Next Page  186 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 186 / 362 Previous Page
Page Background

186

2016 )9(

العدد

حوارات

*

أجرى الحوار: يوسف بن عدي

حوارُنا الجاري هُو مع إحدى الباحثات التونسيات ال ّتي

نهضن بمسؤولية توظيف آليات المساءلة والحفر المعرفي،

والاضطلاع بدور المطالعة النقدية الجريئة التي تروم الكشف عن المهمّش والمسكوت عنه في تراثنا العربي، إ ّا الدكتورة ناجية الوريمي

بوعجيلة، أستاذة الحضارة العربيّة الإسلاميّة بالجامعة التونسيّة، المعهد العالي للعلوم الإنسانيّة - تونس المنار. صدر لها بعض المؤلفات

) و«حفريّات في الخطاب الخلدونيّ: الأصول السلفيّة

2006

)، و«الإسلام الخارجي» (

2004

الفكرية الهامّة: «في الائتلاف والاختلاف»(

)، وهي مؤلفات فكرية وتاريخية تشي بقدرة الباحثة على تأثيث

2015

)؛ و«سياسة التسامح والاختلاف» (

2008

ووهم الحداثة العربيّة»(

رؤيتها التأويلية والمنهجية من خلال قراءة النصفي سياقه التاريخاني أي في معرضه الأيديولوجي والسياسيوالمذهبي. ذلك أنّ هذا النوع

من القراءة يتيحُ للقارئ الوقوف على كيفية اشتغال النص الفلسفي أو التاريخي...إلخ، بل والأكثر من ذلك تلمس ما يقوله النص وما

يسكت عنه. ولعل القراءة النصية لم تعد مجدية عند الباحثة التونسية ناجية، دون انفتاحها على نظرية المعنى وتحليل الخطاب عن طريق

توظيف أدوات من قبيل إعادة الإنتاج وتوزيع اللغة والتسمية وعلاقة السلطة بالثقافة

الدكتورة ناجية الوريمي بوعجيلة

قراءة النصوص التراثيّة بين

ذاتيّة التأويل وموضوعيّته

باحث من المغرب

*

* بعد الاطلاع على نصوصك الفكرية ارتأى لي أنك، دكتورة

ناجية، تؤسسين لنوع من المراجعة النقدية لمنتوج الفكر العربي

وكيفية تأويله للتراث وتوظيفه توظيفاً إيديولوجياً ينزاحُ به عن

النسق الفكري العام. من ذلك يكون السؤال هو: ما الخلفية

النظرية والفلسفية التي توجّه قراءتك للنصوص التراثية (الكلام

وأصول الفقه والتاريخ...)؟ وما مشروعيتها؟

تتمثّل هذه الخلفيّة في التصوّر الألسنيّ والفلسفيّ والاجتماعيّ

للخطاب المكتوب. فالتراث الذي نتعامل معه هو تراث مدوّن،

ونحن نتعامل مع خطاب مكتوب. وهذا الشكل الثقافيّ المميّز

المثبّت للمعرفة له خصوصيّات بنيويّة وتاريخيّة وأنطولوجيّة لا

يمكن تجاهلها، بل إنّ هذا التجاهل سيؤدّي حتماً إلى إعادة إنتاج

المسلّمات التقليديّة التي رانت على ركام من النصوص ما يزال في

حاجة إلى إعادة قراءة وتأويل، وإلى تشريح وتفكيك، حتّى يصبح

واضحاً ومفهوماً في حدود أطره التاريخيّة، وحتّى نبني معه علاقة

نقديّة تخرجنا من علاقة الهيمنة التي ما يزال يمارسها على جانب

هامّ من ثقافتنا المعاصرة. بذلك يقع إحياء معانيه وقِيَمه التي

تصلح لأن تكون نسغاً يغذّي القيم الحديثة في بعدها الإنساني،

إذ لا حداثة تُبنَى على جبّ التراث أو القطع معه، فهذه عمليّة

غير واردة وغير ممكنة في منطق الصيرورة والتحوّل اللذين يسمان

المجتمعات ذات التراث العريق. من هذا المنطلق وجب الاهتمام

بتحديد الوسائل المنهجيّة المتعلّقة بالقراءة والتأويل والمجمّعة في

مصطلح «تحليل الخطاب». إنّه جملة مقاربات منهجيّة تجمع بين

ثلاثة جوانب متكاملة: يتعلّق أوّلها بالنصّ في حدّ ذاته، ويتعلّق

الثاني بظروف إنتاجه التاريخيّة، والثالث بمحدّدات القراءة

والتقبّل. فالمدخل المنهجيّ الخاصّ بالبنية غير كافٍ وحده، لأنّه

*****