Next Page  150 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 150 / 362 Previous Page
Page Background

ملف العدد: الهمجيّة والحضارة

150

2016 )9(

العدد

ليست سوى نتيجة منطقية لادعاء الكونية الغربية التي

23

في جعل الثقافة الحيز الأهم الذي يكشف النفوذ الغربي وهيمنته، فالإمبريالية

.

24

لا تعدو أنْ تكون خطراً محدقاً بالعالم وبالغرب نفسه

علىسبيل الخاتمة

استغل الفكر الاستعماري القديم والجديد المعرفة لخدمة مصالحه، وقد لاقت مقولات الأنثربولوجيا التطورية هوى في نفوس دعاة

الإمبريالية التي جددت أثوابها ونزعت عنها دعاوى التحديث، ولبست بدلاً منها محاربة الإرهاب والدكتاتورية.

ولا يخلو ذلك التحول من دلالات؛ منها أنّ المستعمر هو مَن يفرض منطقه، وهو من يصنّف الثقافات والحضارات، وذلك انطلاقاً

من قيمه وتصوراته، وهو ما عمل الفكر الغربي المعاصر على تجاوزه باعتبار تلك التصنيفات هي تصنيفات عنصرية لا قيمة لها معرفية

وأخلاقية، على أنّ تلك المحاولات ظلّت تراوح مكانا، فهي لم تتحوّل في تقديرنا إلى أسس ثقافة تتعامل مع الآخر باعتباره كياناً مريداً

له أصالته وهويته التي يعّ عنها، والتي تساهم بطرق مختلفة في تأسيس مواقف الذات من العالم والوجود.

إنّ الفكر الغربي الذي بنىصرحاً ثقافياً تخلّصفيه من التخلّف والأمّية لم ينجح في بناء رؤية واضحة لعلاقة الأنا بالآخر، وفيما يتصل

بهذه المسألة نشير إلى أنّ ثمّة شرخاً بين المنجز الثقافي والبنية الاجتماعية، فما نلاحظه من انتشار النزعة اليمينية المتطرّفة وتنامي النزعة

المعادية للاجئين والأقليات الدينية يؤكّد أنّ الدعوة إلى التسامح في ظلّ الدولة العلمانية ما زالتحلماً بعيد المنال.

23-Huntington (Samuel Phillips): Le choc des civilisations, Ed Odile Jacob, Collection Poch Odil Jacob ; Paris, 2000, PP 468 - 469.

24- Ibidem

البشير الحاجي