282
2016 )9(
العدد
نصوصشعريّة مختارة وقصّة قصيرة
لـ«خورخي لويس بورخيس»
أولاً: قصائد
. هي الأنهــار
1
نحن الزمان.
نحن كلماته الرائعة الصادرة على لسان.
«هيروقليدس» الغامض.
نحن الماء، ولسنا من ماسصلب.
نحن زرقته الراسبة نحو العمق.
نحن النهر.
نحن ذلك الإغريقيّ الذي رأىصورته فيه.
ظلّه البادي على صفحة مرآته يحوّل
لونه إلى «كريستالي» شبيه بنار تتأجّج.
نحن هذا المدّ اللامجدي المثبتسلفاً.
والمتجه نحو بحره، يحتويه الظل.
الكلّ على أهبة الابتعاد عنّا.
ما عادت الذاكرة تسكّ عُملتها.
هناكشيء ما يدوم.
هناكشيء ما يبكي.
. الرجل الثالث
2
أوجّه هذه القصيدة
(لنحتفظ الآن بكلمة القصيدة)
إلى ذلك الرجل الذيصادفني ذلك المساء
ولم يكن أقلّ غموضاً من «أرسطو».
كان ذلك يوم سبت وقت أن خرجت والليل يعجّ بالناس.
كان هناك بالقطع رجل ثالث
مثلما كان ثمّة رابع وأوّل.
لا أدري إن كان أحدنا قد انتبه إلى الآخر.
ا ّه هو نحو «الباراغواي» وأنا ا ّهتصوب «قرطبة».
كادت هذه الكلمات أن تثيره
أبداً لن أعرف اسمه
أعرف أنّه يفضّل مذاقاً معيّناً.
أعلم أنّه بتمهّل ثبّتَ نظره في هالة القمر
لعلّه الموتحاق به الآن
سوف يقرأ ما أكتبه الآن دون أن يعرف
أنّني عنه أتحدّث.
لعلّنا سنكون في المستقبل خصمين
يحترم أحدهما الآخر
أو صديقين عزيزين.
ّلقد أخطأ خطأ يتعذّر إصلاحه
حين ارتبط ارتباطاً وثيقاً بهذا العالم اليومي
شديد الشبه بكتاب «ألف ليلة وليلة».
ليس هناك من فعل لا يتوقّع أن يتحوّل
إلى عمليّة سحريّة
أو إلى أن يكون الأوّل في حلقة سلسلة لا تنتهي.
أتساءلعن أيّة ظلالسوفتقترحها هذه السطور اللامجدية.
المتـواطئ
.
3
صلبوني، وكنتُ الصليب والمسامير.
قدّموا لي الكأس وكنتُ فيه السمّ الزعاف.
خدعوني وكنت أنا الخدعة الكاذبة.
أحرقوني وكنت أنا الجحيم.
كان عليّ تقديم الثناء والشكر في كلّ لحظة.
الأشياء كلّها زادي.
مجمل ثقل الكون إذلال وبهجة.
عليّ إذن تعليلُ جراحي.
ليس مهًّ شعوري بسعادتي أو بشقائي
أنا الشاعر.
. حـدود
4
هناك بيتشعري لـ«فيرلين» لن أتذكره من جديد.
هناك شارع جدّ قريب منّي لكنّه محظور على خطواتي
هناك مرآة رأتني لآخر مرّة
هناك باب أوصدتُه حتى ناية العالم.
من بين كتب مكتبتي (إنّا قبالة عيني)
تقديم وترجمة: حسن الغُرفي
أدب وفنون: نقد




