مجلة يتفكرون - العدد التاسع

293 / 362

293 2016 )9( العدد
المعاصرة، وهي الفكرة الأبرز والاستنتاج الأهمّ لاشتغال آليات
خطاب النقد الثقافي، حيث ورد كالآتي: «الفحولة قمّة الإبداع
. وقد أعاد الغذّامي توكيد ذلك في مقدّمة 36في الشعر العربي»
كتابه «النقد الثقافي»، حينما قال: «كانت دعوتي بإعلان موت
النقد الأدبي، وإحلال النقد الثقافي مكانه، في تونس في ندوة عن
، وكرّرت ذلكفي مقالة في جريدة 1997/9/22 الشعر عقدتفي
. ونجده يذكر بعد ذلك كيف أتيحت 37»)1998 الحياة (أكتوبر
له الفرصة مجدّداً، وفي فترة وجيزة، «لإثارة قضيّة النقد الثقافي،
كان ذلك أثناء لقاء انتظم خصّيصاً لهذا الموضوع في جامعة محمّد
الخامس بالرّباط مع أساتذة شعبة اللغة العربية، وأساتذة شعبة
. كما دافع 38»1999/4/26 الفلسفة في كلّية الآداب (الرّباط) في
الغذّامي عن الفكرة نفسها على منبر وحدة البحث العلمي
«التواصل وتحليل الخطاب» بجامعة سيدي محمّد بن عبد الله،
. ومنذ ذاك الحين مضى 39 »1999/4 /30 كلّية الآداب بفاس في
الغذّامي في التأليف والبحث ضمن أدبيّات النقد الثقافي، يحاول
أن يعيد سنّ معالم مسار منهجي جديد في استنطاق مدوّنة أجناس
الأدب العربي شعراً ونثراً.
ورغم حجم الأطروحات النظريّة التي كانت نقداً على النقد
لفكرة منهج النقد الثقافي، وأمام تعدّد المقالات والمقاربات التي
كان محرّكها الأساس دحض فكرة النقد الثقافي، وبيان مدى
هشاشة الأسس المعرفيّة والحجج التي استند إليها بناء هذا
فإنّ الغذّامي ظلّ يدافع عن جدوى النقد الثقافي 40«المنهج»،
وفاعليته، ويناظر في سبيل إثبات أركان هذا المنهج، باعتباره
نموذجاً فعّالاً وشاملاً لقراءة النصّ والكشف عن الأنساق
الثقافيّة المضمرة داخل البنية اللغويّة للنصّ المقروء، حيث يبدو له
- الفحولة قمّة الإبداع في الشعر العربي ، حوار أجراه محمّد الكحلاوي (كاتب 36
، ديسمبر 90هذه السطور) مع عبد الله الغذّامي، مجلّة الحياة الثقافيّة، العدد
.47-41 ، تصدرها وزارة الثقافة، تونس، ص 1997
.8 ،- الغذّامي، النقد الثقافي، ص37
.5 ،- الغذامي، المرجع السابق، ص38
- الغذّامي، المرجع السابق، ص. ن .39
- من ذلك مثلاً: علّوش (سعيد)، نقد ثقافي أم حداثة سلفيّة، الرّباط، دار أبي 40
. وانظر: نقد ثقافي أم نقد أدبي ما بين عبد الّله الغذّامي وعبد 2007 /1رقراق، ط
م.2005 /هـ1425،النبيّ اصطيف، دمشق، دار الفكر
من الوجيه أن تتمحور مهمّة «النقد الثقافي» حول «نقد الأنساق
المضمرة التي ينطوي عليها الخطاب الثقافي بكلّ تجلّياته وأنماطه
وصيغه، ما هو غير رسمي وغير مؤسّساتي (...)، وهو لذلك
معني، ليس بكشف الجمالي كما هو شأن النقد الأدبي، وإنّما همّه
كشف المخبوء من تحت أقنعة البلاغي الجمالي، وكما لدينا نظريات
.41 في الجماليات، فإنّ المطلوب إيجاد نظريات في القبحيات»
ويوضّحذلكقائلاً: « لا (يكون ذلك) بمعنى البحثعنجماليّات
القبح، ممّا هو إعادة صياغة وإعادة تكريس للمعهود البلاغي في
تدشين الجمالي وتعزيزه، وإنّما المقصود بنظريّة القبحياتهو كشف
، ونجده 42حركة الأنساق وفعلها المضادّ للوعي وللحسّ النقدي»
يبرّر جدوى فاعليّة هذا المنهج في مقال له نشرلاحقاً، فيقول: «إنّ
منهجيّة النقد الثقافي تتيح لنا كشفحركة النسق بوصفها مضمراً،
.43يتحرّك على نقيض المعلن والواعي»
إنّ ما يميّز النقد الثقافي بحسب ليتش، ووفقاً لما يطرحه
الغذّامي، «هو تركيزه الجوهري على أنظمة الخطاب وأنظمة
الإفصاح النصوصي، كما لدى بارتودريدا وفوكو، (يظهر ذلك)
خاصّة في مقولة دريدا: لاشيء خارج النصّ، وهي مقولة يصفها
ليتش بأنّا بمثابة البروتوكول للنقد الثقافي ما بعد البنيوي، ومعها
.44 مفاتيح التشريح النصوصي، كما عند بارت وحفريات فوكو»
وهو ما يعني أنّ المبادئ المعرفيّة الإبستمولوجيّة المؤسّسة لمنوال
النقد الثقافي مستقاة من مقولات الفكر الفلسفي النقدي الذي
ذاع صيته منذ عشريّة الستينات أثناء القرن العشرين في كامل
أنحاء العالم. حيث كانت بداية إعلان ما اصطلح عليه بموت
الأنساق والمنظومات الفكريّة والفلسفيّة الكبرى، ليتمّ رفض
فكرة مركزيّة العقل ووضعه موضع نقد ومساءلة، ونبذ فكرة
الحقيقة الواجدة والسلطة وأسطورة المعنى الثابت والأحادي
للنصّ ولكلّ أثر مقروء، يمكن أن يتمحور حولها أيّ خطاب،
أدبي أو ثقافي أو غير ذلك.
.83- الغذّامي، النقد الثقافي، ص 41
.84،- الغذامي، المرجع السابق، ص42
- الغذّامي، النقد الثقافي: رؤيّة جديدة، ضمن مجلّة علامات في النقد، يصدرها 43
م، ص 2002/هـ 1423 ّ، عدد خاصّ: قراءة النص11،النادي الثقافي الأدبي، العدد
.450
32 - الغذّامي، النقد الثقافي، ص 44
النقد الثقافي: إشكال المنهج ومأزق النظرية أدب وفنون: نقد