"العنف المستباح: الشّريعة في مواجهة الأمّة والدولة" لمعتز الخطيب


فئة :  قراءات في كتب

"العنف المستباح: الشّريعة في مواجهة الأمّة والدولة" لمعتز الخطيب

لقد أفضى تداخل السّياسي والدّيني في المجتمعات الإسلاميّة إلى خلق إشكاليّة أعاقت تشكيل دولة حديثة، وزاد من حدّة اللجوء إلى العنف عند الحركات الأصوليّة الرّافضة لكلّ مقومات العصرنة، ممّا حدا بهذه الجماعات المتشدّدة إلى استحضار سيّاقات قديمة، حاولت تطبيقها في الوقت الرّاهن، وعبّرت عنها من خلال خطاب سياسي عنفي أو عبر لجوئها إلى العنف المباشر وتكفيرها للأنظمة والمجتمعات بقوّة الجهاد وتحت ذريعة تطبيق الشّريعة، وبذلك تكون ظاهرة العنف "الإسلاميّ" قد هيمنت على المشهد منذ أحداث سبتمبر 2001 لأسباب مختلفة، اختلفت معها وجهات نظر الباحثين، واتّخذت مقاربتها مسالك شتّى: بعضها يحيل إلى الواقع كمنتِج لها، وبعضها يحيل إلى النصّ كمصدر مُنشئ لها هو الذي يُضفي الشّرعية على ممارساتها، وبعضها يحيل إلى الفاعلين أنفسهم وتكوينهم الاجتماعيّ والنّفسي، ولكلّ مقاربة إشكالاتها.

وفي سيّاق دراسة العنف وعلاقته بالنّظام الفقهي الموروث الذي تمّ استخدامه لاستباحة الدّماء يأتي كتاب معتزّ الخطيب[1] "العنف المستباح: الشّريعة في مواجهة الأمّة والدّولة"، الصّادر سنة 2017

عن دار المشرق المصريّة، للتّأكيد على أنّ الجماعات الإسلاميّة المتطرّفة حوّلت الشّريعة إلى أداة للخروج على الدّولة القوميّة والأمّة معًا، بالإضافة إلى أنّه إذا كانت الدّول والأنظمة تركّز على عنف الجماعات الجهاديّة لاستبقاء أو شرعنة عنفها وقمعها، فإنّ الجهاديّين يركّزون في المقابل على عنف الأنظمة وانحرافها عن الشّريعة لهدمها والخروج عليها، وهو ما جعل المجتمع يقع ضحيّة هذين العنفين.

والكتاب يقع في 287 صفحة من الحجم الكبير، قسّمه صاحبه إلى ثلاثة أقسام، يندرج تحت كلّ قسم مجموعة من الفصول، بالإضافة إلى مقدّمة وخاتمة، كان الهدف منه كما يظهر من المقدّمة هو التّأكيد على أنّ العنف بأشكاله المختلفة هو نتاج سياقات مركّبة تَداخلَ فيها النصّ بالواقع أو العكس، ولفهمه نحتاج إلى تحليل مركّب يستحضر مسار الفكر الإسلاميّ وتفاعلاته مع التّحولات العالميّة، ومن التّبسيط المخلّ قَصرها على مجرّد فئة ضالّة انحرفت، أو ظاهرة إسلاميّة أيديولوجيّة، مع تجاهل حركة العالم والنّظام السّياسي الدّاخلي وتفاعلاته أيضًا، بمعنى أنّ العنف المسلّح إنّما ظهر في ظلّ "الدّولة القطريّة وعلاقتها بالدّاخل المجتمعي وبالخارج الغربي، وموقفها من الدّين وحركته ودوره في حياة المجتمع، وسلوكيّاتها تجاه أهدافه العليا وإرثه الرّمزي. هكذا تتمّ قراءة نشوء مفهوم العنف ضدّ الدّاخل أوّلاً، ثم تَتحَوّل الاستراتيجية إلى العنف ضدّ العالم تحت عنوان "الجهاد ضّد الصّليبيين واليهود" لاحقًا...، فالكتاب إذن يحصر الرّؤى والأطروحات الكثيرة والمتزاحمة حول تفسير العنف والإرهاب، ويصوغها في نماذج تفسيريّة كليّة شاملة، ويضعها في سيّاق متّصل يساعد على فهمها والرّبط فيما بينها؛ تمهيدًا للوصول إلى خلفيّاتها الفكريّة والأيديولوجيّة التي تتحكّم بها، ليتمّ بعد ذلك محاولة الإجابة عن سؤال يتمثّل في أسباب استعصاء الفهم الغربي للظاهرة الإسلاميّة بشكل عام، وللممانعة الإسلاميّة بشكل خاصّ، التي يتمّ وَسْمها بأسماء شتّى، كالأصوليّة والإسلام السّياسي، والإرهاب الإسلاميّ وغيرها"[2].

1- إعادة قراءة النّصوص المؤسّسة للعنف في الثّقافة الإسلاميّة: نصوص الجهاد أنموذجا

على مدار صفحات هذا الكتاب، أكّد المؤلّف على ضرورة إعادة تثبيت وتنقية المفاهيم التي تعبث بها "حرب المصالح"، والتي صارت تبدأ بالأفكار والمصطلحات وتسويق الصّور والرّؤى التي تسعى إلى تهيئة الرّأي العام لتقبّل أكثر الممارسات تطرّفا، من خلال الاستثمار السّياسي والأيديولوجي لأفكار ومفاهيم تحظى بالجاذبيّة بتحويلها إلى شعارات لتلك الممارسات التي هي أبعد ما تكون عنها؛ لأنّ الآلة الإعلاميّة تفعل فعلها في إعادة تشكيل المفاهيم لحسابات خاصّة، ومفهوم الجهاد وما يتّصل به من أبرز المفاهيم التي تفرض الأحداث إعادة قراءته وتنقيّته ممّا ليس منها.

فالجهاد له دلالات متعدّدة في المفهوم الإسلاميّ العامّ، اهتّم الفقيه منها بـ"القتال" فقط؛ لأنّه يتّصل بحقل تخصّصه وانشغاله، في حين يقسّم العلماء الجهاد إلى ثلاثة أقسام[3] تندرج كلّها تحت مسمّى "مجاهدة العدوّ"، وهذا العدوّ قد يكون ظاهرا ويسمّى القتال، وهو محلّ اهتمام الفقيه، وقد يكون الشّيطان أو النّفس، وهو مجال اهتمام الدّاعية والواعظ، وهذه الثّلاثة يشملها في الإسلام وصف العدوّ، كما أنّ الفقهاء اختلفوا حول الجهاد في الإسلام هل هو دفاعي أو هجومي؛ "لذلك نجد تنوّعا في الاجتهادات لجهة ارتباطها بحركيّة الواقع المتغيّر، وجدليّة العلاقة بين الإسلام والدّوائر الحضاريّة الأخرى، مع الأخذ بالاعتبار أنّ النّصوص التّأسيسية لفقه الجهاد لم تخرج بتأويلات جامعة باستثناء تقسيمه دفاعيّا أو هجوميّا، الأمر الذي حوّل الجهاد إلى عنف يمارس ضدّ الدّاخل والخارج"[4].

وبناء على ما سبق، فإنّ ممارسة "الجهاد" تبقى محصورة في محدّدات الأهداف والغايات، والتي تأخذ شكل مطالب قبل أو أثناء أو بعد القتال، فالجهاد شُرّع من أجل الدّعوة إلى الدّين/ الإسلام، وبسط سلطانه على النّاس، ولم يكن الهدف منه إعمال القتل في العدوّ، لأنّ الهدف من هذا كلّه هو إصلاحه لا إلغاؤه، وإخضاعه لا إفناؤه، لذلك وجدنا القليل من الفقهاء من صرّح بأنّ "وجوب الجهاد وجوب الوسائل لا المقاصد؛ إذ المقصود بالقتال إنّما هو الهداية وما سواها من الشّهادة، وأمّا قتل الكفّار فليس بمقصود حتّى لو أمكن الهداية بإقامة الدّليل بغير جهاد كان أولى من الجهاد"[5].

إنّ مشروعيّة الجهاد التي ينشدها الدّين الإسلامي، وليس الثقافة الإسلامية الموروثة، لا تقوم على السّيطرة والاستيلاء، وإجبار غير المسلمين على الدّخول بالقوّة إلى الإسلام، بل إنّ القاعدة الأساسيّة التي شُرّع من أجلها تندرج في إطار مواجهة الضّروريات الدّفاعيّة والوقائيّة، والدّليل على ذلك أنّ حروب النّبي لا تخرج عن إحدى حالتين؛ الأولى، "حالة الحرب الوقائيّة التي استهدفت إضعاف القوّة الطاغية للشّرك والكفر والضّلال، والحالة الثّانية، حالة الحرب الدّفاعية التي كان الإسلام يدافع فيها عن نفسه ضدّ هجمات الكفر والشّرك أو عن الالتزامات والعهود التي نقضها المشركون"[6]. وعليه، فإنّ فقه الجهاد كما هو مدوّن الآن في كتب الثّقافة الإسلاميّة يبتعد عن روح الإسلام التي تميل في الأساس إلى السّلم والتّعايش الحرّ ونبذ العنف.

لقد شكّل الجهاد من المنظور الاصطلاحي الضيّق الذي حصره في مجرّد القتال البوّابة الكبرى التي تمّ الدّخول منها إلى ساحة العنف بجميع أشكاله، فحين الحديث عن الصّيغة الدّينية للعنف نجد أنّ المنظومة الإسلاميّة تميّزت بابتكار مصطلح فريد للتّعبير عن ذلك العنف المشروع؛ تمييزا له عن أيّة صيغة أخرى قد تلحق به، هذا المصطلح هو "الجهاد"، ولكي لا يبدو وصل الجهاد بالعنف هنا إقحاما له في غير محلّه ووصفه، لا بدّ من التّذكير بأنّ الجهاد مفهوم يقابل ولا يساوي الحرب[7]، "ومن ثمّ فلا معنى للتّورط في إدانة الجهاد بالمطلق، فإنّما يأتي الإشكال من الممارسات الفرعيّة للجهاد؛ أي في حال نشأة جماعات متفّرقة تحت مسمّى الجهاد، وفي ظروف مختلفة عن تلك التي اشتغلت فيها منظومة أحكام الجهاد كما هي مدوّنة في كتب الفقه، وهنا يلتبس مفهوم الجهاد بمفهوم العنف والإرهاب"[8]، كما في حركات التّحرر الوطني كحركتي الجهاد وحماس، فهذا جهاد مشروع يلتبس بمفهوم العنف والإرهاب غير المشروع كما في ممارسات الجماعة الإسلاميّة في مصر وممارسات تنظيم القاعدة مثلا؛ لاختلاف المجال والأهداف والغايات.

من خلال المعطيات السّابقة إذن، نصل إلى ضرورة الفصل بين الجهاد والعنف المجرّم الذي يختلط به كثيرا؛ فالجهاد كما جاء به الدّين الإسلاميّ وليس الثّقافة الإسلاميّة يتميّز بوضوح هدفه، ووضوح وسائله، والتزامه بأحكام الشّرع ومكارم الأخلاق التي جاء بها الإسلام قبل القتال وأثناءه وبعده، وممارسته تبقى محصورة في محدّدات الأهداف والغايات، فهو قتال من أجل مبدأ ديني أخلاقي كليّ، يحتكم في أدواته ووسائله إلى ميثاق الوحي الإلهيّ، فهو ليس لتحقيق تصوّر فردي لجماعة أو تنظيم أو مصلحة خاّصة، وهو مع ذلك كلّه فعل مجتمع وأمّة كما في فلسطين، وليس فعل جماعات معزولة. أمّا العنف كما تقوم به بعض الجماعات التي تنتسب إلى الإسلام فينقصه الوضوح في الرّؤية، ويشتمل على قصور في الأهداف، وخطأ في الوسائل، ومخالفة للضّوابط الشّرعية، وهو اجتهاد أفراد أو جماعات معزولة عن المجتمع تخالف جمهور الأمّة، ثم إنّ هذه الجماعات لا تمثّل الأمّة، "بل كثيرا ما تشكّل قطيعة معها، ويتّخذ بعضها موقف المفاصلة، وتصل إلى حدّ التّكفير أو التّهاون في صيانة دمائها لا مصالحها فقط، حين يتحوّل الجهاد نحو الدّاخل الإسلاميّ من مدخل تكفير المجتمع والدّولة"[9].

2- الإسلام والإرهاب في الفكر الغربي: النّماذج التّفسيرية والخلفيات الفكريّة

إنّ المتتبّع للشّأن الثّقافي والسّياسي في السّنوات الأخيرة، سيلاحظ دون شكّ أنّه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تكاثرت الكتابات الغربيّة حول موضوعات الإسلام، والإرهاب، وتنظيم القاعدة، والعلاقة بين الغرب والإسلام...[10]، تماما كما حدث من قبل عبر القرن العشرين فيما يتعلّق بالشّيوعية والاشتراكيّة، ثم حركات ما يسمّيه الكُتّاب الغربيون بـ"الإسلام السّياسي"، حيث كان الجانب الأبرز لظهور الكتب وبروز المتخصّصين فيه، لا سيّما بعد نجاح ما سمّي بـ"الثورة الإسلاميّة" في إيران.

إنّ صورة الإسلام في الغرب ليست مثاليّة ولا طاهرة لأسباب متعدّدة، ولكنّها لم تكن حاضرة بهذه القوّة والفاعليّة التي هي عليها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي أنعشتها وأمدّتها بصورة حيّة قاهرة، فجنسيّة مرتكبيها المفترضين استنهضت المخزون الثّقافي والصّورة النّمطية، وحوّلت الاهتمام إلى الدّين نفسه، وفي أحسن الأحوال ثار التّساؤل عن هذا الدّين الذي يبيح لمعتنقيه مثل تلك الأفعال.

لقد أثارت علاقة الإسلام بالإرهاب جدلا كبيرا في الغرب، وفي خضمّ هذا الجدل تنامى تيّار فكري وسياسي وتقوّى بعد عمليّات الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من عمليّات إرهابيّة في مختلف الدّول الغربية، إذ منحته هذه العمليّات المصداقيّة التي يدعم بها خطابه، ولعلّ أبرز مثال على ذلك ما كتبه لوران أرتور دو بلسيس (Laurent Artur du Plessis) الصّحفي الفرنسي الذي اعتبر "العنف ميزة كلّ العصور، لكن مع ذلك، فإنّ الإسلام اليوم -مثل بداية انتشاره- هو مصدر العنف، فالألفيّة الثّالثة بدأت بانتقال عدوى التّطرف في العالم الإسلاميّ، في أوساط شباب محبط يعاني البطالة، ومصغٍ لنداءات الجهاد التي يطلقها الأئمّة الأصوليون...، وحتّى ضواحي المدن الغربيّة، أصبحت هي الأخرى مناطق اتصال لأئمّة يجنّدون للجهاد أبناء الجاليّة الإسلاميّة، مع أنّ قسمًا كبيرًا من هؤلاء المجنّدين من الجيل الثّاني والثّالث. وتمثّل السّجون أحد أهمّ أماكن الدّعوة الدّينية التي تستخدمها الشّبكات الإسلاميّة الدّولية لتجنيد شباب للجهاد على استعداد لتفجير نفسه. أمّا عدد الذين اعتنقوا الإسلام، فهو في تزايد والبعض منهم التحق بالشّبكات الإسلاميّة"[11].

بناء على ما سبق، هناك سؤال من المهمّ معالجته، وهو لماذا يتغذّى الإرهاب على الإسلام أو الثّقافة الإسلاميّة؟ ولماذا يبدو كما لو أنّه قاصر على المسلمين تحديدا؟ إنّ هذا السؤال له صلة ما بتفسير الإرهاب نفسه، فالذين يقولون بأنّ العنف أصيل وتكويني في الدّين الإسلاميّ يبدو السّؤال "لديهم لا قيمة له، في حين أنّ السّؤال هنا يطرح لبيان فساد معتقد وتصوّرات هؤلاء القائلين بالتّفسير الدّيني، وأنّ أحد عوامل وقوعهم في هذا الخطأ والجناية على الإسلام كدين وليس كثقافة هو تلبّس العنف بالإسلام، أو بتعبير أدقّ: اتّخاذ العنف صيغة إسلاميّة عقديّة مع القاعدة وغيرها من التّنظيمات الأخرى"[12].

فهذه الصّورة إذن عن الإسلام في المتخيّل الغربيّ المسيحي جاءت نتاج الأدبيّات التي وضعها رجال الكنيسة وعلماء الكلام والمؤرّخون بالدّرجة الأولى؛ لأنّه من العصر الوسيط إلى النّهضة كان رجال الكنيسة والرّهبان وموظفو الكنيسة الكبار هم الذين يمتلكون مفاتيح المعرفة، ويتكفّلون بتربية المؤمنين بكتاباتهم ودعواتهم، وإحدى أبرز الصّور النّمطية عن الإسلام التي بلورها الوعي المسيحي في الزّمن الوسيط ولا زالت سارية إلى اليوم على حدّ قول نورالدّين أفاية "أنّه عقيدة ابتدعها محمّد، وهي تتّسم بالكذب والتّشويه المتعمّد للحقائق، إنّها دين الجبر والانحلال الخلقيّ والتّساهل مع الملذات والشّهوات الحسيّة. إنّها ديانة العنف والقسوة شعارها السّيف والحرب والقتال. وهذه الصّفات هي ما يمثل النّقيض المباشر للمسيحيّة. فالمسلم يتقدّم إلى مساحة الإدراك المسيحي الأوروبي باعتباره رجلا محاربا، شرسا، متوحّشا، يقوم بكلّ أنواع النّهب والتّنكيل، خالقا بذلك وراءه تعاسة وشقاء لا يوصفان، يحرّكه ميل قويّ للقتل"[13]. وهكذا التقت الصّورة التي رسمتها المسيحيّة عن الإسلام كما تشكّلت في السّياق التّصادمي للحروب الصليبيّة مع الصّورة الاستشراقيّة من خلال تفسير الإرهاب، لأنّ له جذورا عقديّة تكوينيّة في الإسلام من حيث هو دين.

لقد تزاحمت في السّنوات الأخيرة المقاربات الغربيّة للإسلام والإرهاب من جانب النّخب الثّقافية والسّياسية الأمريكيّة والأوروبيّة على حدّ السّواء، ومن منطلقات ثقافيّة ودينيّة أيضا، واستُخدم في ذلك كما ذكر رضوان السيّد "الاستشراقان الأنثروبولوجي والتّاريخاني اللذان سادا في العقود الثلاثة الأخيرة بكثافة، بيد أنّ الجديد فيها ثلاثة أمور: استخدام السّياسيين والاستراتيجيين للاستشراق الجديد هذا، كما فعل هنتنغتون من قبل، وشيوع الأطروحات الاستشراقيّة الأصالية في وسائل الإعلام، وتبنّي بعض تلك الأفكار من جانب الإدارة الأمريكيّة وبعض الأوربيّين في خطابهم أو خطاباتهم للعرب والمسلمين....أمّا وسائل الإعلام، فقد لجأت في أحاديثها عن طبائع الإسلام وأصول فكر ابن لادن إلى الاستشراق الجديد في العقود الثلاثة الأخيرة؛ فلم يعد غريبا أن تنشر صحيفة يوميّة أمريكيّة أو إسرائيليّة مقالة في نقد القرآن، وأنّه يتضمّن نصوصا تفرض على المؤمنين به معاداة كلّ الآخرين، أو أنّ المسلمين هم بين التّقليدية والأصوليّة، ولا مخرج لهم للحداثة إلا بالخروج من الإسلام كلّه"[14].

3- البناء الفقهي للجماعات المتطرّفة ودوره في نشأة ظاهرة العنف: داعش أنموذجا

في الجزء الثّالث من هذا الكتاب، يتناول المؤلف دراسة "داعش" كتنظيم "جهادي" عنيف، ودراسة الكيفيّة التي يفهم بها أعضاؤه النّصوص الدّينية، باعتبار ذلك مدخلا للقضاء عليه، وقد خلص إلى أنّ السلفيين الذين ينادون بالخلافة السنية والذين يشكّلون أغلب المقاتلين في تنظيم "داعش" ينظرون إلى التّاريخ بوصفه ينقسم إلى فترة جاهلية تتلوها مرحلة الإسلام، وهم يؤمنون بأنّ العالم يعيش في حالة جاهلية لا يمكنه الخروج منها إلّا عبر ثلاث خطوات: الإيمان، الهجرة من الدّول الكافرة إلى مجتمع المؤمنين، والجهاد من أجل إقامة الأمّة، وهذا هو ما يفسّر هجرة أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق[15]، حيث يقوم إعلام هذا التّنظيم بتصويرهم، وهم يحرقون أو يمزقون جوازات سفرهم فور وصولهم إلى دولة "الخلافة".

وممّا يمكن التّأكيد عليه هو أنّ نجاح تنظيم "داعش" غذّته عدّة عوامل أساسيّة؛ معقّدة ومتعدّدة، وأحداث وظروف غير مسبوقة، تتمثّل في الفوضى وعدم استقرار المنطقة، بالإضافة إلى الطّائفيّة والظلم والإقصاء، ورغبة بعض الجهات في تفتيت الدّول العربيّة المركزيّة عناوين الحضارة ومحور الإمبراطوريات، وهذه الأمور مجتمعة قدّمت الفرصة الذهبيّة لداعش للنّشوء والتّوسع وبذر بذورها الأولى في منطقة شاسعة من الأراضي، والمتمثّلة في ثلث مساحة سورية وربع أرض العراق أو ما يعادل ثلاثة أضعاف مساحة انجلترا، فهذا التّنظيم يسيطر على مساحة كبيرة لم يسبق في تاريخ الجماعات "الجهاديّة" المسلّحة أن سيطرت إحداها على مساحة شاسعة من الأرض، ورفعت علمها فوق مؤسّساتها، وفرضت الضّرائب، وأقامت المحاكم، واكتفت ذاتيّا من جهة المال والسّلاح، وأنشأت نظاما إداريّا متكاملا، مثل ما فعلت "داعش"، ولهذا فإنّ فرص استمرارها وتمدّدها أكبر من أيّ تنظيم آخر عرفته المنطقة، ومن غير المتوقّع أن تختفي من الخريطة السّياسية والعسكريّة بسهولة. وإذا كان تنظيم "القاعدة" الذي سبقها وتأسّس وترعرع في أفغانستان بعيدا عن بيئته العربيّة بآلاف الأميال استطاع أن يستمر، رغم الضربات الأمريكية المكثفة والحروب التي شنّت ضدّه لأكثر من عشرين سنة أن ينفذ العديد من العمليّات والهجمات العسكريّة على أهداف أمريكيّة وأوروبيّة، فإنّ فرص "داعش" واستمرارها، بل وربّما توسّعها ستكون أكبر، لأنّها أكثر تنظيما وتماسكا وتعيش وسط "أهلها"، ولا تعتمد على أحد في تمويلها وتسليحها، ولا تقدّم البيعة لأحد غير زعيمها وخليفتها أبي بكر البغدادي.

لكنّ المقاربة الأكثر إثارة في تفسير نشأة تنظيم الدّولة هي تلك التي تحيل عنفه الفائق إلى النصّ أو الموروث الفقهي، وأنّه إنّما يطبّق التّقليد الإسلامي، وهذه الإحالة ليست جديدة؛ فقد تكرّر الأمر نفسه مع تنظيم القاعدة وغيره، ولكن لا بدّ من بحث جدليّة العلاقة بين النصّ والواقع في نشأة ظاهرة العنف "الإسلاميّ" متمثّلا في عنف تنظيم الدّولة الإسلاميّة تحديدا، فهي علاقة شديدة الالتباس والتّعقيد، خصوصا أنّه لا يمكن تجاهل حضور المكوّن النصّي والفقهي لدى جماعات العنف عامّة وتنظيم الدّولة خاصّة.

إنّ البناء الفقهي لتنظيم الدّولة الإسلاميّة وجماعات العنف عامّة يقوم على أربع قضايا هي: توحيد الحاكميّة، والخلافة، والجهاد، ورؤية العالم، وما عدا ذلك فهو تفاصيل وتفريعات، وهذه القضايا الأربع تعود إلى أصل عامّ هو التّوحيد والحكم بما أنزل الله (حكم الشّريعة)، فمنظومة العنف تبدأ بمسألة التّكفير أوّلا، وبالاستناد إلى مبدأ توحيد الحاكميّة يتمّ تكفير الحكّام الذين يحكمون بالقوانين الوضعيّة، ثمّ تكفير المسلمين المتحاكمين إليها والرّاضين بها، ثم تكفير من لم يكفّر هؤلاء جميعا، ومن ثمّ تصبح البلاد التي تحكم بتلك القوانين دار كفر تجب الهجرة منها ويجب جهاد الكفّار فيها، ويصبح كلّ ما هو قائم من القوانين والمعاهدات والنّظم لاغيا لا اعتبار له، ومن ثمّ تجب إقامة الإمامة العظمى (الخلافة) التي هي فريضة دينيّة، وهي التي تطبّق الشّريعة.

لقد خلط "الجهاديون" بين النّصوص الدّينية ونقلوا مفهوم الحكم من القضاء إلى السّياسة والسّلطة فانتقلوا من "التّعبد إلى التّسيد الذي ينطوي على ممارسة أقصى درجات العنف لفرض تصوّراته وإخضاع الآخرين لها، في حين أنّ شأن الاعتقاد الدّيني؛ متى كان صادقا وخالصا، أن يلزم منه اللطف والرّحمة؛ فقد قلنا: إنّ الشّريعة كلّها موصوفة ودائرة على الرّحمة، أمّا إذا شابت الاعتقاد الدّيني دلائل العنف فيكون ذلك بسبب ازدواج هذا الاعتقاد بالمصلحة السّياسية المتمثلة في طلب التّسيد، فتكون هذه المصلحة الماديّة هي التي نفثت في هذا الاعتقاد المعنوي روح التّطرف، فكيف إذا تحوّل الاعتقاد الدّيني نفسه إلى عنف خالص مع مثل تلك الجماعات؟"[16].

لقد انشغل الكتاب إذن على مدار صفحاته بعنف الجماعات المنتسبة إلى الجهاد، مؤكّدا أنّ العنف الموصوف بأنّه "إسلامي" ما هو إلاّ أحد المظاهر التي برزت وترسّخت في ظلّ الدّولة الحديثة التي أفرزت جملة من الأسئلة والإشكالات التي لا تزال عصيّة في السيّاق العربيّ والإسلاميّ، كالصّراع على السّلطة والدّولة وسؤال الهويّة وسؤال دور الدّين في التّشريع والمجال العامّ وغيرها، فالدّولة الحديثة وضعت الموروث الفقهي في مأزق، وجعلت الكثير من مفرداته السّياسية مسألة تاريخيّة، في حين لا يزال كثيرون يعتقدون أنّها لا تاريخيّة وجزء من تعاليم الدّين، الأمر الذي يحيل إلى متغيّرات السّلطة والواقع وأثرها في الصّراعات القائمة اليوم على شكل الدّولة وعلى ما يسمّيه الجهاديون الشّريعة أو حكم الشّرع.

فالكتاب إذن إضافة نوعيّة ضمن المقاربات التي تناولت ظاهرة الإرهاب التي استشرى خطرها ليشمل الإنسانيّة جمعاء، تلك الظاهرة التي تمّ تغليفها بالدّين رغم أنّ الأديان في جوهرها رسالة سلام ومحبّة جاءت لترسي دعائم الحقّ وتقيم موازين العدل بين النّاس. فالكتاب كما هو بيّن يوضّح كيف تمّ استخدام النصّ الفقهيّ لاستباحة الدّماء، ويشرح البنية الفكريّة لداعش أو الأصول الكليّة والقضايا الرئيسة في تفكير التّنظيم ومِمّ يتشكّل؟ وما علاقته بما أسماه الكاتب بـ"النّظام الفقهيّ الموروث"؟ وأيّهما الأسبق في ذهن الجهادي: النصّ أو الواقع؟ وما موقع النصّ لدى حركات العنف: هل تصدر عنه أم تعود إليه؟ فالكتاب بصفة عامّة يعالج مسألة العنف بوصفها حالة ناتجة عن سوء فهم وتأويل النّصوص الدّينية.

لقد سعى معتزّ الخطيب في كتابه هذا إلى تشريح ظاهرة العنف وفق منهجيّة مختلفة نوعا ما عمّا كُتب على تنوّعه وكثرته؛ فقد عمل جاهدا على تفكيك المفهوم وتشريحه لإظهار مكوّناته المختلفة وفحصها ودراستها، ورصد مراحل تشكّلها وعوامل تشكيلها، والتّفاعلات التي نشأت حولها، وكيف تمّت قراءتها، سواء في العالم الإسلاميّ أو في العالم الغربيّ، ومن ثمّ بدأ بدراسة مفهوميْ الحرب والجهاد والفوارق القائمة بينهما، ثم الجهاد والعنف ومشكلات الوصل والفصل بينهما، وصولا إلى عبثيّة جهاد تنظيم القاعدة الذي تسبّب في كثير من هذا الجدل، ثمّ تطوّراته اللاحقة التي أدّت إلى ظهور تنظيم الدّولة الإسلاميّة الذي أعاد من جديد ذلك الجدل حول العنف وأصوله الدّينية النصّية أو الثّقافية.

فالعنف كما أكّد الكاتب في مقاربته ظاهرة معقّدة وخطيرة، لذلك تصبح مهمّة محاربتها وتتبّع منابعها والقضاء عليها مهمّة إنسانيّة وعالميّة يجب أن تتّخذ جميع الإجراءات الممكنة لدرء مفاسدها المتنامية. ولهذا الغرض -أي محاربة العنف- عمل معتزّ الخطيب أوّلا على نقد النّظريات التي تتناول العنف بشكل وصفي أو إحصائي، دون الخوض في جوهر هذه الظاهرة التي باتت أكثر اتّساعا وانتشارا وخاصّة في ظل نجاح تنظيم "داعش" في استقطاب آلاف الشّباب إلى صفوفه من جميع أصقاع العالم، كما عمل ثانيا على التّدقيق في المواضيع التي تلعب دورا أساسيّا في صياغة قناعات العنف تحت عنوان الجهاد والقتال والشّهادة، وهي الأمور التي أنتجت بالضّرورة تمثّلات ترسّخت لدى الآخر مع مرور الزّمن مفادها أنّ الإسلام دين السّيف والعنف والإرهاب والقهر والتّسلط، وزاد من ترسيخها حالات العنف المتوحّشة التي تنفّذها الجماعات "الإسلاميّة" المستندة إلى الفهم الفقهي المتطرّف لمبادئ الشّريعة الإسلاميّة.

لقد دعا معتز الخطيب إلى إعادة قراءة النّصوص المقدّسة بصفة عامّة بكلّ الطّرق والمنهجيّات المتاحة، حيث سعى في مختلف كتاباته لإعادة التّموضع التّاريخي للنّصوص المؤسِّسة، وبالتّالي تأكيد ملازمتها للحدود الثّقافيّة التي نشأت فيها وانطلاقاً منها، من غير أن يُغْفِل المدخل الأنثروبولوجي والاستفادة من الميثولوجيا وتعدّديّة المنهج القرائي، وهي الملامح التي وفّرت خصوصيّة فارقة في قراءاته للنصّ الإسلامي المؤسِّس، وأتاحت له استحضار المعاني الرّوحيّة والأخلاقيّة للرّسالة النّبوية، فهو يجزم القول بأنّه لا يمكن بناء الحداثة دون تصفيّة الحساب مع "التّراث الثيولوجي"، بل ويرجع ظاهرة العنف والتّطرف إلى شيوع التّفسير الحرفي للنصّ القرآني، هذا التّفسير الذي يلجأ إلى بتر الآيات عن سياقاتها، وتحويل آثار المعنى إلى معنى مطلق لا يطاله التّغيير، عكس ما يستهدفه هو من إشاعة إسلام مبنيّ على العقل المحمّل ببذور التّنوير، نازعا مشروعيّة تدبيره عن حرّاس التّفسير الحرفي والظاهري، قدماء ومحدثين.

[1]- باحث سوري حاصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية عام 2009، وهو عضو مؤسس في "الملتقى الفكري للإبداع" الذي يسعى للتجديد والمقاربة النقدية للفكر الإسلامي، عمل باحثا زائرًا في مركز الدراسات الشرقية ثم في مركز الدراسات العابرة للأقاليم في برلين، وأستاذًا زائرًا في جامعة قطر والجامعة الإسلامية في بيروت، له العديد من الكتب والأبحاث المنشورة في الدراسات الإسلامية والفكر السياسي، منها: "الغضب الإسلامي: تفكيك العنف، دراسة نقدية"، "خطاب التجديد الإسلامي: الأزمنة والأسئلة"، "الإسلام في عالم متغير: سياسات الإصلاح الإسلامي بعد 11 سبتمبر"...

[2]- معتز الخطيب، العنف المستباح: الشريعة في مواجهة الأمة والدولة، دار المشرق، القاهرة، الطبعة الأولى، 2017، ص ص: 17-18

[3]- في هذا الصدد، يقول ابن حجر: "الجهاد بذل الجهد في قتال الكفار، ويطلق أيضا على مجاهدة النفس والشيطان والفساق، فأمّا مجاهدة النفس فعلى تعلم أمور الدين ثم على العمل بها ثم على تعليمها، وأما مجاهدة الشيطان فعلى دفع ما يأتي به من الشبهات وما يزيّنه من الشهوات، وأمّا مجاهدة الكفار فتقع باليد والمال واللسان والقلب، وأما مجاهدة الفسّاق فباليد ثم اللسان ثم القلب" (انظر: ابن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، تحقيق: محب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت، ج.6، ص: 3).

[4]- ريتا فرج، العنف في الإسلام المعاصر: معطى بنيوي أم نتاج تاريخي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى، 2010، ص: 86

[5]- الخطيب الشربيني، مفتي المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، دار الكتب العلمية، بيروت، 1994، ج.6، ص: 9، وانظر: وهبة الزحيلي، آثار الحرب في الفقه الإسلامي، دار الفكر، دمشق، الطبعة الثالثة، 1998، ص: 92

[6]- فضل الله محمّد حسين، الإسلام ومنطق القوّة، الدّار الإسلاميّة، بيروت، الطبعة الأولى، 1979، ص: 186

[7]- الجهاد في مدلوله الأصلي مفهومٌ يقابل ولا يساوي الحرب؛ لأنّ الجهاد يستند إلى مقاصد وغايات أخلاقية، وهو فعلٌ مشروطٌ قبل وأثناء وبعد قتال العدو؛ بخلاف الحرب التي تقوم على مصالح الدول أو ما تراه هي مصالحَ حيوية لها؛ خصوصًا مع تطور أدوات الحرب ووسائلها في العصر الحديث واتساع قدرتها على التدمير والتنكيل. (انظر: معتز الخطيب: الإرهاب مفهوم سائل ومتجدد وقابل للتشكيل حسب المصالح والصراعات، ومحاربته هي احتكار شرعية ممارسته، حوار أجراه أحمد زغلول شلاطة، مؤسسة مؤمنون بلا حدود، بتاريخ: 26 أغسطس 2017، الرابط:

http://www.mominoun.com/articles/%D9%85%D8%B9%D8%AA%D8%B2-

[8]- معتز الخطيب، العنف المستباح: الشريعة في مواجهة الأمة والدولة، ص: 47

[9]- نفسه، ص: 77

[10]- بعض هذه الكتابات اهتم بالمواجهة بين الإسلام والغرب، واختصر العلاقة بينهما في الصراع الذي يراه محتوما، وهذا النوع، وإن كان موجودا قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلا أنه شهد تضخما بعد هذا التاريخ، ومن ذلك كتابات لوران أرتور دو بلسيس (Laurent Artur du Plessis). بعض آخر من هذه الكتابات امتلأت به الأسواق الأمريكية لكتّاب معروفين بمواقفهم المتطرفة من المسلمين والعرب، مثل دانيال بايبس (Daniel Pipes) صاحب كتاب "الإسلام المسلح يصل إلى أمريكا"، وستيفن إمرسون (Steven Emerson) صاحب كتاب "جهاد أمريكي: الإرهابيون الذين يعيشون بيننا". أما بعض الكتب الفرنسية التي اكتظّت بها رفوف المكتبات حول ابن لادن، فكانت تجارية تشبه في أغلبها تقارير المخابرات أو المجلات المتخصصة في الحياة الخاصة لنجوم السينما والغناء. في المقابل ظهرت بعض الدراسات الساعية إلى تقديم الإرشادات لمؤسسات السلطة الأمريكية في حربها على الإرهاب من خلال فرز التوجهات الإسلامية، فمنها ما يمكن أن يشكل عونا، ومنها ما يمكن دعمه، ومنها ما تجب محاربته.

[11]- Laurent Artur du Plessis; Islam-Occident: la guerre totale; GODEFROY (JEAN-CYRILLE); Paris; 2004; P: 112-113

[12]- معتز الخطيب، العنف المستباح: الشريعة في مواجهة الأمة والدولة، ص: 144

[13]- نور الدين أفاية، الإسلام في متخيل الغرب: في مكوّنات الصور النمطية الغربية عن الإسلام، مجلة فكر ونقد، العدد الخامس، 1998، ص ص: 50-51

[14]- رضوان السيد، الصراع على الإسلام: الأصولية والإصلاح والسياسات الدولية، دار الكتاب العربي، بيروت، 2005، ص: 41

[15]- قال مدير الاستخبارات الأمريكية جيمس كلابر، في إفادته أمام مجلس الشّيوخ الأميركي: "نعتقد في الوقت الرّاهن أنّ ما يزيد على سبعة آلاف مقاتل أجنبي جاؤوا من نحو 50 بلداً، بينها دول كثيرة في أوروبا والشّرق الأوسط". في المقابل، أعلن رئيس هيئة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي الجنرال افيف كوخافي أنّ "هناك 30 ألف عنصر ينتمون إلى الجهاد العالمي يقاتلون في سوريا حالياً". ورغم الهوّة الكبيرة التي تفصل بين التّقدير الأميركي والتّقدير الإسرائيلي، إذ الفرق بينهما يزيد عن 20 ألفاً، إلا أنّ كلا التّقديرين مع ذلك يبدو متواضعاً أمام حقيقة المشهد السّوري. (انظر: عبد الله سليمان علي، المقاتلون الأجانب في سوريا أعدادهم مجهولة، مجلة السفير اللبنانية، عدد 7 فبراير 2014.)

[16]- معتز الخطيب، العنف المستباح: الشريعة في مواجهة الأمة والدولة، ص ص: 277-278.