التديّن من مأزقِ الانغلاق إلى رهاناتِ العقلنة


فئة :  مقالات

التديّن من مأزقِ الانغلاق إلى رهاناتِ العقلنة

من حقِّك أنْ تتديّن، ولكنْ...

أنْ تدين بدِينٍ معين، أو تتمثّل مرجعيات فكرية أو ثقافية أو دينية تعتبرها مقدّسة، لا ينبغي تجاوزها. أو تعتقد أنَ المجال الديني لا يترك هوامش يطلق فيها الإنسان عنان عقله، دون أنْ يحسّ بالضّيق والحرج. كلّ هذا حقٌّ لك مكفول بموجب تلك الحرية التي تضمنُها الشّرائع، والطّبيعة، ومنطق القانون. لكن أنْ تتجاوز طبيعتك البشرية، فتفرض خصوصياتك الثّقافية، أو فهْمك لمنطق الطّبيعة والفكر، وتستأثر بكلّ ما تسمح لك به قواك لتمارس الوصاية على النّاس، أو تجعل من تديُّنك فيصلاً بين الحقّ والباطل، أو خطّاً أحمر لا يخضع لمنطق النّقد أو التّجاوز فتلك هي المشكلة الكبرى؛ لأنّ التديّن مهْما كان حقّاً، فلا يجب أنْ يكون عائقا أمام إمكانية التّواصل، والتّعايش، أو قبول الاختلاف. فالأصل هو أنّنا نبحث في أنماط تديّناتنا عما يذيب الفوارق بين بني البشر، ويكرّس منطق الاعتراف، لا أنْ يتحوّل كلّ هذا الغنى، وهذا الاختلاف إلى ساحة احتراب حادّة يصير فيها كلّ شيء قابلاً للاحتراق بما فيه كينونتنا.

خلْف كلّ تديناتنا، وأنماط سلوكياتنا، ونزعاتنا التّدميرية، بل في أشكال الطّقوس التي يقاوم الإنسان من أجل الحفاظ عليها، أو استدامتها يقف هذا الإنسان، وهو يبحث عن خلاص لرحلته الوجودية مكابراً، ومتجاوزا بتديّنه أنماطا من التديّنات الأخرى، والرّؤى المختلفة لقضايا وجودية، ليصنع لنفسه صورة المدمّر، أو العدواني، أو المتطرّف، وهي صورة أرهقتْنا إلى حدّ الحيرة. فكلّما تجدَّد الإرهاب، أو جاوز حدود المعقول، أو تعدّى التديّن سقف الحرية، إلا وأدركنا من جديد كما أشار الكثيرون أنّنا لسنا كاذبين في وجودنا فقط، ولكن نحن خطأ الوجود الوحيد. وحدها العقائد والدّوغمائيات والسرديات الكبرى من تعرّي حقيقتنا، وتصدِمنا في كلّ حين لا نستشعر فيه أنّنا الكائن الوحيد الذي تتجاوز فيه السيطرة الحاجة إلى التحكم، لتتحول إلى نزوة سطوة. لا تدخل الإنسان في الحسبان أصلا. خلف كلّ هذه الأحداث أناسٌ جعلوا من تديّنهم ذلك القربان إلى حيث عشقهم للدم، والخرافة، بدل أنْ يكون قاطرة نحو عقلانية ممكنة، تسمح بأنْ نقترب من ذواتنا، قبل أنْ نقترب من الآخرين، أولئك الذي يسمحون لنا بالتعرّف على صورتنا، وهم المرآة التي تعكس لنا وجهنا الذي به أعلنّا موت الإنسان.

التديّن مهْما كان حقّاً، فلا يجب أنْ يكون عائقا أمام إمكانية التّواصل، والتّعايش، أو قبول الاختلاف

لكن لماذا يصرّ هذا الإنسان أنْ يحوّل تديّنه إلى ساحة احتراب حادّة؟ وهل هناك بنيات وأسُس تساعده على ذلك أم الأمر متعلّق بطبيعته وجبلّته؟.

يصرّ الإنسان أنْ يجعل من تديّنه مساحة للتّعالي والتجاوز، لأنّ بتجاوزه هذا يلبي رغبة نفسية دفينة في الشّعور بأنه لا يشبه الآخرين، بل لا يتوقف عند هذا الحد فقط، حينما يشعر أنه متفوق عليهم كذلك. هنا مكمن خطر التديّنات حينما تغدو جنوناً، أو تعاليا، أو تجاوزا للحد المطلوب. إنّه جنون الإيمان والعقيدة، أو لنقل بتعبير أدقّ جنون المؤمن أو الجماعة المؤمنة حينما تصنع لنفسها أوهاماً تدور حولها، بل تتمركز عليها، كي لا ترى إلا نفسها داخل صندوق حقيقتها. ومن كان هذا حاله لن يوفر الكثير كي يقصي ويهمّش ويستأصل كلّ ما يجعله في احتكاك مباشر، وتواصل مستمر مع أنماط أخرى من التدينات. صحيح، أنّ المتعصب إنسان المقدّس بامتياز. كما يرى برنار شوفييه[1]، لكنّه ليس أيّ إنسان ولا المقدّس أيّ مقدّس؛ فالإنسان هنا يهب نفسه وروحه في سبيل قضيته، كما أنّ المقدّس هنا يتقمّص المثال والمطلق، لدرجة أنّه يغطّي حتى ذلك المجال الذي يفترض أنْ يكون بعيدا عنه أيّ مجال المدنّس.

غالبا ما يرى المتدين في شكل تدينه بأن الأصنام لا يمكن أن تتجاوز تلك المنحوتات والمعبودات والتّماثيل التي كانت ولا تزال تمثّل رموزا للآلهة، أو الشّخصيات الكاريزماتية والمؤثّرة في التّاريخ، أو ما يمثّل رمزاً جامعاً لبعض القبائل أو الثّقافات. لكن الواقع شيء آخر؛ فالعقل الإنساني كما ينحت الأحجار، ينحت الأفكار. وقد تنتهي صلاحيته بفعل تراكم المسلَّمات، والخطوط الحمراء، لتصير وظيفته الأساسية هي صناعة الأوهام، وأشكال الاستعباد، ومدارج التخلّف. فما كان يدعوه فرانسيس بيكون بأصنام الذّهن كما أكّد الطّاهر عبد الجليل يتجاوز ما أشار إليه الكلبي وكتب عنه في كتابه "الأصنام"، الذي لم تتجاوز فكرته ما أشرنا إليه سابقا من جعل الأصنام أشياء محسوسة. في حين أنّ الأصنام المقصودة في هذا السّياق هي: "شيوع بعض الأوهام والأساطير والفِكَر المغلوطة التي لا تخضع للبحث العلمي والمنطق، يتعصّب لها الإنسان ويتحيّز، فتؤثّر في كلّ وجوه حياته الفكرية، فتقيّد عقله وتحدّده، وتقرّر علائقه وصلاته مع النّاس كمّاً وكيفاً، وتعمل على تقويتها واستمرارها حيناً، وعلى تقليصها وقطعها وبترها ورتقها حينا آخر"[2]. ويمكن حصرها كما أشار إلى ذلك داريوش شايغان في ثلاثة أنماط ذكرها فرانسيس بيكون[3]:

- أصنام القبيلة: هي المعتقدات في ذهن الإنسان والكامنة في قوميته؛ ذلك أنّ أيّ إدراك نابع من الحواس والذّهن، هو إدراك منفصل عن قوالب الذّهن المسبقة، ولا يتطابق أكيدا مع واقع الأشياء. وبالتّالي سيكون ذهن الإنسان أشبه بالمرايا غير المستوية التي تخلع خصائصها على الأشياء.

- أصنام الكهف: هي تلك المعتقدات الخاصّة بالفرد؛ فالإنسان بصرف النّظر عن عصبياته وأخطائه الجماعية التي تتسرّب إليه عبر انشداده إلى قبيلة أو فئة معيّنة له عصبياته الفردية أيضا. إنّها عصبيات تُفسد النّور الطبيعي للعقل البشري عن طريق توظيف الميول الشّخصية والسّنن التّعليمية والمراجع التقليدية التي تلهم الإنسان.

- أصنام السّوق: تنحتها معاشرة النّاس لبعضهم البعض، وعلاقاتهم في ما بينهم، ولا سيما العلاقات الشّفوية المباشرة.

- أصنام المسرح: عبارة عن النّظم الفلسفية الكبرى الموروثة عن الماضي، سواء كانت يونانية أو مدرسية، إنما هي ألعاب متنوّعة تتحرّك على مسرح التّاريخ.

إذن لم تكن هذه الأصنام يوما أحجارا يصنعها الإنسان ليجابه بها مخاوفه وهواجسه فقط، ولكن كانت أفكاراً تتشكّل عبر مخيّلة هذا الإنسان، لتنشئ بذلك طرائق تفكيره، وأنماط سلوكياته، وأشكال تديّناته المختلفة بدءاً من الأصول الأولى لأشكال التديّن، وصولاً إلى ما هو عليه مع الأديان التّوحيدية. لكن يبقى خطر الفكرة قائماً ما دام الإنسان ضعيفا أمامها، يعبُدها، ويرعاها، محوِّلا إيّاها إلى سلطة مرجعية، وقوالب جاهزة يستحيل الانفكاك منها.

في الحاجة إلى عقلنة الدّين: الدّوافع والرّهانات

إذا كان التديّن حقٌّ للإنسان كما سبق الإشارة إلى ذلك، فما يشكّله اليوم من مآزق يجعل السّؤال مفتوحاً نحو إمكانية التّقليل من أشكال العنف التي تختفي وراءه، أو أنماط السّلوك غير المتوازن الذي يجعل من المتديّن حالة ثقافية تستوجب التوقّف. لم يكن العنف يوما سوى ذلك العارض الثّقافي لتديّن فقدَ صلاحيته، أو فقدَ بوصلته، حيث تحوّل من خلاص، إلى مأزق. فما نواجهه حقيقةً اليوم هو شكلٌ من أشكال أمراض الحضارة، أو عوارض ضعف الحضارات وأفولها. ولعلّ الشّكل الأبرز الذي تتجلّى فيه هذه العوارض هو العنف والتّرهيب والتّخويف.

يمكننا أنْ نختفي من المواجهة إلى ما لا نهاية، بمبرّرات قد تصلح وقد لا تصلح، وقد تقنع أو لا تقنع. لكنّ الحتمي هنا هو أنّ سؤال العنف لم يعُد حِكْراً في ممارسته على الدّولة تحديدا، بعد أنْ مارستْه جماعات وفصائل، وأحزاب تنتمي في غالبها إلى أشكال من التديّن يرفع شعار العنف، باعتباره خصوصية تميّزه عن غيره من أشكال التديّنات الأخرى، وكأنّنا أمام منافسة جديدة حول شرعية الخطاب الدّيني الجديد والسّائد. لم يعد العنف ممارسة شرعية للدّولة كما ادّعى ماكس فيبر، بل تجاوز ذلك ليصير حالة نفسية ملتصقة بأفراد وجماعات تدير التوحّش في حدوده القصوى كما تبشّر بذلك أدبياتهم الدّينية، ويروّج إعلامهم المستند على مغالطات المرجعية والشّرعية. لقد وضع هذا الخطاب الدّيني السّائد أمام الديمقراطية كما أشار سعيد ناشيد[4] ثلاث عثرات، وقد أبالغ وأقول ربما أكثر دون تحديد، بل ليس فقط أمام الديمقراطية حتى لا تتحوّل هي نفسها إلى عائق، ولكنْ وقف هذا الخطاب أيضا أمام التوحّد بذواتنا إلى الحدّ الذي نلتهمها فيه، دون الشّعور بالنّقص أو الضّعف أمام الآخرين. ويمكن اختزال هذه العوائق في ثلاثة أشكال:

أوّلاً، إلغاء الفرد: فكل الموروث الديني يتمحور حول مبدأ الجماعة كوحدة أساسية (الجماعة، الفرقة، الطائفة، الأمة، المجلس، الجمهور، جمهور العلماء، إلخ..).

ثانياً، تعطيل العقل: فالمتخيل الفقهي ينفي عن العقل القدرة على تمييز الحسَن عن القبيح من دون استعانة بالنص الديني، وينفي المساواة في نعمة العقل؛ فالسلف أعقل من الخلف، والصحابة أعقل من التابعين، وعلماء الدين أعقل من بقية العلماء، والرجل أعقل من المرأة، والمؤمن أعقل من الملحد، إلخ!

ثالثاً، تخريب الذاكرة الوطنية: هيأ تدمير الذاكرة الوطنية فرصة لتغوّل الفكر السلفي الوهابي الذي لا يتردّد في تدمير ذاكرة الأمكنة (القباب، والأضرحة، والمزارات.. وحتى قبر الرسول دمّروه درءاً للشرك كما زعموا).

إذا كان العقل المتديّن اليوم يعتبر العنف إحدى خصوصياته، فهو يضعنا أمام إشكالية المشروعية؛ أي مشروعية احتكار العنف من طرف الدّولة، إذ العنف حسب هذا التصوّر هو أحد المحدّدات الأساسية لشكل هذه الدّولة التي تقيم شرع الله، وحدوده، ومنظوره للحياة العامة والخاصة. فإقامة الدّولة الدّينية تستلزم ممارسة العنف في حدوده القصوى من أجل دمج القواعد، أو عامّة النّاس ضمن الدّائرة الإيديولوجية الدّينية لشكل الدّولة المرغوب إنشاؤها. وكذلك من أجل الضّبط بأشكاله المختلفة عبر ما سمّاه فوكو بالمراقبة والعقاب. فدراسة هذا الأخير لممارسة الدّولة للسّلطة كانت دراسة تهدف بالأساس إلى تقويض الأسُس التي قامت عليها الدّولة عند فلاسفة الحقِّ الطَّبيعي، الذين اعتبروا بأنّ تكوين أيّ نظام سياسي، هو ناتجٌ عن اتّفاق مجموعة من الأفراد في صورة عقدٍ اجتماعي. في حين أنّ السّلطة لدى فوكو هي متمركزة في شبكة علاقات دقيقة جدّاً. كما أنّ هذا الفرد نفسُه هو نتاج مؤسّسات الدّولة الانضباطية. هنا تكمن قوّة هذا الطّرح الفلسفي كما أشار إلى ذلك مطاع الصّفدي في تقديمه لكتاب "المراقبة والعقاب" حين قال بأنّ: "ولادة المجتمع الانضباطي الشّامل تحقّقتْ تلقائياً، عندما تغلغلت شبكيات التّنظيم في كلّ مجال فردي ومؤسَّسي. وأصبح هاجس التّنظيم يبرِّر كلّ أساليب الإخضاع والإشراف والإصلاح والتّوجيه...إذ يغدو كلّ فرد رقيباً على ذاته وغيره. حيسوباً لأتفه التصرّفات، مقيّما إيّاها بما تستحقّ أو لا تستحقّ، تحت طائلة طبقيات لا تنتهي من القيم والاعتبارات والعادات."[5].

من هنا، فالعنف ليس خياراً لحظياً تستخدمه التّيارات السّياسية الدّينية بمختلف تشكيلاتها. ولكنّ العنف أيضاً هو بنية سيكولوجية تغذّيها معطيات ثقافية، تجعل المرء يوالي ويعادي، ويبرأ من كلّ المخالفين له في أشكال تديّناتهم. وعلى هذا الأساس، يتمّ الاستقطاب والتّغرير والاستدراج إلى مستنقعات العنف الذي حوَّل التديّن من خلاصٍ، إلى خطر وجودي محدِق بالإنسانية في بعده العنيف، وغير المنضبط بأخلاقيات الاختلاف والتّعايش والسّلام؛ ذلك التديّن الذي حوَّل هذا الوجود إلى ساحة حرب، والإنسان إلى آلة للتّدمير، والعقل إلى خصوصية للتّكفير، والحياة إلى جحيم لا يستحق أنْ يعاش. هذا العنف وهذا الاحتراب، وذاك النّمط من التديّن العنيف جعل الإنسان اليوم حائرا بين مخاضات ثلاثة[6]:

الأول: يرى بأنّ المستقبل للتّيارات الإلحادية. فما لم يجده الإنسان في هذه الأنماط من التديّنات، فإنّ الإلحاد هو المساحة التي يمكن أنْ تخلّص الإنسان من عنف التديّنات وقسوتها.

الثاني: يرى أنّ المستقبل للأصوليات الدينية، فهي الوحيدة التي باستطاعتها إخراج الإنسان اليوم من جاهليته، أو ماديته، وإدخاله إلى حيث يتقدّم نحو الماضي بدل المستقبل، أي إرجاعه إلى حالته الأصل، حالة الطّهرانية الأولى (السلف).

الثالث: بين هذا وذاك؛ أيْ إنّها لا تؤمن بالمستقبل للدّين كما تجلّى في أدبيات الأصوليات الدّينية، ولا أيضا كما تبشِّر به بعض الأطروحات الإلحادية. فهي وسطٌ بين هذا وذاك، حيث تبشِّر بما يسمّى بالرّوحانيات اللائكية كما يسمّيها لوك فيري[7]؛ أي تلك الروحانيات التي لا تحتاج المرور عن طريق الإله أو المعتقدات، بل بوسائل العقل البشري والفكر وحدها.

ليس العنف وحده من يستوجب عقلنة تديّناتنا، بل هناك ما هو أعمق وأرسخ في منظومتنا وبنياتنا ويستحقّ التوقّف والتأمّل:

حالة التعصّب: مهما تعدّدت تعاريف التعصّب فإنّها تعني الحالة التي يكون فيها الشّخص مشدودا إلى أفكاره ومعتقداته، معتمدا في ذلك على كلّ ما هو متاح لتثبيته، ولو مارس الفعل التّدميري. إنّه باختصار حالة الإلغاء والإقصاء والإجرام التي يختزلها روبسبيير بمقولته المشهورة: "إنّنا كالحقيقة لا نلين صامدين متجانسين، وأقول: إننا تقريبا كالمبادئ لا نطاق"[8]. فكلّما ازداد اليقين بأفكارنا، كلّما ازداد يقيننا أيضا بتصفية كلّ من يقف أمامها، أو يحول دون تحقيقها على أرض الواقع. وباختصار شديد لفهم سيكولوجية المتعصّب يرى فرويد أنّ محدّداتها لا تخرج عن ثلاثة مؤشرات: "النّرجسية، الكلية، والإسقاط أو الإضفاء. فالشّخص المتعصِّب مصابٌ بعقدة شهوانية الأنا (النرجسية). فهو الوحيد الذي يكون دوماً على حق، وبفضل إيمانه بالقدرة الكلّية لفكرته، سيتوصّل إلى تغيير العالم سحريا، وإلى اجتلاب الفردوس. كما أنّ لديه فكرة إسقاطية تريحه من كلّ شبهات الضعف والقصور البشري"[9].

حالة التقديس: هذه الحالة هي السّبب الرئيس في حالة التعصب التي تحدثنا عنها سابقا، لأن منطق القداسة يرتكز على إضفاء المعنى على موجودات لا معنى لها بدوافع نفسية أو سياسية أو اجتماعية. فلا مجتمع أو جماعة بعيدا عن القداسة وامتداداتها، حتى في العصر الذي من المفترض أنْ يكون قد قطع معها، أو يدعّي القطع معها. فبين الإنسان والمقدّس حكاية ومسار وتاريخ من الصّراع والوفاق، والحرب والسّلم، والتّسامح والتباغض. فالمقدّس هو الأساس الوحيد للفكر الديني، عليه تتأسّس المقولة الدينية، وبواسطته يتم الشّعور والإحساس بحصانة المؤمن من روح النّقد. أو بتعبير أدقّ: "إنّه الفكرة التي يتمحور حولها الدّين على حدّ قول هنري كوربان، فالأساطير والمعتقدات تحلّل مضمونه على طريقتها، والطّقوس تستخدم خصائصه، والكهنة يجسّدونه والمعابد والأماكن المقدّسة والصّروح الدّينية توطّده وتجذّره في الأرض ومنه تنشأ الأخلاق الدّينية. الدّين هو المقدس"[10].

وإذا كان الدّين هو تدبير المقدّس كما تشير المقولة السابقة، فإنّ المقدّس هنا يصير قوّة فاعلة، وطاقة حيوية يرى فيها الإنسان استمراريته، وواجبه الأخلاقي اتّجاه المجهول بالنّسبة إليه. فالمقدّس يتجاوز فكرة الاختيار ليصير الضّرورة القصوى لحياة الجماعة، ويتحوّل إلى صنم حينما يشيّد لنفسه حصوناً من النّقد والمساءلة والشكّ والتّمحيص.

هيمنة الوعي الأسطوري على الوعي التاريخي: بهذا العنوان يبتدئ هاشم صالح في الحديث عن عقلية القرون الوسطى، والتي ما زالت تبعاتها وامتداداتها سارية المفعول إلى وقتنا المعاصر. تلك العقلية التي تتداخل فيها أشكال التفكير، خاصّة الفكر الخرافي الأسطوري. ولعل أهم ما يمكن أن نسجله هنا لتوضيح هذه الهيمنة هو سيادة مجموعة من الأشكال التي يتجسد فيها هذا الوعي الأسطوري، وهو ما ذكره هاشم صالح نفسه نقلا عن جاك لوغوف:

- هيمنة العقيدة اللاّهوتية على العقل.

- صورة الإنسان المتشائم الخائف من الذنوب والخطايا

- الزّهد في الحياة واحتقارها، واعتبارها دار عبور إلى الحياة الحقيقية

- هيمنة العقلية الرّمزية أو الخيالية على وعي الناس[11].

سمات التديّن العقلاني: مصطفى ملكيان نموذجا

لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذه السّمات هي مداخل لإصلاح فردي وجماعي لأنماط وسلوكيات تسم التديّن المعاصر والقديم على حد سواء، وقد تصلح لمختلف أشكال التديّن، على أساس أنّ هذه الأشكال لها نفس العوارض والمآزق والامتدادات. وقد اخترنا اقتراحات مصطفى ملكيان على اعتبار أنّها واضحة، وقريبة من العقل، دون أنْ ننكر فضل محاولات أخرى قدّمتْ دليلا ومرشدا لتديّن عاقل يخرجنا من مأزق الانغلاق وحالة الجمود التي نعيشها، ولعلّ ما كتبه سعيد ناشيد أيضا يفيدنا في هذا الصّدد. وسأحاول اختصار هذه السِّمات دون أنْ يكون لي القصد إلى حصرها، وتحديدها. فهي قابلة للنّقد، والأخذ والرد، والزيادة والنقصان. ما دامت كلّها تنطلق من تصوّر مفاده إخراجنا من الصّورة الحرجة التي تضعنا فيها أنماط وأشكال تديّناتنا. وإليكم هذه السمات:

السّمة الأولى: فلسفة الحياة:

لم يكن الدين في بعض تجلياته إلا فلسفة للحياة؛ أيْ إنّه هو ذلك البناء النّظري الذي يجعل الإنسان يتفاعل مع محيطه وطبيعته وذاته، مقلّلا من إمكانيات التّصادم مع هذه المكوّنات. ولكي يكون هذا التديّن عقلانيا وجب إخراجه من الأشكال والأنماط المتحجّرة، إلى حيث يصبح فلسفة للحياة لا بمعنى أنْ يصبح جزءاً من إيديولوجية شمولية تتدخّل في كلّ مناحي الحياة. ولكن فقط أنْ يشتغل المتديّن ضمن نسق فكري يقرّبه من كلّ قيم التّعايش والتّواصل مع أشكال أخرى من التديّنات، وحتّى أشكال اللاتديّن. على الرغم من أنّ حديث مصطفى ملكيان على هذه السّمة تحديدا يبدو بعيدا عما أشرت إليه، حيث يختزل هذه السّمة في أن على المتدين: "أن يكون له معنى واحد، وفلسفة واحدة، ولا يمكن تجزيئها إلى أقسام متعددة"[12]. فالوحدة بالرّغم من أنّها تثير في الإنسان مشاعر القوة والرّغبة والتّجميع، إلا أنّها تثير في الوقت نفسه مخاوف الإقصاء والتّهميش كما هو مشاهد في جزء كبير من ثقافتنا.

السِّمة الثانية: طلب الحقيقة دون ادّعاء احتكارها

ينبثق هذا المعطى المهمّ في فكر المتدين من الإحساس بمجاوزة الفكر الدّيني لشروط إنتاجه، كما أنّه ينهل من الإحساس بدونية المعرفة الأخرى المغايرة لبنيته وتصوّراته. ولعلّ النّاظر في تاريخ الفكر الديني يبصر هذه الحقيقة، حينما صار استخدام العقل محرّماً في النّظر إلى بعض الأمور العقدية، وانقسمت المدارس إلى أهل الأثر وأهل الرّأي أو العقل، حيث أصبح الاتّجاه الأوّل محمودا والاتّجاه الثّاني مذموماً. كما حُوربت المعتزلة وكلّ من دعا إلى أولية العقل على النّص، وحوربَت الفلسفة ووصف أهلها بالتهافت على حدّ تعبير الإمام الغزالي. ولعل السبب الرئيس في ادعاء الحقيقة وامتلاكها هو ما أشار إليه علي حرب حينما قال: "لا تطابق ممكن في الأصل بين القارئ والمقروء، إذ النّص يحتمل بذاته أكثر من قراءة. وأنّه لا قراءة منزّهة مجرّدة. إذ كلّ قراءة في نصٍّ ما، هي حَرْفٌ لألفاظه وإزاحة لمعانيه."[13]. وبالتالي، فالتدين العقلاني هو طلب للحقيقة-هذا إذا ما اعتبرنا وجود حقيقة واحدة- أو أمل في الوصول إليها، وليس امتلاكا لها أو الوصاية والتحدث باسمها.

السّمة الثالثة: الممارسة النّقدية

إنّ المدخل لفلسفة النّقد في الفكر الديني يستلهم مصطلحا رائجا في التداول الفلسفي، وهو "النقد الثقافي". لقد أشار عبد الله الغذامي في كتابه "النقد الثقافي" إلى وظيفة هذا المصطلح، حيث يُعَدُّ نظرية في نقد المستهلك الثقافي؛ أي الاستقبال الجماهيري والقبول القرائي لخطاب ما، مما يجعله مستهلكا عموميا، في حين أنه لا يتناسق مع ما نتصوره عن أنفسنا وعن وظيفتنا في هذا الوجود. فهذا الجهد النقدي هو نقد للمتن الثقافي، والحيل النسقية حسب الغذامي، والتي تتوسل بها الثقافة لتعزيز قيمها الدلالية[14]. ومن هذه الحيل تغييب العقل وتغليب الوجدان[15]. فالواقع أن هذا النقد الثقافي قد كسر مركزية النص أو الموروث بشكل عام كما عرفه الاتجاه التفكيكي مع جاك ديريدا تحديدا. لكن النص كما يقول الدكتور حفناوي ليس هو الغاية القصوى للنقد الثقافي، وإنما الغاية المبدئية هي الأنظمة الذاتية في فعلها الاجتماعي، في أي تموضع كان، بما في ذلك تموضعها النصوصي[16].

السّمة الرابعة: ضبط النفس

وهذه السّمة تعني عدم الانجرار نحو الميولات الغريزية؛ فلا يجب أنْ يخضع الإنسان إلى غرائز الموت، فينجرّ إلى العنف، والتقتيل، كما لا يجب أنْ ينجرّ وراء نزواته الجنسية فلا يتم عقلنة هذه الأشياء؛ فكلّ ما هو مطلوب هو ضبط النّفس، وليس قمعها أو كبتها، بل فقط إدخالها إلى حسابات عقلانية تخرجها من كلّ المآزق التي تمر منها وفيها.

السّمة الخامسة: سيادة الذات

ما معنى سيادة الذات، إنْ لم تكن عدم الخضوع للآخرين الذين حوّلتهم هذه الذّات إلى جحيم. فبعد أنْ يمرّ الإنسان في مراحله الأولى من التّبعية الدّينية في شكل تديّنه بفعل التّنشئة الاجتماعية، وقهرية الثقافة، يأتي الوقت على هذه الذات لأنْ تتموقع من جديد؛ أيْ أنْ تعيش مع الآخر، لكن تحيا خارج أطره وأنساقه، خاصّة إذا كانت تخالف الطّبيعة الإنسانية.

لم يكن العنف يوما سوى ذلك العارض الثّقافي لتديّن فقدَ صلاحيته، أو فقدَ بوصلته، حيث تحوّل من خلاص، إلى مأزق

السّمة السّادسة: الطمأنينة

يمكن أنْ نستعيض عن هذا المصطلح الذي أورده مصطفى ملكيان بالحياة الطّيبة أو السّعادة، وهذا لن يتأتّى، إذا ما كان التديّن يحمل مفاهيم كلّها مدعاة للخوف والتخويف والترهيب. فالتديّن العقلاني هو في نهاية المطاف سعيٌّ لهذه الطمأنينة، أو محاولة الوصول إلى السعادة، أو ابتعاد عن مواطن الألم، وبحث عن مواطن اللذة والمتعة. وإضافة إلى ما ذكره مصطفى ملكيان في معرض حديثه عن هذه السّمة يمكننا الإشارة أيضا إلى أنّ الطمأنينة أيضا هي شغل كلّ الفلسفات بما في ذلك الأديان. لكنْ لتحقيق هذا المبتغى لا بد من المرور على ما ذكره لوك فيري بخصوص معيقات هذه الطمأنينة.

أولا: فكرة الإفراط hybris ذلك الغرور المنفلت من كلّ قيد، والّذي يجعلنا نقدر أنفسنا اكثر مما نحن عليه. ويخرجنا من المنزلة التي أسندت إلينا، بل يجعلنا على هذا النّحو نهدّد بالقطع مع التّناغم الكوني المسمّى بالكوسموس.

الثاني: تحصيل السّعادة أو الحياة الطيبة رهين بالانفصال التامّ عن هواجس الماضي أو المستقبل. فالماضي يمنعنا من الإقامة في الحاضر، إما لأنّه كان سعيدا فيشدّنا، أو حزينا فيغمرنا بالأحزان والآلام، وهو ما كان يسميه سبينوزا بـ "الأهواء الحزينة ". فالحنين كما الأمل، والماضي كما المستقبل؛ كلاهما يثقلان كاهل الإنسان ويمنعانه من سعادته، لأنّ الماضي زال، والمستقبل لم يحن.، وعلى حد تعبير sénèque: "فإنّنا من فرْط العيش في الماضي أو في المستقبل تعوزنا الحياة".

أمّا الخطر الثالث: الذي يتهدّد سعادتنا نحن البشر الفانين، فهو الخوف، لهذا اعتبر اليونانيون القدامى الخوف عدوّهم الأول، لأنه يحوِّلنا إلى أغبياء وخبثاء: أغبياء لأنّ دواعي الخوف تكون لا عقلانية في أغلب الأحيان. كما أنّه يجعلنا منغلقين على أنفسنا، ومتمركزين على ذواتنا، وهو ما يتناقض مع الحكمة التي كان أحد تجليّاتها فِعْل التفلسف، إذ الحكيم هو نقيض الخوّاف، فهو ليس سوى شخصٍ قادر على التغلّب على ضروب الخوف، وبالتّالي على التّفكير بحرّية أكثر.

السّمة السّابعة: النزعة الإنسانية

وتعني ببساطة أنّ التديّن هو في خدمة الإنسان ومصلحته، وليس في التّجاوز عليه أو ضده. هذا لا يعني بحال أنْ ننساق مع الدّعوات الإنسانية التي تخرجنا من باب لتدخلنا في آخر؛ أيْ إنّها في الوقت الذي تعلن فيه موت الإله، تعلن قداسة الإنسان. ولكن النّزعة الإنسية humanisme المقصود بها تلك الحركة التي ظهرت إباّن عصر النهضة قادها مجموعة من العلماء، رغبوا في إحداث القطيعة مع عصر الظّلمات، وإحداث تواصل مع مرحلة تاريخية جديدة، بالرّغم من ارتباط الكثيرين بالتّراث الديني المسيحي، الذي لم يكن يجرؤ الكثيرون على اقتحام محاذيره. كما أنّ هناك ميزة أخرى تميّز بها الفكر الإنسي هي النزعة التفاؤلية الشديدة.

السّمة الثامنة: استيعاب هفوات الآخرين

هذا تعبير مصطفى ملكيان، ويمكن الاستعاضة عنه بمصطلح آخر، وهو استيعاب الاختلاف مع الآخرين. فالتديّن العقلاني، والمتديّن المتعقّل هو من يسعى للتّلاقي مع الآخر المختلف، سواء كان متديّنا أو غير متديّن؛ فالاستيعاب مرحلة جديدة يعبّر فيها الإنسان عن رغبته في التّواصل، كما يعبّر فيها عن الخروج من ضيق ما ترسمه لنا الثقافة من خطوط حمراء.

السّمة التاسعة: تحاشي الوثنية

ويمكن أنْ نعبّر بخلاف ما أورده مصطفى ملكيان، فنقول إسقاط الأصنام الذهنية. فالتديّن العقلاني هو إسقاط للأصنام الذهنية، وليس إقامة لها. يمكن الجزم ومن خلال التّاريخ الإنساني، ومسارات تشكّله، أنّ الأصنام الذّهنية، أو الوجه الآخر من الإنسان لهما التّأثير الكبير في تشكّل المجتمعات القديمة، والمعاصرة على حدّ سواء، إذ لا يمكن أنْ نتصّور مجتمعا له سمات ثقافية معينة، إلا في ضوء أدلوجة مقدّسة، تستوجب على الفرد التمسّك بها، والتعلّق فيها لضمان أكبر قدْر من التّلاحم الجماعي، والانضباط لمقرّرات الجماعة، والسّير وفق ضوابطها وكوابحها. وهنا يصير الصّنم بمثابة الجامع والمانع من التفكّك والانحلال، والمعبّر الوحيد عن وحدة الجماعة وصلابتها. ولكي نفهم الدّوافع النّفسية التي تنهل منها الجماعة في صناعة الأوهام والأصنام، لا بدّ من الإشارة أنّ الصّنم هو مشروع جماعي يتجاوز الفكرة إلى الوجود الفعلي؛ بمعنى أنّ الجماعة ترهن بشكل إرادي وجودها بوجود الصّنم، فهو ليس مسألة اختيارية، بقدْر ما هو قدَرٌ لا انفكاك عنه أو منه إلا بالمحافظة عليه. لهذا ترى أنّ الانتماء إلى المشروع الجماعي هو انتماءٌ وجودي في مقابل وجود جماعات أخرى، وهنا يمكننا أنْ ندرج مسألة الرِّدة والخروج عن دين الجماعة، فغالبا ما تتعامل معه الجماعات الأصولية المنغلقة بحسٍّ تهديدي، وليس مسألة شخصية، لأنّها تعتبره تحطيماً لثوابت الجماعة وتكسيرا لحصونها؛ لذا وجب قتله.


[1]- شوفييه، برنارد. المتعصبون. ترجمة. قاسم المقداد. دار نينوى. ط1. 2017. ص: 12

[2]- الطاهر، عبد الجليل. أصنام المجتمع بحث في التحيز والتعصب والنفاق الاجتماعي. بيروت. مكتبة التنوير، ط1، 2016. ص: 12

[3]- داريوش، شايغان. الأصنام الذهنية والذاكرة الأزلية. بيروت، دار الهادي، ط1، 2007. ص: 33

[4]- سعيد، ناشيد. دليل التدين العاقل. بيروت، دار التنوير، ط1، 2018. ص: 10

[5]- فوكو، ميشال. (1990). المراقبة والعقاب. ترجمة علي مقلد. مراجعة وتقديم مطاع الصفدي. مركز الإنماء القومي. بيروت. ص: 37

[6]- انظر ما كتبه حول هذه الأطروحات سعيد، ناشيد. الطمأنينة الفلسفية. بيروت، دار التنوير، ط1، 2019. ص: 60/61

[7]- فيري، لوك. أجمل قصة في تاريخ الفلسفة. بالتعاون مع كلود كبلياي. ترجمة محمود بن جماعة. دار التنوير للطباعة والنشر، ط1، 2015. ص: 21

[8]- شوفييه، برنارد. المرجع السابق. ص: 106

[9]- أندريه هاينال، وميكلوس مولنار، وجيرار دي بوميج. سيكولوجية التعصب. ط1، ترجمة خليل أحمد خليل. دار الساقي، 1990. ص: 18

[10]- روجيه، كايوا. الإنسان والمقدس. ترجمة سميرة ريشا. مراجعة جورج سليمان. بيروت، المنظمة العربية للترجمة، ط1، 2010. ص: 36

[11]- هاشم، صالح. (2005). مدخل للتنوير الأوروبي. (ط1). بيروت. دار الطليعة. ص: 18

[12]- مصطفى، ملكيان. التدين العقلاني. ترجمة عبد الجبار الرفاعي وحيدر نجف. بغداد، مكتبة الفكر الجديد، ط1، 2012. ص: 7

[13]- حرب، علي. (1993). النص والحقيقة II. نقد الحقيقة (ط1). بيروت. المركز الثقافي العربي. ص: 6

[14]- الغذامي، عبد الله. (2005). النقد الثقافي: قراءة في الأنساق الثقافية العربية. (ط3). المركز الثقافي العربي. ص: 81/83

[15]- نفس الفكرة طرحها غوستاف لوبون في حديثه عن سيكولوجية الجماهير، حيث قال بأن الجماهير لا تتأثر بالمحاجات العقلانية بل فقط بالعواطف. انظر. سيكولوجية الجماهير. (1991). ترجمة وتقديم هاشم صالح. دار الساقي. ص: 123

[16]- حفناوي، بعلي. (2007)، مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن. (ط1)، منشورات الاختلاف والدار العربية للعلوم. ص: 21