كيف تجفّ منابع الإرهاب؟


فئة :  مقالات

كيف تجفّ منابع الإرهاب؟

1- مقدّمات للتّعريف والتّفكيك:

لا شكّ في أنّه ممّا يشغل الرّأي العالميّ- اليوم- ساسة ومثقّفون ومدنيّون، ما صار يعرف بالإرهاب ويوسم بالإسلاميّ، ويمكن تعريفه بأنّه: "أعلى درجات العنف وأخطرها؛ فهو سلوك غير منضبط يخرج عن جميع القيم والمعايير الإنسانيّة، ووسائل الضّبط العرفيّة والوضعيّة، وهو عنف مسلّح، وغالبًا ما يكون على شكل عنف سياسيّ، ويستخدم وسائل وأساليب وأدوات عنف مرعبة وقاسية، ويهاجم- غالبًا- أهدافًا مدنيّة بريئة، إنّه عنف قصديّ؛ كالقتل والاغتيال والتّدمير وإبادة الخصم"[1]، وإنّ من أخطر أنواعه الإرهاب السّياسيّ، وهو "منهج نزاع عنيف يرمي الفاعل بمقتضاه وبواسطة الرّهبة النّاجمة عن العنف، إلى تغليب رأيه السّياسيّ، أو إلى فرض سيطرته على المجتمع أو الدّولة، من أجل المحافظة على علاقات اجتماعيّة عامّة، أو من أجل تغييرها أو تدميرها"[2]، وإنّ أكبر الرّهانات المطروحة- اليوم- هي القضاء عليه بشتّى الوسائل؛ فخطره صار محدقًا بالبشر المسالمين في جلّ أقطار العالم، وآثاره المادّيّة والنّفسيّة أضحت تثير قلقًا متزايدًا، ولا يفرّق الإرهاب بين المسلم وغير المسلم، ويتنازع الباحثون- في أصله وفصله- بين إدانة الفكر الّذي شرعن هذه الممارسات، وبعض الأنظمة الّتي استثمرت في هذه الجماعات وحاولت توظيفها لتحقيق مصالح سياسيّة واقتصاديّة، لكنّ المسلّم به؛ أنّ الإرهاب صار حقيقة تهدّد البشر في كلّ مكان وزمان، ولا فرق بين أن يبسط نفوذه على الطّوائف الدّينيّة أو الأقليّات العرقيّة في العراق أو سوريا، أو أن يكون من ضحاياه سيّاح أبرياء على سواحل المتوسّط، أو جنود يحمون أوطانهم على الحدود التّونسيّة، وقد يتجاوز مداه حدود معاقله ليصير عابرًا للقارات، لا يهب ولا يذر، ينتقل من قلب العاصمة الباريسيّة إلى جسور لندن وعمارات مانهاتن، ولايزال يهدّد دولًا أخرى وأرواحًا بشريّة بريئة، ولعلّ ذلك ما دعا كثيرًا من الباحثين إلى مقاربة الظّاهرة، وعقد النّدوات المختلفة من أجل تشريح الفكر المتطرّف، سعيًا إلى إيجاد حلول ناجعة قد توقف نزيفًا عالميًّا يهدّد ما يطمح إليه البشر من نشر ثقافة السّلم والتّسامح، ومن المفارقات؛ أن يؤدّي التّطوّر العلميّ والتقدّم التّكنولوجيّ الذي فتح آفاق التّواصل بين البشر- في جميع أطراف القرية الكونيّة- إلى تمكين المتعصّبين والمؤمنين بالانغلاق من وسائل لنشر خطابهم واستقطاب عدد كبير من المؤمنين بفكرهم، والمستعدّين لتقديم أرواحهم قربانًا لآرائهم، فضلًا عن كون الانتفاضات العربيّة- الّتي أعتقت بعض الشّعوب العربيّة من أغلال الاستبداد- قد أدّت إلى منح الحرّيّة لأعدائها، فتوفّرت أرضيّة ملائمة لنشر الفكر المتطرّف، وشاع الإرهاب حين انهارت الأنظمة السّياسيّة الّتي كانت تحكم قبضتها على تلك الجماعات، والأجهزة الأمنيّة الّتي كانت تكبح جماحها.

تنتظم حلقات إنتاج الإرهاب في إطار واقع معولم؛ بين باثّ ينتج خطابًا ديماغوجيًّا، ومتلقّ له قابليّة للتّفاعل والوثوق بالباثّ، لذلك؛ فتفكيك الإرهاب يبدأ- أوّلًا- بمقاربة الخطاب الّذي يعتمده الباث للتّأثير في المتلقّي، ويمكن القول: إنّ أثر القراءات الّتي تبنّت تمشّيًا نقديًّا للخطاب الدّينيّ المشرعن للإرهاب، قد شهدت بعض الصّعوبات أثناء مواجهة منظومة يتوارى أصحابها وراء حُجُبِ المقدّس، ويستغلّون أثره السّحريّ في أنفس المؤمنين به، ولا يخفى- فضلًا عن ذلك- أنّ نسب القراءة في الوطن العربيّ ضعيفة، وقد زادت وسائل التّواصل الحديثة الفئةَ الأكثرَ تأثّرًا بالخطاب الإرهابيّ من الشّباب، نأيًا عن الكتاب، واحتلّ التّلفاز ووسائل التّواصل الاجتماعيّ حيزًا مهمّا من حياتهم، وكان له أثر كبير في توجيههم وبناء متخيّل دينيّ عنيف، وشاعت قنوات الشّيخ الواعظ- بملابسه البيضاء ولحيته الطّويلة- الّتي تمثّل رمز خِطَابه ووَقُود تَأثِيره في جمهوره، وهو يرسم بسيرة السّلف الصّالح متخيّلا طوباويّا، ويحدّد مسالك الإيمان الصّحيح ومعايب الكفر والكافرين، وقد بدأت آثار هذا النّمط من الخطاب جليّة في محاكاة بعض الشّباب الشّيخَ الواعظ قلبًا وقالبًا، وتشكّل متخيّل يرى أصحابه أنّ الحلّ السّحريّ لجميع مشاكل المسلمين– هكذا في المطلق- يكمن في العودة إلى النّبع الصّافي، واستعادة اللّحظة السّحريّة الّتي مثّلت ذروة الأخلاق والمجد والانتصار.

إنّ تلك الصّورة النّمطيّة الّتي زرعت في الأنفس متخيّل دولة إسلاميّة قد مهّدت الأرضيّة لمن حاوروا الشّباب؛ فأقنعوهم بأنّ أجسادهم تصلح أن تكون قنابل لنسف من عدّوهم كفّارًا، فقد أينع زرعهم، وكان قطافه جيلًا من المندفعين وراء الدّعوات إلى العنف والإيمان، بأنّهم يمكن أن يحقّقوا فوزًا في الدّنيا والآخرة.

لقد وثق بعض الشّباب بوجه واحد للحقيقة، وزادتهم خطب الأئمّة في المساجد يقينًا بأنّهم مؤمنون وسط غابة من الكافرين، وارتسمت في ذهنهم ثنائيّات حكمت تمثّلهم للكون، ولم يستطيعوا تصوّر جسور تواصل بين الضّفتين، وسبلًا للتّعامل مع الآخر غير سبل العنف والقتل، وليس من وسيلة لإنقاذهم سوى تعديد المسارات بدل الوثوق بالقراءات الصراطيّة، فنشر الوعي بالقيم الإنسانيّة المشتركة في إطار الخطاب الدّينيّ ذاته، واستبدال متخيّل التّواصل والبناء بمتخيّل الاستعداء والمواجهة، يمكن أن يغيّر من نظرة المسلم إلى العالم، ويجنّب الأجيال اللّاحقة من الشّباب مخاطر الوقوع فريسة الخطاب الدّينيّ الدّاعي إلى العنف، واستنزاف روح القاتل والمقتول، في إطار رؤية عدميّة تهدّم بدل أن تبني وتزرع بذور الكراهيّة والعدوان، وتشوّه صورة الإسلام بدل استثمار ما في الفكر الدّينيّ من دعوة إلى التّسامح ونبذ العنف.

لقد قامت التيّارات الدينيّة التي تبنّت اختيار العنف على أساس خطاب إيديولوجيّ يصوّر "التّاريخ في شكل أسطوريّ يستولي على رموز الماضي، ويعدّ بمجتمع قد يأتي وقد لا يأتي"[3]، وأسّست أطروحاتها الدّينيّة باعتماد تأويل للتّراث الإسلاميّ يحوّله إلى خزاّن ثقافيّ للإرهاب ومواجهة الحضارات الأخرى، وقد وجدت فيما روّجه بعض الكتّاب الغربيّين من أطروحات الصّدام مبرّرًا لصدام مضادّ، والحال؛ أنّ خرافة المواجهة الّتي تُظهر الغرب في مواجهة الإسلام تقوم على مغالطة كبرى؛ فلا الإسلام قام دون إسهام إنسانيّ عابر للحضارات والثّقافات، ولا الغرب أقام فصلًا بين مواطنيه الّذين يدين عدد منهم بالإسلام، وحصر الهويّة في إطار هذه الثّنائيّة يعمي المنخدعين بأطروحة الصّدام عن وجوه التّواصل، وتعدّد مفهوم الهويّة في زمن معولم تداعت فيه كثير من الحواجز المادّيّة والرمزيّة، ومُنح الإنسان فيه قدرة أكبر على الخروج من ضيق الانغلاق اللّاهوتيّ إلى سعة الفكر الإنسانيّ، لذلك؛ فقد تصدّت كثير من المقاربات لأطروحة الصّدام وخرافة المواجهة من قبل أن يكتب لها الرّواج[4]، وغالبّا ما تتغيّر وجهة العنف من إعلان حروب خارجيّة موهومة إلى مواجهات داخليّة ضدّ الطّوائف الأخرى.

2- جذور الإرهاب: سحر الصّورة وسلطة الشّيوخ

لا تكمن جذور الإرهاب فيما بثّته الفضائيّات وروّجته المواقع الإلكترونيّة من دروس، مثّلت أرضيّة نفسيّة تهيّئ جيلًا من المتحمّسين لإقامة دولة الإسلام على أنقاض "دول الكفر والطّاغوت"؛ إنّما في المناهج التربويّة التي ترسم متخيّلًا إسلاميًّا، يزرع بذور العدائيّة ويغمط دور سائر الأديان في نشر القيم والمبادئ الإنسانيّة، ويحطّ من قدر العلم والفلسفة، ويصوّر الدّين أحكامًا فقهيّة، وطقوسًا، وضوابط سلطويّة تحدّ من حريّة الفرد؛ بل تهبه حقّ التدخّل في حريّة الآخرين، ونهيهم عمّا يتصوّره منكرًا، وأمرهم بما يؤوِّله معروفًا، فضلا عن كون الأنظمة الاستبداديّة الّتي حكمت العرب المسلمين قد رسّخت سلوكًا لاواعيًا بالطّاعة والخنوع، وأعدمت ملكة النّقد والسّؤال؛ فمهّدت السّبيل لقبول خطاب دغمائيّ أوقع الشّباب في شراك استبداد دينيّ، يقودهم إلى العدم بدل أن يهبهم ثقة في الوجود، وليست الموادّ الإعلاميّة الّتي تبثّ على شاشات الفضائيّات سوى رافد آخر من روافد الإرهاب؛ فالمسلسلات التّاريخيّة التي تصوّر المجد في قطع الرؤوس وقهر الأعداء وغلبة الكفّار، ترسم- بدورها- متخيّلًا يتصوّر أصحابه أنّهم يمكن أن يستعيدوا مجد السّلف الصّالح بنفس الآليّات العنيفة، وكثيرًا ما تكشف تلك الأعمال الدراميّة عقد النّقص الّتي يعيشها العربيّ المسلم باستعادة حقب الغلبة، وبثّ متخيّل المسلم العنيف الذي قهر العالم بسيفهن ويتأسّس حلم الرّبح السّريع بنشر ثقافة المسابقات والرّهان، ليصير الرّهان الأكبر بلوغ أعظم جزاء أخرويّ عبر طرائق الموت والانتحار باسم الدّين.

لا يمكن أن نؤسّس متخّيل بناء دون استثمار المادّة التّاريخيّة؛ لمدّ جسور التّواصل مع الآخر، وإدراك أنّه لا خوف على الهويّة من الانفتاح، وبناء شخصّية متوازنة تؤمن بالعمل ومواجهة الواقع بدل الهروب منه، سواء كان الأمر بأفيون حقيقيّ أم مجازيّ؛ فوحدها الجرأة في الاعتراف بالحاجة إلى الآخر واستثمار الفكر الإنسانيّ- علمًا وفلسفة- هي التي يمكن أن تحقّق أحلام النّهضة المنشودة؛ لأنّ الأمم الّتي اختارت سبل الانغلاق ومسالك العنف العشوائيّ، بلغت طرقًا مسدودة انتهت بضعفها واندثارها.

فإذا سلّمنا- فرضًا- بأنّ هاجس الهويّة هو المحرّك الأساسيّ لتلك الجماعات، تحت مسميّات تطبيق الشريعة أو الدّولة الإسلاميّة؛ فإنّ الهويّة لا يمكن أن تكون معطى ثابتًا رسمت ملامحه في لحظة تاريخيّة محدّدة، إنّما هو سيرورة من البناء والتّجديد، يمكن أن تبلغ بالشّعوب- التي تحافظ على روح جماعيّة مؤمنة بالخلق والإبداع- مجدًا تطمح إليه أو نهضة تحلم بتحقيقها، فأمراض الهويّة الموبوءة بالإدانة والجروح النّرجسيّة، تظلّ- دائمًا- عامل هدم يحاول نسف إنجازات الآخر بدل الاشتراك معه في البناء[5]، وليس العمل الإبداعيّ المجسّد في الأعمال الدّراميّة سوى وسيلة من جملة وسائل كثيرة، يمكن أن ترسّخ متخيّلًا جماعيًّا بالقدرة على مواكبة التّطوّر، واللّحاق بقطار الغرب السّريع، وتنظيم المجتمع، فلن يجدي نفعًا- خطاب الهروب نحو أمجاد الماضي، أو نحو عالم من فراديس الجنان- في مواجهة واقع يتطوّر باستمرار، وتحقّق فيه البشريّة إنجازات علميّة وتكنولوجيّة مذهلة؛ فالخطاب الّذي يلتجئ إلى العنف يفضح ضعفه وعجزه عن مجاراة الواقع، ومواجهة أسئلته المتجدّدة.

العنف سلاح الضّعيف الّذي لا يجد في حجّته قوّة كافية للمشاركة والإقناع برأيه، لذلك؛ فهو يستعمل آليّة التّرهيب والخوف، ويستثمر في الموت في حين فشل في استثمار الحياة.

مثلما يمكن أن ننعت القائم بأعمال العنف العشوائيّ إرهابيًّا؛ فإنّه يمكن أن نطلق ذلك النّعت على الشّيخ الّذي شرعن، والطّرف الذي موّل، والدّولة الّتي وفّرت السّلاح، وسهّلت عبور الإرهابيّين نحو بؤر التّوتّر، ووثقت بأنّه يمكن أن يكون لها عونًا في مشاريعها واستراتيجيّاتها، وقد كشفت الوقائع أنّ من طمعوا من الفقراء بمكاسب رمزيّة، نشروا الفوضى والخراب حيثما حلّوا ولم يحقّقوا نتائج يمكن أن تؤكّد صحّة ما سلكوه من سبل، وإنّ الأنظمة الّتي عوّلت على الإرهاب- ليكون عونًا لها في إسقاط أنظمة أو مواجهة خصوم سياسيّين- أدركت أنّه يمكن للسّحر أن ينقلب على السّاحر؛ فمن يزرع الشّوك يجني الجراح.

3- سقوط الأقنعة وانقلاب السّحر:

تحوّل الشّيوخ- الّذين احتلّوا مساحات إعلاميّة وكانوا دعاة فتنة واقتتال- إلى متّهمين بالإرهاب، وكانوا قد وظّفوا الخطاب الدّينيّ لخدمة أنظمة وتشريع عنف باسم الإسلام اليوم، لكنّهم وقفوا- أخيرًا- أمام فظاعة ما تولّد عن جهلهم المركبّ بالدّين، والواقع من خراب ديار المسلمين قبل غيرهم، وضحايا أبرياء ولاجئين دون ملجأ، من بعد أن كانوا نجوم الشاشات العربيّة وأبطال الفتاوى الإسلاميّة، ولا شكّ في أنّ طمأنينتهم الرّاسخة بأنّهم النّاطقون بلسان السّماء قد تداعت أمام ما يعيشه العالم من آثار آرائهم وثمار فتواهم.

إنّ تحديث الخطاب الدّينيّ ومنح العلوم الإنسانيّة- على اختلافها الحقّ في التّفكير واحتلال مساحات إعلاميّة أكبر- يمكن أن ينشر وعيًا بأنّ عهود استرضاء الآلهة بالمذابح البشريّة قد ولّى وانقضى، وأنّ جوهر الخطاب الدّينيّ هو الإنسان، وأنّه لا يمكن لإنسانيّة الإنسان أن تبلغ سموّها المنشود إلّا باستعادة الفكر الفلسفيّ، ومنح العلوم الإنسانيّة حظّها من التّأثير في المجتمع العربيّ الإسلاميّ؛ فالكهف الدّينيّ الّذي تردّى فيه دعاته وأئمّته، يثبت إفلاسًا فكريًّا واجترارًا لما قيل، ويولّد تماثلًا بين السّلوك الإنسانيّ المتكرّر والسّلوك الغريزيّ عند الحيوان، وزمنًا دائريًّا يحوّل الإنسان إلى دمية في يد الفقهاء. لعلّ ذلك ما دعا علي حرب إلى القول: "نحن لا نعيش كي نخدم الإسلام وسواه من العقائد والأفكار- سواء أكانت دينيّة أم علمانيّة- بل كي نتقن فنّ العيش، وبالأخصّ كي نحسن العيش سويًّا، وهذا يقتضي إجراء تغيير جذريّ يطال علاقة المسلم بهويّته الدّينيّة، على نحو تتغيّر معه أطر النّظر ومناهج العمل، مباني العقيدة ومقاصد الشّريعة"[6]، وإنّه لعبء ينوء بحمله الأفراد؛ لذلك فهو مسؤوليّة مشتركة بين الأنظمة السّياسيّة والمؤسّسات الاقتصاديّة والمجتمع المدنيّ؛ إذْ يمكن لهم جميعًا أن يعتصموا بحبل التّسامح ليخمدوا سعير الإرهاب، قبل أن يأتي على الأخضر واليابس، ويحوّل المجتمعات الإسلاميّة إلى سجن كبير وساحات حروب دائمة؛ فالإرهاب يمكن أن يهدّد المصالح الاقتصاديّة، وينسف أسس الحريّة.

تلك مجرّد زاوية يمكن أن تجفّف نبعًا من منابع الإرهاب، وتقطع الطّريق على من كان أذاهم على المسلمين أكبر من أذاهم على الآخرين، وصيّروا كلّ مسلم إرهابيًّا بالقوّة في نظر الآخرين، وزرعوا في الأنفس خوفًا من ذكر الإسلام والمسلمين، بدل أن ينشروا قيم إله "أطعم النّاس من جوع وآمنهم من خوف"[7].


[1] إبراهيم الحيدري، سوسيولوجيا العنف والإرهاب، ط 1، بيروت، دار السّاقي، ص 215.

[2] أدونيس العكرة، الإرهاب السّياسيّ، بحث في أصول الظّاهرة وأبعادها الإنسانيّة، ط 2، بيروت، دار الطّليعة، 1993م، ص 93.

[3] محمّد عجينة، موسوعة أساطير العرب عن الجاهليّة ودلالاتها، ط 1، بيروت/ تونس، دار الفارابي/ دار محمّد علي للنّشر، 1994م، ج 1، ص 65.

[4] انظر مثلًا: فريد هاليداي، الإسلام وخرافة المواجهة، ترجمة: محمد مستجير، ط 1، مصر، مكتبة مدبولي، 1997م.

[5] يتحدّث علي حرب عن نمطين من التّصوّر: الأوّل؛ يصدر عن عقليّة مدنيّة سويّة معتدلة، ونمط آخر يتعامل أصحابه مع هويّتهم الدّينيّة أو القوميّة بأقصى درجات الغلوّ والتطرّف والانغلاق، كعصاب نفسي هو مصدر للتوتّر والتشنّج، أو كجهاز ثقافيّ للشحن والتّعبئة، أو كخطاب فكريّ للنّبذ والإقصاء، أو كمتراس عقائديّ. انظر: علي حرب، أزمنة الحداثة الفائقة، الإصلاح- الإرهاب- الشّراكة، ط 1، بيروت/ الدّار البيضاء، المركز الثّقافيّ العربيّ، 2005م، ص 88.

[6] علي حرب، الإٍرهاب وصنّاعه، المرشد/ الطّاغية/ المثقّف، ط 1، بيروت، الدّار العربيّة لعلوم ناشرون، 2015م، ص 26.

[7] جاء في سورة قريش قوله تعالى: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}.