Next Page  342 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 342 / 362 Previous Page
Page Background

342

2016 )9(

العدد

وبخاصة ما يُسمّى العقد النفسية، التي أهمها عقدة الرفعة وعقدة

.

25

الضعة وعقدة أوديب وعقد كثيرة»

أمّا في مجال الصحافة، فقد كان للكاتب المصري سلامة موسى

اليد الطولىفي الترويج لكثير من المصطلحاتوالأفكار المنتمية إلى

مجال التحليل النفسيوالتعريف بأصول المذهب على نطاق واسع

رغم ميوله الاشتراكية الجامحة. فقد اعترف بوقع التحليل النفسي

في تشكيل وعيه بذاته وتكوينه الفكري قائلاً: «قد قضيت كثيراً

من سني عمري في ضوضاء هذه النظرية، وتأثرت بها كما يبدو

من مؤلفاتي، فإني أعد منها خمسة أو ستة ألفتها في هذا الموضوع

بالذات، أو تناولت الموضوعات الاجتماعية والثقافية بالشرح

، ومع هذا التأثر لا يني يذكّر بمنحاه

26

والتعليل السيكولوجيين»

النقدي لفرويد «قولي إنّ فرويد قد هداني ووجهني ليس معناه أني

قد سلمت له بلا قيد أو شرط. ولكنه كان البذرة التي أخصبت

في نفسي وأخصبت أحياناً ضد ما أراده فرويد». ومن ثمّ نجده

يقدم اعتراضات لا تخلو من وجاهة في نقده للصياغة الفرويدية

لعقدة أوديب، وفي انتصاره للنزعة الاجتماعية كما يلمسها في

قراءته لبافلوف مقابل النزعة الغريزية «الثابتة الموروثة في الرغبة

في العدوان أو الموت» لدى فرويد تحديداً.

نقد التحليل النفسي

لم يخل تاريخ التحليل النفسي من حركات نقدية داخلية سواء

في حياة فرويد نفسه أو بعد وفاته، فضلاً عن النقد والهجوم الذي

أتى من خارج المذهب. ومن المعلوم أنّ فرويد نفسه ما فتئ يعدل

ويراجع ويصحح وينقح قرابة خمسين عاماً من الجهد المتصل

والعمل الدؤوب. ولا نعدم أن نجد في كلّ مرحلة من مراحل

بناءصرح المذهب وتطوره الكثير من الردود المصاحبة لكل تغيير

أو تعديل أو إضافة أو حذف.

ولعل من التغييرات الدالة في هذا الصدد تراجعه عن «نظرية

الإغواء» وابتداعه مفهوم الهوام، هذا المفهوم الذي مثل منعطفاً

حاسماً في مسيرة التحليل النفسيوانقلاباً جذرياً لم تخفت أصداؤه

.21 .

  ـ حامد عبد القادر، م. س.، ص

25

). «فرويد، تشريح النفس البشرية» في: هؤلاء علموني.

1953(

  ـ سلامة موسى

26

.167-155

، ص

3

، ط

1965 ،

القاهرة، دار الجبل

. فبعد أن كان فرويد يرى أنّ الاعتداءات الجنسية هي

27

إلى اليوم

السبب الأغلب الذي يقف خلف الاضطرابات العُصابية التي

يتخبط فيها مرضاه، ها هو ذا الآن يقرّ بأنه كان مخطئاً في رأيه،

لاستحالة أن تكون الاعتداءات الجنسية بهذه الكثرة، وكلّ ما في

الأمر أنّ الطفل يختلق أحداث الإغواء اختلاقاً جراء نشاطجنسي

ذاتي. وقلْ مثل ذلك عن تعديله لمكونات الجهاز النفسي، وإدخاله

لمفهوم نزعة الموت على سبيل المثال. 

وأمّا تلاميذه وأتباعه، فمنهم من حذا حذوه فلم يخالفه في كثير

أو قليل، ومنهم من اجتهد فارتاد آفاقاً جديدة مثل أوتو رانك

الذي رأى في «صدمة الميلاد» عقبة كؤوداً يجاهد الإنسان طوال

حياته لتخطيها، وميلاني كلاين التي تخصصت في مجال التحليل

النفسي للطفل، واستخبرت مجاهل الحياة الهوامية للرضيع،

وأرجعت عقدة أوديب إلى مرحلة مبكرة من حياة الصبي.

وكذلك فعل جاك لاكان حينما وقف طويلاً عند مرحلة المرآة

وتداعياتها على مستوى التماهي وتحديد أسس الهويّة.

وأمّا المحللون النفسيون الذين قطعوا شوطاً فيصحبة فرويد ثم

آثروا الاستقلال بأنفسهم أو ابتداع أصول بديلة تصحح مواطن

الخلل أو تؤسس لمذاهب منفصلة، فلم تخلُ منهم حركة التحليل

النفسي منذ بدايتها. ويقفز إلى أذهاننا اسما علمين شهيرين من

أعلام التحليل النفسي، هما ألفرد أدلر مؤسس «علم النفس

الفردي» وكارل غوستاف يونجصاحب «علم النفس التحليلي».

فقد رفض أولهما إلحاح فرويد على الدافع الجنسي بوصفه الدافع

الأساس للسلوك، مثلما رفض أن تكون الغرائز محدداً للسلوك،

وارتأى في مقابل ذلك أنّ «إرادة التفوق» أولى بأن تكون دافعاً

أساساً للسلوك البشري برمّته. وأمّا الثاني فيشترك مع أدلر في نقده

  ـ لقد أثار البحث الاستقصائي للمحلل النفسي جفري موساييف ماسون

27

قضايا غاية في الأهمية بشأن تراجع فرويد عن نظرية الإغواء الجنسي اعتماداً

على وثائق سرية محفوظة. وقد بلغت جرأة الباحث في تقصي الأسباب والنبش

في الوثائق والوقوف على مواطن التخاذل في مواقف فرويد بصدد الاعتداءات

الجنسية المتواترة على الأطفال أن أجبر على الاستقالة من منصبه في إدارة

أرشيفات فرويد بفيينا. انظر:

Jeffrey Moussaief Masson (1984).The Assault on Truth: Freud`s

Suppression of the Seduction Theory. Farrar Straus & Giroux.

أحمد المطيلي

شخصيات وأعلام