ملف العدد: الهمجيّة والحضارة
35
2016 )9(
العدد
الذي يوجه سير مؤسساته واحتكامه إلى المعقولية إجمالاً يحدّ من غلوائه، ولو تحصنت المواقف المغالية بالأغلبية وبقوى سياسية تسّ
مقاليد الدول.
صحيحظهر الاستعمار الذي تلتْه مرحلة الهيمنة، ولكنحتىفي زمن تلك السياسات ارتفعتأصواتقوية ترفضذلك التمشي. وعلى
نطاق معرفي ساد الاستشراق، ولكن جابهه نقيضه ما بعد الاستشراق ونقد الاستشراق. لذلك تعلو في الغرب، وفي وسطه الأكاديمي
تحديداً، نداءات قوية بالمراجعة. واليوم نسمع من داخل الغرب مطالبات بضرورة مراجعة سياسات الهجرة تجاه الذين باتوا مواطنين غير
أنم من درجة ثانية. فالوعي القطيعي أو وعي الحشد بات عسير المنبت في الغرب الديمقراطي، كون ذلك مرشّحاً للنماء في الأوساط
المنغلقة التي يفتقد الفرد فيها لأيّة قيمة، ولذلك حين تنهار تلك المجتمعات فهي تنهار بعنف لافتقارها إلى عناصر التوازن والردع في
داخلها. في حين ما يميز الغرب الديمقراطي حتى حين تداهمه الأزمات الحادة، تجد عقلانيته تدفع به للخروج منها بأقل الخسائر.
ّ أشكالاً متبدلة بحسب الظرف والحاجة، وتبدو الحضارة الإسلامية الأكثر عرضة لهذا التلاعب المقيت
تأخذ ثنائية الهمجية والتح
في الراهن. فالتفجير الذي تتعرّض له من الداخل لترسيخ وصمة همجيتها عنيفٌ، من خلال توظيف إعلامي معو َ، يجعل حتى أهلها
يتسّب إليهم الشكّ في ذواتهم. والحال أنّ الاضطراب الذي تشهده هذه الحضارة يأتي جراء تراكم سلَبَ قدرات المناعة فيها، ممّا حوّلها
إلى كيان هشّ قابل للاختراق. وحتى في ظلّ غياب العنف الفعلي مع مكوّنا العربي يُستعاضعنه بعنف رمزي، يسلبه مشهديته الإيجابية
في الساحة الكونية، والبحث في العربي المسيحي لا غير عّ تبقى من إنسانيتهم المفقودة، على اعتبار أنه شبيه الغربي ووكيله في تلك
الحضارة الموسومة بالهمجيّة الأبديّة.
مراجعاتفي مدوّنة الاستعلاء الغربي




