ملف العدد: الهمجيّة والحضارة
75
2016 )9(
العدد
يظهر هذا بشكل جلي في كتابه: سياسة الحضارة الذي كتبه، كما
. وقد حظي هذا الكتاب في بداية
1
قلنا، بالتعاون مع سامي نير
الألفية الثالثة باهتمام كبير من قبل المثقفين والباحثين والسياسيين.
وعبر عنه إدغار موران في كثير من الحوارات والمقالات، ومنها
،
2
)
MAUSS
على وجه التحديد نص مقاله الذي نشره في مجلة (
والذي نقدّم ترجمته للقارئ العربي، وفيه يقدّم أهم آرائه في العولمة،
ومجتمع-عالم، وبخاصة ما يسمّيه «سياسة الحضارة».
النص
العولمة
بوصفها مرحلة معاصرة في العصر الكوني الذي شرع فيه في القرن السادس عشر بغزو أمريكا، وتوسع
1990
«بدأت العولمة في عام
القوى الغربية في العالم. وقد تميزت هذه العملية بالاستيلاء، والاستعباد، والاستعمار، ولكنّ هذا العصر الكوني عرف تطوراً آخر.
في الواقع، فإنّ الحضارة الغربية قد أنتجت مضادات للبربرية التي أوجدتها، ومع أنا غير كافية وهشة، إلا أنا قد زعزعت الاستعباد
من الداخل. وقد أدت الأفكار التنويرية التي تبناها المستعْبَدون إلى نزع الاستعمار عن الجزء الأكبر من العالم. وبمفارقة تاريخية متميزة،
والتي يمكن التحقق منها من جديد بالنسبة إلى حقوق المرأة، وهو المجال الذي عرف أطول مدة من الهيمنة، وتحرر أيضاً نتيجة للأفكار
التنويرية. لقد كان الأمر يقتضي الصراع ضد الإمبريالية الغربية من أجل تطبيق القيم الغربية.
سنوات التسعينيات تدخل ضمن العملية المزدوجة للهيمنة والتحرر، وتصبغ عليها مميزات جديدة. وإنّ تفكك الشمولية
3
إنّ كوكبية
السوفيتية، وإفلاس الاقتصاديات البيروقراطية للدول، قد سمح في الوقت نفسه بقيام حركة ديمقراطية في مختلف القارات، وتوسع
للسوق التي أصبحتحقاً عالميّة، وذلك تحت مظلة الليبرالية الاقتصادية. وجددت الرأسمالية طاقتها من خلال الإعلام الآلي، واقتصاد
السوق الذي اجتاح مختلف القطاعات الإنسانية، والحياة، والطبيعة، وذلكفي ترابط مع عولمة شبكات التواصل المكثف (الهاتف النقال،
التلفاكس، الإنترنت)، بحيث أعطت كلها حركة جديدة للسوق العالمية.
وعلى هذا الأساس فإنّ عولمة التسعينيات قد أجرت نوعاً من العولمة التقنية والاقتصادية، وسمحتفي الوقت نفسه بظهور عولمة أخرى، لم تكتمل بعد،
وتشكو من الهشاشة، ولكنها عولمة ذاتطبيعة إنسانية وديمقراطية، وتواجه آثار الاستعمار، والمعوقات الخطيرة للتفاوت، وكذلك الانتشار السيع للربح.
مجتمع- عالَم
إنّ هذه العولمة التقنية والاقتصادية يمكن اعتبارها تمثل المستوى النهائي للكونية. كما يمكن اعتبارها في الوقت نفسه بمثابة انبثاق بنية
تحتية لنمط جديد من المجتمع ألا وهو مجتمع-عا َ.
ـ
3 .)
ـ عولمة الليبرالية الاقتصادية (سامي نيير
2 .)
ـ في البحث عن الأسس الضائعة (إدغار موران
1 :
ـ يتألف هذا الكتاب من سبعة فصول موزعة على النحو الآتي
1
ـ ملاحظات
6 .)
ـ من التردد الديمقراطي إلى أخلاق السياسة (إدغار موران
5 .)
ـ سياسة الحضارة (إدغار موران
4 .)
العولمة: فرصة أخيرة أم نحس أخير؟ (إدغار موران
ـ الليبرالية، الديمقراطية، المستقبل (سامي نيير). بالإضافة إلى مقدمة وخاتمة كتباها معاً.
7 .)
وتأملات (سامي نيير
2 .Edgar Morin, Au-delà de la globalisation et du développement, société-monde ou empire-monde? in, revue MAUSS, N° 20, 2002, p.43 -53.
) هو الذي ترسخ في الاستعمال، وإنّ موران يستعمل الكلمتين في هذا النص.
mondialisation(
)، ولكنّ لفظ العولمة
globalisation(
. استعمل في البداية لفظ الكوكبية
3
في سياسة الحضارة
أنتجت الحضارة الغربية مضادات للبربرية
التي أوجدتها، ومع أنها غير كافية وهشّة،
إلا أنها قد زعزعت الاستعباد من الداخل.
وقد أدت الأفكار التنويرية التي تبناها
المستعْبَدون إلى نزع الاستعمار عن الجزء
الأكبر من العالم




