من اليونانية إلى العربية تراث الأفلاطونية المحدَثة المترجَم إلى العربية


فئة :  ترجمات

من اليونانية إلى العربية  تراث الأفلاطونية المحدَثة المترجَم إلى العربية

من اليونانية إلى العربية[1]

تراث الأفلاطونية المحدَثة المترجَم إلى العربية*

كريستينا دانكونا**

ترجمة: أشرف منصور

العلامات البارزة لفلسفة العصر القديم المتأخر***

أفلوطين: قراءة جديدة لأفلاطون

أثناء عصر الإمبراطورية الرومانية، كان تعليم الفلسفة مرتبطاً بشدة بمذاهب الفلاسفة القدماء العظام: أفلاطون وأرسطو وزينون. ظهرت المدارس الفلسفية، لا في المراكز الثقافية الكبرى وحدها مثل روما وأثينا والإسكندرية، بل كذلك في برجامة Pergamon وإزمير *Smyrna وأفاميا **Apamea وطرسوس ***Tarsus وإيجة ****Ege وأفروديسيا *****Aphrodisias شرق الإمبراطورية، ونابولي ومرسيليا في الغرب، إذ نشأت في كل واحدة منها مدرسة تنشر أحد المذاهب اليونانية، إما الأفلاطونية أو الأرسطية أو الرُّواقية أو الأبيقورية. وعلى هذه الخلفية مثَّل فكر أفلوطين نقطة تحوُّل في تاريخ الأفكار الفلسفية، ستؤدي دوراً حاسماً في تشكيل الفلسفة العربية، وستؤثر على نحو غير مباشر في فلسفة العصور الوسطى كلها، سواء في العالم اللاتيني أو العربي الإسلامي.

انتقل أفلوطين من الإسكندرية التي تعلَّمَ فيها على يد أمونيوس ساكاس (175- 242)******، إلى روما سنة 244، وافتتح مدرسة هناك. ومن تصريحاته ومضمون كتاباته نعلم أنه كان أفلاطونياً وقام بتدريس الأفلاطونية، لكنه اهتم بمذاهب فلسفية أخرى مثل مذهب أرسطو. وكما وصلنا من سيرته التي كتبها فرفوريوس******* في تقديمه لأعماله، كانت أعمال أرسطو المصحوبة بشروح الإسكندر الأفروديسي تُقرأ أولاً قبل أن يقدِّم أفلوطين محاضراته. ولم يكن هذا بالشيء الجديد، فقد كان من عادة الأفلاطونيين في ذلك العصر أن يقارنوا بين أفلاطون وأرسطو، إما لغرض إثبات أنهما لم يختلفا حول الأساسي من القضايا، أو لإظهار أن انتقادات أرسطو لأفلاطون كانت خاطئة، أو أنه قدمها بهدف المعارضة وحسب. وعلى الرغم من ذلك؛ فلا يمكننا تصنيف أفلوطين في فئة الأفلاطونيين المناهضين لأرسطو أو المدافعين عنه، فلم يكن ينتمي لأي منهما؛ لأن البعض من أهم نظرياته مؤسس على فلسفة أرسطو - كما في تعريفه للعقل الإلهي على أنه فكر يفكر في ذاته. وفي الوقت نفسه فلم يكن يتردد في نقد أرسطو بحدَّة في بعض أهم القضايا، مثل مذهب أرسطو في الجوهر ومعالجته ذات الصلة بالجوهر لمقولات الوجود، والتي تعارضت مع نظرية أفلاطون في الـمُثُل، ذلك التعارض الذي لم يكن واضحاً في معالجات الأفلاطونيين المحدثين المناصرين لأرسطو.

كانت أفلاطونية أفلوطين متجذِّرة في التراث الأفلاطوني السابق عليه وفيما يمكن أن نطلق عليه الأفلاطونية الوسطى، لكنه افتتح عصراً جديداً في تاريخ التفكير الفلسفي. باعتباره أفلاطونياً، فقد كان على قناعة بأن النفس واقع مستقل عن البدن وأنها تعرف حقيقة الأشياء، في حين يستخدم الإدراك الحسي أعضاء الحواس البدنية ولا يُدرِك إلا المستوى المتغير والثانوي من الواقع. لكن كان أفلوطين على وعي تام بانتقادات أرسطو [لأفلاطون في هذا الشأن] وأقام مذهباً في النفس يأخذ هذه الانتقادات في الاعتبار. [فقد ذهب إلى أن] النفس شديدة التعلق بالبدن الذي تعطيه الحياة، لكن لا يعني هذا أن قواها المعرفية معتمدة على الأعضاء البدنية: ذلك لأن جزءاً من النفس يتَّصل على الدوام بالبناء المعقول للأشياء ويمد الإنسان بمبادئ العقل. لكن ليست النفس مجرد جهاز معرفي: إذ هي تعد المبدأ المحايث للبناء العقلي للبدن، فهي مبدأ الحياة فيه، وهي تربط عالمَ الوجود [العقلي الثابت] وعالمَ الصيرورة [المتغيرة] اللذين فصل أفلاطون بينهما في محاورة تيمايوس. يضع أفلوطين النفس -سواء نفس الفرد داخل بدنه أو النفس الكلِّيَّة داخل الكون- المبدأ المتجذر في الواقع المعقول، وكذلك العلة المحايثة للترتيب العقلي للواقع المحسوس.

وقد بحث أفلوطين كذلك في طبيعة الواقع المعقول، فمن جهة؛ سلَّم بالتمييز الأفلاطوني بين الواقع المعقول والواقع المحسوس، ومن جهة أخرى؛ واجه مباشرة اعتراضات أرسطو على نظرية المشاركة، التي كانت تفسيرَ أفلاطون الأساسي للعلاقة بين الوجود والصيرورة. ففي نظر أفلوطين؛ فشل أرسطو في الالتزام بقاعدته المنهجية الذاهبة إلى أنه في كل مجال بحثيٍّ يجب استخدام المبادئ المعرفية المناسبة له. وبما أن أرسطو [حسب أفلوطين] قد عالج المثل الأفلاطونية كما لو كانت أشياءً فردية مثل أشياء العالم الطبيعي؛ فقد قدَّم على هذا الأساس اعتراضات كثيرة -من بينها حجة الرجل الثالث Third man argument- والتي كانت بغير أساس إذا ما وضعنا في اعتبارنا الطبيعة الحقة للمُثُل. وسيكون تفسير أفلوطين للعالم المعقول عند أفلاطون ذا أهمية بالغة لتطور الفلسفة العربية. إن الصور الأفلاطونية ليست تصورات عامة متجوهِرة. وهي لا تشارك في الأشياء التي تأخذ اسمها منها، (المبدأ المعقول الذي يجعل الأشياء مثلَّثة الشكل ليس هو نفسه مثلَّثاً). كما أنها لا توازي الأشياء في العالم المعقول دون أن تزيد عليها كما ذهب أرسطو. إن الصور المعقولة وفق تفسير أفلوطين لها، والذي يدين بالكثير لمعالجة أرسطو للعقل الإلهي في مقالة اللام من كتابه «ما بعد الطبيعة»؛ هي المبادئ المعقولة لكل ما يوجد، وواحدة في الطبيعة مع العقل الإلهي نفسه. هذا العقل هو [عند أفلوطين] الإله الصانع الأفلاطوني Demiurge الذي ظهر في محاورة تيمايوس Timaeus، والعقل nous الذي وضعَه أرسطو على رأس النظام الكوني الشامل. وبالتسليم بنظرية أفلاطون القائلة إن الوجود الحق هو الوجود المعقول؛ ساوى أفلوطين بين هذا الوجود المعقول والعقل الإلهي الذي وصفه أفلاطون في محاورة «تيمايوس». لكنه في الوقت نفسه استعار من أرسطو وصف العقل الإلهي بأنه لا متحرِّك وكامل ومقدَّس، وأن طبيعته هي أنه عقل يعقل ذاته*. وبالتالي؛ كان الوجود الحق والعقل والصور المعقولة هي الشيء نفسه في تأويل أفلوطين للفلسفة اليونانية: ففي نظره؛ كان بارمنيدس وأفلاطون وأرسطو في اتفاق جوهري فيما بينهم حول هذه النقطة، على الرغم من أن أفلاطون هو الذي قدَّم أدقَّ معالجة لها.

لكن لم يكن أفلوطين يعتقد في وجود مثل ذلك الاتفاق حول مسائل أخرى. فعلى سبيل المثال: [ذهب أفلوطين إلى أن] أرسطو كان مخطئاً عندما رأى أن العقل الإلهي هو المبدأ الأول. لقد قَبِل أفلوطين بمعالجة أرسطو للمستوى الأعلى من الوجود على أنه «عاقل لذاته»، لكنه لم يكن يعتقد في أن هذا المبدأ هو العلَّة الأولى التي لا علَّة لها لكل الأشياء. فالأول بإطلاق يجب أن يكون بسيطاً بإطلاق، لكن ذلك الذي يعقل ذاته أزلياً لا يمكنه أن يلبِّي هذا الشرط. ذلك لأنه بعقله لذاته سوف يكون منقسماً إلى فاعل للتَّعقُّل وموضوع لهذا التَّعقُّل، كما أنه باعتباره موضوع التَّعقُّل سوف تدخل عليه الكثرة، فهذا الموضوع حسب أفلوطين هو كل الصور المعقولة وهي كثيرة. ولهذا السبب؛ لم يكن أفلوطين راضياً بمعالجة أرسطو للمبدأ الأول على أنه عاقل لذاته، كما أنه لم يكن راضياً عن المدرسة الأفلاطونية الوسطى في تسميتها للمبدأ الأول الأفلاطوني. والمعروف أن هذه المسألة لم تكن محسومة في محاورات أفلاطون. فأحياناً ما؛ كان أفلاطون يقترح أن للصور المعقولة مبدأً واحداً، لكنه لم يواجه هذه المسألة مباشرة. وقد توجَّه أفلاطونيُّو المدرسة الوسطى Middle Platonists، ربما تحت تأثير إلهيات أرسطو [في مقال اللَّام من ما بعد الطبيعة]، نحو المساواة بين مثال الخير (الذي يظهر في محاورة «الجمهورية» على أنه مبدأ كل الصور المعقولة)، والإله الصانع Demiurge في محاورة «تيمايوس»، حيث صار ذلك الإله العاقل هو مثال الخير. وبدلاً من ذلك؛ عالج أفلوطين مثال الخير الذي ظهر في الكتاب السادس من محاورة «الجمهورية» على أنه هو «الواحد» الذي ظهر في النصف الثاني من محاورة «بارمنيدس»: فإذا سلمنا بوجود الواحد؛ [فيجب أن يكون هو أصل كل كثرة]. ولهذا السبب؛ وضع أفلوطين «الواحد» فوق الوجود كله، مثله مثل «الخير» في محاورة «الجمهورية». صحيح أن المدرسة الفيثاغورية الجديدة Neo-pythagoreanism في القرن الثاني الميلادي قد نظرت إلى الواحد على أنه المبدأ الأول، إلا أن تسوية أفلوطين بين الواحد كما ظهر في محاورة «بارمنيدس» ومثال الخير كما ظهر في «الجمهورية» كانت غير مسبوقة في المدرسة الأفلاطونية*، ومكَّنَت أفلوطين من تقديم جوهر فلسفته، وهو المبدأ الثلاثي، الواحد-الخير، والعقل، والنفس، على أنها التفسير الأصح لفلسفة أفلاطون. وسوف تؤدي هذه النظرية دوراً محورياً في تكوين الفلسفة العربية وستظل تؤثر فيها عبر تاريخها.

أفلاطونية ما بعد أفلوطين: من أطروحة «توافق أفلاطون وأرسطو» إلى المدونة الفلسفية في العصر القديم المتأخر

ظلَّ أفلوطين يُعلِّم شفاهةً، حسب ما أخبرنا فرفوريوس، لعشر سنوات بعد تأسيس مدرسته، ولم يكتب شيئاً. ومنذ ذلك الحين بدأ أفلوطين في كتابة مقالات، واستمر في ذلك حتى وفاته سنة 270م. ويعود الفضل لفرفوريوس كذلك في أنَّنا نعرف عن أفلوطين شيئاً لم نتمكن من معرفته عن أي فيلسوف قديم، وهو الترتيب الزمني لكتاباته. ولا يكشف هذا الترتيب عن أي اهتمام بتقديم تمهيد تعليمي للمبتدئ، وهذا ما يؤكده فرفوريوس في كتابه «حياة أفلوطين» Life of Plotinus، عندما تحدَّث عن غياب النظام في مقالات أفلوطين؛ ما أدى إلى ارتباك مُسْتَقْبِلي فلسفته. كانت هذه المقالات صعبة من حيث التناول والتنظيم، بصرف النظر عن تعقُّد موضوعاتها. وقد أخبرنا فرفوريوس نفسُه أنه وضع تلخيصات وملاحظات عليها، ولدينا منه دليل لميتافيزيقا أفلوطين، وهو «نقاط انطلاق إلى مجال العقل» Launching Points to the Realm of Mind. وكانت «التاسوعات» Enneads هي تجميع وتنظيم فرفوريوس لكتابات أفلوطين*، جمعَها بعد وفاته بثلاث عشرة سنة، وكانت تقليداً منه لما قام به أندرونيقوس الرودسيُّ Andronicus of Rhodes من تنظيم نسقيٍّ لأعمال أرسطو، كما أخبرنا هو بنفسه.

وقد كان فرفوريوس متأثراً بتقليد المدرسة الأفلاطونية الوسطى في ترتيب محاورات أفلاطون. وعكس ترتيبُه لموضوعات التاسوعات؛ التعليمَ الأفلاطونيَّ الذي يبدأ بالسؤال حول ماهيَّة «الإنسان»، الذي تناوله أفلاطون في محاورة «ألكيبيادس» الأولى. وكما أوضح بيير هادو Pierre Hadot، لم يكن ترتيب فرفوريوس للتاسوعات محايداً؛ فالصعود من الموضوعات الأخلاقية (التاسوعات من 1 إلى 3) إلى الموضوعات الميتافيزيقة (التاسوعات من 4 إلى 6)؛ يُذكِّرنا بتقسيم أجزاء الفلسفة إلى الأخلاق والعلم الطبيعي والميتافيزيقا (أو الإلهيات)، والسائد لدى أفلاطونية ما قبل أفلوطين التي تربَّى عليها فرفوريوس في أثينا عن طريق لونجينوس Longinus، قبل أن يأتي لروما([2]) [ويلتقي بأفلوطين]. كما أشار هنري دومينيك سافري Henri Dominique Saffrey إلى أن فرفوريوس كان واعياً بالحاجة إلى مواجهة ادِّعاء يامبليخوس **Iamblichus بأن الخلاص لا يمكن أن يُنال بالفلسفة وحدها، بل يتطلَّب طقوس تطهير ومباركة النفس الَّتي أوحت بها الآلهة نفسها([3]). فوفقاً لفرفوريوس؛ يكشف وحي الآلهة وطقوس الديانة المصرية القديمة عن حقيقة أكثر أصالة وكمالاً من الفلسفة نفسها. والأكثر من ذلك أن الفلسفة [عنده] هي نتاج لهذا الوحي الأصلي؛ لأن الآلهة علَّمَت فيثاغورس، وتَبِعَ كلُّ فلاسفة اليونان خطاه بعد ذلك. وبما أن النفس عالقة في عالم الكون والفساد؛ فالطقوس الموحاة من الآلهة هي وحدها القادرة على منح الإنسان الخلاص الحقيقي. أما فرفوريوس؛ فهو يرتِّب تاسوعات أفلوطين بحيث تنتهي عند المقالة المسمَّاة «في الواحد، أو الخير» (التاسوعة السادسة، 9، «9»). وفيها يخبرنا أفلوطين أن النفس تستطيع أن تعرف المبدأ الأول، باعتباره نتيجة لكل سعيها المسبق في البحث عن مبدأ وعلل الأشياء. وبذلك يساعد أفلوطين بسلطته المعرفية فرفوريوس على الالتزام بتراث العقلانية اليونانية. وبنفس ترتيب فرفوريوس؛ صارت التاسوعات سبيلاً للصعود من المسائل الأنثروبولوجية-الأخلاقية في بدايتها، إلى المطلب الأخير؛ وهو أن النفس الفردية قادرة على الوصول إلى المبدأ الأول؛ أي الواحد أو الخير.

وكان فرفوريوس مسؤولاً عن أكثر من الترتيب النَّسَقيِّ لفكر أفلوطين؛ فقد قام بشيء على أهمية بالغة في تاريخ الفكر الوسيط، شرقاً وغرباً على السواء؛ إذ أدخل أعمال أرسطو، خاصة الأورجانون، في التعليم الفلسفي الأفلاطوني. وكان أول أفلاطونيٍّ يضع شروحاً على أرسطو([4]). كما قدم فرفوريوس مقدمة لمنطق أرسطو، الشهير بإيساغوجي Isagoge([5]). ويُعَدُّ جهد فرفوريوس في شرح أرسطو [شرحاً أفلاطونياً] أساس التوجه الذي ظهر من بعده في إثبات اتفاق أفلاطون وأرسطو، أشهر فيلسوفين يونانيين (كما يتَّضح من العمل المفقود «في أنَّ توجُّه أفلاطون وأرسطو واحد بعينه»). وقد ذهب البعض إلى أن فرفوريوس قد خرج في هذه المسألة بالذات عن أستاذه أفلوطين؛ الذي لم يستطع إخفاء رفضه لبعض أهم العناصر في فلسفة أرسطو، وأن الخلاف بينهما كان هو السبب في رحيل فرفوريوس من روما إلى صقلية([6]). وبعد قرنين، عندما فكَّر بوئيثيوس*Boethius في ترجمة كل أعمال أفلاطون وأرسطو إلى اللاتينية لبيان اتفاقهما، فقد كان يتبع نموذجاً يمكن إرجاعه إلى فرفوريوس، وكان لا يزال مُمارساً في عصر بوئيثيوس في الدوائر الأفلاطونية المحدَثة اليونانية. ولا يبدأ مشروع بوئيثيوس من أفلاطون (كما هو المفترض في مراعاة الأسبقية الزمنية)، بل من أرسطو، وبالتحديد من الأورجانون كما قدَّمَه كتاب «إيساغوجي» لفرفوريوس. وقد حدث شيء شبيه بذلك جداً في العالم المتحدث بالعربية: فقد تم النظر إلى كتاب «إيساغوجي» على أنه بداية التعليم الفلسفي، حتى في عصر ابن سينا([7]).

ولمعالجة هذا التطابق؛ يجب علينا تتبُّع نموذج التعليم الفلسفي الذي وضعه فرفوريوس وتطور في العصر القديم المتأخر، وانتقاله إلى العالم العربي الإسلامي. من السهل علينا تتبُّع الخطوط العامة لتطور قوائم التعليم الفلسفية في العالم اليوناني، والتي كانت في صورة قراءات مواجهة [من معلم]. لكن من غير المؤكَّد كيف انتقلت هذه القوائم للفلاسفة العرب**. لقد رأينا كيف أعطى فرفوريوس دافعاً قويَّاً لإشاعة فكرة القوائم التعليمية الفلسفية؛ وذلك بوضعه لقائمة ضمَّت أرسطو، في طريق الوصول إلى تعلم الحقيقة الفلسفية. وكذلك اتَّفق معه يامبليخوس على أن أفلاطون وأرسطو أهم ممثلين للحكمة اليونانية القديمة، والذي شرح كتاب «المقولات» وكتاب «التحليلات الأولى» لأرسطو. وبالإضافة إلى ذلك؛ نعلم من مصدر متأخر في مدرسة الإسكندرية أنه أعدَّ برنامجاً لمحاورات أفلاطون الأساسية كي تُقرأ بترتيب نسقيٍّ. وفي نظره مثَّلَت محاورتان لأفلاطون مجمل مذهبه في الكون والآلهة: «تيمايوس» و«بارمنيدس»([8]). ولا توجد لدينا أي معلومات عن قوائم التعليم الفلسفي الأفلاطونية في القرن الواقع بين تعليم يامبليخوس في أفاميا وإحياء الدراسات الأفلاطونية في أثينا في العقود الأولى من القرن الخامس الميلادي. لكن مع سريانوس*Syrianus معلِّم بروقلس، نجد قائمة موسعة للغاية للدراسات الفلسفية، جمعت أفلاطون وأرسطو. وقد تعاملت هذه القائمة مع أعمال أرسطو على أنها ممهِّدة للكشف عن الحقيقة اللاهوتية العليا التي ظهرت عند أفلاطون؛ وذلك بأن رتَّبت مؤلفات أرسطو من المنطق إلى الطبيعة إلى ما بعد الطبيعة، انتهاءً بأفلاطون. وكما نقل إلينا مارينوس النيابولي Marinus of Neapolis؛ فقد درَّس سريانوس فلسفة أرسطو لبروقلس مدة سنتين، قبل أن ينتقل إلى أفلاطون([9]). وعلى الرغم من عدم وجود دليل على أن محاضرات سريانوس في محاورات أفلاطون قد اتَّبعت برنامج يامبليخوس الدراسي الدقيق؛ إلا أن كل شروح بروقلس على محاورات أفلاطون قد اتَّبعت التسلسل الذي وضعه يامبليخوس، وأكبر ثلاثة من شروحه مخصصة لما وضعه يامبليخوس كبداية للتعليم الأفلاطوني (ألقيبيادس الأولى، وتيمايوس، وبارمنيدس)([10])؛ ما يشير إلى أن التعليم الفلسفي الأفلاطوني في أثينا كان يسير وفق برنامج يامبليخوس، في حين أن التعليم الفلسفي الأساسي كان يتم من خلال قراءات موجَّهة لأعمال أرسطو.

وفي القرنين الخامس والسادس؛ بدت الفلسفة في أثينا على أنها كلٌّ نسقيٌّ، يتبع تعليمها نظاماً من الأعمال المعتمدة، تشمل مؤلفات أرسطو وأفلاطون. ولم تعد الميتافيزيقا هي ذروة القائمة التعليمية الفلسفية، بل اللاهوت؛ أي الخطاب الفلسفي حول المبادئ الإلهية، التي ترجع أولاً إلى الديانات الوثنية في عصرها المتأخر([11])، وثانياً إلى محاورات أفلاطون، كما تم تفسيرها مجازياً للتوكيد على الطابع اللاهوتي لفلسفته. لكن لم يكتفِ بروقلس بشرح محاورات أفلاطون الأساسية، وكتب مؤلَّفاً ضخماً في اللاهوت، مرتباً بصورة نسقية، يسمى «اللاهوت الأفلاطوني» ([12])Platonic Theology؛ كما جمع كل الأفكار اللاهوتية في صورة قضايا تقريرية، ووضعها في صورة استنباطية على شاكلة كتاب إقليدس «عناصر الهندسة» Elements of Geometry، وسمَّاه «عناصر اللاهوت» ([13])Elements of Theology. وكلا الكتابين يبدأان بفكرة «الواحد» باعتباره المبدأ الأول. وهو في ذلك اختلف عن أفلوطين الذي اعتقد أن العلل المفارقة ثلاث، الواحد-الخير، والعقل، والنفس. أما بروقلس في عمليه، فقد شرح كيفية صدور الكثرة عن الواحد، عن طريق مبادئ وسيطة، بين الواحد والموجود المعقول، ثم بين الموجود المعقول والعقل الإلهي وما يتبعه من عقول إلهية صغرى، ثم بين العقل الإلهي والنفس الإلهية والنفوس الإلهية الصغرى. إن في مذهب بروقلس هيراركيَّة ضخمة من المبادئ الإلهية المفارقة للكون والموجودة فيه في الوقت نفسه، ويمكن للنفس الإنسانية العالقة في عالم الكون والفساد؛ أن تعود للمبدأ الأول، فقط من خلال «الوسائط المناسبة»([14]) لذلك. وكانت الطقوس الوثنية في نظر بروقلس، والتي تُبجِّل كلَّ الآلهة بنوعيها الوسيط والمفارق، تُعبِّر عن الدِّين الحقيقي أكثر من المسيحية، وتمنح النفس طريق الصعود بالوسائط المناسبة. وكانت الفلسفة في نظره عبارة عن صلاة، طالما كانت تُبجِّل المبادئ الإلهية الحقَّة.

استمرت المدارس الفلسفية في الإسكندرية وأثينا في شرح أرسطو وأفلاطون من نهاية القرن الخامس وطوال القرن السادس. ويمكننا القول إن هذه المدارس كانت مدرسة واحدة، ربطت بينها الطرق [البحرية] بين المدينتين والعلاقات الشخصية بين المفكرين([15]). لكن كان هناك اختلاف في نقاط التركيز؛ إذ من الواضح أن مدرسة الإسكندرية في القرن السادس تحوَّلت إلى أرسطو([16])، على الرغم من أن فلاسفتها المنتمين للأفلاطونية المحدَثة ظلوا ملتزمين بالمذهب اللاهوتي الأفلاطوني الذي أنتجته المدرسة في الماضي. وكان لأمونيوس* الذي تعلَّم في أثينا ودرَّس في الإسكندرية وركَّز على شرح أرسطو([17])؛ تلميذان [على خلاف عميق بينهما]، هما يحيى النحوي **John Philoponus وسمبليكيوس***Simplicius . وقد ذهب سبمليكيوس أيضاً إلى أثينا، حيث درس على يد الدمشقي([18]). وتُمكِّنُنا شروح سبليكيوس من إدراك التواصل والتجديد في التعليم الفلسفي في أواخر العصر القديم. فبدلاً من التمهيد الفلسفي الذي أعدَّه يامبليوخوس والمكوَّن من تعاليم أخلاقية وأنثروبولوجية بالاستعانة بمحاورة «ألقيبيادس» الأولى لأفلاطون؛ استعان سبمليكيوس بكتيِّب إبيكتيتوس*Epictetus في الأخلاق Enchiridion، والذي قدَّم له شرحاً مطوَّلاً([19]). إن الشروح على مؤلَّفات أرسطو، والتي وصلتنا من ذلك العصر([20])، كانت متَّبعة تراثاً أفلاطونياً متأخِّراً في قراءة منطق أرسطو ونظرياته الكوزمولوجية، باعتبارها متناسبة تماماً مع مذهب أفلاطون الميتافيزيقي. لكن على العكس من النموذج الذي وضعه سريانوس في وضع شروح لمحاورات أفلاطون تُؤَوِّلها مجازياً؛ لم تتَّبع المدارس المتأخِّرة هذا المنهج، إذ لم يضع سمبليكيوس أي شروح على أفلاطون. ويكمن السبب المباشر لهذه الحقيقة في ضغط البيئة المسيحي. فبعد صدور قرار الإمبراطور جستينيان سنة 529 بغلق مدرسة أثينا، بحجَّة وثنيَّتها([21])، لم يجرؤ أحد على تقديم محاضرات عن «لاهوت» أفلاطون، والذي كانت شروحات محاوراته ذات توجُّه واضح التعددية الإلهية polytheism([22]). ويمكننا إضافة تفسير آخَر للظاهرة الغريبة المتمثلة في تركيز الأفلاطونية المحدثة في عصرها المتأخر على أرسطو بدلاً من أفلاطون: وهو الدور المحوري الذي أدته فلسفة أرسطو في الجدال بين الفلاسفة الوثنيين والفلاسفة المسيحيين، والذي وصل إلى ذروته في النزاع بين سمبليكيوس ويحيى النحوي حول ما إذا كان العالم قديماً أم مُحْدَثاً.

يُشكِّل يحيى النحوي معضلة للمؤرخين. فقد كان دوره المزدوج بوصفه شارحاً أفلاطونياً مُحدَثاً لأرسطو، ولاهوتياً مسيحياً ومعارضاً لأرسطو وبروقلس([23])، إشكالية تعرضت للكثير من النقاش([24]). وكان فكر النحوي محورياً في المرحلة التكوينية للفلسفة العربية الإسلامية بطريقتين: الأولى هي أن حجج النحوي ضد قِدَم العالم كانت ذات أهمية قصوى للكندي (انظر الفصل الثالث)*؛ الثانية هي أن فكر النحوي يقف دليلاً على أن النقاش الفلسفي في المراحل الأخيرة من عصر الأفلاطونية المحدثة كان يلتفُّ حول أرسطو، لكن ليس على نحو حصري. فأواخر الشرَّاح الأفلاطونيين في مدرسة الإسكندرية شرحوا أرسطو (إلياس Elias، وداود David وإستيفانوس السَّكندري Stephanus of Alexandria). وفي أواخر العصر القديم؛ تمَّ النظر إلى فلسفة أرسطو، وخاصة في الإسكندرية ومحيطها الثقافي الذي وقع تحت الحكم الإسلامي سريعاً، باعتبارها السلطة المعرفية الأعلى في العلوم كلها، بما تشمله من منطق وعلم طبيعي وكوزمولوجيا وعلم نفس. ولم يعد التأويل اللاهوتي لمحاورات أفلاطون يمثل ذروة البناء النظري للمعرفة الفلسفية. وفي الإسكندرية بين النِّصف الثاني من القرن السادس والعقود الأولى من القرن السابع، لم يعد لاهوت الأفلاطونية المحدَثة النقطة العليا الملحَقة بفلسفة أرسطو، كما سيكون عليه الحال مع مجلس الكندي في بغداد في القرن التاسع. وكانت كل الظروف مهيئة، كي يتبوَّأ مكانة «المعلِّم الأول» في العالم العربي الإسلامي.

انتقال الأفلاطونية المحدَثة إلى العالم العربي الإسلامي

المدارس

بعد غلق الإمبراطور جستنيان لمدارس الفلسفة؛ رحل كلٌّ من سمبليكيوس والدمشقي وخمسة آخرون من أثينا إلى فارس، وكانوا في ضيافة الملك كسرى الأول أنوشروان([25])، حيث أقاموا في قصره حتى سنة 532. ولم تكن هذه الواقعة هي أول دخول للفلسفة اليونانية إلى الشرق؛ ذلك لأن اهتمام الملك الساساني المسبق بالفلسفة كان هو دافعه للترحيب بالفلاسفة اليونان في بلاطه. وقد كتب له بريسكيانوس الليدي Priscianus Lydus رسالة فلسفية، وكان أحد الفلاسفة الذين انتقلوا إلى بلاطه من أثينا، كما أهدى له بولس الفارسي *Paul the Persian أحد أعماله في منطق أرسطو([26]). وبصرف النظر عن ترحيب البلاط الساساني بالعِلم اليوناني([27])؛ فإن الفلسفة اليونانية لم تنتشر في بلاد الرافدين باللغة البهلوية، بل باللغة السريانية، وذلك لدواعي الجدل مع اللاهوت المسيحي آنذاك.

قبل اللغة العربية؛ كانت السريانية هي أول لغة تُتَرجم إليها الفلسفة اليونانية، والتي كانت في الأصل لهجة آرامية تمَّ استخدامها في الأعمال الأدبية واللاهوتية والفلسفية([28]). وفي المدرسة الدينية بمدينة الرُّها في النصف الأول من القرن الخامس؛ تمت ترجمة تفاسير تيودور المصيصي Theodor of Mopsuestia (350 - 428) للكتاب المقدس من اليونانية إلى السريانية، إما عن طريق قيور Qiore (توفي 428) أو هيباس (توفي 475)([29]). ووفقاً لشهادة يعقوب الرَّهاوي *Jacob of Edessa (توفي 708)، تمت ترجمة كتاب «المقولات» لأرسطو إلى السريانية، وكان يُستخدم لأغراض التعليم والتأويل([30])، لكن سرعان ما شرح السِّريان أعمال أرسطو المنطقية من أجل ذاتها لا من أجل أغراض الجدل الديني، وهذا هو ما أشار إليه سباستيان بروك Sebastian Brock عندما تحدث عن انتقال العلم اليوناني عند السِّريان «من هدف للمواجهة إلى موضوع للاستيعاب»([31]). وكانت الشخصية الأساسية في انتقال منطق أرسطو إلى العالم السرياني هو سرجيوس الرأس عيني Sergius of Reshaina (توفي 536)، وكان طبيباً وفيلسوفاً تلقَّى تعليمه في الإسكندرية، شرح العديد من أعمال أرسطو المنطقية وكتب مقدِّمات لها، وبالإضافة إلى ذلك ترجم إلى السريانية العديد من أعمال جالينوس وديونيسوس الأريوباغي المنحول pseudo-Dionysius the Areopagite، وكتاب إيفاغريوس البنطي **Evagrius Ponticus «القرون» Centuries (على الأرجح)، والرسالة المسمَّاة «في مبادئ الكل» Principles of the AllOn the المنسوبة للإسكندر الأفروديسي***. وقد أوضح هنري هوجونار-روش****Henri Hugonnard-Roche الصلة الوثيقة بين تقديم سرجيوس لفلسفة أرسطو وترتيب التعليم الفلسفي في مدرسة الإسكندرية([32]). لكنه في الوقت نفسه، يلاحظ أنه في حين كانت أعمال أرسطو لدى الأفلاطونية المحدثة مجرَّد مقدمة وإعداد لدراسة محاورات أفلاطون، فقد كانت بالنسبة إلى سرجيوس هي كل الفلسفة، باعتبارها علماً برهانياً([33]). وفي ذلك كان سرجيوس متَّبِعاً خطى التطور الذي حدث داخل مدرسة الإسكندرية، والذي أشرنا إليه فيما سبق.

وكانت المدرسة النسطورية في مدينة نصيبين أحد مراكز انتشار الفلسفة اليونانية في الشرق، والتي أسَّسها الأسقف برسوما *Barsawma (توفي 458). وربما كان بولس الفارسي على علاقة بهذه المدرسة، وهو الذي ذكرنا عنه انتقاله إلى بلاط كسرى الأول أنوشروان. لكن المؤكد لدينا أن بولس، مثل سرجيوس، قد وَرثَ تصنيف الأفلاطونية المحدثة السكندرية لمؤلَّفات أرسطو، كما يشهد على ذلك عملان بقيا من مؤلَّفاته([34]). وقد اتَّبع شراح سريان آخرون، مثل بروبا Proba (القرن السادس)، النموذج الذي وضعه سرجيوس الرأس عيني في ترتيب الأعمال الفلسفية**؛ وقدم بروبا شروحاً على «إيساغوجي» لفرفوريوس، و«العبارة» و«التحليلات الأولى» لأرسطو([35])؛ ما عمل على خلق تراث سرياني من الترجمات والشروح والمقدمات لكتب أرسطو المنطقية، والتي أدت دوراً حاسماً في نشأة وتطور الفلسفة في العالم العربي الإسلامي. وفي القرن السابع مثلت مدرسة ملحقة بدير قنسرين مركزاً آخر للعلم اليوناني، بتشجيع من الأسقف ساويرس سابوخت Severus Sebokht (توفي 667). وفي هذه المدرسة كذلك؛ ظهرت أعمال أرسطو المنطقية، مع «إيساغوجي» فرفوريوس، باعتبارها جوهر العلم البرهاني. كما قدَّم أثناسيوس البلدي Athanasius of Balad (ت 687) ويعقوب الرهاوي (640 - 708)* وجورج [مار جرجس] أسقف العرب (ت 724)([36])، ترجمات سريانية جديدة لمجموعة الكتب المنطقية التي تمَّ جمعها في العصر القديم المتأخر مثل «إيساغوجي» وأورجانون أرسطو. وحتى الحكم العباسي في القرنين الثامن والتاسع، كان مسيحيو سوريا هم أفضل أساتذة المنطق الأرسطي بلا منازع: فقد كلف الخليفة العباسي المهدي (775 -785) الأسقف النسطوري تيموتيوس الأول بترجمة كتاب أرسطو «الأمكنة المغلطة»([37]) Topics. وفي القرن التاسع في بغداد؛ كان المسيحيون المتحدِّثون بالسريانية لا يزالون يحتفظون بتراث التعليم المنطقي إلى جانب الفلاسفة العرب([38]).

درس ماكس مايرهوف ما سمَّاه الطريق «من الإسكندرية إلى بغداد» معتمداً على الفارابي([39])، كي يفحص في كيفية انتقال العلم اليوناني إلى العالم العربي الإسلامي([40]). وقد أشار ديمتري غوتاس إلى أن شهادة الفارابي لا يجب أن تُؤخذ على أنها حقيقة تاريخية، بل على أنها محاولة لإثبات أن الفلسفة في الإسلام هي الوريث الشرعي للفلسفة اليونانية، والأحق بالحفاظ على هذه الفلسفة من البيزنطيين الذين التزموا بالديانة المسيحية([41]). لكن لا يجب أن يجعلنا هذا الرأي نغفل عن حقيقة أن التراثين السرياني والعربي في الفلسفة كان معتمداً على النموذج السكندري في تعليم الفلسفة نسقياً، والمنظَّم حول مجموعة من النصوص الأرسطية التي يقف على بدايتها «إيساغوجي» فرفوريوس. كان هذا النموذج لا يزال مستمراً في التراث الفلسفي العربي في صورة «مقدمات الفلسفة»([42])، ويدل على العلاقة الوثيقة بين نشأة الفلسفة في الإسلام وطريقة البحث الفلسفي في مدارس الأفلاطونية المحدَثة في العصر القديم المتأخر. ومن المؤكَّد أن الإسكندرية وأنطاكيا والرها ونصيبين وقنسرين وجنديسابور لم تكن وحدها هي مراكز التعليم الفلسفي، إذ كانت هناك مراكز أخرى مثل مرو وخراسان وحران([43]). لا يمكن أن ندَّعي أن النموذج السكندري كان النموذج الحصري أو الوحيد لتعلُّم الفلسفة في كل مكان، لكن تشير الشواهد المتاحة لنا إلى أنه كان النموذج الأساسي لفهم الفلسفة وكيفية تعلَّمها في التراث العربي.

الترجمات

مثَّل ظهور الخلافة العباسية وبناء مدينة بغداد (حوالي 762) علامة فارقة في تاريخ الثقافة الإسلامية؛ ففي هذا العصر بدأت حركة ترجمة واسعة وتطورت إلى عملية هضم واستيعاب للتعليم العلمي والفلسفي اليوناني([44]). وقد أمدَّنا جيرهارد إندريس بمعالجة شاملة للمجالات التي غطتها حركة الترجمة، ومراحل استيعاب المادة المترجمة، والأساليب المختلفة للترجمة([45]). وعلى هذه الخلفية يظهر الدور الحاسم للأفلاطونية المحدثة؛ فقد كانت أولى الأعمال المترجمة هي تاسوعات أفلوطين* و«عناصر اللاهوت»** لبروقلس؛ ما كان له أكبر الأثر في التطور اللاحق للفلسفة في العصر الإسلامي. وكانت المجموعة التي ترجمت هذين الكتابين هي نفسها التي ترجمت «ما بعد الطبيعة» و«السماء والعالم» لأرسطو، وهي مجلس الكندي (القرن التاسع). وندين لإندريس باكتشافه لمجموعة من الخصائص التي ميَّزت الترجمات المبكرة، والمرتبطة كلها بالكندي، وتغطي نصوصاً يونانية مهمة في الكوزمولوجيا وعلم النفس والميتافيزيقا واللاهوت([46]). وفي العصر التالي سوف تؤدي ترجمة أعمال أخرى وتطور تراث فلسفي عربي أصيل إلى تغير فهم الفلسفة وكيفية اتصالها بعلوم الدين. لكن الذي بقي من هذا العصر الأول من استقبال الفلسفة اليونانية في الإسلام وظل مستمراً بوصفه ملمحاً أساسياً لها في شرق العالم الإسلامي وغربه، هو:

1) أن الفلسفة هي كلٌّ نسقيٌّ، جذوره في المنطق وقمَّته في اللاهوت العقلي؛

2) أن كل الفلاسفة اليونان يتفقون في عدد محدود من الأفكار الهامة المتعلقة بالكون والنفس الإنسانية والمبدأ الأول؛

3) أن الحقائق الفلسفية لا يمكن اشتقاقها من القرآن، حتى ولو كانت متَّفقة تماماً معه. وقد نتجت كل هذه الأفكار من قراءة أرسطو والإسكندر الأفروديسي وأفلوطين وبروقلس، معاً وبالتوازي، إذ نُظِر إلى أعمالهم على أنها تُشكِّل مجموعة متَّسقة ومتكاملة من الأفكار.

تذكر المصادر البيو-بيبليوجرافيَّة*** العديد من النصوص الأفلاطونية المحدثة المعروفة لقراء العربية، على الرغم من عدم دقة معلومات هذه المصادر ونقصها. وعلى الرغم من ذلك فإن الصورة التي تقدمها هذه المصادر مبهِرة: فقد كان قرَّاء العربية يعرفون مؤلفات أفلوطين وفرفوريوس ويابمليخوس وثامسطيوس وسريانوس وبروقلس وديونيسوس الأريوباجي المنحول وسبمليكيوس ويحيى النحوي وأوليمبيودورس. وقد وصلتنا بعض الترجمات العربية لمؤلفات الأفلاطونية المحدثة. ويعطينا الجدول (1.2) فكرة عن هذه الترجمات([47]).

جدول 1.2*

المؤلفون

الأعمال المترجمة إلى السريانية و/ أو العربية (وصلتنا)

الأعمال المذكور أنها ترجمت إلى السريانية و/ أو العربية (لم تصلنا)

أعمال مذكورة في المصادر العربية دون ذكر ما إذا كانت مترجمة إلى السريانية أو العربية

أفلوطين

التاسوعات من 4 إلى 6 (ترجمة ابن ناعمة الحمصي)

 

 

فرفوريوس

إيساغوجي، ترجمة سريانية (حوالي 536)؛ ترجمة عربية (أبو عثمان الدمشقي)

إيساغوجي، ترجمة سريانية وعربية (أيوب بن قاسم الرقي)؛ شرح على كتاب السماع الطبيعي؛ الأخلاق النيقوماخية؛ مقدمة في الأقيسة الحملية، ترجمة عربية لأبي عثمان الدمشقي؛ في العقل والمعقول، ترجمة سريانية؛ استفسار (مشكوك في صحة عنوانه)، ترجمة سريانية

شرح على كتاب المقولات؛ تلخيص كتاب العبارة؛ تلخيص فلسفة أرسطو؛ رسالة إلى أنيبو

يامبليخوس

شرح على رسائل الذهبيات المنسوب لفيثاغورس، ترجمة عربية

 

شرح على كتاب المقولات (مشكوك في نسبته)؛ شرح على كتاب العبارة

ثامسطيوس

شرح مقالة اللام من ما بعد الطبيعة، ترجمة عربية (أبو بشر متى بن يونس)؛ شرح السماء والعالم، ترجمة عربية (يحيى بن عدي)؛ شرح كتاب النفس، ترجمة عربية

شرح الكون والفساد؛ شرح الأخلاق النيقوماخية، ترجمة سريانية

شروح على كتب المقولات والتحليلات الأولى والثانية ومواضع الجدل والسماع الطبيعي، وكتاب ورسالة إلى يوليان

سريانوس

 

شرح مقالة الباء من ما بعد الطبيعة

 

بروقلس

عناصر اللاهوت الكتاب الثامن عشر من كتاب قدم العالم؛ براهين خلود النفس، ترجمة عربية

شرح على رسائل الذهبيات المنسوب لفيثاغورس، ترجمة سريانية؛ شرح على جزء من محاورة جورجياس لأفلاطون، ترجمة سريانية؛ شرح على جزء من كتاب القدر للإسكندر الأفروديسي، ترجمة سريانية؛ شرح على محاورة فيدون (أبو علي بن زرعا)

تعريف أصل الظواهر الطبيعية؛ عشرة شكوك في العناية؛ الجزء الذي لا يتجزأ

ديونيسوس المنحول

الاسم الإلهي؛ السماء، اللاهوت الصوفي؛ رسائل كنسية، ترجمة سريانية

 

 

أمونيوس (ابن هرمياس)

 

 

شرح على المقولات ومواضع الجدل؛ شرح مذاهب أرسطو في الصانع؛ أغراض أرسطو في كتبه؛ حجة أرسطو في التوحيد

سمبليكيوس

 

شرح كتاب النفس، ترجمة سريانية وعربية

شرح على كتاب المقولات

يحيى النحوي

شرح على السماع الطبيعي (جزء)؛ في قدم العالم ضد بروقلس؛ ضد أرسطو في قدم العالم (جزء)، ترجمة عربية

شروح على كتاب النفس، ترجمة سريانية وعربية (بازل وابن ناعمة الحمصي)؛ إبطال حجج بروقلس في قدم العالم؛ في أن قوة الجسم متناهية

شرح على عناصر أرسطو العشرة؛ إبطال مذهب نسطور؛ إبطالات أخرى؛ بسط أعمال جالينوس الطبية

أوليمبيودورس Olympiodorus، المعروف باسم «المفيدورس»

 

شرح على كتاب السفسطة (إسحق بن حنين)؛ شرح الآثار العلوية (أبو بشر متَّى بن يونس والطبري)؛ شرح كتاب النفس.

شرح مشكوك فيه على الكون والفساد

داود/ إلياس/

المقدمة، ترجمة عربية

 

 

أسطفن الإسكندراني

 

 

شرح على كتاب المقولات، وكتاب العبارة

مجهول

تلخيص كتاب النفس لأرسطو، ترجمة عربية

 

 

الأفلاطونية المحدثة في العالم العربي الإسلامي – مفتاحاً لفهم الفلسفة العربية

في أربعينيات القرن التاسع، حينما كان الكندي معلماً لأحمد، ابن الخليفة المعتصم (833 - 842)، ترجم عبد المسيح بن ناعمة الحمصي، وهو مسيحي من الرها، تاسوعات أفلوطين (من الرابعة إلى السادسة). وتأتينا هذه المعلومة من مطلع الاستهلال الذي يتبع عنوان الكتاب المسمَّى «أثولوجيا أرسطاطاليس»؛ الذي هو في حقيقته إعادة صياغة عربية لجزء من التاسوعات. كما نعلم من الاستهلال أيضاً أن الكندي نفسه قد أصلح النسخة العربية لأحمد بن المعتصم بالله. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا أراد الكندي عرض مثل هذه الفلسفة على أحمد وعلى كل الوسط الثقافي المهتم بالفلسفة آنذاك؟ ويمدنا الاستهلال بالإجابة: فهذا الكتاب المأخوذ من تاسوعات أفلوطين قد تمَّ تقديمه على أنه استكمال لاهوتي لكتاب «ما بعد الطبيعة» لأرسطو.

وإذ قد ثبت من اتِّفاق أفاضل الفلاسفة أن علل العالم القديمة البادية أربع، وهي: الهيولى، والصورة، والعلة الفاعلة، والتمام؛ فقد وجب النظر فيها... فإنا كنا قد فرغنا -فيما سلف- من الإبانة عنها وإيضاح عللها في كتابنا الذي «بعد الطبيعيات»... فلنترك الإطناب في هذا الفن، إذ قد أوضحناه في كتاب «مطاطافوسيقى»*. ولنقتصر على ما أجرينا هناك، ونذكر الآن غرضنا فيما نريد إيضاحه في كتابنا هذا... فغرضنا في هذا الكتاب القول الأول في الربوبية والإبانة عنها وأنها هي العلة الأولى، وأن الدهر والزمان تحتها، وأنها علة العلل ومبدعها بنوع من الإبداع، وأن القوة النُّورِيَّة تسنح منها على العقل، ومنها بتوسط العقل على النفس الكلية الفلكية، ومن العقل بتوسط النفس على الطبيعة، ومن النفس بتوسط الطبيعة على الأشياء الكائنة الفاسدة([48]).

تخبرنا هذه الفقرة، أننا أمام كتاب يتلو «ما بعد الطبيعة» ويتناول انتقال علِّيَّة الإله إلى الأشياء الخاضعة للكون والفساد، بتوسط مبدأين مفارقين -العقل والنفس الكلية الفلكية- يقعان بين الإله والطبيعة. وبعد أن يُذَكِّر كاتب هذا الاستهلال (الذي هو الكندي نفسه على الأرجح)([49]) قارئه بموضوعات كتاب أرسطو «ما بعد الطبيعة»؛ يقدِّم مبحثاً آخَر، وهو اللاهوت العقلي، والمرتبط على نحو بنيوي وثيق بالميتافيزيقا، لكنه مختلِف عنها، والمتناوِل لأفكار الواحد والعقل والنفس الكلية. والواضح أنه ليس هناك أثر لهذه المبادئ المفارقة في كتاب «ما بعد الطبيعة» لأرسطو، وكان الرأي المجمَع عليه هو أن ذلك الجزء من تاسوعات أفلوطين كان ضرورياً لاستكمال نظرية أرسطو في المحرك الأول، في مقالة اللام من «ما بعد الطبيعة»([50]). إلا أن قارئ «أثولوجيا أرسطاطاليس» يمكن أن يُحبَط عندما يكتشف أن النِّيَّة التي تمَّ إعلانها في الاستهلال لم تتحقق في الكتاب نفسه، وأن أجزاء من التاسوعات ومعها إضافات مطوَّلة جُمِعَت في خليط بدون نظام. لكن حين ندقِّق النظر؛ يظهر لنا البناء الحقيقي للكتاب: فهو يتجاوز المدخل الكبير في ترتيب فرفوريوس([51]) وهو الفصول الثلاثة الأولى، ولا يترجم إلا الفصول من الرابع إلى السادس، والخاصة بالنفس والعقل والواحد، وبذلك تكون «أثولوجيا أرسطاطاليس» محاولة مُجهَضة لإنتاج عمل نسقيٍّ في اللاهوت العقلي، يعلن في الاستهلال عن ترتيب المبادئ المفارقة حسب أولويتها [الأنطولوجية] (من الواحد إلى العقل إلى النفس)، إلا أنه يلتزم بترتيب تاسوعات أفلوطين بادئاً بالنفس ثم العقل ثم الواحد، وهو عكس الترتيب الـمُعْلَن في الاستهلال.

إن الترتيب النموذجي المثالي الـمُعلَن عنه في الاستهلال يقدِّم للقارئ عرضاً للطريقة التي يفعل بها المحرِّك الأول: فهو الأول بإطلاق، وعِلِّيَّتُه تشمل كل الموجودات بِتَوَسُّط العقل والنفس الكلية. أما الكتاب نفسه؛ فهو في المقابل يقدِّم للقارئ ما هو معروف في المذهب الأفلاطوني عن هبوط النفس إلى البدن، وكون النفس هي الوسيط بين العالم المحسوس والعالم المعقول. ثم يقدِّم الكتاب عرضاً للعالم المعقول وللعقل [المفارق] باعتباره الموجود الأول، ثم يتبع ذلك معالجة لفعل الواحد الحق، لكن بترتيب مقتضب ومضطرب. وبدلاً من وصف أفلوطين للعقل nous باعتباره الانعكاس الأول للواحد [في التاسوعات نفسها]؛ نجد [في «أثولوجيا»] فكرة خلق [العالم] بتوسُّط العقل*. كما أتاح مفهوم أفلوطين عن العقل nous لمؤلِّف «أثولوجيا» أن يُدخل مفهومَي الخلق والعناية الإلهية [في الترتيب الأصلي للتاسوعات]؛ إذ نرى في «أثولوجيا» أن للواحد الحق نمطاً من الفعل يستطيع تفسير كيفية صدور الكثرة والتَّغيُّر عن مبدأ واحد غير متكثِّر وغير متغيِّر: إذ تم تقديم التحليل الأفلاطوني المحدث لكيفية عمل الصور المفارقة في العالم المحسوس على أنه وصف لفاعلية الإله الخلاقة وعنايته بالموجودات [من خلال هذه الصور]، دون أن يتغير هو* («بأنيَّته فقط»)([52]).

عمل أفلوطين على إبداع موضوعات فلسفية لم تكن موجودة من قبله، وكانت ناتجة عن إعادة بنائه للأفلاطونية، مثل الوجود المزدوج للنفس، التي تنتمي أزلاً للعالمين المحسوس والمعقول، ترى المعقولات الأزلية [بحدس مباشر] وتمنح الحياة للبدن؛ وهوية الصور المفارقة والعقل الأول؛ والبساطة المطلقة التي تعجز عن الوصف للمبدأ الأول؛ وتعود كل هذه الموضوعات للظهور في مرحلة تكوين الفلسفة في الإسلام. وهي تعادل في نظر الكثير من فلاسفة الإسلام كلَّ المذاهب اليونانية في الإلهيات، التي تصل إلى ذروتها في كتاب «ما بعد الطبيعة». وكان هذا المذهب اللاهوتي العقلي منسوباً لأرسطو. وكذلك نُسِب إليه عمل آخر مترجم إلى العربية، وهو جزء من كتاب بروقلس «عناصر اللاهوت» Elements of Theology، المعروف بِاسم: «كتاب الإيضاح في الخير المحض لأرسطوطاليس»([53])، وقد أثبت جيرهارد إندريس أن أصله يرجع إلى مجلس الكندي**. هذا الكتاب الذي هو إعادة صياغة [لأجزاء من التاسوعات] والذي يحتمل أن يكون قد تمَّ بتوصية من الكندي نفسه([54])، تمَّت ترجمته إلى اللاتينية في طليطلة في القرن الثاني عشر، وكان المترجِم هو جيرار الكريموني، Gerard of Cremona تحت عنوان Liber Aristotelis de Expositione Bonitatis Purae (Liber de Causis). وسوف ينتهي التعليم الأرسطي في العالم اللاتيني هو الآخر باللاهوت العقلي الأفلاطوني المحدث بفضل هذا الكتاب.

لقد كان مشروع تتويج ميتافيزيقا أرسطو بلاهوت عقلي مؤسَّس على التراث الأفلاطوني [سواء في الإسلام أو الغرب المسيحي] تطبيقاً للنموذج الأفلاطوني المحدث عن الفلسفة، باعتبارها علماً نسقياً مرتباً بداية من المنطق وانتهاء باللاهوت. ولا نعلم يقيناً ما إذا كان هذا النموذج قد وصل مكتملاً لمجلس الكندي، أم أنها قد أسهمت في تطويره أو إحيائه. لكن ما نستطيع أن نقوله في هذا الصدد؛ أن إلحاق لاهوت عقلي أفلاطوني محدَث بمذهب أرسطو يرجع بأصله إلى أفلاطونية ما بعد أفلوطين، وإلى شروح فلاسفة مدرسة الإسكندرية التي أعطت لمؤلفات أرسطو الأولوية دون أن تتخلى عن المذهب الأفلاطوني المحدَث في «الواحد والعقل والنفس». ولذلك فلا يمكننا فهم الفلسفة في الإسلام بدون إرجاعها إلى جذورها في الفكر الفلسفي في العصر القديم المتأخر([55]).

[1] - هذه الترجمة مقتطفة من الفصل الثاني من كتاب دليل كمبريدج، ترجمة أشرف منصور، صدرت عن دار مؤمنون للنشر والتوزيع.

* هذا الفصل مُهدى إلى ريتشارد فرانك Richard M. Frank، عرفاناً بالجميل (المؤلِّفة).

** Cristina d’Ancona، (م. 1956)، متخصصة في تاريخ الفلسفة، وأستاذة محاضرة بجامعة بيزا بإيطاليا Universit`a degli Studi di Pisa. أجرت دراسات عديدة حول الأفلاطونية المحدثة في فروعها اليونانية والعربية، ومن أهم مؤلفاتها: Recherches sur le “Liber de Causis” (1995)؛ وكتاب في تاريخ الفلسفة: Storia della filosofia nell'Islam medievale. Einaudi, Torino 2005. وقامت بتحرير كتاب جماعي عن أعمال الأفلاطونية المحدثة اليونان والعرب The Libraries of the Neoplatonists. Proceedings of the Meeting of the European Science Foundation Network "Late Antiquity and Arabic Thought: Patterns in the Constitution of European Culture", Strasbourg, March 12-14, 2004 . Brill, Leiden / Boston 2007

تناولت المؤلفة موضوعات هذا الفصل بمزيد من التوسع في كتابها: La Casa della Sapienza. La trasmissione della metafisica greca e la formazione della filosofia araba, Guerini e associati, Milano 1996؛ والمترجم إلى العربية بعنوان «بيت الحكمة»: الميتافيزيقا اليونانية وتشكيل الفلسفة العربية، ترجمة عاصم مرجاني، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 2014

*** العصر القديم المتأخر هو العصر السابق مباشرة على العصور الوسطى، وهو الذي يغطي الفترة من القرن الثالث إلى القرن السادس في الغرب، أو إلى القرن السابع مع ظهور الإسلام.

* برجامة وإزمير في تركيا الآن بالقرب من بحر إيجة.

** تسمى الآن قلعة المضيق على نهر العاصي بسوريا

*** مدينة تركية الآن على ساحل البحر المتوسط قرب سوريا.

**** بالقرب من إزمير.

***** هي حالياً مدينة Geyre بتركيا بالقرب من بحر إيجة.

****** وهو غير أمونيوس بن هرمياس (440 – 520)، رئيس مدرسة الإسكندرية الفلسفية ابتداءً من 485، والذي تعلم منه سمبليكيوس ويحيى النحوي وأثر كثيراً، وصاحب الشروح العديدة على أعمال أرسطو.

******* Porphyry of Tyre فرفوريوس الصوري (234 – 305)، فيلسوف أفلاطوني محدث، سجَّلَ وحرَّرَ محاضرات أفلوطين وصاغها في الكتاب الشهير «التاسوعات» Enneads، ومؤلف مدخل في المنطق عنوانه «إيساغوجي»؛ أي المقدمة، وهو الذي انتشر وأثر كثيراً في كل عصور الفلسفة التالية. للمزيد حوله، انظر، محمد فتحي عبد الله، مترجمو وشرَّاح أرسطو عبر العصور، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، الإسكندرية، 2000، ص51 – 55

* أو عقل وعاقل ومعقول حسب تعبير فلاسفة الإسلام.

* ربما تحت تأثير المسيحية، أو رغبة في تقديم الإله أو المبدأ الأول بصورة تضم البعد الأخلاقي. وليس هذا الافتراض ببعيد عن الصحة، إذ اشتغلت دراسات عديدة على هذه الفرضية.

* الترجمة العربية: تاسوعات أفلوطين، ترجمة فريد جبر، مراجعة جيرار جهامي وسميح دغيم، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت 1997

([2]) P. Hadot, “ la métaphysique de Porphyre,” in Porphyre, Entretiens Hardt XII (Vandœuvres: 1965), 127–57

** (245 – 325) فيلسوف سرياني من أصل عربي، من مؤسسي مدرسة الأفلاطونية المحدثة.

([3]) H. D. Saffrey, “Pourquoi Porphyre a-t- il édité Plotin? Réponse provisoire,” in Porphyre, La vie de Plotin, vol. II, ed. L. Brisson et al. (Paris: 1992), 31–57

([4]) قدم فرفوريوس شروحاً على كتب «المقولات» (Commentaria in AristotelemGraeca [hereafter CAG] IV 1)، و«العبارة» و«السفسطة» و«الطبيعة» و«الأخلاق النيقوماخية». أما باقي أعماله المتروكة في شذرات فقد تم تحريرها ونشرها في Porphyrii Philosophi Fragmenta, ed. A. Smith (Stuttgart: 1993).

([5]) Porphyre, Isagoge, ed. A. de Libera and A.-Ph. Segonds (Paris: 1998).

[انظر الترجمة العربية القديمة، إيساغوجي فرفوريوس، نقل أبي عثمان الدمشقي، المنشورة في: عبد الرحمن بدوي، منطق أرسطو، الجزء الثالث، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة، 1952. (المترجم)].

([6]) C. Evangeliou, Aristotle’s Categories and Porphyry (Leiden: 1988); H. D. Saffrey, “Pourquoi Porphyre a-t- il édité Plotin? Réponse provisoire”

* (477 – 524) فيلسوف وسياسي وإداري روماني.

([7]) يذكر ابن سينا في سيرته الذاتية أن معلمه أبا عبد الله النائلي قد علمه المنطق بدءاً من «إيساغوجي» (D. Gutas, Avicenna and the Aristotelian Tradition: Introduction to Reading Avicenna’s Philosophical Works [Leiden: 1988], 25).

(انظر «سيرة الشيخ الرئيس»، المنشورة في Gohlman, William E., The Life of Ibn Sina, Albany, N.Y.: State University of New York Press, 1974. المترجم).

** ليس المقصود بالفلاسفة العرب هنا، العرب بالمعنى الإثني، بل الفلاسفة الذين كتبوا بالعربية وإن لم يكونوا كلهم عرباً.

([8]) L. G. Westerink, J. Trouillard, and A.-Ph. Segonds (eds.), Prolégomènes à la philosophie de Platon (Paris: 1990), 39.16–26

* بلوتارك الأثيني، فيلسوف أفلاطوني محدث، علم في أثينا في بداية القرن الخامس، وكتب شروحات على أعمال أفلاطون وأرسطو، وهو غير بلوتارك المؤرخ اليوناني (46 - 120)

([9]) Marinus, Proclus ou sur le bonheur, ed. H. D. Saffrey, A.-Ph. Segonds, and C. Luna (Paris: 2001), sect. 13. كذلك كان يامبليخوس هو أول أفلاطوني يضع شرحاً على «ما بعد الطبيعة» لأرسطو (CAG VI 1). وكان في شرحه دائماً ما يحيل إلى شروح الإسكندر الأفروديسي؛ انظر C. Luna, Trois Études Sur la Tradition des Commentaires Anciens À la Métaphysique D'Aristotle (Leiden: 2001). انظر أيضاً دراستي: “Commenting on Aristotle: From Late Antiquity to Arab Aristotelianism,” in W. Geerlings and C. Schulze (eds.),Der Kommentar in Antike und Mittelalter: Beiträge zu seiner Erforschung (Leiden: 2002), 201–51

([10]) Proclus’ commentaries on the First Alcibiades (ed. Segonds, 1985),Cratylus (ed. Pasquali, 1908), Republic (ed. Kroll, 1899), Timaeus (ed.Diehl, 1903–6), and Parmenides (ed. Cousin, 1864).

([11]) H. D. Saffrey, “ACCORDER ENTRE ELLES LES TRADITIONS THÉOLOGIQUES: UNE CARACTÉRISTIQUE DU NÉOPLATONISME ATHÉNIEN,” in E. P. Bos and P. A. Meijer (eds.), On Proclus and his Influence in Medieval Philosophy (Leiden: 1992), 35–50

([12]) H. D. Saffrey and L. G. Westerink, Proclus: Theologie platonicienne, vols. I–VI (Paris: 1968–97).

([13]) Proclus, The Elements of Theology, ed. E. R. Dodds (Oxford: 1963).

([14]) Proclus, Elements of Theology, proposition 132, 118.2–4

([15]) وهذا هو الحال مع أمونيوس الذي كان أبوه هرمياس تلميذاً لبروقليس في أثينا، والذي تعلَّم هو أيضاً في أثينا قبل أن ينتقل إلى الإسكندرية. ونجد العكس مع الدمشقي Damascius الذي تعلَّم في الإسكندرية على يد أمونيوس، لكنه خلف بروقلس على رأس مدرسة أثينا. [الدمشقي هذا هو غير يوحنا الدمشقي (676 – 749) آخر آباء الكنيسة الشرقية، انظر في ذلك، محمد فتحي عبد الله، مترجمو وشُرَّاح أرسطو عبر العصور، ص66].

([16]) على العكس من بريشتر K. Praechter الذي ذهب سنة 1910 إلى وجود اختلافات مذهبية بين مدرستي الإسكندرية وأثينا، نبَّهت إلزيتروت هادو I. Hadot في كتابها Le problème du néoplatonisme alexandrin. Hiéroclès et Simplicius (Paris: 1978)، على أن المدرستين اختلفتا في أولويات التعليم الفلسفي وحسب. إن عدم وجود تفكير لاهوتي عميق في مدرسة الإسكندرية لا يعني أنها أهملت اللاهوت [الأفلاطوني]، بل يعني أنها لم تكن تخلط القضايا اللاهوتية بالتعليم الفلسفي الابتدائي [وعملت على تأجيله لمستوى لاحق من التعليم].

* للمزيد حول أمونيوس باللغة العربية، انظر: حسين الزهري، مدرسة الإسكندرية المتأخرة وأثرها في التراث الفلسفي الإسلامي، (1) أمونيوس بن هرمياس وأثره في فلسفة الفارابي، مكتبة الإسكندرية، 2015

([17]) “Ammonius” by H. D. Saffrey and J.-P. Mahé in Goulet [20], vol. I, 168–70

** «يحيى النحوي» هو الاسم الذي اشتهر به جون فيلوبونوس في العالم العربي الإسلامي. للمزيد حول يحيى النحوي، انظر: البوسكلاوي، سعيد: «يحيى النحوي في المصادر البيو-بيبليوجرافية العربية»، دراسة منشورة في: مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، العدد التاسع والعشرون، جامعة محمد الخامس، الرباط، 2009.

*** للمزيد حول سبمليكيوس، انظر: حسين الزهري، مدرسة الإسكندرية المتأخرة وأثرها في التراث الفلسفي الإسلامي، (2) سمبليكيوس وأثره في ميتافيزيقا ابن سينا، مكتبة الإسكندرية، 2018

([18]) P. Hoffmann, “Damascius,” in Goulet [20], vol. II, 541–93

* (55 – 135)، فيلسوف رواقي يوناني.

([19]) Simplicius, Commentaire sur le “Manuel” D’EPICTÈTE, ed. I. Hadot, vol. I (Paris: 2001). Simplicius, On Epictetus’ Handbook, trans. T. Brennan and C. Brittain, 2 vols. (London: 2003).

([20]) Categories: CAG VIII 1; Physics: CAG IX and X; De Caelo: CAG VII.

([21]) Hoffmann, “Damascius.”

([22]) H. D. Saffrey, “ Le chrétien Jean Philopon et la survivance de l'École d'Alexandrie au VIe siècle,” Revue des Études Grecques 67 (1954), 396–410

([23]) وضع النحوي كتابين ضد نظرية قدم العالم هما «في قدم العالم ضد بروقلس» De Aeternitate Mundi contra Proclum (ed. Rabe, 1899)، وكتاب آخر ضد نظرية أرسطو في قدم العالم، وهو مفقود في أصله اليوناني، ووصلتنا منه شذرات عن طريق سمبليكيوس والفارابي، جمعها وايلدبرج وترجمها للإنجليزية: Philoponus, Against Aristotle on the Eternity of the World, trans. C. Wildberg (London: 1987).

(انظر التلخيص الذي ترجمه سعيد البوسكلاوي: كرستيان وايلدبرغ، جوامع كتاب يحيى النحوي «في الرد على أرسطوطاليس»، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث. المترجم).

([24]) R. Sorabji (ed.), Philoponus and the Rejection of Aristotelian Science (London: 1987); K. Verrycken, “The Development of Philoponus’ Thought and its Chronology,” in R. Sorabji (ed.), Aristotle Transformed: The Ancient Commentators and their Influence (London: 1990), 233– 74, and “Philoponus’ Interpretation of Plato’s Cosmogony,” Documenti e studi sulla tradizione filosofica medievale 8 (1997), 269–318; U. M. Lang, John Philoponus and the Controversies over Chalcedon in the Sixth Century (Leuven: 2001).

* انظر في ذلك، البوسكلاوي، سعيد. «يحيى النحوي والكندي في الدلالة على حدث العالم»، دراسة منشورة في: الكندي وفلسفته، دراسات مهداة إلى محمد المصباحي. تنسيق سعيد البوسكلاوي. كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمَّد الأول، وجدة 2015

([25]) Agathias, Hist. II.31.2–4 (81.8–21 ed. Keydell); see also Hoffmann, “Damascius,” 556–9; M. Tardieu, “Chosroès,” in Goulet [20], vol. II, 309–18

*              للمزيد حول بولس الفارسي، انظر، إفرام يوسف، الفلاسفة والمترجمون السِّريان، ترجمة شمعون كوسا، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2010، ص95 وما بعدها.

([26]) J. Teixidor, “Les textes syriaques de la logique de Paul le Perse,” Semitica 47 (1997), 117–38; “La dédicace de Paul le Perse à Chosroès,” in J. D. Dubois and B. Roussel (eds.), Entrer en MATIÈRE: les Prologues (Paris: 1997), 199–208

([27]) Gutas [58].

([28]) فعلى سبيل المثال: كتب ابن ديصان Bardaisan (154–222) بالسريانية. Cf. J. Teixidor, “Bardesane de Syrie,” in Goulet [20], vol. II, 54–63. (ابن ديصان هو عالم وفيلسوف ومنجم وشاعر من مدينة الرها شمال سوريا، ينتمي للمذهب الغنوصي. المترجم).

([29]) J. Teixidor, “Introduzione,” in Storia della scienza, IV, I, La scienza siriaca (Rome: 2001), 7

* أسقف الرها وأحد أهم شراح الكتاب المقدس، وكتب شرحاً على سفر التكوين. للمزيد حوله، انظر، إفرام يوسف، الفلاسفة والمترجمون السِّريان، ص125 وما بعدها.

([30]) K. Georr, Les Cat´egories d’Aristote dans leurs versions syro-arabes (Beirut: 1948); Endress [54], 407–12; H. Hugonnard-Roche, “L'intermediaire syriaque dans la transmission de la philosophie grecque à l'arabe: le cas de l'Organon d'Aristote,” Arabic Sciences and Philosophy 1 (1991), 187–209

([31]) Learning,” in N. G. Garsoïan, T. F. Mathews, and R. W. Thomson (eds.), East of Byzantium: Syria and Armenia in the Formative Period (Washington, D.C.: 1982), 17–39; “The Syriac Commentary Tradition,” in Burnett [50], 3–18

** (345 – 399) راهب مسيحي، من أكثر علماء اللاهوت تأثيراً في القرن الرابع.

*** انظر الترجمة العربية القديمة: الإسكندر الأفروديسي، «القول في مبادئ الكل حسب رأي أرسطوطاليس الفيلسوف»، في، عبد الرحمن بدوي. أرسطو عند العرب، ص253 - 277 (الكويت: وكالة المطبوعات، الطبعة الثانية، 1978).

**** (مواليد 1944) مؤرخ علم فرنسي.

([32]) H. Hugonnard-Roche, “Les Catégories d'Aristote comme introduction à la philosophie, dans un commentaire syriaque de Sergius de Resh'aina (†536),” Documenti e studi sulla tradizione filosofica medievale 8 (1997), 339–63; “Note sur Sergius de Resh‘aynā, traducteur du grec en syriaque et commentateur d’Aristote,” in Endress and Kruk [55], 121– 43

([33]) H.Hugonnard-Roche, “La tradizione della logica aristotelica,” in Storia della scienza, IV, I, 18

* أحد أهم رجال الدين المسيحي الذين ابتعدوا عن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ومالوا نحو المذهب النسطوري.

([34]) Gutas [76].

** للمزيد حول سرجيوس الرأس عيني؛ انظر، إفرام يوسف، الفلاسفة والمترجمون السريان، 61 وما بعدها.

([35]) A. Elamrani-Jamal and H. Hugonnard-Roche, “Aristote: l’Organon. Tradition syriaque et arabe,” in Goulet [20], vol. I, 502–28; H. Hugonnard-Roche, “Les traductions syriaques de l’Isagoge de Porphyre et la constitution du corpus syriaque de logique,” Revue d’histoire des textes 24 (1994), 293–312

* للمزيد حول ساويرس سابوخت وأثناسيوس البلدي ويعقوب الرهاوي، انظر، إفرام يوسف، الفلاسفة والمترجمون السريان، ص113 – 133

([36]) D. Miller, “George, Bishop of the Arab Tribes, On True Philosophy,” Aram 5 (1993), 303–20

([37]) Gutas [58], 61–9

([38]) H. Hugonnard-Roche, “Remarques sur la tradition arabe de l'Organon, d'après le manuscrit Paris, Bibliothèque nationale, ar. 2346,” in Burnett [50], 19–28.

[تقصد المؤلفة بالفلاسفة العرب، الفلاسفة الذين استخدموا العربية في الكتابة حتى ولو لم يكونوا عرباً. المترجم].

([39]) تأتي شهادة الفارابي من عمل مفقود له يسمى «في ظهور الفلسفة» Endress [54], 411 and Gutas [58].

([40]) M. Meyerhof, “Von Alexandrien nach Bagdad: Ein Beitrag zur Geschichte des philosophischen und medizinischen Unterrichts bei den Arabern,” Sitzungsberichte der Berliner Akademie der Wissenschaften, Philologisch-historische Klasse (1930), 389–429

(الترجمة العربية: ماكس مايرهوف، «من الإسكندرية إلى بغداد. بحث في تاريخ التعليم الفلسفي والطبي عند العرب». في، عبد الرحمن بدوي، التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة 1940. [المترجم]).

([41]) Gutas [58].

([42]) C. Hein, Definition und Einteilung der Philosophie: von derspätantiken Einleitungs literatur zur arabischen Enzyklopädie (Frankfurta. M.: 1987).

([43]) يذكر الفارابي في معالجته لظهور الفلسفة، أن آخر تلميذين لآخر معلم للفلسفة في أنطاكيا كانا من حران، وأنهما أخذا الكتب معهما عندما عادا لحران. ويُذكر أن سمبليكيوس انتقل إلى حران بعد أن ترك طيسفون [المدائن]، وفيها كتب شروحه على أرسطو. (M. Tardieu, “Les calendriers en usage à Harrân d'après les sources arabes et le commentaire de Simplicius à la Physique d'Aristote,” in I. Hadot [ed.] Simplicius: sa vie, son oeuvre, sa survie [Berlin: 1987], 40–57),

لكن نقد «لامير» هذا التفسير في: J. Lameer, “From Alexandria to Baghdad: Reflections on the Genesis of a Problematical Tradition,” in Endress and Kruk [55], 181–91, and by C. Luna, review of R. Thiel, Simplikios und das Ende der neuplatonischen Schule in Athen, in Mnemosyne 54 (2001), 482–504

([44]) Gutas [58].

([45]) Endress [54], continuation in W. Fischer (ed.), Grundriss der arabischen Philologie, vol. III (Wiesbaden: 1992), 3–152

* المترجَم منها إلى العربية هو بعض أجزائها، ونُسِبت خطأٌ إلى أرسطو تحت مسمَّى «أثولوجيا أرسطوطاليس». انظر: عبد الرحمن بدوي، أفلوطين عند العرب، مطبعة النهضة المصرية، القاهرة 1955

** المترجم منه هو فقرات تم تجميعها وتسميتها بـ«الإيضاح في الخير المحض»، ونُسِب خطأ لأرسطو. انظر، بدوي، عبد الرحمن: الأفلاطونية المحدَثة عند العرب. وكالة المطبوعات، الكويت 1977

([46]) Endress [53]; Endress [67].

*** المقصود بالمصادر البيو – بيبليوجرافية؛ الفهارس القديمة وكتب الطبقات، التي تذكر الأعلام ومؤلفاتهم، مثل الفهرست لابن النديم، وطبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة، وصوان الحكمة لأبي سليمان السجستاني.

([47]) نظراً لضيق المساحة؛ فلا يمكنني أن أعطي كامل التوثيق لكل مادة في الجدول التالي من كتاب الفهرست لابن النديم، الذي هو مصدري الأساسي. لكن بعض المواد ليست مذكورة فيه، مثل:

Plotinus’ Enneads IV–VI (ed. Dieterici, 1882, and Badawī, 1966); Iamblichus’ commentary on the Carmen Aureum (ed. H. Daiber, Neuplatonische Pythagorica in arabischem Gewande: der Kommentar des Iamblichus zu den “Carmina Aurea” [Amsterdam: 1995]); pseudo- Dionysius the Areopagite (see S. Lilla in Goulet [20], vol. II, 727– 42, at 729); the Prolegomena by David-Elias (see Hein, Definition und Einteilung der Philosophie); the anonymous In De Anima (see R. Arnzen, Aristoteles' De anima: eine verlorene spätantike Paraphrase in arabischer und persischer Überlieferung [Leiden: 1998]).

(. Dieterici, 1882 فردرخ ديتريصي، «كتاب أثولوجيا أرسطاطاليس، وهو القول في الربوبية»، برلين 1882)

* أودُّ لفت الانتباه إلى أن هذه القائمة التي استخرجتها المؤلِّفة من كتاب «الفهرست» لابن النديم؛ ليست كاملة، ولا يمكن الوثوق بها تماماً، فلا يمكننا افتراض أن ابن النديم كان على معرفة كاملة بكل الأعمال الفلسفية المترجمة للعربية أو السريانية في عصره، كما أن هذه القائمة تقف عند سنة 384 هجرية، ولا تمدُّنا بأي معلومات بعد هذا التاريخ. الدليل على ذلك أن شروح ابن رشد على أرسطو تكشف عن اطلاعه على شروح قديمة على أرسطو ليست مذكورة في فهرست ابن النديم، مثل شروح سمبليكيوس.

* أي «ميتا – تا - فيزيقا» Meta - ta - physica، ما بعد الطبيعة، النطق العربي الحرفي للعنوان اليوناني لكتاب أرسطو.

([48]) «أثولوجيا أرسطاطاليس»، في، عبد الرحمن بدوي، أفلوطين عند العرب، ص4 – 6؛ English translation by G. Lewis, in Plotini Opera, ed. P. Henry and H.-R. Schwyzer, vol. II (Paris: 1959), 486–7.

([49]) انظر دراستي، "Pseudo-Theology of Aristotle, Chapter I: Structure and Composition," Oriens 36 (2001), 78–112

([50]) F. W. Zimmermann, “The Origins of the So-called Theology of Aristotle,” in Kraye, Ryan, and Schmitt [60], 110–240

([51]) H.-R. Schwyzer, “Die pseudoaristotelische Theologie und die Plotin- Ausgabe des Porphyrios,” Museum Helveticum 90 (1941), 216–36

* لم يكن العالم مخلوقاً عند أفلوطين بل كان قديماً، وما صدور المفارقات والعالم عن الواحد عنده سوى صدور أزلي، لكن شعر الفلاسفة المسلمون بضرورة إقحام فكرة الخلق على نظرية الصدور الأزلي الأصلية، مراعاة للشعور الديني.

* بحيث تكون الكثرة والتغير في الصور المفارقة، لا في الإله ذاته.

([52]) حاولت إثبات أثر ديونيسوس الأريوباجي المنحول في هذه الصيغة المختلفة للتاسوعات في، “L’influence du vocabulaire arabe: causa prima est esse tantum,” in J. Hamesse and C. Steel (eds.),L'élaboration du vocabulaire philosophique au Moyen Age (Turnhout: 2001), 51–97

([53]) Ed. Bardenhewer, 1882 and Badawi, 1955. English translation in Thomas Aquinas, Commentary on the Book of Causes, trans. V. A. Guagliardo, C. R. Hess, and R. C. Taylor (Washington, D.C.: 1996)

[منشور في، عبد الرحمن بدوي، الأفلاطونية المحدثة عند العرب، ص1 – 33 (المترجم)].

** أي إن مجلس الكندي من تلاميذه ومساعديه والمترجمين العاملين معه هم المسؤولون عن انتقاء فقرات من كتاب بروقلس وترجمتها للعربية ونسبتها لأرسطو تحت عنوان «الإيضاح في الخير المحض».

([54]) انظر دراستين لي في هذا الموضوع: “Al-Kindi et l’auteur du Liber de Causis,” in D’Ancona [51], 155–94, and “Pseudo-Theology of Aristotle, Chapter I”

([55]) أتوجه بشكري الجزيل لبيتر آدامسون Peter Adamson وريتشارد تايلور Richard C. Taylor للمراجعة اللغوية لهذه المقالة. وقرأ ستيفن هارفي Steven Harvey صيغة أولى منها، وكتب لي ملاحظات قيِّمة، فجزيل الشكر له أيضاً. أما أي خطأ فهو مسؤوليتي وحدي.