Next Page  87 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 87 / 362 Previous Page
Page Background

ملف العدد: الهمجيّة والحضارة

87

2016 )9(

العدد

وعندما نأتي إلى مجال الاختبار التجريبي المتعلق بدراسة ظاهرة

النزعة الجهادية التي تتخذ من الإسلام مرجعها بإطلاق، سنقف

ساعتها عندفداحة التصدعاتالتيأصابتالعقلالعربيمنذقرون

خلت. فهذه الحركات تستمدّ من النص القرآني والمدونة الحديثية

وتأويلات الفقهاء مشروعية عودتها للشأن العام، احتجاجاً على ما

آل إليه وضع الإسلام وأوضاع المسلمين، لاسيما بعد فشل مختلف

التجارب السياسية سواء تلك التي فرضها الانتداب الغربي على

العالم العربي بعد انيار الخلافة العثمانية، أو تلك التي قادت مرحلة

بناء دولة الاستقلال ( القوميون، العلمانيون، اليساريون).

Occidentalisa�

إنّ ناية الوصاية العثمانية وسياسة «الغربنة»

الاستلابية التي انتهجها الاستعمار المباشر للدول العربية،

tion

يضافإليهما إخفاقتجارب البناء الوطني لفترة ما بعد الاستعمار، هي التي تغذيوتُشرّع ـ فيكل مرّة- عودة التعبيرات الدينية الاحتجاجية

.

2

إلى الشأن العام العربي والكوني

سيظلّ الخيار الإسلاموي -الذي جسّدته تعبيرات الإسلام السياسيفي مصروإيران والسودان وأفغانستان، إلى موجة الربيع العربي،

انتهاء بحركة داعش ـ سيظلّ قائماً ما بقيتشروطه الآنفة الذكر، وطالما لم يُنجز العرب المراجعات الكبرى المنتظرة للتراث العابق بروائح

العنف الديني والاصطفائية الهوويّة.

. هل يمثل العنف الديني في شكله «الجهادي» احتجاجاً سياسياً «حداثياً» على أوضاع الاستلاب الثقافي والاقتصادي والسياسي، أم

1

هو نمط من العنف الميتافيزيقي المطلق، يحقق من خلاله «المجاهد» خطة الله في الكون؟

. وهل ُوّز هذه الخطة التضحية بالإنسانية المخالفة في الملة والمعتقد على مذابح المقدّس الأخير في الزمن الأخير؟

2

. وهل يوجد في النصالمقدّسوفي مأثورات السلفما يسوّغ فعلياً حتمية هذا الزمن الأخير للمسلم الأخير(المجاهد المزعوم)، وكلّ

3

ما يأتيه علناً واستعراضاً، من ترويع في القتل والسحل وشيّ لحم البشر؟

. أركيولوجيا العنف والعنف الديني

I

على الرغم من البداهة الظاهرية لمسائل العنفوسيطرته على المشهدية الإعلامية الراهنة بكلّ أنظمتها وتقنياتها، ما زلنا نستشعر الحاجة

إلى الحفر بعيداً في خفايا هذه الظاهرة وموجبات بقائها واستمرارها وتنوع تقنياتها، بل ربما قد يكون كلّ هذا مسوغاً كافياً لإعادة النظر

.

3

فيما قد يعتبره أغلب الناس بدهيّاً. العنف إذن مستمر بأشكال أكثر بربرية في عصرنا الموصوف بالمتعولم

  ـ تعتقد هذه الحركات أنّ «العرب والمسلمين لن يتمكنوا من الخلاص وتحقيق الأمن والاستقرار والسعادة الأرضية والأخروية إلا إذا نجحوا في إعادة بناء الدولة

2

العربية على الأسس ذاتها التي قامت عليها دولة الرسول الكريم، التي كانت وراء تحول العرب من قبائل وعشائر مقسمة ومتخلفة الى أمّة عظيمة وإمبراطورية عالمية».

12-11 .

)، ص

2007 ،

(الدار البيضاء-المغرب

4

انظر: برهان غليون، نقد السياسة: الدولة والدين، ط

  ـ يقول أدغار موران: «للعولمة خصائص متناقضة ومتباعدة. إننا نشاهد إضفاء للطابع الكوني على المجال التقني الاقتصادي، وفي الوقت نفسه نشاهد وجود مقاومات،

3

.37

بما في ذلك عودة الديانات والشعائر المفرطة في الخصوصية.» موران، ص

سياسات «العنف الجهـادي» ورهاناته

لم تفلح الحداثة السياسية بتقنيات

الديمقراطية والتعددية وعُلوية القانون

والمؤسساتفي كبح جماح العنف الإنساني،

بقدر ما مأسسته، واستملكته فيما بات يعُرف

بالعنف المشروع». ولم تفلح قبلها الأديان

«

بترسانتها الترهيبية والترغيبية في اقتلاع

العنف من فؤاد الإنسان. يضاف إليها كلّ

أنظمة التربية الاجتماعية (العائلة، المدرسة)،

وكلّ آليات التأديب السجنية