Next Page  270 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 270 / 362 Previous Page
Page Background

270

2016 )9(

العدد

*

محمّد حسن بدر الدين

ارتبط فهم أدب الانتظار والنّهايات، مبدأ ومساراً وتكويناً،

بفكرة الخلاص، ونجد له تمثّلاً بارزاً في الأطروحات الدينيّة

والفكريّة الحديثة. وهو يحيل من الناحيّة التاريخيّة إلى مفاهيم

) إلى درجة التّداخل التّام

Messianisme

تتعلّق بالماسيحانيّة (

بينها وبين عبارات الانتظار والخلاص.

إنّ أوّل من ابتكر مصطلح الماسيحانيّة، هو جوزيفورونسكي

) وهو رياضي وفيلسوف

Joseph Wronsky

( )

1853

-

1776

(

ورجل دين بولندي، استعمله لأوّل مرّة في رسالة بعث بها إلى

م، ثمّ استخدمه في كتبه، وعرّفه

1827

البابا ليون الثّاني عشر، عام

بأنّه: «الإيمان بمخلّص يأتي ليضع حدّاً لواقع سيّء، ويفرض

.

1

نظاماً جديداً عامراً بالعدل والسّعادة»

ومن أمثلة هذا التداخل في المفاهيم، أنّ كاتباً مثل أرنو منستر

) وهو مؤرّخ وفيلسوف ألماني معاصر،

Arno Munster

(

)

Ernest Bloch

خصّص كتاباً للحديث عن أرنست بلوخ (

.

2

عنوانه: «الماسيحانيّة واليوتوبيا»

) هو المنظّر البارز لمبدأ الأمل

1977

-

1885

ومعلوم أنّ بلوخ (

والانتظار والخلاص في العصر الحديث، فالماسيحانيّة هنا في

الكتاب مرادفة للانتظار. ونجد هذا التوجّه نفسه في أعمال عالم

Henri Des�- 1914-1994

الاجتماع الفرنسي هنري ديروش

(

باحث من تونس.

*

1 - Guy Robert, mots et dictionnaires,vol.108,tome.5.les belles

lettres, paris 1970.page.1256

2 - Ernst Bloch -Messianisme et Utopie, PUF, paris 1989. Arno

Munster,

أدب الانتظار والخلاصفي الفكر الحديث

مقاربة نفسيّة واجتماعيّة

.

3

) الذي ألّف كتاباً كاملاً حول سوسيولوجيا الانتظار

roche

يبدو أنّ مفهوم الانتظار كان أليفاً ومكثّفاً في الثّقافة اليونانيّة

والرّومانيّة، وفي جميع الثّقافات القديمة، ولكنّه ا ّذ صبغة

الماسيحانيّة والخلاص في معناها الدّقيق، باعتباره ظاهرة دينيّة

معقّدة، مع اليهوديّة ثمّ النّصرانيّة. وقد امتدّ إلى الزّمن الحاضر،

حيث أصبح يمثّل مجموعة من الظواهر الدينيّة والتاريخيّة

والاجتماعيّة والسياسيّة معاً، والتي تتّحد في هدف واحد وغاية

مشتركة، هي تحقيق مستقبل واعد، تسوده العدالة والسّعادة

والتحرّر من كلّ العبوديّات السّائدة. ومن هنا كان وجود شخص

خيالي أو حقيقي في الحاضرأو المستقبل رمزاً مهًّ في ذلك التحرّر.

ومن أجل تحقّق الحلم والانتظار، كان لا بدّ من الإيمان بالفكرة،

حتّى ولو كانت ماسيحانيّة بدون مسيح، كما طرح جاك درّيدا

.

4

)

2004

-

1930

(

تبدّت كتابات درّيدا مسكونة بفكرة الماسيحانيّة والمخلّص،

والأشباح التي تنتظر أو تتغذّى على القدوم والمجيء والانتظار،

وهي مصطلحاتمرادفة لفكرة الظمأ نحو العدالة التي عالجها في

، حيث انفتح فيه

1993

كتابه: أطياف ماركس، الذي أصدره سنة

على عهود مب ّة بالعطاء والتغيير والإصلاح، ومجسّدة لماسيحانيّة

.)

Messianicité

بدون مسيح أطلق عليها اسم: «ماسيحانيَتـِيّة» (

3 - Henri Desroche, sociologie de l`espérance,calman-

levy,paris,1973.

  - وجدت مسيحانيّات بدون مسيح، وكان المقصد منها تجسيد الفكرة الدّينية

4

اليهوديّة والمسيحيّة في رؤى وآمال وجمعيّات، مثل حركة شهود ياهو، أو ابن

الإنسان، ولكنّ دريدا اتّجه بالمصطلح إلى أبعاد فلسفيّة أخرى.

أدب وفنون: نقد