في الحداثة عند هشام شرابي: دلالات الواقع والمستقبل


فئة :  مقالات

في الحداثة عند هشام شرابي:  دلالات الواقع والمستقبل

تطلعنا التجربة الفلسفية للمفكر العربي هشام شرابي على جرأة قلّ نظيرها بين مثيلاتها في الفكر العربي المعاصر من جهة تميزها في طرح منهجي واضح وتصور عميق للواقع العربي وتبصر وافٍ لبنيات المجتمع وتركيبته من أبسطها إلى أعقدها ومن أدناها إلى أعلاها. يؤكد هذه الحكم موقف ديب حسن علي في قوله:

"ربما كان هشام شرابي المفكر العربي الأكثر جرأةً في بحث طبيعة العلاقة بين المثقفين العرب والغرب، طرح هذه العلاقة للبحث وللوصول إلى غاية أساسية ومنشودة تقودنا إلى معرفة آليات التفكير الغربي، وكيف علينا أن نتعامل مع الغرب بفكره وثقافته وحضارته، ولعلّ قيمة هذا الطرح الذي قدمه الراحل شرابي تأتي من سيرته الفكرية التي تكونت في الغرب، وتحديدًا في الولايات المتحدة"([1])

من دون شك فإنّ هذه التجربة الفلسفية من حيث هي تحليل وتفكيك للواقع العربي ونقده في خطابه ماضيًا وحاضرًا، في مضمونه المعرفي الهش والهزيل، بفضحه وتعريته من كل أشكال التمظهر والتلون التي تلون بها، من دون شك فإنّ محاولة الدكتور هشام شرابي تمتاز عن المحاولات الأخرى بهذه الخاصيات وأخرى غير أنّها مع ذلك تتقاطع وربما تتقارب مع بعض منها وعلى وجه خاص تلك المحاولة التي تفرد بها المفكر محمد أركون Mohamed Arkoun بتسليطه أضواء منهجية تحليلية نقدية على الفكر الإسلامي نصًّا، تراثًا، تاريخًا واقعًا.

سؤال التقدم:

بيد أنّ تجربة المفكر هشام شرابي تتجاوز الطروحات الأخرى بإضافة البعد النضالي والالتزام الذي يعد واحدًا من شروطها ذلك أنّها أبانت عن هدفها المتمثل في البحث عن تفسير شامل لواقع التخلف العربي بغرض تغييره؛ وهو الأمر الذي يعتبر قناعة رسختها ظروف الواقع المعيش المهزوم، المليء بالمآسي والأحزان وعززتها أو عضدتها المصادر الفلسفية التي استقى منها المفكر آراءه وعلى وجه الخصوص المصدر الماركسي والوجودي (كيركغارد S. Kierkegaard، هيدغر M. Heidegger، ميشال فوكو M. Foucault، جاك دريدا J. Derrida وآخرون غيرهم). لقد ظل السؤال المحوري* لدى هشام شرابي متمحورًا في:

لماذا يقبع المجتمع العربي في تخلفه مستكينًا إلى تناقضاته وخلف جدران الجهل على الرغم من مواتاة الظروف الموضوعية لتحقيق نهضته وتغيير وضعه المتردي إلى واقع وحقيقة؟ ما السبيل إلى حداثة تنبع من واقع المجتمع العربي وأصالته وإن أخذت بالأسباب الموضوعية التي ساعدت غيره من المجتمعات على إنجازات تاريخية في التنوير والتقدم؟ ما هي عوائق التقدم العربي اجتماعيًّا ونفسيًّا؟ وكيف نستفيد من دراسة واقعنا التاريخي في قراءة توجهنا نحو مستقبل مأمول ومشروع للأجيال القادمة حتى لا تكون رهينة ماض عتيق أو عبئًا على جيل لم يقم بكامل الخطوات في سبيل التحرر الكامل أو تقاعس بوعي مزيف وإرادة منكوبة عن تحقيق المزيد من الانتصارات؟

ذلك هو الهدف الذي انشغل به كل مثقف عربي صادق في مواكبة المجتمعات المتقدمة والقيام بمهمته التاريخية التي تنتظرها منه أمته ولم يكن هدف شرابي ليحيد عن ذلك فقد حدد ما كان يصبو إليه- بوصفه مثقفًا دارسًا لواقعه ولكن أيضًا باعتباره ملتزمًا بتصحيح وضع هذا المجتمع بصدق - في مقدمة مؤلفه المثقفون العرب والغرب قائلاً:

"لقد آن لنا أن نجابه حقيقتنا بعزيمة صادقة وتصميم، ليس لأنّه بالمواجهة الصادقة فقط يمكننا تخطي الحاضر، بل لأنّه بدون مجابهة كلية ومستمرة لن نقدر على تجاوز هذا الحاضر ـ لا بثورة ولا بدون ثورة – وعلى بناء مستقبل جديد يضعنا في التاريخ الذي مازلنا نعيش على هامشه. وأولى الحقائق التي علينا مجابهتها هي حقيقة تاريخنا من دون كذب على النفس وخداع الآخرين."([2])

ضمن هذا الإطار تقوم دعوة شرابي إلى تشريح الواقع العربي وتشخيص عيوبه التي يلخصها لنا المفكر في الأبوية وحياة البطركية وما ينتج عن هذين المفهومين من سلبيات الاستبداد والتسلط والظلم بدءًا من أبسط بنية في المجتمع وهي الأسرة إلى أعلى بنية فيه وهي الدولة. لا جدال في أنّ هذا التشخيص حقيقي وواقعي إلى أقصى مداه ومن هنا فهو يكتسب مصداقيته وقوته التي تكشف عن جذور التخلف العربي وعقباته التي يمتد إليها نقد شرابي متغلغلاً إلى جميع المجالات التي يختبئ وراءها التخلف الأبوي فيشمل بذلك نطاقات الإيديولوجية، السياسية، النخبوية، الثقافة السائدة، الفئات المهمشة، الأسرة، السلطة ...الخ.

لقد انتهى شرابي في طروحاته إلى مغايرة التفسيرات الفوقية التي قدمت للمهمة نفسها والتي ندب نفسه لها، وخالف بها التفسيرات الخارجية والسلفية وانتهى إلى التفسير الشامل أو النقد الحضاري، مناهضًا بذلك أيديولوجيا الفكر الثوري القديم وغيبيات الفكر الأصولي المتنامي دون رفض للقيم الروحية والأزلية وهو ما أتاح له بناء لغة جديدة في النقد الحضاري تقوم على الحرية والمساواة وتطرح الديمقراطية على صعيدي الفكر والممارسة وتنبذ الشمولية والفوقية والمطلقية.

شرابي: الحداثة والفرار من الأبوية:

في مجمل نصوص هشام شرابي تتجلى الحداثة نقطة مركزية في فكر الرجل وكتاباته، يكفي أن نستدعي قراءة سريعة لعناوين مؤلفاته حتى نقف على هذا الرأي فمنالمقاومة الفلسطينية في وجه إسرائيل وأميركا (1970) إلى مقدمات لدراسة المجتمع العربي (1975) الجمر والرماد: ذكريات مثقف عربي (1978)، المثقفون العرب والغرب (1981)، البنية البطركية: بحث في المجتمع العربي المعاصر(1987‏)، إلى النظام الأبوي (1988)، النقد الحضاري لواقع المجتمع العربي المعاصر (1991)، صور الماضي (1998)، النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي (2000).

في هذه النصوص وأخرى لشرابي تنبجس رؤية مفكر متطلع إلى واقع جديد، إلى حلم مستقبلي توضع لبناته على يد جيل جديد طموح بواقع متغير نحو حداثة عربية لم يعلن عنها شرابي صراحة في عناوين أعماله لكنها حاضرة بكثافة وبقوة في ثنايا طروحاته المتنوعة والعديدة التي تزخر بها نصوصه.

ضمن رؤيته الحداثية أو التحديثية بالأصح للمجتمع العربي (وهو الذي كرس مجمل بحوثه ودراساته للمجتمع العربي بحيث كان هو مادة موضوعه المفضل) يقوم المفكر الفلسطيني هشام شرابي (1927- 2005) - كغيره من المثقفين العرب الشغوفين بهاجس الحداثة موضوعًا وواقعًا- بتشخيص دقيق وموضوعي لواقع المجتمع العربي. فقد آل على نفسه ألا يكون هذا التحليل المتوخى موهمًا أو منتقصًا أو مراوغًا* بل سعى في مقدمة كتابه "مقدمات لدراسة المجتمع العربي" إلى التحرر من كل وصاية أو بمعنى أكيد تحرير سلوك الفرد ـ وهو الذي عزز مناهضة الأبوية (البطرياركا التي خيمت على مجتمعاتنا العربية وكبلت عقول أفرادها وأجسامهم) وكل سلطة تجثم على الذهن فتحجره وتجعله بعيدًا عن منطق التغير والتطور- في كل مسعاه أساسًا أوليًّا للتنوير والحداثة، إنّها الذاتية والفردانية التي مجدتها أوربا وبها وعن طريقها فتحت دروب "الحداثة" (إحدى فروعها أو تجلياتها الأوربية أو تمظهراتها في أوربا) القائمة على الذاتية والمبنية بدورها على العقلانية وهذه ليست منفصلة عن الوعي الذاتي أس كل نقد وتحليل لصالح الحرية.

يقول شرابي في وصف منهج دراسته الهادفة إلى المعرفة العقلانية أحد أركان الحداثة: "إنّ دراستنا هذه هي في الأساس محاولة لتحقيق المعرفة الذاتية، وإذا كان الوعي الصحيح أساسًا للنقد البناء فهو أيضًا أساس السلوك العقلاني. وكما أنّنا نرى أنّ أي تغيير فعلي في مجتمع ما لا يمكنه أن ينبثق إلا من صميم ذلك المجتمع (أي بتغيير الذات)، فالتحرر الصحيح لا يمكن أن يحصل إلا من خلال عملية تنبثق في قلب المجتمع (أي التحرر الذاتي). كذلك نقول بأنّ المعرفة السليمة لذلك المجتمع لا بد أن تصدر عن ذلك المجتمع نفسه."([3])

يرى شرابي أنّ مجهوده الفكري في تحليل الواقع ليس من دون جدوى بل إنّ مضمونه كفيل بالوقوف على أوجه الصراع وعلى عقبات التحول الاجتماعي "إنّ للعمل الفكري [يقول شرابي]، حتى لو انحصر في الحقل النظري البحت، وزنه وفعاليته في الصراع. إنّه من الممكن، حتى على الصعيد الفكري، أن يصارع الكاتب والعالم للتحرر من العبوديتين، عبودية الارتزاق وعبودية الإيديولوجية السائدة، وأن ينتصرا عليهما. حينئذ يمكنهما ليس فقط تجاوز الشعور بالنقص بل الاشتراك في عملية التغيير والتحول الاجتماعيين."([4]) إذ يجمع في تصوره بين أمرين اثنين:

الأول: أنّه يأخذ بعين الاعتبار الجانبين معًا الاجتماعي والنفسي في دراسته ويرى أنّه لا يمكن فهم الواقع بشكل صحيح بأحدهما فقط.

الثاني: أنّه يستند إلى الدراسات السوسيوسيكولوجية التي شكلت سندًا نظريًّا ومنهجيًّا لأبحاثه فلئن كانت مرجعيته الفكرية تجد جذورًا لها قوية في الفكر الماركسي والفرويدي، فإنّها سعت إلى تعضيد جانبها العلمي بمنهجيات جورج غيرفيتش G. Gurvitch، ماكس شيلر Max Schelerوكارل مانهايم Karl Mannheim وغيرهم ممن أغنوا الأبحاث المصطلح عليها بسوسيولوجية المعرفة ويقول في هذا الخصوص: "إنّ اللجوء إلى التحليلات الاجتماعية والنفسية، في هذا النمط من الدراسات. يعمق الفهم أكثر من اتباع الأسلوب الوصفي."([5])

لقد سعت تجربة شرابي إلى الفرار من ضيق البطرياركية واستبداد الأبوية إلى أفق الحداثة الممتد والواسع. بكلمة واحدة، فقد سعت إلى تجاوز حياة البطرياركية الأبوية والانتقال إلى الحداثة، الحداثة بوصفها مفهومًا أو أكثر المفاهيم تداولاً في فكر شرابي وجوهر مشروعه الساعي إلى تحرير الإنسان العربي من واقع التخلف والظلم البطرياركي، فالحداثة من هذه الزاوية تعد بديلًا لهذا الواقع السلبي؛ غير أنّ ما يحفزنا إلى البحث والنظر في طرح الدكتور شرابي هو مفهوم الحداثة ذاته من عدة منطلقات أهمها على الخصوص:

- تعددية الحداثة.

- رفض الحداثة.

- نتائج الحداثة وواقعنا.

الحداثات البدائل:

لعله من المفيد التذكير، بأنّ القول: "الحداثة هي البديل" (أو بمعنى أقرب إلى موقفنا أنّ الحداثات بالجمع وليس الحداثة المفردة، الواهمة، النمطية والحتمية والمفروضة بعنف الفكر والتقنية والقوة) يستوجب منّا توضيحًا وتحديدًا لما نقصده بالحداثة - بعيدًا عن اتخاذ موقف من أو ضد الحداثة - من خلال تساؤلات طرحت ولا تزال تثير نقاشات طويلة وجدالات حول الرؤى المختلفة التي عبرت عن الحداثة ومن أبرزها هل الحداثة واحدة؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل هي ذات مرجعية غربية (أروبية) محضة؟ ألم تظهر بعض الأصوات من داخل حتى الحداثة الأوربية تنادي بتعددية الحداثة؟ فالحداثة من هذه الناحية حداثات متعددة أو هي على أنماط أو أشكال من الحداثة أو يمكننا القول بأنّها تعدد على مستوى الفهم والتأويل للحداثة.

لقد ساد الاعتقاد لفترة طويلة أنّ الحداثة ذات أصول أوروبية وبمرجعية غربية؛ وظل هذا هو موقف معظم خطابات الفكر العربي المعاصر على مختلف مصادرها. ولذا جاء هذا المفهوم مقابلاً للتراث مرة وللأصالة مرة أخرى. لقد غلبت على مضامين الفكر العربي المعاصر الحداثة السائرة في اتجاه واحد وتم إغفال جانبها التعددي، لذا كان من الضروري الرجوع إلى الجانب الاشتقــاقي Etymologique للحداثة، عله يسعفنا، بوصفه أهم الجوانب التي تصادفنا في أيّ معالجة وهو من أهم العناصر المفتاحية التي تقع عليها أعيننا بداية، وهو أول (وأهم) مدخل لمفهوم الحداثة فلسفيًّا بحيث يتحدد معه الفهم الأولي والتأويل الجائز وكذا التداول التاريخي، من هذا المنطلق فالحداثة تحيلنا إلى ثلاثة مستويات على الأقل من الفهم، فأي مدلول ومضمون نستخلصه من قراءة أولية إيتيمولوجية للحداثة:

أولاً - الدلالة اللغوية الفكرية من زاوية الحديث أو اللسان، فالحداثة تتضمن فعلاً لغويًّا في إنتاج نص مغاير لنصوص أخرى ونمذجته، تتبعه منهجيات مختلفة في القراءة والتأويل والتفسير.

ثانيًا - الدلالة الوجودية المعرفية من زاوية الحدث أو احتمال الحدوث contingent أو ما عُبر به حينما وصفت الحداثة بأنّها شيء عارض، عابر يصعب الإمساك به.

ثالثًا - الدلالة الزمنية التاريخية من التداول والنسبة بإطلاق صفة الحديث على مرحلة زمنية مقابل مراحل أخرى وكذلك في ما تحمله هذه الصفة من حكم قيمة بالنظر إلى أنّ العصر الحديث مثلاً يفوق العصر الوسيط.

إنّ هذه المستويات وربما أخرى غيرها - من ناحية الاشتقاق وتنوع مصادره اللغوية (وربما هذا التعدد والتنوع هو ما يعزز فكرة الحداثات بحيث أنّ الاختلاف والتكثر الذي نعثر عليه اشتقاقًا بين لغــات أوربية وعربية وآســــيوية هو ما يزيدنا قناعة بأنّ الحداثة تتعدد بحسب الثقافة والفكر المؤول لحيثياتها ومساراتها وإنجازاتها) -، من جهة الجانب الاشتقاقي كلمة الحداثة في اللغة العربية فقط - دون العودة إلى اللغات الأجنبية ذاتها ومقارنة ما تعنيه مدلولات لفظة الحداثة سواء فيها أو مع اللغة العربية - وبعيدًا عن مدلولات الجانب الاصطلاحي والتي لا تقل عن شاكلتها في الجانب الاشتقاقي، الشيء الذي يثير في داخلنا التساؤل عن مدى إمكانية الحديث عن حداثة واحدة، ومنه ألا تحيلنا هذه المستويات اللغوية للحداثة ابتداء إلى حداثات متعددة أو على الأقل إلى أشكال مختلفة وأنماط من الحداثة؟ أو إن شئنا قلنا تجليات للحداثة، وهي الفكرة التي يتبناها عالم الاجتماع س. ن. إيزنشات (1923 - 2010) S. N. Eisenstadt على الرغم ممّا فيها من مخاطر وصعوبات لا سيما كيفية اعتماد أساس عام للحداثة وإقراره، حيث يرى إيزنشتات أنّ "فكرة الحداثة المتعددة تفترض أنّ أفضل الطرق لفهم العالم المعاصر - بل في الحقيقة لتفسير تاريخ الحداثة - هي أن نراه بوصفه قصة عمليات مستمرة من التكوين وإعادة التكوين لبرامج ثقافة متعددة"([6])

لعل من أهم ما يمكن استخلاصه من الحداثات المتعددة هو عدم اعتبار أوروبا مرجعية الحداثة - وإن كان هذا الأمر تاريخيًّا صحيحًا إلى حد ما -، "فالحداثة والغرب لم يعودا متماثلين، وأنّ النماذج الغربية للحداثة ليست هي الحداثات الأصلية وحدها، على الرغم من أنّها تتمتع بأسبقية تاريخية وتستمر بوصفها نقطة مرجعية أساسية بالنسبة للآخرين"([7]). ومن هنا يأخذ الحديث عن مرجعيات أخرى غير أروبية للحداثة مشروعيته كالقول بحداثة موازية ومتزامنة في أمريكا، اليابان وروسيا وربما عن أشكال أخرى للحداثة في مناطق من العالم (في آسيا وإفريقيا) تمّ طمسها بفعل أيديولوجية الغرب في احتكار الحداثة ونزعة أوروبا الاستعمارية التي واكبت حداثتها فنمطت شكلاً وحيدًا للحداثة.

إنّ الحداثة التي راج مفهوما وتداوله المفكرون والمنظرّون الأيديولوجيون والسياسيّون والكتُّاب والنقاد في كتاباتهم ومشاريعهم التنظيرية في السياسة والاقتصاد والثقافة، هي قبل شيء عملية طويلة المدى أو هي مسار تاريخي طويل شائك "أحدث أنساقًا جديدة من التصورات على الصعيد العلمي والإبداعي، فترتب على ذلك انبثاق نمط جديد من المعقولية سيطر إلى يومنا هذا على كيفيات التفكير والممارسة"([8]). وأفضى هذا المسار التحديثي المعقد إلى نتائج تطبيقية، عملية وواقعية على مستويات السياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع. على المستوى السياسي تم تشكيل مؤسسات سياسية ديمقراطية تعمل على التشريع والتنفيذ وتسهر على احترام الحريات الفردية والجماعية وانبثق كذلك مفهوم حقوق الإنسان الذي سيغدو مركزيًّا في الحداثة الغربية واعتمد مبدأ حرية الرأي، حرية المعتقد وحرية التعبير والصحافة وتم إقرار الديمقراطية كأحسن شكل من بين الأشكال الأخرى للحكم والأقل خطرًا وضررًا. وتمّ على المستوى الاقتصادي اعتماد سياسة الانفتاح في تبادل السلع والمنتجات وتحرير التجارة والإقرار باقتصاد السوق وفتح المجال للمنافسة وتيسير سيولة رؤوس الأموال وما إلى ذلك من النتائج التي تترتب على عملية التحديث في مجالات الصناعة، الزراعة والسياحة وهو ما عزز منظومة الاقتصاد الرأسمالي ومكنها من الانتشار العالمي في ظل تراخي الاقتصاديات الموجهة وتراجعها، وهي التي كانت ترنو إلى عهد بديل يطمح إلى العدالة والتنمية لكل البشرية. فضلاً عن أنّ الجانب الثقافي لم يبق بعيدًا عن هذه التحولات التي مست جوانب العلم والتكنولوجيا وتمتع بعض الجامعات باستقلال عن الكنيسة وهيمنتها، وأيضًا بفضل وسائل النشر الحديثة وتقنيات الإعلام والاتصال المتطورة بما في ذلك التلفزيون والسينما وتسخير التكنولوجيا وتوظيفها لهذا الغرض إلى غيرها من الأدوات الحديثة جدًّا كالانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي التي وإن كرست مفهومًا جديدًا لواقع غير طبيعي إنّما افتراضي لكنه جانب من الواقع العمومي الذي أرادته وسائل التواصل الحديثة واقعًا حقيقيًّا بل أكثر في حقيقته وأعمق من الواقع نفسه، هذا الواقع الذي عددته الحداثة وفرعته إلى تفرعات: منها المرئي ومنها المسموع ومنها المشكّل ومنها المتخيل وهي كلها ضروب له غطت أو حجبت الواقع الإنساني، أهملته ونسيته بتعبير - فيلسوف الوجود - هيدغر Heidegger فجعلته ثانويًّا وهامشيًّا.

كل هذه النتائج أثرت بدورها في بنية المجتمعات وشكلّت بداخلها تحولات عميقة بدءًا من الفرد والأسرة إلى الجمعيات المدنية ومختلف التنظيمات الاجتماعية التي تباينت مواقفها إزاء الحداثة ونتائجها.

من الجدير بالتنويه، أنّه من الصعوبة بمكان اعتماد معايير بعينها بمثابة مؤشرات لوصف مجتمع ما بأنّه حداثي أو غير حداثي لأنّ هناك صعوبات جمة تعترض سبيلنا للقيام بمثل هذا الأمر، وما قد يصدق على بلد معين (كبريطانيا مثلاً) قد لا يصدق على غيره حتى في داخل أوروبا الغربية. لذلك فالديمقراطية واقتصاد السوق على سبيل المثال وإن كانا مؤشرين على التحديث والعصرنة فهما ليسا بكل تأكيد معايير كافية للتدليل على الحداثة، بل إنّ الحداثة كما عبر عنها هابرماس Habermas هي مسألة وعي أي «وعي عصر ما يحدد نفسه بعلاقاته بماضي العصور القديمة ويفهم ذاته كنتيجة انتقال من القديم إلى الحديث»([9]) أكثر من اعتبارها مسألة تحقيب زمني تصبح معه الحداثة وصفًا للتطور أو فاصلاً بين العصور قديمة أو كلاسيكية وحديثة. إنّ الحداثة من هذا المنظور هي وعي بمضمون العصر أكثر من كونها سمة تنعت بها حقبة زمنية معينة حتى وإن كان هذا النعت بالحديثModerne قد أخذ شكل الصيغة التي تقيم قطيعة بين العصور وترمز إلى التطور والتقدم مقابل ما ترسمه مناقضاتها من اللفظات من إشارة إلى التخلف والوحشية والبربرية إن في مجالات الفن، الأدب، السياسة، الاجتماع، أو في غير ذلك من المجالات.

انطلاقًا من هذا، فالحداثة هي أقرب في المعنى إلى ما يصفها به آلان تورين Alain Touraine من أنّها أكثر من كونها «مجرد تغيير أو تتابع أحداث: إنّها انتشار لمنتجات النشاط العقلي، العلمية، التكنولوجية، الإدارية. فهي تتضمن عملية التمييز المتنامي لعديد من بين قطاعات الحياة الاجتماعية: السياسية والاقتصادية والحياة العائلية والدين والفن على وجه الخصوص، لأنّ العقلانية الأداتية تمارس عملها في داخل النشاط نفسه.»([10])هي إذن، ظاهرة متعددة المعالم يكون أبرز ما فيها جانبها العقلاني الذي يبث منتجاته وينشرها في ميادين الحياة الإنسانية.

إذا كانت نتائج الحداثة إيجابية من بعض جوانبها في تحرير الفرد والمجتمع على حد سواء وتحقيق التقدم نسبيًّا لهما، فإنّها من بعض جوانبها الأخرى لم تف بوعودها فباتت موضع تساؤل نقدي ومراجعة تدل كلها على ضرورة فحص جديد وإعادة نظر في منتجات الحداثة وإنجازاتها، فسواء قلنا بما بعد الحداثة بوصفها نقدًا متجاوزًا للحداثة أو حداثة ضد الحداثة، أو قلنا مع يورغن هابرماسJürgen Habermas بأنّ "الحداثة مشروع ناقص" (لم يكتمل) un projet inachevé أو بحسب تعبير الفيلسوف البولندي لـ ليسيك كولاكوفسكي (1927- 2007) LESZEK KOŁAKOWSKIبأنّ الحداثة في الحقيقة تبقى "تحت التجريب إلى ما لا نهاية"([11]).

كل هذا يصب في اتجاه موقف متشكك مرتاب من الحداثة بل رافض لها أحيانًا في بعض جوانبها وفي أحيان أخرى لكليتها. من هذا يتوجب علينا أن نسأل لماذا هذه المحاولة لتجاوز الحداثة؟ لماذا رفض الحداثة؟ لماذا رفض الحداثة ومناهضتها؟ هل تتحمل وحدها مسؤولية مآسي البشرية؟ وهل تتحمل تبعات مراحل في التاريخ البشري كانت هي نهايتها المحتومة؟ هل صحيح أنّ الحداثة قد فشلت وماتت؟ كما أعلن عن ذلك بعض المؤلفين؟ هل بالضرورة أن يكون من نتائجها صدام الحضارة وفق صمويل هنتنغون Samuel Huntington أو نهاية التاريخ حسب فرنسيس فوكوياما Francis Fukuyama؟ ألم يكن من مخلفات الحداثة أدلجة الثورة والعنف منذ الثورتين الأمريكية والفرنسية؟ ألم يكن تقنين الحرب والإقرار بها هو جانب الحداثة المستتر؟ أليس الاستعمار من إفرازات الحداثة؟ وفي النهاية - هذا السؤال المشروع جدًّا والجدير بالطرح - لماذا هذا العداء للحداثة حتى من داخل المجتمعات الغربية المعاصرة قبل أن يكون عداءً ضمنيًّا أو صريحًا من مجتمعات غير أوربية؟ لقد برزت حركات الاحتجاج في أوروبا أو ما عرف بـ "القوى الجديدة" ما بعد حداثية أو "متعددة الثقافة" التي رفضت الوضع القائم وتوجهت إلى بناء فضاءات اجتماعية، سياسية، اقتصادية وثقافية جديدة مستقلة ذاتيًّا عن التوجه نحو الدول مثل المنظمات غير الحكومية، حركة الطلبة في فرنسا في ماي 1968، الحركات المعارضة لحرب فيتنام في أواخر الستينات وبداية السبعينات، حركات المرأة والبيئة، حركات السلام المساندة لفلسطين وآخرها حركة الاحتجاج المناهضة للعولمة Altermondialisation.

يضاف إلى هذا الحركات المتشددة ذات الأصول الدينية (وإن كشفت عن مواقفها بالتموقع في الماضي ورفض التغيير الذي جاءت به الحداثة) في المجتمعات الإسلامية، اليهودية والمسيحية (البروتستانتية) وكذلك الحركات الهندوسية والبوذية التي اتخذت مواقف متشددة إزاء الحداثة. مثلما تمكنت الحركات ذات الطابع العرقي (الإثني) واللغوي من اكتساب قوة دفع خاصة في أواخر القرن العشرين لاسيما في جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقًا وإفريقيا وآسيا وأجزاء من البلقان بل وحتى داخل أوروبا "منبع الحداثة" التي ظهرت بها حركات الانفصال الثقافي في فرنسا وإسبانيا وبريطانيا معبّرة بوضوح عن هذا الرفض وهذه الحركات مرشحة في المستقبل للمطالبة بالمزيد من استقلال الهويات الثقافية واللغوية ورفض نمطية التوحيد السياسي والاقتصادي على الرغم مما ينجز في إطار التكتلات الاقتصادية والسياسية كالاتحاد الأوروبي مثلاً.

كل هذا يفيد بأنّ الواقع يشهد على التطور المستمر لحداثات متعددة أو لتفسيرات متعددة للحداثة، ويشهد قبل كل شيء على محاولة نزع "التغريب" أي حرمان الغرب من احتكار للحداثة([12]).

حري بنا بعد هذا كله أن نسأل أنفسنا إن كانت الحداثة وفق ما يرى الدكتور هشام شرابي هي الحل؟ وإن كانت هي الحل فهل تمثل غاية في ذاتها أم وسيلة؟ إنّنا على اتفاق مع المفكر شرابي في أنّ واقعنا غير مقبول مثلما هو غير معقول، وأنّ من به كذلك لا يعدو أن يكون واحدًا من الاثنين: إما مجنون أو مرتزق . ونحن نتفق معه أنّنا لا نريد أن نكون لا من المجانين ولا من المرتزقة. لكن كيفية تغيير هذا الواقع تغييرًا جذريًّا حسب ما يقول هو ذاته، تغييرًا نحو الأفضل، يستوجب منا شجاعة على معالجة سلبيات هذا الواقع والاعتراف بأخطائنا في الماضي والحاضر ومعرفتنا بذواتنا معرفة تتيح لنا إدراك قوتنا وإمكانيات التواصل والحوار أيضًا.

خلاصة:

سنضيف إلى واقعنا المتناقض تناقضات جديدة تخص ذاتنا المستلبة وعوائق إضافية تعمق من طبقات الوعي الزائف وتربك خطواتنا العرجاء نحو التحرر الحقيقي إن بقينا على تصورنا الأحادي للحداثة الغربية أو سايرنا الرؤية المهيمنة على مستوى اللغة والخطاب والتحليل قبل أن نلج مستويات الواقع المتعدد والمتشابك في نسيجه الحداثي. كيف لنا أن نفسر نتائج الحداثة من العبودية والاستعمار والاحتكار؟ كيف يمكننا تبرير العنصرية والمركزية العرقية والحروب الغربية؟ وكيف نلتمس جوابًا لمآسي البشرية وعبثية مآلات الحداثة وعدميتها في ظل خطابات تجعل من الإنسانية اثنتين: إحداهما لها كل الحقوق في الحياة كما في الموت ولها كل القوانين التي تحميها، وأخرى مقصية بفعل هذا التنظير الحادي للحداثة، ومنسية من القوانين والأعراف الدولية بفعل التنظير نفسه؟ إنّها الحداثة الممجدة لخطاب العنف ماضيًا، حاضرًا ومستقبلاً. وهي كذلك الحداثة المتعجرفة بفعل التصور الأحادي، إنّها في الأخير الحداثة التي فضحتها الحداثة الأحادية.

لذا فأمام الإنسان العربي تحدّ كبير وتتوقف مقدرته في مجابهة هذا التحدي الحضاري على أمرين، يقول شرابي:

"أولاً: على فهم صحيح لحقيقة الغرب ولما نريده من الغرب.

ثانيًا: على القدرة على تجاوز نظرية التحديث ونظرية التقليد في مجابهتنا للغرب، والسير في طريق حضاري مستقل."([13]) حتى يحقق هذا الاستقلال الحضاري عليه أن يستعين بالنقد والنقد الغربي ذاته لحضارته التي تمركزت على ذاتها وألغت الآخر، ومن الفرص التي يتوجب على الوعي العربي التزود بها في تحديه ما بعد الحداثة.

لم تكن ما بعد الحداثة مخطئة أو مغالية فيما ذهبت إليه من الوقوف على سلبيات الحداثة وكوارثها - التي ادعى بعضهم أنّها قابلة للاستدراك والتصحيح - فالشرور والملايين من الأرواح الآدمية التي أزهقت باسم الحداثة وأداتها التقنو-علمية ونهجها السياسي والعرقي المستبد لن تمحى من ذاكرة الشعوب التي لها حداثاتها الإنسية حقًّا وخير دليل على ذلك مقاربتها البيئية العادلة للعالم اليوم.

بقي أن نتساءل ما مصيرنا إزاء حداثة كانت يومًا ما سببًا في بؤسنا وتعاستنا، في شقائنا وتخلفنا بل لا تزال تصنع نكباتنا وهزائمنا بأغلفة القيمة تارة والحقوق تارة أخرى، بسلع وخدمات موفرة حينًا للاستهلاك دون حد، وبقوانين وبرامج معدة حينًا آخر للتطبيق دون نقاش.

وربما كان الجانب النفسي هو أسوأ أثر للحداثة واستتباعاتها في الهيمنة والاحتلال "أما التأثير النفسي للإمبريالية والاستعمار الغربيين، وخاصة على الجيل الجديد، فكان هائلاً ويفوق كل حساب."([14]) ذلك لأنّها قتلت في الأجيال المصاحبة لمرحلة القوة والسيطرة العسكرية الشعور بالنقص والإذلال وبالتالي نقلت بذرته إلى الأجيال اللاحقة مانعة إياها من كل رغبة وطموح في مستقبل مشرق واستقلال ذاتي حقيقي.


[1] ديب علي حسن، هشام شرابي.. هل حدد أزمة المثقف العربي؟ جريدة الثورة ليوم الأحد 16/1/2005م، يومية سياسية تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر، دمشق، سورية.

* لم يكن هذا السؤال سؤالاً متفردًا متأصلاً وإن كان جوهريًّا في جهود المفكرين النهضويين والإصلاحيين على مختلف تنوع مشاربهم ومرجعياتهم الدينية، القومية، الماركسية، الليبرالية أو العرقية، منذ القرن التاسع عشر وإلى اليوم ظلت جهودهم منحصرة في الإجابة على السؤال ما سبب تخلفنا مقارنة مع من تقدموا ولم يكن تفكيرهم منبثقًا من واقع متفرد حتى وإن كانت إجابتهم تبحث عن التشابه في الواقع الإنساني الكوني لكنهم لم يتخلصوا من ثنائية المقارنة التي حرمتهم - في تقديري- من الوقوف على جوهرية التقدم بل أكثر من ذلك جعلت طموحهم محدودًا في تحقيق بعض ما وصلت إليه مجتمعات متقدمة وليس إلى تجاوزه وربما كان هذا بدافع نسبية التقدم أو على الأقل بلوغ ما وصلت اعتقادًا منه أنّ مرحلية التاريخ تحتم ذلك. وهذا الخطأ الفكري ناتج عن الانحصار والانغلاق داخل مفهوم واحد ووحيد للحداثة جسدته: الحداثة الأوربية في حين أنّ الحداثة حداثات. وحتى شرابي ينطلق في تحليلاته للمجتمع العربي من هذه الزاوية مثمنًا في الوقت ذاته مجهودات المفكرين العرب ومعاتبًا عليهم تقصيرهم في إدراك حقيقة الصراعات التي تملأ واقع المجتمع العربي حيث يذكر ما نصه: "ارتبط المجتمع العربي، منذ أقل من قرن، ارتباطًا وثيقًا بماضيه. واليوم لا يزال يشق طريقه إلى العالم المعاصر. لم تكن اليقظة العربية – وهو التعبير الذي استعمله المثقفون العرب لنعت عملية "التحديث" – وليدة وعي فجائي عفوي، إنّما كانت نتيجة التحدي الذي فرضه الغرب على كل مستويات الوجود الاجتماعي السياسي، الاقتصادي والنفسي – والذي بدأ في القرن التاسع عشر."

ـ هشام شرابي، المثقفون العرب والغرب، ص 13

[2] هشام شرابي، المثقفون العرب والغرب، دار النهار للنشر، بيروت، الطبعة الثانية، 1987م، ص 7

* يذكر في هذا الصدد هشام شرابي ما يفيد هذا التوجه الصادق للباحث مع نفسه ومع بحثه ما نصه: "لقد أخذت على نفسي أن أكون صادقًا مع نفسي، وأن أرفض التمويه مهما كانت الدوافع والأسباب."

- هشام شرابي، مقدمات لدراسة المجتمع العربي، ص 22

[3] هشام شرابي، مقدمات لدراسة المجتمع العربي، الدار المتحدة للنشر، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1984، ص 31

[4] هشام شرابي، المثقفون العرب والغرب، ص 10

[5] المرجع نفسه، ص 14

[6] س. ن. إيزنشتات، حداثات متعددة، ترجمة، عاطف أحمد، الثقافة العالمية، مجلة يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، عدد 104، السنة العشرون، يناير - فبراير، 2001م، ص 98

[7] المرجع نفسه الصفحة نفسها.

[8] فتحي التريكي ورشيدة التريكي، فلسفة الحداثة، مركز الإنماء القومي، بيروت، 1992، ص 15

[9] يورغين هابرماس، «الحداثة مشروع ناقص»، ترجمة، د. بسّام بركة، ضمن، الفكر العربي المعاصر، العدد 39، أيار - حزيران 1986م.، مجلة فكرية مستقلة تصدر شهريًّا عن مركز الإنماء القومي، بيروت، ص 42

[10] آلان تورين، نقد الحداثة، ترجمة، أنور مغيث، المجلس الأعلى للثقافة، مصر، 1997م، ص 29

[11] س. ن. إيزنشتات، حداثات متعددة، ص 115

[12] س. ن. إيزنشتات، حداثات متعددة، ص ص 114- 115

[13] هشام شرابي، مقدمات لدراسة المجتمع العربي، ص 129

[14] هشام شرابي، المثقفون العرب والغرب، ص 137