333
2016 )9(
العدد
تقرباً فعلياً. يقول شيوران بهذا الصدد: «إننا لا نغتني إلا بالخوض
في دراسات بعيدة عن دراستنا». ثم يضيف: «ما يجعل ضعاف
الشعراء أشد ضعفاً، هو ألا يقرؤوا إلا الشعراء (مثلما أنّ أردأ
الفلاسفة لا يقرؤون إلا الفلاسفة)، هذا في حين أنّ بإمكانم أن
يستفيدوا أيّما إفادة من كتابفي علم النبات أو الجيولوجيا».
* وأجود الشعراء؟
ـ إذا كنت قد استوعبت المقصود، فإنم يتميزون لكونم
يقرؤون غير الشعر. كان غوته يولي اهتمامه لعلم النبات
والبصريات. كما أنّ الشاعر المعري الذي كانضريراً، بالرغم من
ذلك قد استفاد من علم الفلك، أعتقد أنّ شعره يستحق إعادة
قراءة انطلاقاً ممّا يقوله عن النجوم.
* ما زال قدماء طلبتكم يذكرون دروسكم حول بارط .
، وهو كتاب يشمل
S
/
Z
ـ خلال سنتين، اشتغلت معهم حول
تحليلاً لقصة بالزاك، سارازين. كان ذلك فترة قصيرة بعد نشره.
كنا نحاول أن نرى إلى أي حد يمكن لـ«منهج» بارط أن يطبق
على تحليل الهند السوداء لجول ڤيرن. لكي أهيئ هذا الدرس
ودرساً آخر حول مالارمي (على ضوء دراسة جان پيير ريشار،
عالم الخيال عند مالارمي)، كنت أشتغل طيلة الأسبوع، ولمدة
عشرساعاتفي اليوم. تنبغي الإشارة إلى أنه في تلك الفترة كنا ما
نزال في الوسط الثقافي بالرباط حديثي عهد بالنقد الجديد، حيث
كان الأساتذة على قدم المساواة بالضبط مع طلبتهم. كان عليهم
أن يعيدوا النظر في تكوينهم، وكانت تلك مسألة حياة أو موت.
كان الطلبة في ذلك الوقت لا يتنازلون عن آرائهم، ولم يكونوا
يسمحون لا بعدم المعرفة ولا بالخطأ. أستطيع أن أذهب إلى القول
إنا كانت فترة مباركة.
* هل كان لبارط معجبون كثر في المغرب؟
ـ من ذا الذي لم يكن كذلك، سواء في فترة أو في أخرى؟
ومنهم عبد الكبير الخطيبي، ومحمد برادة، الذي ترجم درجة
الصفر للكتابة، وإبراهيم الخطيب، الذي نقل إلى اللغة العربية
النقد والحقيقة، وعبد السلام بنعبد العالي، الذي ترجم مقالات
مختلفة حول السيميولوجيا. يحصل لي أن ألتقي في الخارج باحثين
يشتغلون على أعماله، ويسألونني إذا ما كنت تعرفت عليه عند
إقامته في المغرب، وعندما أخبرهم بأنني كنت وقتها أستاذاً
مساعداً في كليّة الآداب بالرباط حيث أعطى دروسه، كانوا
ينظرون إليّ بإعجاب وبشيء من الغيرة. فجأة أُصبحُ ذا شأن في
أعينهم.
* ألم يحدث تأثيره على الطلبة منعرجاً فكرياً؟
ـ بعد ذهابه، كان ممثلو الطلبة، الذين كانوا يحضرون من حين
لآخر اجتماعات الأساتذة، يعبرون عن تحفظهم حول مقرر
الأدب. كانوا يجدونه «تقليدياً»، وينتقدون الدروس «السطحية»
(بتعبيرهم) التي يُلَقّنونَا. كانوا يطالبون بتعلم اللسانيات، وعلم
-1970
اجتماع الأدب، والبنيوية. عند ناية السنة الدراسية
، رفضوا البرنامج الذي كان الأساتذة يعتزمون تدريسه
1971
السنة الموالية، واقترحوا برنامجهم هم، بلهجة لا تقبل الرد.
وقد اعتُمد مقترحهم، بعد بعض التعديلات بطبيعة الحال. كان
التغيير قد جاء من طرف الطلبة، من أولئك الذين تابعوا دروس
بارط.
* هل فكرتم فيما بعد في العمل معه؟
ـ بعد ذلك بقليل، عندما قرّرت تسجيل موضوع لرسالة
الدكتوراه في المقامات، كاتبته كي أطلب منه إذا ما كان يقبل
الإشراف على عملي. أجابني إنّه لا يمكنه ذلك، بما أنه ليس
محصلاً على درجة الدكتوراه. وأضاف، بلباقته المعهودة، إنّه يأمل
في أن يطلع على تطور بحثي، وإنّه يعرف مقامات الحريري عن
طريق مقال لإرنست رونان. بإشارته لهذه الدراسة التي كنت
أجهل وجودها، فقد أسدى إليّ خدمة كبيرة.
قطوف
كيليطو موضع أسئلة ... «حوارات»




