Next Page  296 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 296 / 362 Previous Page
Page Background

296

2016 )9(

العدد

واجه صعوبات وعوائق حالت دون تحقيق الجدوى والفاعليّة

الناجعة بخصوص ما كان يرمي إليه من أهداف ومقاصد. وظلّ

من ثمّ يدافع عنه بديلاً للنقد الأدبي، أو هو في أيس الحالات

ركيزة من ركائزه. وهذا بدليل قول الغذّامي نفسه «إنّ النقد

الثقافي لن يكون إلغاء منهجيّاً للنقد الأدبي، بل إنّه سيعتمد اعتماداً

). غير

54

جوهريّاً على المنجز المنهجي الإجرائي للنقد الأدبي»(

أنّ هذا الاعتراف بمدى مساعدة النقد الأدبي للنقد الثقافي، من

حيث هو دعامة ورافد من روافده، لم يجئ إّ بعد تراكم مسار من

القراءاتوالمقاربات النقديّة والتنظيريّة التي وجّهت مسار أوراق

الاعتراض على «النقد الثقافي»، وبيان استحالة إمكانه على النحو

الذي طُرح عليه في مستوى المثال وفق مقاربة الغذّامي. حيث

حشدت أدّلة حجاجيّة وبرهانيّة، قامت دليلاً واضحاً على مدى

محدوديّة فاعليّة منهج «النقد الثقافي» ووجاهتها، لاسيّما من ناحية

افتقارها إلى النموذج المعرفي المؤسّسوالخاصّ منجهة المنطلقات

النظريّة العلميّة.

. إشكاليّة المفهوم والمرجعيّة المعرفيّة

3

صدرت اعتراضات كثيرة ومتنوّعة على مشروع «النقد الثقافي»

من جهة عدم وضوح المفاهيم وفاعليّة أدوات القراءة والتحليل،

التي أفرزت نتائج كانتصادمة للوعي النقدي العربي تجاه تصوّر

مدلول القيمة الرّمزيّة للموروث الأدبي، لتدخله من ثمّ حال

استغراب وحيرة سلبيّة، إلى حدّ وصل معه الأمر إلى توصيف

نتائج هذا «المنهج» بخصوص اشتغاله على حضور النسق المضمر

في الخطاب الأدبي، بالقول إنّه «باسم عيوب هذا الخطاب يتنزّل

النقد الثقافي بمعاوله على رؤوس قمم الشعر العربي (أبو تمّام/

المتنبّي/ نزار/ أدونيس)، ويفاجئ قرّاءه برجعيتهم في النقد

). هنا تبرز معالم

55

الثقافي على خلافطلائعيتهم في النقد الأدبي»(

الوجه الحقيقي والجوهري لمشكل المنهج في خطاب النقد الثقافي،

حيث إنّ الغذّامي «يحاول أن يخضع الأجواء المعرفيّة التي طرحتها

مقولات: الجماليّات الثقافيّة والتاريخيّة الجديدة ليستيفين فرين

بلات ومقولات التفكيكيّة ومفاهيم الأنتربولوجيين الثقافيين،

. وانظر، الغذّامي، النقد

21،

- نقد ثقافي أو نقد أدبي، (مرجع سبق ذكره)، ص

54

446

الثقافي: رؤية جديدة، مجلة علامات (سبق ذكره)، ص

90

- علّوش (سعيد)، نقد ثقافي أم حداثة سلفيّة، (سبق ذكره)، ص

55

. وفي محاولته

56

وتطوير نموذج جاكبسون الاتصالي في الخطاب»

استثمار ذلك للتأسيس النظري لمنوال النقد الثقافي، أنتج الغذّامي

«مقولة الوظيفة النسقيّة لجعل النسق منطلقاً ومنهجاً في النقد،

متّخذاً من نموذج الشاعر نسقاً يكشفمنخلاله الصّورة الكاذبة

.

57

والمزيّفة في الثقافيّة العربيّة»

تبعاً لذلك «لن يعود هذا النقد ( الثقافي) معنياً بما في الوعي

اللغوي بل بالمضمرات الثقافيّة التي تعّ عن تراكمات وتواترات

مجاميع من الخطابات والسّلوكات، التي تحيلنا إلى دلالات نسقيّة

. ومن ثمّ تتعدّد الاستنتاجات المح ّة

58

تظهر الحداثي رجعيّاً...»

وغير المألوفة بخصوص منطوق الصورة التي يطمح مشروع

الغذّامي إلى إرسائها حول أعلام الشعر والأدب العربي، استناداً

إلى مدلول «الصورة النمطيّة للنسق الفحولي» التي راهن عليها

صاحب «النقد الثقافي»، بديلاً عن الصورة السائدة والمألوفة التي

تدور على تقديم شعراء العربيّة وأدبائها، بوصفهم قيماً إبداعيّة

وجماليّة تجلّت فيها عبقريّة لغة الضاد وجسّدت غنائيّة الأنا العربي

بذاته.

وهكذا ظلّ هذا النموذج الذي يطرحه الغذّامي منوالاً يسير

عليه النقد الثقافي، يطرح قضايا كثيرة منها:

- أوّلاً: إشكاليّات تتصلّ بمفهوم النسق الذي راهن عليه

الغذّامي، دون أن يدقّق القول في أمر تعريفه وحدّ مجاله.

- ثانياً: قضيّة الأسس النظريّة للبنيّة المعرفيّة الحاضنة للمنهج.

وهنا يصير من الوجيه القول بخصوص مشكل مفهوم النسق

في مشروع الغذّامي: إنّنا نجد تنوّعاً في الآراء ووجهات النظر

التي وضعت هذا المفهوم موضع مساءلة، والتي تبّ أنّ مبعثها

حيرة فكر وقلق وعي، دون أجوبة مقنعة. وعليه فإنّ «ما يلفت

النظر في تعامل الغذّامي مع هذا المصطلح/ المفهوم أمران مه ّن:

94 ،

- المرجع نفسه، ص

56

- المرجع نفسه، ص، ن

57

91

- المرجع نفسه، ص

58

محمد الكحلاوي

أدب وفنون: نقد