الحضارات الإنسـانية بين واقع الصدام وأفق الحوار


فئة :  أبحاث محكمة

الحضارات الإنسـانية بين واقع الصدام وأفق الحوار

الملخّص:

مرّ عالمنا المعاصر خلال العقد الأخير من القرن الماضي بـتحولاتٍ سياسية مفصلية كبرى تمثّلت في انهيار جدار برلين، وسقوط الاتحاد السوفيتي والكتلة الاشتراكية، ونهاية النظام الدولي القديم "الثنائي القطبية"، وزوال شبح "الحرب الباردة" التي خيّمت على البشرية طيلة عقود، كلفتها أثماناً مادية ومعنوية باهظة جداً، لتنتهي المفاعيل الدراماتيكية وقتها بالإعلان النهائي والتام لتوقّف الصراع الإيديولوجي وسباق العسكرة بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي، وبدء مرحلة جديدة من القطبية الواحدة، واستفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالزعامة الدولية للعالم.

والملاحظ أنّ سقوط العقائد الاصطفائية والنّظم الشمولية القهرية، أدّى إلى كسر الحواجز بين الدّول والشّعوب، وهَتْك أستار الحجب، وانقشاع الغبار التاريخي عن الهويّات المغلقة، وارتفاع الوصاية الفكرية والخوف السياسي، تحررتْ على خلفيته دول عديدة، وانفكّت عقد الأقليات العرقية واللغوية، ممّا أطلق في العالم ثورةً جديدةً هي "ثورة الخصوصيات" الثقافية والنعرات العرقية والتنوعات الطائفية والتعددية الثقافية والدينية وغيرها.

ولاشك بأنّ خلافات سياسية ومشاكل فكرية وصراعات وأعمال عنف كبيرة، قد تمخضت عن هذا المشهد الدولي الجديد المتأزم، جعلت الحاجة ماسّة لإعادة الاعتبار لقيم الحوار، ومبادئ السلم، والحفاظ على القيم الإنسانية العامة المشتركة، والبدء بالدعوة لما يسمّى بحوار الحضارات العالمي الذي كان من المفترض أن يؤسس لعالم جديد، يعمّه السلام والأمن والاستقرار، عالم قائم على الحرية والعدالة والمساواة والتكافؤ والندية، واحترام منظومة الحقوق الإنسانية، بعد أن سقطت دعائم النظام القديم، نظام القطبين.

إنّ التنوع الثقافي والحضاري والإنساني، والسعي للحفاظ على المشتركات الحضارية الفاعلة والخصوصيات الثقافية الحيّة بين البشر، هو الأمر الأكثر إلحاحاً في موضوعة "الحوار الحضاري"، خاصةً مع صعود ثقافة الصراع بين الحضارات (التي دعا إليها المفكر صموئيل هنتنغتون) وفكرة نهاية التاريخ الأمريكية (التي أسس لها ميشيل فوكوياما)، ونزوع ظاهرة "العولمة" إلى توحيد العالم والبشر ككل سياسياً وثقافياً ومعلوماتياً (اتصالياً).. ممّا أثار لدى الناس (الرافضة لمبدأ الاندماج والتوحيد القسري في كلّ المواقع) موجات هائلة من ردود أفعال السّلبية العنيفة، والمقاومات المتعددة في كل الأرجاء.

واليوم تتزايد أهمية الحوار بين الأفراد والمجتمعات والحضارات، خاصة في ظروفنا السياسية العربية والعالمية الراهنة، حيث تغلغل الخلاف واشتد التنازع واستحكمت الصراعات الدموية في كلّ الملفّات العالقة الخاصة بمنطقتنا العربية، والتي تحولت إلى بؤرة استقطاب واستنزاف وتوتر دولي دائم ومتواصل، نتيجة لعدم فك عقدها، وحلّ أزماتها ومشكلاتها السياسية والاجتماعية المستعصية والمؤجلة منذ زمن طويل، خاصة مشاكل التنمية والحكم الفردي والتسلط السياسي والظلم الاجتماعي والفقر الاقتصادي.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا