Next Page  144 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 144 / 362 Previous Page
Page Background

ملف العدد: الهمجيّة والحضارة

144

2016 )9(

العدد

ّ فهو المحتكم إلى العقل، المُحتفي بالقوانين المنظمة لمختلفمجالات الحياة، القادر على كبح جماح الشهوة القابعة

والتح ّ، أمّا المتح

.

4

في داخله

وفي هذا السياق المعرفي بان الدور الذي لعبه الخطاب الأنثربولوجي المتأثّر بإحيائية شارل داروين، فقد تأثّر رواد التطورية (إدوارد

تايلور، وجيمس فريزر) بنظرية داروين، في تطوّر الحياة الطبيعيّة للكائنات البشرية، التي مفادها أنّ جميع العناصر المكوّنة للحياة

الاجتماعية تتطوّر باستمرار من البسيط إلى المركّب.

ولا غرابة في ذلك، فقد ساد اعتقاد في الثقافة الغربية بأنّ البشرية تتطور باتجاه التقدم، وهو ما يعني بالضرورة أنّ المسار التاريخي يؤدّي

إلى انتقال البشر من حياة البساطة إلى الحياة المركّبة التي تقوم على شبكات من العلاقات التي ينظمها العقل، ويعود هذا التصور إلى ما

عرفته أوروبا من نضة صناعية جعلت اعتداد الإنسان بذاته القاعدة الرئيسة التي تتحكم في منطق الحياة وحركتها. ففي تقدير لويس

مورغان تقوم الثقافاتوالمجتمعاترغم تباعدها في الأمكنة والأزمنة على قانون واحد، فالجنس البشري له تاريخ واحد، ولكنّ الفروق

ماثلة في قدرة بعض الثقافات على تجاوز أطوار عجزت عن تجاوزها ثقافات أخرى. فالتاريخ يفرض مراحل يجب قطعها للوصول إلى

مرحلة الحضارة، وهذه المراحل تبدأ من الوضع الأدنى إلى الوضع الأرقى (الأكمل)، وتوافِقُ كلّ وضعٍ مرحلة، بدءاً من مرحلة ما قبل

، وصولاً إلى مرحلة التمدّن التي استطاع فيها الإنسان

5

التاريخ التي وزّعها التطوريون إلى وضعين، وهما: وضع التوحشووضع البربرية

اختراع الكتابة (الحروف،...).

إنّ المجتمعات الإنسانية قامت على مراحل تتابعتفي خطّ مستقيم وتصاعدي، وذلك على النحو الآتي:

لقد مثّلت أطروحات التطوريين المهاد النظري الذي شرّع للمدّ الاستعماري، فالاستعمار لم يصوّر على أنّه حركة استغلال ونب

لثروات الشعوب، وإنّما قدّمت نفسها على أنّا حركة تنوير رامت انتشال الشعوب من تخلّفها، وهي سمات وخصائص ما انفكّ الغرب

يكررها في كلّ حين، فإلى يومنا هذا ما يزال الغرب (أمريكا، فرنسا، المملكة المتحدة) يتدخّلفيشؤون الدول المغلوبة على أمرها (العراق،

ليبيا) تحتمسمّياتعديدة، مقاومة الديكتاتورية حيناً، ومحاربة التنظيمات الإرهابية حيناً آخر. والذي يظلّ ثابتاً فيجميع الأحوال مقاومة

الهمجية الآتية من الشرق، الشرق المتخلّف.

ـ كشف تطور علم الأنثروبولوجيا أنّ وسم مجموعة من الثقافات بالبدائية ينطوي على سوء نوايا، ذلك أنّ عقلية الإنسان البدائي، ليست بأقلّ شأناً من عقلية الإنسان

4

المتمدن، وإ ّا هي نتيجة أحكام معيارية، وفي ذلك خرق واضح لأهم مقوّمات البحث الأنثربولوجي الذي يفرض على الباحث عدم الانطلاق من نموذج ثقافي في محاولته

دراسة ثقافات أخرى، وهو ما يعني بالضرورة أنّ استعمال عبارات من قبيل «البدائي» و«المتوحش» و«البربري» هي من أوهام الذات، وقد اعتبر أشلي مونتاغيو أنّ

المعنى الأكثر حياداً ذلك الذي يؤدي إلى اعتبار البدائية هي البساطة (نقيض التعقيد). راجع

Montague (Ashley): The Concept of the Primitive, The free Press, First Edition New York, USA, 1968.

ـ اتفق أغلب التطوريين في تقسيم كلّ مرحلة من هذه المراحل إلى أوضاع ثلاثة: هي الدنيا والوسطى والعليا، ففي التوحش الأدنى كان الإنسان في تقدير مورغان أشبه

5

بالحيوان الذي يتغذى من ثمار البريّة. أمّا في الطور الأوسط فقد اكتشف الإنسان النار وعمل على استخدامها في طهي الطعام وإضاءة الكهوف، أمّا الطور الأعلى من

التوحش فقد تميّز باكتشاف الإنسان القوس والسهم، وهي أدوات ساعدت على تغيير نمط عيشه. أمّا مرحلة البربرية ففي الطور الأدنى منها اخترع الإنسان الفخار، وبدأ

بالخروج من محيطه الضيّق جغرافياً. وفي الطور الأوسط دجّن الحيوانات واستغلّها في تسهيل حياته (أكل لحومها، جلدها) وفي الطور الأعلى صنع الأدوات وبدأ يكتشف

الكتابة الصورية. ويقدّر الأنثربولوجيون التطوريون أنّ التحول من طور إلى آخر ومن مرحلة إلى أخرى يوازيه تحوّلات مهمّة في التنظيمات الاجتماعية والدينية.

البشير الحاجي

التوحيدية

Le monothéisme

التعددية (تعدد الآلهة)

Le polythéisme

الإحيائية

L`animisme