Next Page  13 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 13 / 362 Previous Page
Page Background

ملف العدد: الهمجيّة والحضارة

13

2016 )9(

العدد

بروتون واحد ... حيثلا زمان أو مكان ...، لا طاقة أو مادة ...،

لا قوانين تنتظم الكون، أي غياب كامل لكل مفاهيم الوجود التي

نتعامل معها اليوم. هذا ما تقوله باختصار نظرية الانفجار العظيم

التي جاءتها التأكيدات من كشوفات (هابل) في تمدد الكون، ثم

الكشف عن (الإشعاع الأساسي) في الكون على يد كل من (آرنو

، والتي تمشي معظم

9

م

1965

بنزياس) و(روبرت ويلسون) عام

الدلائل باتجاه تأكيدها حتى الآن.

مليار سنة، فإنّ مجموعتنا الشمسية التي ننتمي إليها ربما تكون قد بدأت قبل حوالي

15

وإذا كانت نقطة البداية قد دشنت للكون قبل

) مليار عام، ويبقى السؤال عن الحياة التي باشرتوجودها قبل مليارات

5.4

ثمانية ملياراتسنة، أمّا أمّنا الأرضفتتأرجح الأرقام عند(

السنوات، وكانت الحياة البدائية في صورة وحيدات الخلية التي لا تحتاج للأوكسجين، حيث لم يكن في تلك العصور الساحقة وجود

للأوكسجينفي غلاف الكرة الأرضية، وفي مسلسل الحياة هذا تأتي الحياة الإنسانية في قمة الخلق الإلهي، حيث يرجح أن تكون قد بدأت

مليون سنة وفي أفريقيا الساخنة، ربما فيشرق الحبشة، على النحو الذي كشفعنه العالم الأمريكي

10

) إلى ربما

4.3 - 2.3(

قبل حوالي

% من هيكل

80

في مثلث عفار شرق الحبشة، حيث تم الكشف عن

10

م

1974

الأنثروبولوجي (دونالد جوهانسون) في نوفمبر عام

عظمي لامرأة تمشي منتصبة، تعود إلى ما يزيد عن ثلاثة ملايين من السنين (هيكل لوسي)، فإذا وضعنا الآن الحياة على شكل كتاب،

شكلت الحياة الإنسانية فيه الصفحة الأخيرة من كتابسماكته ألفصفحة.

بقي الإنسان لفترة طويلة يطارد الوحوش والوحوش تطارده، يأكلها وتفترسه، يعيشعلى الصيد وجمع الثمار، بدون ذكر في التاريخ،

فلا تدوين، فكان خارج التاريخ، ولفترة ملايين السنين، ثم حدث الانعطاف الأول والخطيرفي تاريخ الإنسان باكتشاف النار والمحافظة

ألفسنة، وبذلك

900

عليها متقدة، فصرفخطر الحيواناتعنه، كما استطاع أن يتقدم للعيشفي المناطق الباردة، وكان هذا قبل حوالي

خرج من أفريقيا في أرجح الأقوال ليعمر القارات كلها، وأمّا أمريكا فانتشر إليها من أقصى الشمال عبر مضيق بهرنج، الذي كان يصل

آلاسكا بآسيا، ولعل شبه أهل الأسكيمو بأهل الشرق الأقصىوالصين يوحي بمجيئهم من هناك.

وبقيت فترة الصيد وجمع الثمار واعتماد النار والانتشار في الأرضفترة طويلة من الزمن وبدون أي قفزة نوعية، حتى دشنت المرأة الانعطاف

الخطير الثاني بدخول الثورة الزراعية، وكان ذلك قبل حوالي عشرة آلاف سنة، ففي الوقت الذي كان الرجل فيه يركضخلف الصيد على ما

خلدته نقوشات الكهوف، انتبهت المرأة للزراعة ففجرت التاريخ وعطفت مجراه وحققت القفزة النوعية للجنس البشري، وبدخول مرحلة

المجتمع الزراعي واستئناس الحيوان تحرر الإنسان دفعة واحدة من الموت (جوعاً) فأطعم من جوع، وآمن من خوف، وسيطر على إنتاج غذائه،

وبها دخل الإنسان مرحلة المدينة، وانبثاق تقسيم العمل والتخصص فيه، على ما أشار إليه عالم الاجتماع (دركهايم) في كتابه تقسيم العمل،

وعلى النحو الذي فهمه ابن خلدون في (المقدمة) منضرورة المجتمع الإنساني من (الغذاء) الذي لا يمكن تحصيله بدون تعاون التخصصات.

وبتوفير الغذاء ازداد السكان، فيصراع مع حصد الأمراض التي كانت تعالج بيد (السحرة)، حيث كانت إحدى وظائف الساحر

(الطب)، وبدأت التجمعات السكانية الكبرى في التشكل.

) فوق الصفر المطلق (والصفر

3,5(

ـ بما أنّ الكون انفجر في كل اتجاه فلا بد أنه ترك أثراً من إشعاع في كل الكون، هذا ما كشف عنه العالمان المذكوران بدقة وتبلغ

9

.61

- ص

134

). راجع كتاب العلم في منظوره الجديد تأليف روبرت آغروس وجورج ستانسيو - ترجمة كمال الخلايلي - عالم المعرفة

273 -

المطلق يبلغ ناقص

) عن اكتشاف هيكل لوسي.

114

هـ (ص

1402

م صفر عام

1981

ـ تراجع القصة بالكامل في مجلة المختار، عدد ديسمبر من عام

10

بين الهمجيّة والحضارة، مصير الإنسان ... إلى أين؟

لعل أفظع مرضين أصيب بهما الجنس البشري في

تاريخه كانا (الحرب والرق)، لأنه بالحرب يدمر

وجود الإنسان بالكامل، وبالرق يمسحه من عالم

البشر المعنوي فهو ميتة من نوع جديد، فيقتل

مادياً ومعنوياً بالمرضين