Next Page  331 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 331 / 362 Previous Page
Page Background

331

2016 )9(

العدد

قطوف

كيليطو موضع أسئلة ... «حوارات»

* لماذا لم تنشروه؟

ـ لا يستحق ذلك تمام الاستحقاق، كان يشمل عيباً جوهرياً.

فقد أغفلتصرف فعلفيصورة منصور الماضي، وقد نُبهت إلى

ذلك، وأخذ عليّ بنوع من العتاب أنه من غير المقبول أن يرتكب

أستاذ للغة والأدبالفرنسيينهذا النوع من الأخطاء. وبصفة أكثر

جدية (لكن صرف الأفعال هو أيضاً أمر جدي) كنت قد تبنيت

أحكام بعض النقاد الذين كانوا يعيبون بلا رويّة على مورياك أنه

خلق شخوصاً عديمة الطاقة ضعيفة القوة المعنوية. لاحظ عليّ

الفيلسوف المصري نجيب بلدي أنه ما دامت الشخصية بناء أدبياً،

فإنّ الاهتمام الذي تثيره لا يتوقف على سلوكها، وإنّما على رؤية

الإنسان والعالم التي تدخل ضمنها. ومنذئذ، أصبحت أميل إلى

اعتبار الشخصية السلبية أكثر أهمية.

* ماذا لاحظوا عليكم أيضاً؟

ـ أبدوا أسفهم بعض الشيء لكون دراستي لم تشمل مطلقاً أية

إشارة لمفهوم القدر في علم الكلام والأدب العربيين. ونبهوني أنّ

رسالتي غابت عنها الإشارة إلى وضعي في العالم مقارنة بالموقف

الأوروبي المسيحي الذي كان عند مورياك، فلم يكن فيها ما يدلّ

على هويتي. كانت هذه الكلمة قد أخذت تشق مسارها مثلما

ستفعل كلمة استلاب.

* ألم تفكروا في ذلك؟

ـ كان ذلك يبدو لي غير ذي جدوى: كنت أقول في نفسي،

ما محل مفهومات تحيل إلى الدهر والقضاء والقدر والنصيب

والمصير في رسالة بحثي؟ ألم يعلمنا أساتذتنا «عدم الخروج عن

الموضوع»؟ عندما كانوا يضعون على هامش إنشاءاتنا حرفي خ.

م. كان ذلك يغيظنا. وهاهم الآن يعيبون عليّ عكس ذلك. ما

كان يبدو لي خارجاً عن الموضوع، غدا عندهم هو الموضوع

الحق: ذلك أنني لو أقمت موازاة بين تراثين ثقافيين، كنت

سأغني، بحسبهم، معرفتي بمورياك، وسأضيف فائضاً معرفياً

إلى دراستي، وأزيد من أهميتها. إنم كانوا يتوقعون أننيسأجيء

بالجديد في تلك النقطة بالضبط. وعوضذلك فقد تركت نفسي

تسبح بعيداً خارج الموضوع، وخضتفي ما كان أحد الجامعيين

الفرنسيين سيقوم به أفضل مني بكثير، وبكيفية أكثر مشروعية.

فكأنني أُحِلت إلى كوني عربياً. ها أنا محكوم عليّ بالوفاء والتعلق

بثقافة ولغة وجغرافية وتاريخ، بأجداد لم يخطروا لي على بال.

هناك دوماً مجموعة تانتان على طاولة غرفة نومي. أمّا فيما يخص

جول ڤيرن فإنني لم أبدأ بقراءته إلا منذ أن اطلعت على مقال

لرولان بارط حول جزيرة الألغاز. وعلى العكس من ذلك، فإنني

قرأت دوستويفسكي وكافكا باكراً، بل يمكنني أن أقول قبل

الأوان اللازم. لا نكاد نستفيق بعد قراءتهما، إذ نظل مدى الحياة

تحت تأثير العالم الذي يصفانه والمناخ الذي يفرزه ذلك العالم.

إنه أمر لا يصدق. كان يحدث لي في بعض المرات أن أرى نفسي

شخصية من شخوصدوستويفسكي.

* أية شخصية على سبيل المثال؟

ـ أليكسي إيڤانوڤيتش، لاعب القمار. إنه منحشر ومنفصل في

الوقت ذاته.

* لو لم تكونوا كاتباً، هل كنتم ستصبحون لاعب قمار؟

ـ أنا كذلك بمعنى ما، أمضي وقتي في اللعب بالكلمات، هي

أوراق لعبي، وهي قطع نردي ودواليب قماري. في الحقيقة، هل

الأدبشيء آخر غير كونه كازينو شاسعاً؟ لنتذكر قولة مالارمي:

«لن تمحوَ رميةُ النردِ الصدفةَ قط».

* «المعرفة لعباً» هو العنوان الذي وضعه محمد لفتح للحوار

الذي أنجزه معكم.

ـ يقول غوته في فاوست: «أنا من الشيخوخة بحيثلا يمكنني

أن أقتصرعلى اللعب، ومن الصغر بحيث لا يمكنني أن أظلّ من

دون رغبات».

* يخطر ببالي سؤال؛ لماذا خصصتم رسالتكم لنيل دبلوم

الدراسات العليا لفرانسوا مورياك؟

ـ اختيار نابع عن الصدف، مجرد تمرين في الكتابة، لأنني لم

أكن أطمح وقتئذ في إنجاز أي مشروع: كنت قد قرأت عقدة

الأفاعي، فخلفت لديّ انطباعاً جيداً إلى الحد الذي ارتأيت فيه

أنّ من الأفضل تخصيص بعض السنوات لكاتبها. وعندما تفضل

جاك نواري (الذي كان سينشر فيما بعد كتابه الروائي والآلة،

) بقبول الإشراف على

1982

-

1981

منشورات جُوزي كُورتي،

رسالتي، اقترح عليّ دراسة مفهوم القدَر في أعمال كاتب مدينة

وكانت اللجنة راضية عنه

1971

بوردو. دافعت عن عملي سنة

بالغ الرضا.