مساهمة جان بودان في الفكر السياسي الحديث


فئة :  مقالات

مساهمة جان بودان في الفكر السياسي الحديث

مساهمة جان بودان في الفكر السياسي الحديث

يعدّ جان بودان Jean Bodin[1] شخصية فكرية متميزة في القرن السادس عشر على مستوى الفكر السياسي والنظرية القانونية؛ وقد انصب عمله النظري على بلورة تصور خاص حول السيادة، وشرع إلى البرهنة على غاية وجود الدولة، كما توخى الإحاطة بنظام الدولة من خلال اللجوء إلى مقاربات تنهل من الفلسفة والقانون والتاريخ.

رمى بودان من نظريته السياسية التأسيس لسلطة سياسية قوية؛ وذلك من أجل تجاوز الضعف الذي كانت تعاني منه الدولة المنتمية إلى العصور الوسطى. وعرفت الدولة في أعقاب العصر الحديث هزات عنيفة، حيث ارتبطت بأحداث الحروب الدينية والأهلية، مما خلف حالة من التهديد المستمر للأمن الداخلي. ويمكن القول إن مشروع بودان يندرج في إطار التفاعل مع هذه الأحداث والوقائع السياسية. ومن هذه الزاوية قصد ابتداع نظرية سياسية تسعف الدولة، وتمكنها من ترسيخ الاستقرار.

تجدر الإشارة إلى أن بودان كان له موقع وموقف سياسي داخل الساحة الفرنسية، حيث كرس نفسه لخدمة الملكية. وبحكم ارتباط بودان بالنظام الملكي، فقد عاصر أطوار الحروب الدينية الفرنسية المناوئة لهذا النظام، كما كان شاهدا على أشد مظاهر العنف التي طبعت أرض فرنسا في سنوات 1560 و 1570.

أضواء على عصر بودان:

مرت فرنسا في القرن السادس عشر بمجموعة من الأحداث، هزت هذا الواقع وخلخلت وجوده على جميع الصعد. ويطل علينا بودان في هذا العصر باعتباره مؤرخا ومنظرا في ذات الوقت، حيث كان شاهدا على «الانهيار الوشيك للدولة الفرنسية في غضون الحرب الأهلية بين الفصائل الدينية والنخب، واهتم بودان كثيرا بوصف طبيعة ومدى مشروعية السلطة السياسية».[2]

ومن وراء الواقع الدموي الذي طبع المجتمع الفرنسي، وفي ظل هذه الوضعية الخطيرة التي أضعفت النظام السياسي، كان التفكير في إنقاذ السلطة واستعادة مشروعيتها، من المهام الأساسية التي أسهمت في بناء نظرية الدولة عند بودان. واتجه انشغاله بالدرجة الأولى، نحو المرافعة عن تصور قادر على بعث الملكية الفرنسية من رمادها، عسى ذلك يعيد إحياء أمجاد السلطة الضائعة، وسط قسوة ضربات الحروب الدينية ووطأة الشقاق حول ولاية العهد.

وعلى الرغم من تشبع بودان بالميتافيزيقا الأفلاطونية والأرسطية، إلا أنه لم يبد أي نزوع شكي بخصوص عقيدته المسيحية، [3] حيث ظل متشبثا بالدعائم الدينية. ولا ريب أن بودان قد رافع عن أهمية الدين داخل الدولة، بدليل تسامحه مع التعدد المذهبي. ومن هذه الزاوية يمكن تسجيل هذه الملاحظة، ففي نظر بودان:

«لا تعتمد الهوية السياسية المشتركة بالضرورة على الدين المشترك؛ ويمكن لمختلف الجماعات الدينية أن تتعايش تحت الدولة، دون أن تتعرض وحدتها إلى الخطر. ليس صاحب السيادة في حاجة لأن يفرض دينا معينا على شعبه، لكن يجب عليه تطبيق التسامح على التنوع الديني، عندما يواجه الانقسام الطائفي».[4]

فرض الصراع الدائر إذن، في فرنسا على بودان، تبني موقف من الأوضاع، وانحاز بسرعة لفرقة السياسيين، من خلال الاصطفاف إلى جانب الدوق فرانسوا ألينسون duc François d’Alençon.[5] ويدل لفظ السياسيين المشتق من نعت السياسي politique في القرن السادس عشر، على الشخص العارف بقواعد فن الحكم؛ وقد دار عمل السياسي حول فحص أساليب وتقنيات الحكم، بواسطة اللجوء إلى نظرة تقنية باردة. والتئم أعضاء هذه الفرقة من القضاة، حيث دافع أصحابها عن موقف يقر بإطلاقية مفهوم السيادة، ورفضوا كل الدعاوى المنادية بمشاركة السيادة وتقاسمها.[6] واتصفت فلسفة السياسيين بكونها حزبا معتدلا، الذين تحمسوا إلى مبادئ السلم، والتسامح والوحدة الوطنية.[7] وفي ظل هذا الوضع، اعتنق بودان موقفا دستوريا، وذلك أثناء تأليفه مصنف المنهج لتيسير معرفة التاريخ Methodus ad facilem cognitionem historiarum سنة 1566[8] إزاء الحكم الملكي، لكن سرعان ما تراجع عنه خلال إصداره الكتب الست للجمهورية Les six livres de la République. من المعروف أن التيار الدستوري، وخصوصا نظرية تيودور آل بيز 1575، قد أقر بأن الملكية الفرنسية الأصلية بكونها تولت السلطة من خلال انتخابها تحت موافقة مجلس الطبقات الثلاث؛ ويحق لهذا المجلس أيضا مراقبة التاج في كل القضايا، مثل شؤون فرض الضرائب.[9]

أصبح بودان عضوا بارزا في برلمان باريس سنة 1560، وذلك بحكم انتمائه إلى حزب «السياسيين»، الذي حاول البحث عن أرضية مشتركة تخدم كقاعدة لتقديم الولاء للسلطة السياسية، والتي تجمع بين الكاثوليك والبروتستانت على حد سواء.[10] وأخذ بودان على عاتقه مهمة خدمة الدولة الفرنسية، حيث كان «يستشيره الملك في شؤون الدولة».[11] ولم يتوان بودان عن كشف الأزمات التي تمر منها المملكة، من خلال وضع اليد على خصائص المؤسسات السياسية المتقهقرة والعاجزة عن مواجهة تلك الأزمات. واقتنع بحركة التقدم التاريخي، وقد مكنه ذلك من خلق مسافة مع السلطة البائدة للنظام القديم، والتي كان يمارسها «البابا أو الإمبراطور، ومع الإقطاعية المتخلفة أيضا، حيث لم تعد هذه البنيات السياسية ملائمة لمملكة فرنسا»[12]، فهي بمثابة عائق حقيقي، وقف أمام تحقيق النهضة ومواكبة العالم الأوروبي الحديث. وتبنى بودان موقفا حازما بصفته «مفوضا لطبقة العموم»، وبالنظر إلى منصبه «كرئيس للنواب»، وهو ما برز إبان امتعاضه من «الامتيازات التي كانت تحظى بها الطبقات الحاكمة، كما أنه وجه نقدا للملك حول القضايا الدينية والمالية، وعارض تأبي الملك الدخول في تسويات مع البروتستانت ومحاولاته الاستيلاء على ʼملكية الشعبʻ كما لو أنها إرثه الشخصي».[13]

كان بودان لحظة تأليفه الكتب الست للجمهورية، معاينا لمجزرة سان بارتيليمي Saint-Barthélemy، الذي صدر بعد أربع سنوات من مرور هذا الحدث، [14] حيث توخا الدفاع عن تقوية السلطة داخل مملكة فرنسا. ورافع بودان، والذي كان منسجما في هذا الباب مع موقف فرقة «السياسيين»، على سمو الحقوق السياسية للدولة، وقصد من هذا التأكيد، توجيه سهام النقد ضد دعاوى الهيغونوتيين huguenots، الذين نظموا مقاومة مضادة للسلطة الملكية؛ وتصدى أيضا للعصبة الكاثوليكية، حيث كانت مطالبهم دينية محضة.[15] بمعنى آخر، كرس بودان مشروعه الحقوقي والسياسي من أجل البرهنة والمرافعة على الحقوق الأساسية، والتي يلزم أن ترتبط بالشخص أو المجلس الذي يتصرف في سلطة السيادة.

أحدثت الثورة الدينية رجة عنيفة خلخلت استقرار المؤسسات الملكية المنصهرة مع المبادئ المسيحية، [16] إذ خلفت حالة الصراع الديني وضعية دمار وتمزق اجتماعي وسياسي، وكانت القضية التي تفرض نفسها بصورة مستعجلة، ممثلة في مباشرة «إعادة تأسيس سلطة صاحب السيادة، ليس فقط على المستوى السياسي، لكن أيضا على المستوى النظري، وتحديد مشروعية السلطة من أجل إعادة إقامة واجب الخضوع المدني على هذه القاعدة».[17]

اضطر بودان بحكم ضغط الحروب الدينية إلى تبني موقف براغماتي في قضية المشروعية السياسية، عسى ذلك يطفئ نار الصراع الطائفي. وتجلت براغماتيته في الانضمام للعصبة التي كرس نفسه لخدمتها خلال شهر مارس من سنة 1589[18]، وذلك بصرف النظر عن مدى التزامه بالدفاع عن السلم المدنية، وبعيدا عن تسامحه الديني الذي أطر موقفه من البروتستانتية في السابق.

في السيادة:

تمثلت القضية الأهم التي سكنت فكر بودان في فحص جذور السيادة؛ إذ على أساسها يمكن أن تنهض الدولة أو تزول. وبخلاف رأي الهيغونوتيين، الذين اعتبروا السيادة قابلة للمشاركة بين أطراف مختلفة، اعتقد بودان أن السيادة من ناحية تحديدها عبارة عن سلطة مطلقة ودائمة تميز الجمهورية، ولا تحتمل المشاركة أو التقسيم. كما أن السيادة لا تلتزم بأية حدود كيفما كان نوعها. وعلى العكس من تصريح الهيغونوتيين الذين وضعوا قيودا دستورية على السيادة، واعتقدوا أن التاج يخضع إلى سلطة مجلس الطبقات الثلاث؛ فقد قال بودان بأن السيادة تتخطى مثل هذه القيود.

نلاحظ في هذا المستوى من التحليل، أنه يؤسس لما يمكن تسميته بنظرية الخضوع المطلق: حيث لا يلزم طاعة أوامر الأمير لأنها جيدة، لكن لأنها أوامر نابعة من إرادته. كما أنه لا ينبغي فحص أفعال الملك، ولا يجوز ممارسة المراقبة على قراراته، وهو الأمر الذي دافع عليه الهيغونوتيين في لحظة معينة خلال صراعهم على السلطة، ثم التقرير إما بطاعتها أم لا؛ فالعلاقة بالنسبة إلى بودان واضحة، على الرعية طاعة الأوامر الملكية، بصرف النظر عن طبيعتها، ومن دون إبداء أي تحفظ يذكر. استبعد في الأخير فرضية اللجوء إلى مراقبة هذه الأوامر، ثم طاعتها لاحقا، بشرط حصول الإجماع عليها.

نظر إلى السيادة في هذا الباب، من مدار السلطة التشريعية، حيث تحتكر في هذا المستوى سلطة الحكم ووظيفة التشريع لوحدها، مما يحيل على وحدة السيادة وعدم قابلية مشاركتها. بينما توجه نداء الهيغونوتيين، نحو تخويل صلاحيات التشريع إلى مجلس الطبقات الثلاث، كما دعوا إلى نزع أهلية إصدار القوانين من يد الملك.

كما اعتبر أن إشكالية فرض الضرائب ونظرا لما تثيره من مجادلات، يبقى حلها مرهونا بالسيادة. وميز في هذه القضية، داخل مصنف الكتب الست للجمهورية بين ثلاثة أنواع من الحكم الملكي: الاستبدادي، والأسيادي والمشروع. وما يفصل النظام الأخير، وهو الأفضل في تقديره عن الضرب الثاني، بكون الملك، يترك أمام المحكومين الحرية الطبيعية وملكية الثروات، وتبعا لذلك، من واجبهم أن يوافقوا بشكل حر وطوعي على دفع الضرائب المقررة. أما الحكم الأسيادي، فيتوسل فيه الحاكم منهج العدل والفضيلة والإنصاف، لكن ذلك لا يمنعه من أن يكون سيدا حسب إرادته على الأشخاص والثروات[19]، بينما يسلك الحاكم المستبد طريق التعسف على أملاك الرعايا.[20] ووفق هذا التصنيف، يمكن وضع مسافة بين الحكم الملكي المشروع، الذي لا يحذو حذو التعسف، والحكم الاستبدادي الذي يلجأ إلى الاغتصاب، على عكس ما ذهب إليه موقف مصارعي أحادية السلطة، حيث جعلوا الحكم المشروع رديفا للاستبداد.

نقض نظرية المقاومة:

إن الهاجس الذي سكن بودان في معمعة الصراعات الواطئة، تمثل في مواجهة رياح الأفكار السياسية الجديدة، التي توقظ في المرء كل أسباب التمرد والانتفاض. صحيح أن هذه الأفكار المثيرة للاهتمام، قد اكتست أهميتها لحظة الحروب الدينية، من القدرة العجيبة التي أبانت عليها تحت «العقيدة البروتستانتية في التكيف مع مصالح طبقة النبلاء المحلية والسلطات البلدية من خلال فرض مواقعهم المستقلة وسلطاتهم القضائية»[21]، من أجل مواجهة خطر الكاثوليكية المتجسدة في الكنيسة الغاليكانية، والتي كانت تعبر على مطامح السلطة المركزية الملكية ومحاولة إضعاف حضورها.

وتظهر الانتقادات الأشد ضراوة لتوجه الهيغونوتيين، في القضية المتعلقة بنظرية المقاومة. كشف بودان داخل مصنف الجمهورية على مواقفه من الملكية، حيث ترافع على إطلاقيتها، واعتبر شتى صور المقاومة المستهدفة للسلطة السياسية القائمة، دليلا على التمرد ودعوة للفوضى وتهديدا للأمن. بينما تكمن مهمة كل نظام سياسي، في إحلال الوحدة السياسية وترسيخ السلم، من خلال احتكار القوة المطلقة، لمواجهة كل عصيان محقق ومحتمل. بالتأكيد، لا يسمح مثل هذا المسار الإطلاقي للسلطة، الاعتراف بتوجه مشروعية المقاومة، إذ اعتبر بودان زعم امتلاك «حق خلع الحاكم»[22]، بدعوى عدم مشروعيته وأصالته في تولي الحكم، وبالتالي التراجع عن طاعته، أمرا غير منسجم مع ماهية السيادة وينسف ذلك أصل الحكم.

من المعلوم أن أطروحة المقاومة قد باتت شبحا يخيم على جسد فرنسا المعتل، إذ عدت من طرف معتنقيها ترياقا في سبيل استحداث الممارسة السياسية، وممرا ضروريا لقلب موازين القوى. بينما اعتبرت السلطة السياسية الحاكمة تفشي مثل هذا الشكل من الصراع، إعلانا عن نهايتها استوجب القضاء عليه. واتجه تفكير بودان نحو تفنيد ونقض أطروحة مقاومة النظام الحاكم؛ بالنسبة إليه، تجد النتائج الدراماتيكية للحرب الدينية جذورها الأصلية، في تقوي نظرية حق مقاومة المستبد؛ ومن ثمة، فإنه قام بمواجهة هذا التهديد، وندد بخطورة منازعة الحاكم حتى لو كان مستبدا، لما لذلك من آثار وخيمة على زعزعة السلم المدنية. وفي هذا الصدد، ألح بودان في مقدمة مصنف الكتب الست للجمهورية، على ضرورة تلافي الوقوع ضحية خطأين قاتلين يؤديان إلى تقويض الدولة: «أحدهما انسياق الأمير وراء معضلات الاستبداد. والخطأ الآخر يقترفه المشيعون لعقيدة المقاومة».[23]

قلنا فيما تقدم أن بودان بدل موقفه من مدافع عن التوجه الدستوري إلى مناصر للحكم المطلق. ويمكن الوقوف على معالم النزعة الإطلاقية في نقد ونقض نظرية المقاومة. بطبيعة الحال، من الأسباب التي دفعت بودان إلى تبني هذا الموقف إزاء نظرية المقاومة، ومعها كل الممارسة الثورية للهيغونوتيين، في كونها قد أضعفت سلطة الدولة، وحرضت بشكل مستمر على قلب النظام. ومما يثير الاستغراب في هذا التحليل، أنه كان مسكونا بواجب «حماية النظام» السياسي، وترسيخ أسسه قبل الحديث عن أي «حرية»[24]، واقعية أو ممكنة تخص الرعية. وبحكم قناعاته الإيديولوجية الشخصية، تبدت له حتمية فرض سيادة مطلقة، بوصفها ستقضي على جل محاولات المقاومة، فإذا لم تتعامل السلطة بمنطق الحزم بخصوص هذه القضية، ستؤدي الثمن باهظا وستتعرض للزوال في القريب العاجل.

إحصاء لبعض أعمال بودان:

نشير في هذا الإطار بأن تأليف بودان لا يقتصر على مصنف الكتب الست للجمهورية، بل توجد أعمال أخرى للرجل لا تقل قيمة عن هذا المصنف. وفيما يلي عرض لبعض الأسفار التي تركها بودان.

المصنف الأول عبارة عن ترجمة أنجزها بودان في مراحله المبكرة من التأليف، حول قصيدة أوبيان Oppian الموسومة ب DE VENATIONE «من الإغريقية إلى اللاتينية، سنة 1555».[25] وللمزيد من التفاصيل حول هذه الترجمة، يمكن الرجوع إلى الكتاب الهام، الموسوم ببيليوغرافيا نقدية للنشرات القديمة لبودان[26]، حيث يقدم المؤلفون دراسة لمختلف مؤلفات بودان، وبحث مفصل في القضايا المتضمنة فيها.

المصنف الثاني محرر باللغة اللاتينية، ويحمل عنوان المنهج لمعرفة سهلة للتاريخ Methodus Ad Facilem Historiarum Cognitionem، وصدرت الطبعة الأولى في «باريس: لوجون 1566 Le Jeune».[27] يعكس هذا العمل، الاهتمام الأصلي لبودان بالتاريخ، وذلك لخدمة توجهاته القانونية، واعتباره هذا الحقل ركيزة لا غنى عنها في بلورة تصوراته عن السلطة السياسية.[28] يجد المرء في هذا العمل عرضا لفلسفة التاريخ كما تصورها بودان، وقد خصصه لبلورة نظرية تاريخية من شأنها المحافظة بكيفية لائقة على القوانين وأعراف الشعوب، وتتيح للسياسي الإحاطة بالعناصر الحاسمة والمبادئ الأساسية الكفيلة بصون الدولة، ومعرفة أسباب ازدهارها وإدراك شروط تغيرها وتحولها واستيعاب علل زوالها.

المصنف الثالث لبودان، جاء تحت عنوان الرد على تناقضات ماليستروا La Réponse aux paradoxes de Malestroit، كتبه بالفرنسية.[29] وجه ماليستروا تناقضاته إلى الملك، وقام بودان بالرد على هذه التناقضات.

المصنف الرابع، وهو من أشهر أعمال بودان على الإطلاق، الكتب الست للجمهورية Les Six [30].livres de la République صدرت الطبعة الفرنسية سنة 1576، والترجمة اللاتينية التي أنجزها بودان بنفسه سنة 1586. لا توجد لحدود الآن طبعة نقدية كاملة لهذا المصنف، سواء باللغة الفرنسية أو اللاتينية، لكن شرع ماريو تورشيتي Mario Turchetti في إعداد طبعة نقدية، حيث تشتمل على المصنف في لغتيه الفرنسية واللاتينية. وقد صدر المجلد الأول الذي يحتوي بين دفتيه الكتاب الأول من العمل المتشكل من ستة كتب، سنة 2013، ويجد القارئ النص الفرنسي ومقابله النص اللاتيني.

Bodin Jean, Les six livres de la République. De Republica libri sex. Livre premier-Liber I. Première édition critique bilingue par Mario Turchetti, texte établi par Nicolas de Araujo, préface de Quentin Skinner, Classiques Garnier, 2013

وصدر المجلد الثاني المتضمن للكتاب الثاني سنة 2020، ويحتوي على النص الفرنسي ومقابله اللاتيني.

Bodin Jean, Les six livres de la République. De Republica libri sex. Livre deuxième-Liber II. Première édition critique bilingue par Mario Turchetti, texte établi par Nicolas de Araujo, préface d’Yves Charles Zarka, Classiques Garnier, 2020

وصدر المجلد الثالث المتضمن للكتاب الثالث سنة 2021، ويحتوي على النص الفرنسي ومقابله اللاتيني.

Bodin Jean, Les six livres de la République. De Republica libri sex. Livre troisième-Liber III. Première édition critique bilingue par Mario Turchetti, texte établi par Nicolas de Araujo, préface Lee Daniel, Classiques Garnier, 2022

يقدم مصنف الكتب الستة للجمهورية، الذي درسنا بعضا من قضاياه، نظرية في الدولة، ونظريات في أنواع الدول، والتي تتفرق بين الدولة الملكية والدولة الأرستقراطية والدولة الشعبية. ويحتوي هذا المصنف أيضا، على تصور حول سلطة مجلس الشيوخ والمفوضين والقضاة. كما يشتمل على وصف لعلاقة القضاة بقوانين الحاكم، وسلطة القضاة على الأفراد. ويتضمن المصنف كذلك، على نظرية في التجمعات والهيئات. ويصف هذا العمل، ميلاد الدولة ومراحل نموها وازدهارها، ويقف على أنماط انحطاطها وزوالها، ثم يعرض القواعد التي تسمح بضمان قيادة الدولة، وتمكن من معرفة طبائع الشعوب. ويتناول من جهة أخرى، مزايا النظام الملكي وأهميته، من خلال إبراز أفضليته، بالمقارنة مع أنظمة الحكم الأخرى الأرستقراطية والشعبية. ويتطرق كذلك إلى أصناف العدالة وتواؤمها مع أشكال الدول.

أما المصنف الخامس لبودان، فهو حول القانون، وعنونه بعرض القانون الشاملJuris Universi Distributio[31]، وصدر باللغة اللاتينية سنة 1578. ويبحث هذا الكتاب في منهج دراسة القانون، ويتناول صورة ومادة القانون، ويفحص العدالة والقانون.

كما أصدر بودان مصنفا سادسا حول الساحرات، وسمه بشيطان الساحرات De la démonomanie des sorciers[32]، ووضعه باللغة الفرنسية، ونشر سنة 1580. ويتحدث هذا المصنف عن الشياطين والسحر.

والمؤلف السابع موسوم بالمفارقة Paradoxon[33]، الذي صدر باللغة اللاتينية. ويتكلم الكتاب على الفضيلة، وبالخصوص فضائل السيادة.

والمصنف الثامن يتعلق بدراسة الطبيعة، والموسوم بمسرح الطبيعة الشامل Universae naturae theatrum.[34] هذا العمل عبارة عن تأمل في الطبيعة، ويحتوي على فلسفة وعلم الطبيعة كما شاء بودان بلورة ذلك، ويتحدث من جهة أخرى على تصوره في الفزياء.

[1]ولد في سنة 1530 وتوفي في 1596

[2] Moggach Douglas, Concepts of Sovereignty: Historical Reflections on State, Economy and Culture, Studies in Political Economy, a Socialist Review, 1999, 59: 1, p. 178

[3] Fabre Simone Goyard, Jean bodin et le droit de la république, PUF, 1989, p. 15

[4] Moggach Douglas, Concepts of Sovereignty: Historical Reflections on State, Economy and Culture, Op. Cit., p. 178

[5] Fabre Simone Goyard, Les principes philosophiques du droit politique moderne, PUF, 1997, p. 97

[6] Arlette Jouanna, La France du XVI siècle, Quadrige / PUF, 2006, p. 527-529

[7] Beaulac Stéphane, Le pouvoir sémiologique du mot ʻsouverainetéʼ dans l’œuvre de Bodin, international journal for the semiotics of law 16, 2003, p. 69

[8] Skinner Quentin, The Foundations of Modern Political Thought, vol. 2. The Age of Reformation, Cambridge University Press, 1978, p. 284

[9] Lloyd Howell A., Jean Bodin, ‘This Pre-eminent Man of France’. an Intellectual Biography, Oxford University Press, 2017, p. 113

[10] Lloyd Howell A., Jean Bodin, ‘This Pre-eminent Man of France’. an Intellectual Biography, Op. Cit., p. 171

[11] Wood Ellen Meiksins, Liberty and property, a historical of western political thought from renaissance to enlightenment, Verso, 2012, p. 162

[12] Fabre Simone Goyard, Jean Bodin et le droit de la république, Op. Cit., p. 11

[13] Wood Ellen Meiksins, Liberty and property, a historical of western political thought from renaissance to enlightenment, Op. Cit., p. 162

[14] Foisneau Luc, de Machiavel à Hobbes: efficacité et souveraineté dans la pensée politique moderne, In Histoire de la philosophie politique, tome II, naissances de la modernité, sous la direction d’Alain Renault, avec la collaboration de Pierre-Henri Tavoillot et Patrick Savidan, Calmann-Lévy, 1999, p.237

[15] Foisneau Luc, de Machiavel à Hobbes, Op. Cit., p. 238

[16] Mesnard Pierre, L’essor de la philosophie politique au XVI siècle, troisième édition, Vrin, 1977, p. 473.

[17] Odorisio Ginerva C., La famille et l’État dans La République de Jean Bodin, Paris, l’Harmattan, 2007, p. 14

[18] Reibel Jean Moreau, Bodin et la ligue d'après des lettres inédites, humanisme et renaissance, tome 2 numéro 4, 1935, p. 430, 437

[19]Arlette Jouanna, La France du XVI siècle, Op. Cit., p. 537

[20] Berns Thomas, L’impôt au seuil des Temps Modernes. Souveraineté, propriété et gouvernement. In Thomas Berns, Dupont Jean Claude, Xifaras Mikhail, philosophie de l'impôt, Bruylant, (coll. «penser le droit»), Bruxelles, 2006.

[21] Wood Ellen Meiksins, Liberty and Property, a Historical of Western Political Thought from Renaissance to Enlightenment, Op. Cit., p. 149

[22] Franklin Julian, Jean Bodin et la naissance de la théorie absolutiste, édition française revue par l'auteur, avant- propos, traduction et glossaire par Jean-Fabien Spitz, PUF, 1993, p. 82

[23] Franklin Julian, Jean Bodin et la naissance de la théorie absolutiste, Op. Cit., p. 82-83

[24] Skinner Quentin, The foundations of modern political thought, vol. 2.The Age of reformation, Cambridge University Press, 1978, p. 287

[25] Blair Ann, Authorial Strategies in Jean Bodin, In The Reception of Bodin, edited by Howell A. Lloyd, Brill, 2013, p. 138

[26] Crahay Roland, Isaac Marie-Thérèse, Lenger Marie-Thérèse, avec la collaboration de Plisnier René, Bibliographie critique de Jean Bodin, Académie royale de Belgique, 1992, p. 9-15

[27] Blair Ann, Authorial Strategies in Jean Bodin, Op. Cit., p. 138

[28] Crahay Roland et alii., Bibliographie critique de Jean Bodin, Op. Cit., p. 19-49

[29] Crahay Roland et alii., Bibliographie critique de Jean Bodin, Op. Cit., p. 51-83

[30] Crahay Roland et alii., Bibliographie critique de Jean Bodin, Op. Cit., p. 91-181

[31] Crahay Roland et alii., Bibliographie critique de Jean Bodin, Op. Cit., p. 213-218

[32] Crahay Roland et alii., Bibliographie critique de Jean Bodin, Op. Cit., p. 221-284

[33] Crahay Roland et alii., Bibliographie critique de Jean Bodin, Op. Cit., p. 285-290

[34] Crahay Roland et alii., Bibliographie critique de Jean Bodin, Op. Cit., p. 291-303