Next Page  15 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 15 / 362 Previous Page
Page Background

ملف العدد: الهمجيّة والحضارة

15

2016 )9(

العدد

هذا الشيء كان يحدثمع الإنسان عبر التاريخ، كما لو كان الجنس

البشري بدون دماغ وخلايا عصبية، وباختراع الكتابة تشكلت

الخلايا العصبية الحافظة والدماغ الرائع للجنس البشري، الذي

يحفظ الخبرات والذاكرة البشرية والتراكم المعرفي طبقة فوق طبقة.

وبين القرن السابع والرابع عشر للميلاد تم تطوير الفكر بشكل

نوعي على يد المسلمين الذين ودعوا الفكر اليوناني، ليولّدوا ـ بدفع

من روح القرآن ـ المنهج الاستقرائي التجريبي، وروح البحث

الواقعي واعتماد التجربة، لتتخمر بعد ذلك بعد نقلها في إيطاليا،

لتفجر بعدها روح النهضة الجديدة في أوروبا، ومع تطوير الطباعة

سنة بدأ العقل يتحرر، وتم ربط العالم ببعضه بعضاً من

500

قبل

سنة، وأمّا الاستعمال السلمي للذرة فتم قبل

120

سنة، ليتلوها تسخير الكهرباء قبل

200

خلال قوة البخار التي استخدمت قبل

عاماً فقط، وكلّ إنجازات الجنس البشري الرائعة من الطب الحديث وجراحة الأوعية والمناظير والتخدير والإلكترونيات والبريد

30

والفاكس والطيران والإنترنت، كله تم تطويره بعد الحرب العالمية الثانية.

كذلك حصل انفجار سكاني بتسارع لم يعهده الجنس البشري من قبل، خاصة بعد ارتفاع المستوى الصحي، فالجنس البشري بين

ملياراً

120

م قفز من مليار واحد إلى خمسة مليارات، وربما يصل العدد إلى

1988 - 1975 - 1960 - 1930 - 1800

محطات عام

مع ناية القرن الحادي والعشرين.

عندها ستتحقق نبوءة جول فيرن عن الغواصة ناوتيلوس، والكابتن نيمو والمدينة في قاع البحر، كما عرضفي فيلم عشرين ألف فرسخ

تحت الماء، حيث تسخر إمكانات البحر لإيواء وإطعام المليارات المتدفقة من البشر.

ألف إنسان، في حين تبلع القبور مع كل غروبشمس

270

وفي الوقت الراهن فإنّ الأرحام تدفع مع كلشروق شمس إلى الحياة بــ

ألف إنسان جديد، ضيوفاً على الكرة الأرضية.

130

ساعة

24

ألف إنسان، فيزداد البشر كل

140

وأمّا رحلة القوة عبر التاريخ والصراع المسلح، فكانت كل دورة تمضي أشد هولاً في إيقاعها من التي قبلها، في دورات جنونية من

التخريب المتكرر للجهد الإنساني، والتدمير المعاد للمدن والدول والحضارات، حتى حصل الانعطاف السادس في مسار عشق القوة،

بعد اكتشاف النار والثورة الزراعية ودخول الحضارة واختراع الكتابة والثورة الصناعية، ولعل الانعطاف الأخير الأخطر من نوعه،

باعتبار توقف مصير الجنس البشري عليه، والمثير فيه أنه أفضى إلى عكس ما أراد أصحابه، وكان ذلك في الساعة الخامسة والنصف من

م في تجربة السلاح الذري الانشطاري الأول (قنبلة البلوتونيوم)، حيث وضع الإنسان يده

1945

تموز يوليو من عام

16

صباح يوم

هذه المرّة على وقود المجرات، ولمسجدار جهنم الصاعق، وأدرك أنّ هناك انقلاباً نوعياً في مفهوم القوة، وهي حزمة من الأفكار التالية:

1 1 .

لم يبق غالب ومغلوبفي هذه الحرب بعد اليوم، ولن يدخل أحد الحرب وهو يعلم أنا انتحار جماعي.

2 2 .

لن تحل المشكلات بعد اليوم بالقوة المسلحة، فهذا هو المنطق الجديد، منطق العصر النووي، وبالتالي وجب على الإنسان كما ودّع

هراوة الغابة أن يودّع عقلية الغابة.

بين الهمجيّة والحضارة، مصير الإنسان ... إلى أين؟

بترسيخ الثقافة العسكرية الإسبرطية تم تشويه

كامل للثقافة الإنسانية باستلاب الإنسان من

أهم عناصر إنسانيته، بسلّ روح المبادرة والبعد

الفردي والاستقلالية وتحويل تيار الثقافة بكامله

في الفنون والأدب والجمال وسواه، ليصبفي

تيار اتجاه تكريس ثقافة البطولة و(العنترية)،

وهي كارثة إنسانية ، عانت وما زالت تعاني منها

كل شعوب الأرض