة يمكن أن يتحدد من خلالها الإنسان؛ فالصيرورة العامة للكون تستند إلى قوانين الممارسة الإنسانية بداية بالتاريخ، الحضارة ومرورا بالثقافة وصولا للتشريعات القانونية الحديثة.

وفر عصر الوسائط الرقمية إذن، أرضية خصبة للتغيّر والتحول في فضاءات جديدة تسمح بتشكَّل الفعل الجماعي بقدر كبير من الحرية، وهو الفعل الذي فتح آفاقا جديدة للتغيير الاجتماعي والثقافي شمل عمليتي التواصل والتبادل بشكل عام داخل عالم افتراضي ساهم بدوره في خلق مجتمع الرقمية في إطار النسق الثقافي العالمي بفعل تأثير نظم التواصل الرقمي.

اخترنا أن نجيب عن السؤال المركزي في هذه المحاولة البحثية، ويتعلق بالدور الذي لعبه عصر الوسائط الرقمية في التغيّر "الاجتماعي- الثقافي"

معرّفات "التغيّر"

لقد شكل "التغيّر" والتحول "الاجتماعي-الثقافي" مدخلا أساسيا لمساءلة المجتمعات المعاصرة؛ وذلك في صلب السرديات النظرية الكبرى على غرار الماركسية والوظيفية والتفاعلية الرمزية، والتي اعتمدت في آليات اشتغالها على مفهوم التغير وآلياته وشروط تحققه وحدوده، حيث نلتمس في مصطلح التغيّر من الناحية اللغوية إشارة إلى مفهوم التحول "فالتحول ينطوي على الاختلاف، ويقال غيرت الشيء؛ أي جعلته على غير ما كان عليه، أو أصلح من شأنه أو بدله"[2] كما أن التغير ليس مفهوما حديثا، بل هو مسألة طبيعية تشهدها جميع المجتمعات الإنسانية، وهو نتيجة لعوامل ثقافية وسياسية واقتصادية متداخلة في ما بينها ''التغيير هو ظاهرة ملازمة على الدوام للحياة الاجتماعية''[3]

تكتسي مباحث التغيّر''الاجتماعي-الثقافي'' في عصر الوسائط الرقمية من الأهمية ما يجعلها طلائعية ومسألة تفرض نفسها في ظل الظرفية التاريخية والحضارية لعالمنا المعاصر اليوم الموسوم بالتحول التكنولوجي، باعتبار هذا التحول يحدد خط الفصل والوصل بين عصر الحداثة وعصر ما بعد الحداثة بما يحيل إليه من تحول عميق للدلالة في علاقة بالمفهوم أو الماهية، خاصة إذا ما علمنا أن التغيير ليس مرادفا للتقدم بما هو إيجابي دوما وما لا يحتمل السلبية، أو تراجعا بل هو يسير في الخطاب التطوري بما لا يشوبه التراجع، وحتى يتسني لنا الإمساك بمفهوم "التغيّر" الذي سوف نتناوله في إطار العلاقة مع الوسائط الرقمية، وكذلك في إطار العلاقة بين المجتمع والثقافة. فإذا كان "التغير الاجتماعي" محيلا على التحول في أشكال التفاعل الاجتماعي الذي يحدث في النظم والأجهزة الاجتماعية والاتصالات الشخصية، فإن "التغيّر الثقافي" يشير إلى التغير في أنساق وأفكار متعددة من معتقدات وقيم ومعايير، وهو ما يعني أن التغير الثقافي هو الوعاء الحامل للتغير الاجتماعي في السياق المفهومي العام لهذه الدلالة المعرفية والتحولات الاجتماعية، كما أن التغير الاجتماعي هو جزء لا يتجزأ من التغيير الثقافي الذي يشمل جميع التغيرات التي تحدث في فروع الثقافة كالفن، الفلسفة والتكنولوجيا. وعلى هذا الأساس يكون التغير الاجتماعي نتاجا للتغير الثقافي والعكس بالعكس.

لعل ما يمكن أن يكون مدخلا لفهم مفتاح البحث المعاصرة، ولفك شيفرة التكنولوجيا التقنية والوسائط الرقمية في إطار العلاقة الجدلية مع ''التغير الاجتماعي الثقافي'' هو الموقف الرافض للتسييج الحداثي للمجتمع؛ فهل معنى ذلك أن عصر الوسائط الرقمية، وما انبني عنه من انبثاق المجتمع الافتراضي يتطابق مع كل من يرفض هذا التسييج المشار إليه سابقا، والذي كان يصعب قبوله على من لم ينخرط ضمن خيارات الحداثة؟

على الرغم من المكتسبات الفكرية والسياسية، وتعميم المعرفة والعلم على كل الطبقات الاجتماعية المختلفة والمجالات التي كانت ضمن خيارات الحداثة؛ فإن كل هذه المكتسبات تحولت بفعل الزمن وبفعل حتمية التطور الإنساني إلى قوانين وتشريعات صارمة، ادعت المثالية كما ادعت من قبلها الفلسفة الإغريقية الحقيقة المطلقة في علاقة بربط المعرفة بالمجتمع والدولة في العصر الحداثي، فتحولت المعرفة بموجبها إلى علاقة ارتباطية )وسيلة بغاية( على حد تعبير ''جان-فرانسوا ليوتار'' وعلى اعتبار أن وحدة المعرفة يمكن أن تكون وسيلة ووسيطا مرتبطة بغايتين تقبع داخل سرديتين )سياسية وفلسفية( الأولى: سردية سياسية، تجسد الكفاح من أجل الحرية والتحرر ضد طرفي السلطة الزمنية والتاريخية )رجال الدين، رجال السياسة( الثانية: سردية فلسفية، يمثلها التصور الفلسفي بمختلف مدارسه المتعاقبة، وخاصة مع "الجدلية الهيجلية" التي تتمحور حول قيم الحق، العدالة، المساواة واعتبار الذات مشروعا فكريا يقوم بتصنيع ذاته بذاته كما هو الحال في تصور ''سارتر'' أو ''كانط''؛ غير أن الأخير يعتبر أن الذات هي التي تبدع القوانين، وهي التي تحترم هذه القوانين في نفس الوقت في إطار استقلالية البحث. وهكذا، يمكن القول إن الإنسان الحداثي أبدع في إنتاج القيم، انطلاقا من عقله المفكر كإنسان حضاري وثقافي يعيش في العالم، رغم أنه قد سجن ذاته في التفكير العقلاني، وفي نسق العلامات الثقافية، كما سجنت قبله الفلسفة المثالية عبر موضوعاتها المتعلقة بالإنسان والعالم في نسق المثالية والثنائيات.

ماهية التغيرات في العلاقات الاجتماعية والثقافية

لقد كان حدث إعلان موت الحداثة مع "ألبيرت اشفيستر" (Alberts Aschweitzer) بمثابة الزلزال الذي أطاح بالمشروع الحداثي الديكارتي ''أنا أفكر'' أين تم استبعاد مركزية الذات من التفكير والفعل، وتحولت إلى تابعة مشروطة بمحددات خارجية خارجة عن إدارتها مع بزوغ فجر مشروع "ما بعد الحداثة" لينزلق العقل في مستنقع فقدان مركزيته في التفكير والمعرفة، يبني تصوراته على أنقاض نهاية الحداثة حيث ساهم هذا التحول في إعادة النظر في كل التصورات البشرية تزامنا مع ولادة عصر التكنولوجيا كمرحلة جديدة لما بعد الصناعة؛ أين تتوجت هذه المرحلة بظهور الوسائط الرقمية والانتشار الواسع يتم فيها تحويل الأفراد والمجموعات إلى أشباح مجردة مصبوغة بالوهم تعرف باسم الجمهور على حد تعبير ''كيركيغارد''.

وهو مما يضعنا أمام بداية سؤال إشكالي جديد حاضر باستمرار في جميع المجالات حول هذه التحولات التي كانت موجودة بالتوازي مع بداية نقلة أخرى على الصعيد الثقافي متمثلة في التحولات الثقافية المتسارعة داخل المجتمعات المعاصرة كما يلخصها ''هويسنز ''Hyssens؛ فالعصر الما بعد حداثي ارتكز على تقويض الروابط الاجتماعية والطعن في فاعليتها أين تغيرت مع هذا التصور مكوناتها الثقافية، خاصة مع نهاية الأقطاب الكلاسيكية المسيطرة )الدولة الأمة، الأنظمة الكليانية، الأحزاب ذات التوجه المحافظ( ونهاية عصر الزعماتية )أبطال التاريخ( ورموز الشعوب أمثال ''ستالين، كاسترو، ماو'' لتنتهي الرغبة اللانهائية لمعيارية المعرفة مع التصور الحداثي لصالح معيار التقنية الرقمية وإعلان زمنية فقدان الهالة والهيبة، وبداية زمنية الهدم على حد تعبير''بنيامين ''benjamin؛ فقد انتهت إيديولوجيات الثقافة مع بزوغ وانبلاج أنساق ثقافية جديدة، تشهد حالة ولادة دائمة ومتجددة موسومة بتسارع مدهش شقت طريق الإنسان إلى المعاصرة ''لقد غيرت ما بعد الحداثة من القوالب الجاهزة وبعثرت القواعد والقوانين والأنظمة التي تبني الخطابات الفكرية والفنية والعلمية أيضا[4]''. فالنزعة المعاصرة هي النزعة الما بعد حداثية في بدايتها، وهي انعكاس لتغير ''اجتماعي-ثقافي'' جديد ومنعرج تاريخي داخل المجتمع الإنساني بالمفهوم الكوني للكلمة، كما هو الحال في النزعة الما بعد حداثية، باعتبارها النزعة الحداثية في نهايتها، وهذا حال المخاض وعسر الولادة المتواتر عبر حقب التاريخ والمؤسس للتحولات الاجتماعية والثقافية للمجتمع المعاصر، وعلى الرغم من خصوصية ظاهرة البحث المعاصر، انطلاقا من فكرة خصوصية المجتمعات، واعتبار أن شكل المجتمع هو انعكاس لشكل خاص من القيم الثقافية والاجتماعية، وهي احتياجات مرتهنة بالتحولات التي تقدمت ظهور ما بعد الحداثة، وهو مفهوم متشعب ومتداخل مع حقول متعددة من المصطلحات كما بعد التصنيع وما بعد الحضارة، ظهر تيار جديد في البحث المعاصر مناهض بقوة لتيار ما بعد الحداثة، واعتبر أن مسار الحداثة لم يكتمل بعد، وداعيا إلى تصحيح مسار الحداثة؛ ومن أبرز المناهضين لتيار ما بعد الحداثة "فريدريك جيمسون"، "ديفيد هارفي" وأبرزهم الفيلسوف الألماني "هابرماس".

هذه الوضعية المتغيرة والمتحولة يشوبها الغموض، وقد أنتج التفكير والبحث المعاصر في هذه الإشكالات العديد من الأسئلة، على اعتبار أن الرهان الأساسي، الذي يتحكم في التغير الاجتماعي والثقافي هو إدراك التغير داخل الحياة الاجتماعية في المجتمعات المعاصرة، والتي صارت متغيرة ومحددة بعناصر جديدة هي عناصر العصر التكنولوجي الموسوم بالتحول في القيم الاجتماعية المتمثلة في نمط العيش للأفراد والمجتمع، وكذلك نوعية السلوك وجوهر الوجود وغايته، حيث تشكل هذه القيم معيار التصرفات التي تعني بتنظيم العلاقات الاجتماعية ووسائل الضبط الاجتماعي؛ في حين أن "الحياة الاجتماعية" في المجتمعات المعاصرة أصبحت شديدة الارتباط بالتواصل الرقمي بفعل استخدام تكنولوجيا المعلومة، ولاسيما أن الحياة الاجتماعية والثقافية الحديثة تحيط الإنسان المعاصر بعدد هائل من العناصر الثقافية والرموز معززة بمعاني "الواقع المعزز"réalité augmentée، رغم أنها لا تحمل معاني عميقة بقدر ما يحمل معاني متعددة ومعلومات خاصة برزت مع تعميم الثقافة الاستهلاكية، باعتبارها آلية من آليات الهيمنة المفروضة على المجتمعات التقليدية، ومجالا خصبا لتعزيز أنماط التدويل في الإنتاج والتقنية، وهو تغير ثقافي أحدثته الشركات متعددة الجنسيات لاهتمامها بإنتاج رموز الثقافة الاستهلاكية خدمة للسلع المادية المنتجة، فتغيرت قيمة العمل المنتج ليحل محلها الأفراد كقيم استهلاكية، ولاسيما مع غواية الإعلان عن السلع وطريقة عرضها وأساليب بيعها، فتحول الإنسان بذلك إلى مستهلك مولع بإشباع حاجته اليومية.

تطرأ عمليات التغيير على الجانبين المادي واللامادي في الحقل الثقافي، لتؤثر في ما بعد على التحولات في قيم المجتمع، فالتغير الذي يصيب مكونات الثقافة وعمليات التحول بجانبها المادي واللامادي تسري في جميع أجزاء البناء الاجتماعي، وبهذا يمكن الجزم أن التغيرات التي تطرأ على القيم الثقافية للمجتمع ترتبط بالتغير الذي يطرأ على النسق الاجتماعي الذي يؤثر ويتأثر بهذه التغييرات في علاقة بنسق الثقافة السائدة في المجتمع.

ملامح ودلالة التغيّر "الاجتماعي-الثقافي" في عصر الوسائط الرقمية

إن المجتمع كبنية أو كنسق تفكير جمعي يقبع في قياس المعيارية، حيث نجد ههنا الموقف المناقض في خطاب الحداثة المتمثل في الإيمان المطلق بالعقلانية الشمولية، وهو خطاب أدى إلى تغييب الجانب الوجداني وإلغاء كل ما هو حسي لصالح ما هو عقلي، وهذا النمط من التفكير ساهم في ولادة الحدث الأبرز تاريخيا بالمقياس الفني، وهو المنعرج الانطباعي في الفن الذي أخذ طريقه في هدم القيم والمفاهيم القديمة والفنية على وجه التخصيص، وإعادة بنائها من جديد متوسلا في ذلك التغير الحاصل في الثقافة الشعبية السائدة، باعتبار انعكاسها على نمط تفكيره؛ فمثل هذا المنعرج نقطة فصل في السلم التاريخي للحقب الزمنية في علاقة بتتالي المدارس الفنية، نزعم أنها نتيجة لتأسيس لما بات يعرف بما بعد الحداثة في الفن، ومحاولة أخرى لإعادة رسم الخارطة ''الاجتماعية-الثقافية'' في علاقتهما بإستيطيقا الفن عبر حالة من الاينومي )اللامعيارية( خاصة مع انبثاق تعبيرات ثقافية متعددة ومتجددة تميزت بنزعتها الانطباعية ومجاورتها للثورة التكنولوجية وعولمة الثقافات، وانخراط بذلك الأفراد والمجتمعات في سيرورات تاريخية جديدة بات يستوعب ''التواصل الكوني'' المتمخض والناتج عن التحولات التي شهدتها بنية المجتمعات وبنية الثقافات على حد السواء؛ فكل ما سبق ذكره كان له تأثير كبير ومتفاوت على التغير الاجتماعي-الثقافي العالمي، وهو ما بات يعرف اليوم بالمجتمع الشبكي على حد تعبير ''مانويل كاستلز''.

 

 

 

تروم مساءلة التغيّر ''الاجتماعي- الثقافي'' من خلال الوسائط الرقمية تقاطع مسألة التأمل في مسار العبور من حميمية اجتماعية بماهي خاصية تواصلية للمجتمعات التقليدية إلى حميمية رقمية للمجتمع الحديث غارقة في ارتباط وثيق مع الأنساق الثقافية الجديدة، ساهمت في إنتاج "مجتمع افتراضي".[5] فالإنسان لا تحركه دوافع مادية مرتبطة بالتقنية والمادة فحسب، بل تحركه دوافع حسية يبحث عنها في الرموز الثقافية التي تجتاح التكنولوجيات الرقمية، باعتباره كائنا ثقافيا مدفوعا بدوافع ثقافية تؤثر في وعيه وتمثله للأشياء المنعكسة على نمط تفكيره في التجربة الواقعية المادية، وفي نمط سلوكه داخل العالم، وهو ما ذهب إليه ''ماكس فيبر'' في تناوله لمفهوم العبور، باعتباره لحظة فارقة في المجتمع الأوروبي كنموذج أصلي للتقدم، حيث يرى أن الإنسان لا تحركه دوافع مادية، بل يزعم أن هناك دوافع ثقافية تؤثر في تنمية وعيه وسلوكه؛ فمرحلة العبور من الحداثة إلى ما بعدها ومن المجتمع الواقعي إلى الشبكي رافقها تحول هائل في مستوى البنية الثقافية، مهدت لمفارقة جديدة شملت إعادة إنتاج لبعض الأنساق الثقافية السلفية للمجتمعات القديمة في النسق الثقافي الحديث للمجتمعات المعاصرة، تولد عن ذلك ولادة أنساق ثقافية جديدة معولمة في علاقة بمجتمع الاستهلاك، ومتزامنة الظهور مع النسق العالمي الجديد الموسوم بالغزو التكنولوجي للحياة اليومية، وهو ما أدى إلى تواجد نسق ثقافي كلي كوني بمعالم متغيرة ومغايرة للسائد والقديم، والمقصود بالحميمية الرقمية هاهنا ليس المفهوم الكلاسيكي المرتبط بالعاطفة والانفعالات وملكة الشعور أو التحليل النفسي الفرويدي، بل هي حميمية النسق الثقافي الذي صبغ العالم بسحرية عاطفية موهمة بقيمة الحب المتعارف عليها، بل حميمية جديدة قابلة للإدراك والتمثل لوعي معاصر جديد مصبغ بالمعاني والدلالات المستحدثة. وهذا التحول من القديم إلى الجديد هو تحول براديغمي خص حقول الفلسفة والفن والعلوم الاجتماعية والثقافية عموما، كما هو الحال للتحول الذي شهدته الأنثروبولوجيا من خلال البراديغم الأنثروبولوجي المعاصر الذي أسس لنهج التحليل الثقافي من خلال التحول إلى استيعاب إنتاج الثقافات وصيرورات التداخل الثقافي، متماهيا في ذلك مع سياق التحول المتسارع للعالم في ظل ما يشهده من تطور علائقي جديد موسوم بظهور التكنولوجيات في عصر الوسيط الرقمي في علاقته بالفرد والمجتمع الواقعي، كما هو الحال في علاقته بالفرد والمجتمع الافتراضي يقول "غوستاف لوبون"[6] في كتابه اختلال التوازن العالمي: "إن حياة المجتمع الحديث تنتسب إلى عالمين عالم واقعي، وعالم غير واقعي "بما هو انعكاس للثورة التكنولوجية الثالثة، ثورة المعلومات والاتصالات من جهة، وموجات التعولم المعاصرة المتلاحقة من جهة أخرى، حيث يقبع عالم الوجود الرقمي اليوم خارج التحديد الزمي والمكاني؛ فلا روح له ولا جسد له، بل هو إبحار في الزمن المطلق بما يحمله من رموز اختزن واختزل فيها معنى العالم، وقام بتحويل الانطباعات الواقعية إلى انطباعات رقمية مرتبطة بالفضاء الافتراضي؛ أين تم القبض في هذا الفضاء الجديد على المعنى بالمعنى الخاص للكلمة؛ فقد جمع جميع الثقافات واحتوى جميع الخصوصيات داخل الكل الكوني المنسوج بنسيج واحد يحمل معانى عميقة تجسد مرحلة الحضور الكوني للمجتمعات، فلم يعد شرطا أن يكون التواصل في أي مجتمع من العالم بين أفراد المجتمع الواحد، أو بين المجتمعات التواجد بالحضور المكاني أو التقدير الزماني، فلم يعد هناك معنى للزمان والمكان في عملية الاتصال والتواصل الافتراضي على خلاف إكراهات العالم الواقعي؛ فمرحلة العبور بالمفهوم التواصلي التقني للكلمة ارتهنت بثلاثة أبعاد كما حددها ''هبرماس'' من خلال البعد التقني، البعد الثقافي، البعد الاقتصادي، حيث التواصل بتعبير''هبرماس'' هو مزيج تفاعل الأبعاد الثلاثة واندماجها.

إن العبور العالمي من الواقعي إلى الافتراضي في المجتمعات الانتقالية تخلله تغيير شامل في المفاهيم والممارسات؛ وهذا التغيير هو انعكاس لتطور النمط الاجتماعي والثقافي في المجتمع بنفس الوتيرة، فنجد أن الاتصال هو أول وسيلة معلوماتية مهد للعبور إلى عالم التكنولوجيات وتفرعاته المتعددة وقيمه التواصلية المتنوعة، وكثافة الاتصال في العالم المعاصر جعلنا نقف على عتبة الجحيم، ونشاهد مخاض ميلاد مجتمع الشبكية ((societe enréseaux المتمخض عن منظومة "اجتماعية- ثقافية"، سياسية واقتصادية جديدة ومتغيرة تقوم بتوظيف كل ما هو رقمي وافتراضي بلا حدود، فرغم أن مرحلة العبور التي تعيشها المجتمعات في العالم بدرجات متفاوتة في مقارنتها بالمجتمعات الغربية والمجتمعات الانتقالية وبقية المجتمعات، وهو ما أفضى إلى ظاهرة ثقافية كونية، تعددت معها الكتابات المهتمة بهذه الظاهرة الحديثة من خلال تطرق هذه الدراسات والبحوث في العديد من المرات إلى هذه المرحلة وتبعاتها على العالم والمجتمعات ككل والأفراد بشكل مخصوص؛ إلا أن اهتماماتنا عادة ما تنحو إلى منهج بحثي سيكولائي مدرسي تخطو طريق التحليل والتوصيف في اتجاه المفاهيم الكبرى بخلفية "ماكروثقافية" أو "ماكروسوسيولوجية" بما تحمله هذه المفاهيم من كلية وشمولية؛ مثال ذلك مفهوم ''الثورة'' ''الثورة التكنولوجية'' ''العولمة''، أو من خلال ربط هذه التحولات على المستوى التقني بتحولات المجتمعات وعلاقة هذه التحولات بالوسائط الرقمية، كما نجد في الضفة الأخرى اهتمام بعض الدارسين بالتعمق التحليلي الميكروثفاقي أو الميكروسوسيولوجي، باعتبارهما طريقين ومنهجين لفك شفرات هذا التحول بين علم واقعي قديم، وعالم افتراضي جديد في طور التشكل، يعيش الغرق في التفاصيل، نتمثله عبر كشف العلاقة الارتباطية الخصوصية والكلية في مزاوجة مع مستجدات الوسائط الرقمية، ومرحلة العبور إلى المجتمع الرقمي الافتراضي.

لقد أهملت الحداثة الجوانب الحسية المرتبطة بالإنسان وقيمه العليا بتمجيدها المطلق للعقل، وإهمالها للأبعاد الأخلاقية لصالح الأبعاد المادية، فنجم عن ذلك تشيئة الإنسان والعالم لصالح كل ما هو مادي، لتتحول من خلالها أبرز المفاهيم التي تعتبر مفخرة الحداثة إلى مفاهيم مشكوك فيها وفي صلاحياتها، وهو ما ساهم في ولادة نقيض هذه المفاهيم على حساب مفاهيم سامية ومثالية، ليتحول مفهوم الحرية على سبيل المثال لا الحصر إلى عبودية انتهت إلى سجن الذات وخضوعها لشوفينية الملذات المادية، حيث أدت إلى تحويل الأسس العقلانية إلى أسس غرائزية تمظهرت في تعبيرات فلسفة ما بعد الحداثة من خلال دعواتها للنزعات الفوضوية المطبوعة بالنظرة التشاؤمية للوجود داخل العالم، وتبلورت كردة فعل على المجتمع التكنولوجي الصناعي المعاصر، باعتباره ''مجتمع السيطرة الكلية'' على حد رأي ''ماركيوز''؛ أين نجح هذا المجتمع المستحدث في استنفار وتعبئة جميع الطاقات التي يملكها وينتجها الإنسان إلى حد الاستنزاف، فقد استنزفت مرحلة العبور إلى المجتمع الشبكي المعاصر طاقات الإنسان المعاصر في الواقع المادي، واستبدلت هذه الطاقة بنوع آخر من الطاقات الافتراضية يطغى عليها الانطباع الحسي في واقع جديد هو الواقع الافتراضي اليوم الذي يتمازج داخله كل ما هو واقعي بما هو خيالي وحسي وكل ما هو حسي عاطفي بما هو عقلاني عملي.

فهل أن إعادة التفكير في الوسائط الرقمية من ناحية المعني والأهداف هو حدث ثقافي اختص به الإنسان المعاصر اليوم؟ أم إن العبور إلى العالم الافتراضي هو تناص متمخض عن طفرة تكنولوجية؟

في الحقيقة، إن فكرة ''العبور'' لها ارتباط مفهومي بعلم الجينات لدى هذا الإنسان، لو أجزنا لأنفسنا استعارة المفهوم من علم الوراثة من خلال مفهوم العبور الوراثي'' ''genetic crossing- over، باعتباره تبادلا فيزيائيا في مواقع بعض المورثات على الصبغيات القرينة، مؤديا إلى تكوين اتحادات جديدة (عبورية) تختلف عن الأنماط الأبوية؛ أين يحدث عبور بين كروماتيدات الكروموسومات غير المتماثلة؛ إلا أن هذا النوع من العبور يؤدي إلى حدوث طفرة تسمى طفرة الإزفاء أو طفرة الانتقال الكروموسومي، وقد يكون هذا النوع من الطفرات الخطيرة مؤديا إلى تطوّر الخلايا السّرطانيّة، بهذا المعنى السابق، فإن عبور الإنسان من عالم واقعي إلى عالم افتراضي محفوف بالمخاطر في علاقة بإنسانية الإنسان وفي علاقة بالقيمة في معناها الكلي، ولكن هل أن فكرة العبور الإنسان المعاصر إلى عالم افتراضي رقمي هو إعلاء للعقل الخالص ونفي كلي للعاطفة والأحاسيس؟

في الحقيقة، ان فكرة الولوج والبحث في ''التغيّر الاجتماعي-الثقافي'' في علاقتهما بالإنسان المعاصر وتطور العالم وصباغته بالثورة التكنولوجية ليست فكرة لنفي الواقعيةن أو نفي الافتراضية على حد السواء، في عالم اليوم وليس إعلاء كليا للعقل البشري، ولتأليه الذات المفكرة على رماد العاطفة والإحساس، وليس نفي منحى الإنسان ككينونة عاطفية غير عقلانية كما ذهبت إلى ذلك بعض الأطروحات، بل قراءتنا تجمع في ما يمزج من هذه الأطروحات، باعتبار أن الإنسان ''كائن ثقافي'' فهربرت شيلر يؤكد "أن الاتصالات العالمية المتزايدة تكنولوجيا تعني أيضا اتصالات بينية أفضل بين الشعوب اجتماعيا وثقافيا"[7] وأن ما يحدثه في هذا العالم راجع في تغييرات نسقية في الحقل ''الثقافي-الاجتماعي'' يؤثر في العالم ويتأثر به مع إبراز التناقضات والمفارقات التي قد تصل إلى حد الفوضى في النظام العلائقي والتواصلي الذي أبدعه الإنسان، ويعيش فيه اليوم؛ فأية نظرة تضمر نفي أي من العالمين هي نظرة تسير نحو الانزياح عن التفكير إلى السفسطة ''فالثقافة هي التعبير الحسي عن علاقة الفرد بهذا العالم أي بالمجال الروحي Noosphére الذي ينمي فيه وجوده النفسي، فهي نتيجة هذا الاتصال بذلك المناخ''[8]

أمام التحولات الهائلة في التطور التقني خلال القرن العشرين، لم يعد التفكير منحصرا في الفكر التقني الأداتي المرتبط بكل ما هو رقمي، منطبع بالبرامج المرتبطة بالحاسوب وبالشبكة العنكبوتية والبرمجيات كمثال لحدث وسائطي فقط، بل من خلال عملية الخلق لما يسمى بالمجتمع الافتراضي أو الشبكي، باعتباره حدثا ثقافيا-اجتماعيا، وهو ما جعل هذه الوسائط الرقمية طلائعية تفرض وجودها اليوم كنسق ثقافي جديد في عصر يمتاز بالانفتاح الفكري والتفاعل الثقافي بين المجتمعات، تحول معه العالم إلى قرية كونية صغيرة أعيد معها تعريف مفهوم الإنسان والمجتمع والثقافة والعالم على حد السواء، وهو ما كثف الاختلاف الدلالي الجديد.

لقد انخرط الجميع في ''اللعبة'' على رأي ''بودريار''، نعم انخرط الجميع فيها، رغم أن هذا الانخراط يتحدد بمستويات متنوعة ومتعددة؛ فالمجتمعات المعاصرة اليوم انخرطت في التناقضات المتشكلة في المجتمع المعاصر، ولو بأشكال متفاوتة فقد تحولت إلى مجتمعات متعايشة بين عالمين واقعي وافتراضي وهذا الأخير (الافتراضي) كل همه إعادة توليد واصطناع ووهم واقعي ''مقولب '' فيه يتم قولبة الأشياء وإعادة إنتاجها وتعليبها ومن ثمة إدراجها في الافتراضي لتتحول إلى منتج استهلاكي ووهم مشهدي يقوم بتعويم المعاني والدلالات والرموز وحتى الأحاسيس والعواطف والانفعالات، ليصبح عالم يتجلى بالزيف، ويحتمل الهشاشة وشيد السجون ليسجن فيها الأفراد والمجتمعات بعد ذلك داخل سجن المحاكاة والاصطفاف في إنتاج شتات ذهني عالمي، أرغم الجميع على التواجد داخل حلبة للفرجة لمشاهدة ولادة مجتمعات جديدة على أنقاض مجتمعات قديمة محافظة تصارع من أجل البقاء والتواجد في العالم الجديد ومجتمعات تقليدية تبحث عن موطئ قدم لها في عصر الوسائط الرقمية عبر تسجيل حضورها كمجتمع افتراضي يشهد ولادة قيصرية على الضفة الأخرى عبر توليد في أنساق ثقافية وهووية جديدة ومتعددة مشوهة المعالم وغير واضحة المفاهيم ومركبة المعاني مستندة على انتشارها في فتح الحدود الافتراضية وانخرام المعايير المصاحبة لهذه الحدود، مما ولَّد تناصا حميميا بين عالمين تمخض منه إنتاج حميمية افتراضية ذات منحى طائفي وسياسي عابرة للحدود، ومستغلة في ذلك غياب فواصل جغرافية أو حدودا قومية ووطنية، فالافتراضي كسر جميع الحدود وألغى مركزية الوجود ومحى بذلك الهامش؛ فالإبحار اليوم في العالم الافتراضي هو بمثابة الإبحار في الزمن المطلق.

إذا جاز لنا الحديث عن التحديد المفاهيمي ''للثورة التكنولوجية''، فجلي بنا أن نتحدث عن الثورات التي هزت العالم الإنساني عبر التاريخ، والتي ساهمت في تغيير العالم، فبذرت بذرات البداية لأجل الوصول إلى الثورة الرقمية، وربما في بحثنا لن يتجلى لنا التغول كثيرا في الثورات، باعتبارها أيقونات الفعل الإنساني عبر التاريخ، ولكن اهتماماتنا تنحصر في عملية العبور من الواقعي إلى الرقمي، ولكن أليس من الجائز القول إن الثورة التكنولوجية معطوفة على الوسائط الرقمية المتعددة، والتي كانت من الأسباب المباشرة للحراك الاجتماعي الذي اجتاح العالم العربي، أو ما بات يعرف ''بالربيع العربي''بشكل عام والمجتمع التونسي بشكل خاص، وتطرح سؤالا آخر عن مدى مساهمة هذه الوسائط في تثوير المجتمع؟

بالإمكان القول إذن، إن حجر الأساس للولوج إلى تحليل التغير الاجتماعي – الثقافي في البداية هو التطرق إلى جدلية الواقعي والافتراضي، وبدايات العبور من خلال الوسائط الرقمية وتبعات ذلك على المجتمعات والثقافات، خاصة مع المثال التونسي والعربي، باعتبارهم مجتمعات في حالة تشكل وعبور إلى جانب ارتباط الفاعلين في هذا الحراك من حيث القدرة على التغيير الفعلي والعفوي ضمن السياقات المحلية وارتباطها بالسياقات الكونية في عالم معولم، وهو ما يمثل نوع من الانقلاب البراديغمي الجديد في ظل سيرورة السياق النقدي للحراك المجتمعي في بعده الثقافي ضمن الفضاءات العمومية المحدثة والتقليدية، حيث يتآلف التاريخ والواقع للمدى الزمني عبر التحليل والنقد، بوصفه رصدا للتحولات المجتمعية-الثقافية ولحركة الفكر وإنتاج الدلالات والمعرفة.

خاتمة:

إن ما كنا فيه من مساءلة لمفهوم "التغير" الذي يهم التحولات التي تطرأ على بنيات المجتمع والثقافة خلال فترة معينة والتوتر القديم المتجدد حول علاقتهما المتبادلة وحول قضايا التداخل الثقافي في عصر الوسائط الرقمية، وما تحدثه من تغير مادي ورمزي في علاقة بتحولات أنماط العلاقات وأشكال الوظائف والقيم والتصورات، يشكل مدخلا رئيسا لمساءلة المجتمعات في مختلف الحقب الزمنية، وخاصة منها المجتمعات المعاصرة، باعتبار أن هذا التغير خاضع بالضرورة لمتغيرات وشروط إنتاجيته الأولية؛ إذ يمكن التمييز بين تغيرات جزئية أو جذرية. وفي المقابل، يمكن التمييز أيضا بين تحولات بطيئة وأخرى متسارعة، وهي في النهاية انعكاس للتغيرات على مستوى البناء الاجتماعي والثقافي مع ما تشهده المجتمعات من تحولات في الوقت الحالي، لاستيعاب مظاهر التعقيد التي أفرزتها العولمة واستعمالات التكنولوجيا الحديثة في عصر الوسائط الرقمية، وما صاحبها من تحولات في مستوى الحياة الاجتماعية والثقافية بين المجتمعات. وينبغي الاعتراف أن عصر الوسائط الرقمية الحالي والمستجدات المنحدرة منه، كان لها انعكاس مباشر في تغيير مفاهيم وأشكال الثقافة والممارسات الثقافية بشكل عام داخل المجتمعات المعاصرة.

 

قائمة المراجع:

د. علي ناصر كنانة، إنتاج وإعادة إنتاج الوعي، عناصر الاستمالة والتضليل، منشورات الجمل، بغداد-بيروت، الطبعة الأولى 2009 م.

مالك بن النبي، مشكلة الثقافة، دار الفكر بدمشق، الطبعة الرابعة 1984 م.

أنتوني غدنز (2005) علم الاجتماع. ترجمة فايز الصُيّاغ بيروت: المنظمة العربية للترجمة.

مجموعة مؤلفين (2004) المعجم الوسيط. القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، ط 4

[1]- باحث تونسي.

[2] مجموعة مؤلفين (2004) المعجم الوسيط. القاهرة: مكتبة الشروق الدولية. ط 4. ص 692

[3] أنتوني غدنز (2005)علم الاجتماع. ترجمة فايز الصياغ بيروت: المنظمة العربية للترجمة. ص 743

[4] جان-فرانسوا ليوتار، ترجمة وتعليق السيد لبيب، في معاني ما بعد الحداثة، نصوص في الفلسفة والفن، المركز الثقافي العربي الدار البيضاء -المغرب، الطبعة الأولى 2016، ص8

[5] ظهر مصطلح المجتمع الافتراضي في سنة 1993 عنوانا لكتاب "هووارد راينغولد"، وهو مجتمع يتفاعل في بيئة افتراضية إلكترونية رقمية وهو نتاج لثورة الاتصال والإنترنيت وقد ساهم هذا التطور التكنولوجي في انتقال المجتمع الإنساني من مجتمع تقليدي إلى مجتمع حديث ومعاصر

[6] غوستاف لوبون: مؤسس علم نفس الجماهير

[7] د. علي ناصر كنانة، إنتاج وإعادة إنتاج الوعي، عناصر الاستمالة والتضليل، منشورات الجمل، بغداد- بيروت، الطبعة الأولى 2009.ص 76

[8] مالك بن النبي، مشكلة الثقافة، دار الفكر بدمشق، الطبعة الرابعة 1984.ص 50