Next Page  300 / 362 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 300 / 362 Previous Page
Page Background

300

2016 )9(

العدد

«استعارة بعضالمصطلحاتمن اللسانياتوالبلاغة والعمل على

تغيير مفاهيمها فقط، وهو بذلك لم يحقّقشرط الدّرس الثقافي كما

أنّه لم يحقّق شرط درس تحليل الخطاب النقدي، لأجل ذلك جاء

الجهاز المصطلحي فضلاً عن نظريّة النقد الثقافي برمّتها أقرب إلى

الضعفوإلى البدائية وشبيهاً بما يقدّم من دراسة الثقافة قبل ظهور

. ومن ثمّ بدا مشروع «النقد الثقافي» بمثابة

81

الدّراسات الثقافيّة»

«مجرّد تجميع لمعلومات وآراء والاستعانة بأقوال وشواهد غربيّة؛

لتكون عوناً في دراسة الظاهرة مع ضعف في المنهج وفي الأجهزة

المصطلحية وغياب شبه تامّ للنظرية ولفكر النظرية الإبداعي، أو

.

82

حتّى لبناء النظريّة المنطقي»

وهكذا تخلص مثل هذه القراءة النقدية للمنهج والنظريّة إلى

استنتاج إشكالي يدفع بدوره إلى المزيد من بحث المسألة وتدبّرها

من زوايا نظر متعدّدة، ومفاد هذا الاستنتاج صاغه جمعان عبد

الكريم، حينما قال: «والحقيقة أنّ النقد الثقافي يمثّل في مراميه

وجهاً من وجوه الأدب الإسلامي الذي هو من مفرزات آلية

.

83

الصحوة، وليس له أيّ مستند تنظيري متين يمكن القبول به»

إنّ أهمّ ما يمكن أن نخلصإليه استناداً إلى ما تقدّم بيانه وتبعاً

لمقاربتنا لمسألة المنهج والنظرية بخصوص منوال النقد الثقافي في

اشتغاله على الأدبوالتراث القديم والمعاصروبحثه عن الأنساق

المضمرة، أنّ النقد الثقافي لا يمكن إطلاقاً أن يكون بديلاً عن

النقد الأدبي، أو أن يضطلع بأدواره ووظائفه، كما لم يرتقِ بعد إلى

مستوى النظرية أو المنهج المتماسك العناصر والأجزاء في تحليل

الخطاب وقراءة النصّ، إنّه نوع أو شكل من أشكال المقاربات

الثقافيّة والتحليلية لنصوصالأدبومتون الفكر والثقافة والفنّ،

وعليه ليس منضرورة منهجية تفرضإحلاله مكان النقد الأدبي

أو إعلان «موت النقد الأدبي».

وهكذا فمن شأن هذا الاستنتاج أن يساعدنا على أن نؤكّد

على نحو أدقّ مدى وجاهة أن يتمّ إدراج القضايا التي طرحها

الغذّامي: «المضمر الثقافي» «النسق المضمر» «الفحولة»...،

- المرجع نفسه، ص. ن

81

- المرجع نفسه، ص. ن

82

163 .

- المرجع نفسه، ص

83

باعتبارها ممّا يمكن أن يدرج ضمن مسائل فكريّة عامّة وقضايا

حضارية ثقافيّة اجتماعيّة، ضمن مجال آخر غير مجال الأدبوالنقد

الأدبي، إنّه مجال مشاريع نقد التراث الدّراسات الحضارية، ضمن

آفاق دراسات متنوّعة المرجعيات المنهجيّة، وتنهل عند اشتغالها

من منظومات فكريّة فلسفيّة شاملة لمسائل قراءة متون التراث

وتأويل نصوصالأدبفي علاقتها بأنظمة المعرفة وأنساق الفكر،

ومن خلال ارتباطها بمجمل التّشكيلات الخطابيّة التي أنتجها

العقل العربي الإسلامي لأجل فهم الواقع وتفسير النصوص

الكبرى والمرجعيّة، تلك التي سادت فاعليتها في الثقافة وبنية

الشخصية الجماعية أحقاباً وأزمنة، ومازالت هي المرجع في تحديد

هويّة الفرد والأنا الجمعية للأمّة والمجتمع.

ذلك أنّ مثل هذه المشاريع ذات المرجعيات المتعدّدة في قراءة

التراث وأنظمة المعرفة وأشكال الفنّ والإبداع، تتجاوز أفق ما

اعتبر «النقد الثقافي» إلى تحليل الخطاب واستخدام أدوات الفكر

الفلسفي ومناويل تحليل الخطاب ومفاهيم البلاغة الجديدة

كالحجاج والتداولية ومفاهيم العلوم الإنسانيّة، لتشكّل مناويل

) في الدّراسة والتحليل وتنويع

Paradigmes

ونماذج (براديغمات

سياقات القراءة، من شأنا أن تساعد على اكتشاف نظام الخطاب

واشتغال آلياته وتكوّن دلالاته وطبيعة وظائفه، ومن ثمّ إدراك

الثوابت البنيويّة، وطبيعة رؤى العالم المتحكّمة في إنتاج المعرفة

وشروط خلق الفنّ وإنتاج الجمال ونسيج الدّلالة عبر استعمالات

اللغة وتوظيفسياقاتها وطاقاتها اللامتناهية.

ولعلّ الغذّامي نفسه قد شرع في ذلك، لا سيّما بعد النقد

العميق والإشكاليات المنهجية العويصة التي شهدها طرحه

لفكرة مشروع «النقد الثقافي»، حيث بدأ يبحث عن تأصيل لفكر

الاختلاف والقبول بالتعدّد في القراءة وأشكال الفهم فيما له صلة

بالدّين والمقدّس والموروث عن العلماء الأوائل وأعلام الثقافة

والعلم، منطلقاً في ذلك من المدوّنة الفقهيّة الدّينية الإسلاميّة،

وهذا ما يدلّ عليه قوله: «إنّ الفقه هو ثقلة في الرّأي، وفي

الاختلاف، أو في السعة، (و) كما قال الإمام أحمد هي مدوّنة فكريّة

، ويستنتج، انطلاقاً من

84

تقوم على الرّأي وتتسّع به وتؤسّس له»

- الغذّامي (عبد الله)، الفقيه الفضائي، بيروت، الدّار البيضاء، المركز الثقافي

84

5

، ص

2011 ،

العربي

محمد الكحلاوي

أدب وفنون: نقد