334
2016 )9(
العدد
التي كان لها أبلغ
1
التحليل النفسي من التيارات الفكرية الثائرة
الأثر في مسيرة الفكر إبّان القرن العشرين. وقد بدا هذا التيار
محتشماً عند نشأته، وما لبث أن قامت أسسه وتوطدت دعائمه
فأنشئت له مراكز وجمعيات مكنت له من الذيوع والانتشار ما لم
يُكتب لغيره من التيارات الفكرية في مضمار علم النفس. وهكذا
شهد التحليل النفسي تألقاً وازدهاراً بلغ أوجه خلال الثلث الثاني
من القرن المنصرم داخل عدة بلدان أوروبية وأمريكية، وبلغت
أصداؤه أصقاعاً متباعدة في الشرق والغرب. ومع أنّ التحليل
النفسيهو قبل كلشيء مذهب من مذاهبعلم النفسعلى غرار
المذهب السلوكي، والجشطالت، وعلم النفسالإنساني، والمذهب
المعرفي، إلا أنّ تأثيره لم يقف عند حدود هذا العلم وحده، وإنما
تعداه إلى مجالات وتخصصات عدة كعلوم التربية والاجتماع
والإناسة والعِراقة واللسنيات وعلوم الدين والتاريخ والحضارة
والآداب والفنون والسينما فضلاً عن الطب النفسي والعصبي.
على أنّ التحليل النفسي لم يسلم منذ نشأته من النقد والتجريح
حتى في أشد الفترات وهجاً وازدهاراً، كما أنّ توسع حركته
واكتساحها لأوساط ثقافية ومهنية شتى لم يخلُ قط من انشقاق
وتصدع وتآكل لم يفتر مداه إلى اليوم. فهل جدّ جديد منذ ميلاد
هذا المذهبفي أواخر القرن التاسع عشر؟ وماذا عسانا أن نضيف
إلى ما تراكم من مقالات وأبحاث ودراسات تُعدّ بالآلاف؟
* أخصائي نفسي من المغرب.
ـ من الذين أضفوا صفة الثورة على مذهب التحليل النفسي نجد عدداً من
1
الكتاب أمثل مارت روبير وبيير فوجيرولاس. انظر:
Marthe Robert (1964). La révolution psychanalytique. Paris, Petit
Bibliothèque Payot, 2002, 2 vol. et Pierre Fougeyrollas (1970). La
révolution freudienne. Paris, Denoël
*
أحمد المطيلي
فرويد والتحليل النفسي:
بين الرّفعة والضّعة
إنه سؤال يراود ذهن كلّ من رام الخوض في مجال مسبوق
ومطروق، ولا سيما إذا تعلق الأمر بشخصية قد تبوأت مكانة
فريدة لا يدانيها أحد إلا قليلاً. وحسبي هنا أن أعرض لبعض
القضايا الشائكة التي يتجدد حولها الخلاف وتحتدم بصددها
المواقفما بين مدافع ومهاجم، فلا نتبين الخيط الأبيضمن الخيط
الأسود من الحقيقة. ولنبدأ باستعراض أطراف من سيرة فرويد
ونُتفٍ من نظرياته.
فرويد: من يكون؟
ما من عالم إلا ولحياته نصيب قلّ أو كثر من التأثير في ما أبدع
أو كتب. أمّا سيجموند فرويد فقد اتصلت حياته بمذهبه اتصالاً
وثيقاً، حتى ليتعذر علينا أن نفهم أصول مذهبه إن لم يكن لدينا
اطلاع على سيرته على نحو من الأنحاء. وقد بلغت الصلة بينه
وبين مذهبه أن جعل حياته بكاملها «لا أهمية لها إلا في اتصالها
بالتحليل النفسي». فهل نعجب بعد ذلك من الربط المحكم بين
كثير من المفاهيم والإجراءات المنهجية والافتراضات النظرية
التي جالت في خاطر فرويد وكشفتها وقائع سيرته وحفظها لنا
مذهبه؟
شخصيات وأعلام




