Next Page  84 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 84 / 362 Previous Page
Page Background

ملف العدد: الهمجيّة والحضارة

84

2016 )9(

العدد

يأتينا التهديد الأسوأ والوعد الأكبر في هذا القرن، في الوقت نفسه. فمن جهة هنالك تقدم علمي وتقني يقدم إمكانيات للازدهار

غير مسبوقة بالنسبة إلى الإكراهات المادية، والآلات، والبيروقراطية، والإكراهات البيولوجية والأمراض، بل وحتى الموت؛ ومن

جهة أخرى هنالك الموت الجماعي بواسطة السلاح النووي، والكيميائي، والبيولوجي، وانيار البيئة التي تفرضظلالها على الإنسانية.

والعصر الذهبي وعصر الرعب يتقدمان معاً مستقبلنا، وفي الوقت نفسه. فهل يمكن لهما أن يمتزجا ويستمرا من عصر الحديد الكوكبي

إلى ما قبل تاريخ الفكر الإنساني، وذلك على مستوى اجتماعي جديد؟

الأمل؟

تجاوز هذه الوضعية يتطلب تحوّلاً غير معروف. إنّ هذا الإقرار اليائس يتضمن مبدأ الأمل والرجاء، نعرف أنّ التحولات الكبرى

غير مرئية، ومنطقياً غير ممكنة قبل أن تظهر، ونعرف أيضاً أنّا تظهر عندما تكون الوسائل التي يملكها نظام معين تصبح غير قادرة على

حل المشاكل. وعلى هذا الأساس، فإنّه بالنسبة إلى مشاهد فضائي، فإنّ ظهور الحياة، بمعنى تنظيم جديد معقد جداً من المادة الفيزيائية

والكيميائية ومجهز بكفاءاتجديدة، يصعب إدراكه على أنّه نتاج الزوابع، والأعاصير، وثورات البراكين، والزلازل الأرضية.

ثم إنّ التغيرات ليست مستحيلة، وإنّما هي بعيدة الاحتمال. وهنا يظهر المبدأ الثاني من الأمل والرجاء: في الغالب يقع الحدث بعيد

، أيفي الوقت الذي كان فيه الرايخ الثالث

1941-1940

الاحتمالفي التاريخ الإنساني. إنّ هزيمة النازية كانت بعيدة الاحتمالفي عامي

يهيمن على أوروبا، وتمكن من اجتياح الاتحاد السوفييتي.

وأخيراً، هنالكمبدأ للأمل والرجاء في ما قاله ماركس، الذيس ّه الإنسان النوعي: لنذكّر بأنّ الخلايا قادرة علىتجديد النوع الإنساني،

.

16

وأنّا حاضرة في كل إنسان، وفي كل مجتمع، وأنّ الأمر يتعلق بمعرفة كيفية استثارتها. إذن من الممكن أن نأمل في وضعية ميؤوس منها

لنضف إلى هذا نداء الإرادة في مقابل التحدي الكبير. ومع أنّه لا أحد على وعي بذلك، فإنّه ليسهنالك قضية كبيرة ونبيلة وضرورية

كالقضية الإنسانية، التي تعني البقاء والعيش والحياة والأنسنة في الوقت نفسه.

  ـ كان هربرت ماركيز يقول: (يجب الأمل في الذين لا أمل منهم).(م).

16

إدغار موران