Next Page  290 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 290 / 362 Previous Page
Page Background

290

2016 )9(

العدد

. ذلك أنّ «الألسنيّة تتميّز بمنهجيّتها في

9

كتابي الخطيئة والتكفير»

التفكير، لكونا تقوم على أنّ قيمة الشيء ليست في ذاته، إنّما هي

. ومن ثمّ يستخلص

10

في وظيفته، أي في علاقة الجزء بالكلّ...»

الغذّامي أنّ «خير وسيلة للنظر في حركة النصّ الأدبي وسبل

تحرّره، هي الانطلاق من مصدره الّلغوي. حيثكان مقولة لغويّة

أسقطت في إطار نظام الاتصال اللّفظي البشري، كما يشخّصها

رومان جاكبسون في نظريّة الاتّصال. وعناصرها الستّة التي

). ومن ثمّ

11

تغطّي كافّة وظائف الّلغة، بما فيها الوظيفة الأدبيّة»(

يمضي الغذّامي في التعريف بأطراف العمل الأدبي باعتباره خطاباً

إبداعيّاً، يحدث من مرسل يرسل رسالة إلى مرسل إليه. ويحتاج

ذلك إلى عناصر ثلاثة أساسيّة، بحسب التفصيل الذي صاغه

جاكبسون، هي:

أ- السياق: وهو الذي يرجع إليه المتلقي كي يتمكّن من إدراك

مادّة القول، ويكون لفظيّاً أو قابلاً للشرح اللفظي.

ب- شفرة: وهي الخصوصيّة الأسلوبيّة لنصّ الرسالة. ولا

بدّ لهذه الشفرة أن تكون متعارفة بين المرسل والمرسل إليه تعارفاً

، أو على الأقلّ تعارفاً جزئيّاً. وهو ما اصطلح عليه كذلك

12

كلّيّا

بالسنن، التي تكون مشتركة كلّياً أو جزئيّاً بين المرسل والمرسل

.

13

إليه

ج- وسيلة اتصال، سواء كانت حسيّة أو نفسيّة للرّبط بين

الباعث (المرسل)، والمتلقّي لتمكّنهما من الدخول والبقاء في

.

14

اتّصال

هكذا كان الغذّامي حريصاً على بسط نظريّة الاتصال الألسنيّة

ّ منهجاً أمثل لقراءة النصّ. وقد

في بعدها البنيوي اللّساني الن

/، السعودية، النادي الأدبي الثقافي بجدّة،

1

- الغذّامي، الموقف من الحداثة، ط

9

12

، ص

1986

12

- الغذّامي، المرجع السابق، ص

10

7-6

- الغذّامي، الخطيئة والتكفير، ص

11

11

- المرجع نفسه، ص

12

27

- جاكبسون، الشعريّة، ص

13

7

، و ما بعدها. وانظر الغذّامي، الخطيئة والتكفير، ص

27

- المرجع نفسه، ص

14

تركّز اهتمامه أكثر على مضمون فصل «الّلسانيات والشعريّة»

الوارد ضمن كتابجاكبسون «قضايا الشعريّة». وتبعاً لذلكجاء

تعليقه في الهامش كالآتي: إنّ «رومان جاكبسون شخصيّة علميّة

فذّة تسنم ريادة النقد الألسني، وترحّل في أوروبّا وأمريكا باثّاً

. كذلك انفتح الغذّامي وهو

15

فكره البنيوي في عدد لا يحصى...»

يشيّد منوال منهج للتحليل والنقد على فكرة التناص، وانطلاقاً

من بيانه لذلك التّشابك العضوي بين الشفرة والسياق، نراه

يتبنّى قول بارت، بخصوص السياق الذي بدا له بمثابة «ضرورة

فنيّة لأحداث فعاليّة الكتابة، إذ الكاتب يكتب منطلقاً من لغته

التي ورثها عن سالفيه، ومن أسلوبه وهو شبكة من الاستحواذ

.

16

اللفظي»

معنى ذلك أنّ «النصّ يوجد هويّته بواسطة شفرته (أسلوبه

لا تكون ذات جدوى إّ بوجود

17

اشخصي)، لكن هذه الهويّة»

السياق. والسياق بدوره «لا يكون إّ بوجود نصوص تتجمّع

. وهو التصوّر الذي كان له

18

على مرّ الزمن لينبثق السياق منها»

الأثر الفاعل في توجيه الغذّامي أثناء رحلة البحث عن المنهج،

ّ أو التفاعل بين النصوص، المعّ عنها

إلى فكرة التفاعل الن

)، التي يتّخذ معناها بعد

Itertextualite

بعبارة «التناص» (

التضمين والتجاوز، ذلك أنّ النصّ «يُنتجضمن بنية نصيّة سابقة،

.

19

فهو يتعالق بها ويتفاعل معها تحويلاً أو تضميناً أو خرقاً»

و«التضمين كأن تتضمّن بنية نصيّة ما عناصر سرديّة أو تيمية

من بنيات نصيّة سابقة، تبدو كأنّا جزء منها، لكّنها تدخل

. لقد تركّز اهتمام الغذّامي على التناص، ففي

20

معها في علاقة»

أغلب مؤلّفاته الأولى، اعتبر الغذّامي التناص «مفهوماً متطوّراً

جدّاً في كشف التجربة الإبداعيّة، وفي تأسيس العلاقة الأدبيّة

. كما يستشهد

21

بين النصوص (داخل) الجنس الأدبي الواحد»

7

- الغذّامي، الخطيئة و التكفير، ص

15

13 ،12

- المرجع نفسه، ص

16

10

- المرجع نفسه، ص

17

- المرجع نفسه، ص، ن

18

- يقطين (سعيد)، انفتاح النصّ الرّوائي، بيروت - لبنان، المركز الثقافي العربي،

19

98

، ص

2001 ،2

ط

99 ،

- المرجع نفسه، ص

20

13 ،

- الغذّامي، الخطيئة والتفكير، ص

21

محمد الكحلاوي

أدب وفنون: نقد