Next Page  16 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 16 / 362 Previous Page
Page Background

ملف العدد: الهمجيّة والحضارة

16

2016 )9(

العدد

3 3 .

كانتفي الوقت نفسه إعلاناً غير مباشر ودعوة مبطنة إلى عودة الإنسان إلى إنسانيته، فوجب أن يودّع المواجهة والصراع والدماء

والصدام، ويدخل العهد الجديد ويعتاد اللغة الجديدة: الحوار وامتزاج الثقافات والتفاهم وتكوين الثقافة السلمية وتوديع روح

العنف والبطولة الفارغة.

4 4 .

تحولت الكرة الأرضية إلى قرية صغيرة يرى الناس بعضهم بعضاً، ويتخاطبون بسعة الضوء، ويتحركون بأسرع من الصوت،

فهم قفزوا فوق ثقل الجسد ليلتحقوا بخفة الروح ونبض الأفكار.

5 5 .

النزاعات المسلحة اليوم وتكديس (خردة) السلاح هي بضاعة المتخلفين عقلياً، والذين لا يملكون (المعرفة) ونواتجها من

التكنولوجيا، أو يعرفونا بدون فائدة منها.

واستعراضاً سريعاً لبؤر النزاع المسلحفي العالم يرينا أنّ عالم الكبار (لا يتقاتل)، والتي تتقاتل هي دول الأطراف المتخلفة فقط، أو

لتأديب المتخلفين أو من تخلف عقله، ولو كان في البيت الأبيض بعقل أسود.

6 6 .

من يتقاتل من هذه الدول الهزيلة لا يملك مصيراً ومخرجاً للقتال، بل خاتمتها متوقفة مرّة أخرى على دول المركز التي تملك المعرفة

والتكنولوجيا والمال، فمن ينطلق فيشراء السلاح وتكديسه يكون كمن ار ُن لعالم الكبار وباع قضيته لهم.

7 7 .

يتحول العالم تدريجياً إلىشريحتين:

شريحة من يفهم، وشريحة منلا يعقل، كما يتشكل العالم إلىطبقتينمسخّرة (بالكس) ومسخّرة (بالفتح)، مستك ِينومستضعَفين

% من خيرات العالم، وأخرى تشكل كعدد

80

الوجاهة والنفوذ) ويأكل

Prestige

على حد تعبير القرآن، من يملك (البرستيج

% من خيرات العالم، ويشكل العالم الإسلامي اليوم مركز الثقل فيه، فيجب أن

20

من سكان العالم ولكنها تحظى بأقل من

80%

نعي هذه الحقيقة المرّة من أجل تغييرها، بتغيير ما بنفوسنا أولاً.

8 8 .

تعلمشريحة (المستكبرين) في العالم علم اليقين أنّ زمن القوة انقضىوولى، وأنّ هذه الأسلحة هي الأصنام الجديدة، التي لا تضر

ولا تنفع، وهم (سحرتها)، وما نحتاجه هو توحيد محمد بن عبد الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كي يبطل السحر الجديد.

9 9 .

قد تتغبش هذه الرؤية عند البعض بمذابح راوندا وقتال الشيشان وقذائف مدافع الأفغان والبوسنة والعراق، ولكنّ العالم الذي

نعيش فيه هو عالم النور والكهرباء والكمبيوتر وجراحة الجينات والسلام، بالطبع مازال بعض الناس يعيشون على فتيل المصباح

والعدّ باليدين والكي واستخدام هراوة الغابة، ولكنّ العبرة بخواتم الأعمال وآخر الفتوحات العلمية، فإذا أصرّ المرء على ركوب

الدواب والعد بالأصابع بدل استخدام الكمبيوتر تحول إلى عالم المسخّرات (بالفتح).

يقدر عالم الفيزياء الكونية (ستيفن هوكينج) في كتابه (قصة قصيرة للزمان) أنّ الشمس استهلكت من وقودها حوالي النصف، وأنّ

أمام الشمس في إطلاق النور والحرارة ما يزيد على خمسة مليارات من السنين. فإذا كانت الحضارة الإنسانية بدأت قبل ستة آلاف سنة

فقط، والثورة الزراعية تسعة آلاف، وأفضل إنجازات الجنس البشري تمّتفي مدى الخمسينسنة الفائتة، فماذا ينتظر الإنسان في مدى مائة

عام قادمة فضلاً عن الآلاف أو الملايين؟ كيفسيكون الإنسان بعد عشرة آلاف سنة يا ترى؟ خاصة وأنّ العلم يمشي بشكل متسارع؟

قد نصاب بالحزن في اكتشاف أنّ التاريخ الفعلي للإنسان لم يبدأ بعد، وأننا ولدنا مبكرين للغاية، وحرمنا من الرؤية المتألقة لعلم الله

الذي سيتحقق فينا بعد حين «إّ أعلم ما لا تعلمون».

خالصجلبي