297
2016 )9(
العدد
أوّلهما: الإجراءات التي اعتمدها عند إقحامه على نموذج
جاكبسون في الاتّصال اللغوي.
ثانيهما: إغفال الغذّامي (...) لتعريف هذا المفهوم المركزي
(النسق)، لاسيّما أنّه ينسب إليه الكثير من المصطلحات والمفاهيم
الأخرى، مثل: المكبوت النسقي والمكوّن النسقي والحسّ النسقي
. وعبر استعارة مجازيّة
59
والعيب النسقي والوظيفة النسقيّة...»
دالّة، يطرح عبد النبيّ اصطيف تصويراً لهذا المأزق، حين يقول:
«ولست أدري كيف يمكن أن يتابع القارئ محاجّة الغذامي وهو
يصول ويجول في دفاعه المستميتعن هذا المجهول أو النسق دون
أن يسعفه ولو بتعريف بسيط ييسّ عليه صحبته في كفاحه من
.
60
أجل النقد الثقافي»
وهكذا فالناظر في خطاب المنهج بالنسبة إلى «النقد الثقافي»،
يكاد لا «يجد في ما يلي منحديث الغذّامي إّ كلاماً محفوزاً بالنوايا
.
61
والرّغبات أكثر من كونه محفوزاً بالمعرفة والتوضيح والدّقة»
وقد عاين عبد الله حامد مدى الصعوبة التي تعترض تطبيق
فكرة النسق الشعري أو بالأحرى مقولة النسق المضمر في شعر
المديح، بالنسبة إلى النقد الثقافي، حيث قال: «...إنّ تساؤلاتنا
المشروعة ستتوالى مع كلّ نصّ نفترض له نسقا مضمراً، مضادّاً
للخطاب الظاهر، وتتوالى معه تساؤلاتنا عن مدى اطّراده في شعر
المديح العربي، وهو أمر دونه معوقات موضوعيّة، ولو كان تنظيره
. ولعلّ الأمر يبدو أعقد حينما يتعلّق بقضيّة «النسق
62
سهلاً»
المضمر» في غرض الفخر، حيث يتمحور خطاب الشاعر حول
ذاته (الأنا)، وعندها يكون من الوجيه التساؤل: «أين نجد هذا
. فكأنّ فكرة النسق المضمر
63
النسق المضمر في شعر الفخر مثلاً»
«تؤصّل لنظريّة «التقيّة الإبداعية». وهي نظريّة ستعيدنا إلى
- اصطيف (عبد النبيّ)، نقد ثقافي أم نقد أدبي، (نصّ التعقيب على مبحث
59
189
الغذّامي)، ص
189
- المرجع نفسه، ص، ص
60
195 ،
- المرجع نفسه، ص
61
- حامد (عبد الّله)، مراجعات نقديّة ، السعوديّة، منشورات نادي أبها الأدبي،
62
117
، ص
2009 /
هـ
1430
- المرجع نفسه، ص، ن
63
الجزم بأنّ كلّ نصّ شعريّ مدحي يقول ما لا يعتقد، ليس طلباً
للمال كما هو رغبته غالباً، بقدر ما هو موقف رافض ومعترض
من الممدوح، ولست أحسب أنّ تراثنا المدحي بقادر في نصوصه
المدحيّة أن يرشدنا إلى هذا النسق، إّ إذا عدنا نرتهن للجمالي،
. ومن ثمّ يخلص صاحب هذا الرّأي النقدي
64
وخيالاته... »
إلى القول: «وتلك لعمري عودة إلى الاحتفال بالجمالي، وتأكيد
لمشروعيته، عبر نقد أدبي يكرّس من جديد لما ثار ضدّه الغذّامي،
.
65
وحذّر منه»
وبالتوازي مع مشكل مفهوم النسق واستعمالاته في خطاب
النقد الثقافي تبرز قضيّة المنهج المعتمد في النقد الثقافي، إذ تبدو
صورة قواعد المنهج وطبيعة أسسه النظريّة العلميّة التي تمنحه
الوجاهة والمعقوليّة باعتبار ذلك من شروط النجاعة والفاعليّة
عند الإجراء، وهو ما يبدو حاضراً بالغياب، ذلك أنّ إعلان
موت النقد الأدبي في هذا المساق تبعته رغبة في أن يحلّ محلّه «النقد
الثقافي»، وهي في عمقها لا تعدو أن تكون موقفاً ينتظر من يثبته
ويجسّم فحواه، ومن ثمّ يقيم البرهنة على إمكانه، من هنا قال
سعيد يقطين: «لقد صار البعض يتحدّثون عن موت النقد، وعن
ضرورة النقد الثقافي بديلاً عن النقد الأدبي ومصطلحاته التي
هيمنت خلال المرحلة البنيويّة. كما صار الحديثصارخاً عّ بعد
.
66
البنيوية، وعّ بعد الحداثة. إنّه كلام معلّق في الفراغ»
يبدو أنّ أهمّ ما دفع بسعيد يقطين إلى مثل هذا القول، هو أنّ
النّاظر في ما كتب الغذّامي ضمن مشروع النّقد الثقافي، لا يمكنه
أن يجد بيس ملامح محدّدة لأدوات المنهج ومنواله النظري، أو
يدرك طبيعة المفاهيم المميّزة للبنية المعرفيّة المحدّدة لإبدال هذا
المنهج. فلئن بدا شكل هذا المنهج طريفاً من ناحية ما، إّ أنّه لا
يتضمّن نموذج منوال للمنهج أو لنقل لنظريّة تؤسّس للمنهج،
ويمكن أن تمنحه التماسك المنطقي والنظري ال ّزم.
هكذا لاح منهج الغذّامي بمثابة القول الجامع لأشتات
- المرجع نفسه، ص، ن
64
- المرجع نفسه، ص، ن
65
- يقطين (سعيد)، النصّ المترابط، بيروت - الدّار البيضاء، المركز الثقافي العربي،
66
186
، ص
2006
النقد الثقافي: إشكال المنهج ومأزق النظرية
أدب وفنون: نقد




