مجلة يتفكرون - العدد التاسع

145 / 362

ملف العدد: الهمجيّة والحضارة
145 2016 )9( العدد
وفي هذا المجال تعددت مستويات الحربوآلياتها، ومن أهمها ما
اصطلح عليه بـ«الإسلامفوبيا» الذي يعّ عن شعور بالخوف من
الإسلام والمسلمين يصل إلىحدّ المرضالنفسيأو منزلة الوسواس
القهري، كما يعّ أيضاً عن تنامي مشاعر العداء، ونجاح الأنظمة
السياسية في رسم صورة بائسة للإسلام والمسلمين لا تبعد كثيراً
.6عن تلك التي نُسبت إلى الإنسان الهمجي
: المركزية الغربية وتجديد أسس الاستعمار الجديد: 2
الإسلامفوبيا نموذجاً
تتعالى في أوروبا أصوات الحركات اليمينية الرافضة للجموع الآتية من الشرق في شكل أمواج بشرية تركب البحر تريد بناء حياة
جديدة في الغرب بعيداً عن رائحة الموت الذي ساهم الغرب في نشره في بلاد الشرق، وفي ذلك مفارقة عجيبة، آلاف اللاجئين يطلبون
العون، يصيحونصباح مساء الرحمة فلا مجيب، بل يأتي الصدى اخرجوا من أرضنا. فليست لكم قيمنا، أنتم من بقايا البدائية والتخلّف.
الذي كشفعن مختلفوجوه الاستعلاء الغربي عندما قال: «الآن Robert Lugarذلك ما عّ عنه النائب النمساوي روبرت لوجار
.7نحضرمثل هؤلاء البدائيين هنا، والذين بفضل الله انقرضوا في بلادنا»
ولا يذهبنّ الظن بأحدنا إلى أنّ هذا الموقفهو موقف معزول لا يعّ إلا عن رأي قائله، فالمسألة تتجاوز مجرد تصريح قد يكون فيلحظة
غضب أو خوف من الإسلام والمسلمين (إسلامفوبيا)، وإنّما هو موقف يعّ عن مشاعر عميقة تختلج الذات الأوروبية التي ترى العالم
...، فقضية اللاجئين تفقد في أوروبا التقدّم والحضارة بعدها الإنساني وتغدو مسألة انتخابية 8بعينضيّقة تصنّف الأشياء إلى جميلة وقبيحة
يتحدث عنها السياسيون باعتماد أرقام تجرّد اللاجئين من ذواتهم وتسلبهم حقّ الاتصاف بصفة الإنسان. فقد خرج علينا «منوال فالس»
رئيسوزراء فرنسا الأنوار، فرنسا الديمقراطية، ليؤكّد أنّ المسلمين ليسوا أهلاً للديمقراطية، ومن مظاهر التخلّفوقوع Manuel Valls
المرأة المسلمة تحتسلطة التقاليد والأعراف البالية، وهو ما جعلها تعيش «عبودية» جديدة تتجلى في التزاماتها الدينية وارتدائها الحجاب،
التيشبهت المسلمات Laurence Rossignol وهو الموقف نفسه الذي اتخذته وزيرة حقوق المرأة في الحكومة الفرنسية، لورانسروسينيول
.9المنقبات بأحوال الزنوج في أمريكا الذين ساهموا بجمودهم في عبوديتهم واستغلالهم »
مارس 22 وأحداث بروكسل الإرهابية 2015 نوفمبر13 وبالرغم من دعوة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند - بعد أحداث باريس
- إلى التمييز بين الإسلام والحركات الإسلامية الإرهابية، فإنّ مشاريع القوانين التي سعت الحكومة الفرنسية إلى إصدارها 2016
(إسقاط الجنسية الفرنسية عن الإرهابيين من أصول عربية ...) تثبت أنّ ثمّة مسافة واضحة بين الخطاب والممارسة السياسية التي تظلّ
رهينة الوقائع السياسية والاجتماعية ونوايا التصويتفي الانتخابات، فقد انخرطت الأنظمة السياسية الأوروبية في التجاذبات السياسية
والمعارك الانتخابية التي فتحها اليمينيون، إذ نكاد لا نميّز في العديد من المواضع بين خطاب اليمين وخطاب اليسار.
6. Sheehi (Stephen): Islamophobia: The Ideological Campaign Against Muslims, op cit, P113.
7. &
ـ ليس أدل على ذلك من فوز اليمين المتطرف والمعادي للمهاجرين واللاجئين في النمسا في الانتخابات التي جرت في النصف الأول من شهر أفريل الماضي. 8
9.
ّ والتّشريع للمدّ الاستعماري ثنائيّة الهمجي والمتح
مثّلت أطروحات التطوريين المهاد النظري
الذيشرّع للمدّ الاستعماري، فالاستعمار لم
يصوّر على أنّه حركة استغلال ونهب لثروات
الشعوب، وإنّما قدّمت نفسها على أ ّا حركة
تنوير رامت انتشال الشعوب من تخلّفها